بسام درويش / Feb 21, 2011

قبل الأحداث التي جرت مؤخراً في مصر، والتي لا يمكن حتى الآن التنبؤ بما سوف تؤدي إليه، صدر بيان عن الأزهر يعلن فيه تجميد نشاط الحوار بينه والفاتيكان، وذلك احتجاجاً على تصريح للبابا بندكت قال فيه إن المسيحيين في الشرق الأوسط يتعرضون للاضطهاد!

**************

إنه لمن السذاجة أن يعتقد أحدٌ، بأن الغاية من إجراء حوار مع الأزهر أو أية هيئة إسلامية أخرى، هي التوصل إلى تفاهم عقائدي بينى الدينين؛  فلا المسيحية ستتخلى عن دعوتها إلى السلام والتسامح ومحبة الغير، ولا الإسلام سيتخلى عن دعوته إلى قتال كل من لا يؤمن به. لذلك، فإن الأزهر يؤكّد باحتجاجه هذا عدم قدرة "علمائه" على فهم الغاية من الحوار الذي يجريه الفاتيكان معهم.  

إنّ كلّ ما يتطلع إليه الفاتيكان من حواره مع الأزهر، هو إقناع المسؤولين المسلمين بأنّ عليهم الارتقاء إلى مستوى الغرب والسير على خطاه في تعاملهم مع المسيحيين وغيرهم من الأقليات المقيمة بين ظهرانيهم. وبعبارة أخرى، أن يتقبل المسلمون المسيحيين ويسمحوا لهم بممارسة دينهم دون مضايقات أو قيود، تماماً كما يتقبل الغرب المسلمين بينهم ولا يحرمهم من أي حق بما في ذلك حرية التبشير.

لكن، ولأن الإسلام يعلّم بشكل صريح على رفض حقوق الآخر رفضاً تاماً، فإنه لمن السذاجة أيضاً أن يعتقد الفاتيكان بأن حواراً بهذا الشأن مع هيئة دينية إسلامية يمكن أن يثمر أي شيء. يبدو أن الفاتيكان قد نسي، في غمرة سعيه إلى حوار يضمن حقوق المسيحيين في البلاد الإسلامية، قول المسيح بأنه لا يمكن أن يُجتنى من الشوك عنباً ولا من الحسك تيناً!

حوارٌ كهذا يجب أن يجري فقط مع هيئة حكومية مسؤولة يمكنها أن تفي بتعهداتها التي تقوم بالتوقيع عليها، وليس مع هيئة دينية كالأزهر لا يمكن أن يوقع على أي قرار يخالف تعاليم القرآن، وإن وقع عليه فسوف لن يحترمه أو أنه سوف يتنصل منه كما تنصل من توقيعه على وثيقة الحقوق الدينية التي صادق عليها مع وفد سفراء السلام عام 2005.

http://www.annaqed.com/ar/content/show.aspx?aid=15339

إنّ الحوار مع الأزهر بخصوص حقوق الإنسان هو حوار مع طرشان وليس بين طرشان، لأن الطرشان هم المسلمون وحدهم عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان حتى لو كان هذا الإنسان مسلماً فكيف بالأمرِ إذا كان غير مسلم؛ والدليل على ذلك هو هذا الاحتجاج الوقح على تصريح البابا، وكأن المسيحيين في مصر وغيرها من البلدان الإسلامية، يعيشون حقاً بحرية وسلام، لا ينغص عيشهم شيء... كنائسهم وبيوتهم لا تُحرق، رقابهم لا تُجزّ، ممتلكاتهم لا تُنهَب، وكرامتهم لا تُهان.

لقد آن لمنظمات حقوق الإنسان العالمية أن تتخذ موقفاً جدياً تجاه كل حكومات الدول الإسلامية، وأن تطالبها باحترام حقوق المسيحيين وغيرهم من الأقليات على أراضيها. لا بل آن الأوان لمنظمات حقوق الإنسان كي تتحد وتؤسس محكمة دولية لمحاكمة أي نظام يقوم على التمييز بين الناس على أساس الدين أو العرق أو الجنس، والإسلام كنظام لا شكّ في أنه سيكون على رأس القائمة!

===================

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط