بسام درويش / Dec 14, 2001

لم يكن العالم بحاجة إلى شريط كذاك الذي عرضته محطات التلفزيون الأميركية لإثبات التهم الموجهة لبن لادن. ولكن هذا الشريط، جاء ليبدد بالتأكيد كل الشكوك التي حاول الحاقدون على هذه الأمة أن يزرعوها في عقول السـذّج من الناس الذين تعوّدوا على الاستماع إليهم.

الشريط لم يبدد الشكوك فقط، بل أجمع كل الناس الذين شاهدوه على أنه مثير للقرف. نقول "كل الناس"  ونحن نعني ما نقول، لأن الأصوات "النشاز" التي ارتفعت بعد عرض الشريط تدّعي بأنه مزيّف لم تكن أصوات بشر. وهل يتعاطف مع الوحوش ضد بني البشر إلا من فقد كل شعور بالإنسانية؟..

***  **  ***

الحمد لله.. الحمد لله!..

هذه العبارة كانت هي الغالبة على محتويات الشريط، تكرر تردادها على لسان بن لادن ولسان ضيفه الشيخ السعودي وألسنة بقية الجرذان المجتمعة في أحد الجحور الأفغانية.

حمدُهم لله لم يكن لأجل الطعام الذي كانت تقضمه قوارضهم، أو الهواء الذي كانوا يتنشقونه، أو الماء الذي كانوا يشربونه. حمدُهم لله كان على نجاح خطتهم في قتل آلاف الأبرياء من الناس. حمدهم لله كان لما آتاهمُ من نصرٍ على عشرات الأطفال الذين يَتّموهم، ومئات النساء والرجال اللذين رمّلوهم.

كان هؤلاء المرضى يضحكون ملء أفواههم وهم يتحدّثون بكل صفاقة عن تفاصيل جريمتهم، يتبادلون التهاني والقبلات ابتهاجاً بمقتل آلاف الأبرياء.. وألسنتهم لم تكن تتوقف عن حمد الله.

*** ** ***

من هو هذا الله؟..

من هو هذا "الله" الذي لا نفتأ نسمع اسمه يتردد على ألسنة هؤلاء؟.. من هو هذا الله الذي يتضرعون إليه قبل كل عمل إرهابي ويسرعون لرفع الشكر له بعد أن يقوموا بتنفيذه؟..

من هو هذا الله الذي يستمدون منه كل هذه الكراهية لبني البشر؟.. هل يعقل أن يكون هذا الإله إلهاً صالحاً وهو يستمع إلى هؤلاء ينسبون إليه التوفيق في جرائمهم ولا يحرّك ساكناً.

من هو هذا الله الذي يُرهِبُ الناس ويأمر فئةً منهم أن تدخلَ السرورَ على قلبِه بقتلِ فئةٍ أخرى؟.. من هو هذا الله الذي يتفنن في أساليب العقاب والتعذيب؟..

"قاتلوهم يعذِّبهم الله بأَيدِيكم ويُخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنِين!".. يا لهذه الحروف التي كررها هذا الإرهابي وهو يعبّر عن فرحه بما ارتكبت يداه. يا لبشــاعة هذه الحروف!

هذا الله لا يمكن أن يكون بأي شكلٍ من الأشكالِ إلهَ صلاحٍ بل إلهَ شـــرّ.

أربعة عشر قرناً من الزمن، وهذا "الله" يمارس شــرّه، وقد آن الأوان للمخدوعين به أن يفتحوا عيونهم ويبحثوا عن إلهٍ غيره!

لقد آن لعهد هذا الله أن ينتهي ولقوى الضمير أن تســود!

*****************

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط