بسام درويش / Jul 03, 2012

أمر الرئيس المصري الجديد محمد مرسي بإلغاء إجراءات الحراسة الرسمية على موكبه وكل تحركاته، وقال إنه لن يرتدي سترة واقية من الرصاص، وسيأمر موكبه بالوقوف عند كل إشارة مرور في الشارع. كذلك قال إنه سيتابع أداء الصلاة بين الناس في المسجد الذي اعتاد أن يصلي فيه.

 

**********

 

يعتقد محمد مرسي أنه بهذه البهلوانيات يكتسب قلوب المصريين أو أنه يظهر للعالم شجاعة نابعة عن ثقةٍ بأن أحداً لن يفكر باغتياله.

 

ربما يكون مرسي على حقٍّ، إلى حدّ ما، بأن أحداً لن يقدم على اغتياله، ولكن لسببٍ آخر يعرفه هو تمام المعرفة. إنه يعرف أن قبطياً لن يقتله، ولا علمانياً ولا ملحداً. كما يعرف بأن الاغتيالات لا يقوم بها عادة إلا إسلاميون، وبما أنه قد وصل إلى الرئاسة على أكتاف المسلمين فإنّه لا يعقل أن يغتاله أحد منهم! 

 

وربما يحاول مرسي تقليد عمر الخطاب، أو على الأقل ما قيل عن عمر الخطاب بأنه كان يخرج بين الناس نهاراً وليلاً يرعى أمورهم دون خوفٍ، أو أنه يريد التمثل بالخلفاء الأوائل وطريقة إدارتهم لشؤون الرعية.

 

 لكن يبدو أنّ مرسي قد نسي بأنّ هؤلاء الخلفاء الأوائل كلهم ماتوا اغتيالاً، ما عدا "أبو بكر" الذي مات في سن الخرف. فعمر بن الخطاب مات بطعنة سكين في ظهره وهو في المسجد يصلي، وعثمان بن عفان مات قتلاً في قصره والقرآن بين يديه ودمه ينزف عليه، وعلي بن أبي طالب مات بضربة سيف مسموم على رأسه وبقي ينازع السمّ ثلاثة أيام حتى قضى نحبه. هذا ناهيكمُ عن محمدٍ نفسه الذي مات بسمٍّ وُضع له في طعامه واتهمت به امرأة يهودية، علاوة على العديد من خلفاء خلفائه الأوائل الذين ماتوا طعناً أو بالسم أو ببتر الرأس أو السحل أو غير ذلك!

 

كذلك يبدو أن محمد مرسي ينسى أو يتجاهل بأن هناك متطرفين أكثر تطرفاً منه، لن يرضوا عن كل ما يقوم به، لا بل ينسى أو يتجاهل بأن أسلوب الاغتيال هو أهم مادة من مواد مدرسة جماعة الأخوان المسلمين التي ينتمي إليها.     

 

************

 

نصيحتي للرئيس الجديد أن يقلع عن هذه البهلوانيات ويحيط نفسه بالحراسة الضرورية، لأنه رئيس دولة كبيرة ولأن حياته ستكون معرضة للخطر حتى ولو من إنسان بسيط عادي مجنون محب للشهرة، فكيف بإرهابي متطرف أكثر تطرفاً منه.

 

نصيحتي هذه، أقدمها له ليس حبًّا به، فأنا بصراحة أعزّي الشعب المصري لفقده الحرية التي ثار من أجلها بانتخابه رئيساً له؛ إنما اقدمها له خوفاً على آلاف الأبرياء الذين قد يذهبون ضحية ريائه أو شجاعته الغبية في حال قام أحد باغتياله، لأنّ أول من سوف يُتَّهمُ ظلماً بقتله سيكون إما قبطياً أو علمانياً أو مواطناً محسوباً على الرئيس السابق، وسينتج عن ذلك مجزرة يذهب ضحيتها المئات إن لم يكن الآلاف من الأبرياء.  

 

إنَّ على مرسي أن لا يقارن نفسه بملك الدانمرك الذي يركب دراجته وينزل بها إلى الشارع، كما عليه أن لا ينسى أن تاريخ الأخوان المسلمين أنفسهم ملطّخٌ بالدماء وأنه ربما يكون هناك من لا زال ينتظر الفرصة للثأر.

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط