بسام درويش / Nov 20, 2003

««شرعت جماعة إسلامية في تنفيذ خطط لبناء مسجد في بلدة صغيرة بولاية نيوجيرسي بعدما ساعدت طوائف متعددة الأديان في التغلب على معارضة بعض أهالي البلدة الذين وزعوا منشورات تزعم أن المسجد سيجتذب من وصفوهم بالإرهابيين. وقالت مؤسسة ليزا فولبي إنها قررت مساندة المشروع بعدما تبين لها أن خصومه إنما يدفعهم الخوف وسوء الفهم الناجمين عن هجمات 11 سبتمبر ـ أيلول 2001 على الولايات المتحدة. وقالت ميلاني موريل ساليفان وهي راعية كنيسة إحدى الطوائف البروتستانتية في تشيري هيل بولاية نيوجيرسي "وافقنا على الخطة لأنه لا يوجد سبب قانوني لعدم الموافقة عليها." وتنتمي ساليفان أيضا إلى ائتلاف ديمقراطية الأديان وهو جماعة تضم العديد من الطوائف المسيحية والإسلامية واليهودية ساندت خطة إنشاء المسجد التي تقدمت بها رابطة المسلمين الأميركيين المحلية. وقال مدير مجلس الرابطة التي تقوم بمهام تأسيس المسجد ضياء الرحمن إن ما حصلت عليه الرابطة من مساندة من كنائس مختلفة كانت مفيدة جدا وفاقت المعارضة بكثير.. .. وقبل موافقة مجلس تخطيط البلدة بالإجماع على السماح بإنشاء المسجد وزعت أقلية من سكان البلدة منشورات تلمح إلى أن أموال البناء قد تأتي من جماعات متشددة. لكن ذلك لم يفت في عضد الائتلاف الداعي إلى التسامح الديني.»»

(عن موقع الجزيرة)

**********

لا شكّ بأنّ المسلمين سعداء جداً لهذا الخبر. خبر كهذا يهلل له المسلمون دائماً وكأنه نصر لهم!.. لكني لو كنتُ واحداً منهم، لما كنت قد بكيت فقط، بل لما عرفت أين أدفن رأسي خجلاً!

 

لو كنت مسلماً لما فرحت ولما هللتُ لهذا الخبر ولما اعتبرته نصراً بل هزيمة.

لو كنت مسلماً لطرحتُ نفسي على الأرض المخصصة لبناء هذا المسجد، وأعلنت إضرابي عن الطعام إلى أن يسمع العالم الإسلامي كله صوتي.

لو كنت مسلماً لرفعت صوتي لأقول للمسلمين في العالم كله أننا لا يجب أن نفرح لأننا لا نستحق هذا التسامح.

كيف نستحق هذا التسامح بينما يحتاج المسيحيون في بلادنا إلى تصريح من رئيس الجمهورية لترميم مرحاض في كنيسة.

كيف نستحق هذا التسامح ونحن نفجر في بلادنا كنائس المسيحيين ومعابد اليهود.

كيف نستحق هذا التسامح ونحن نهاجم بالرشاشات والقنابل كنائس المسيحيين في مصر وباكستان وماليزيا وإندونيسيا لنقتل المصلين بداخلها.

كيف نستحق هذا التسامح ونحن نحكم على غير المسلمين بالسجن إذا عطشوا فشربوا ونحن صيام.

كيف نستحق هذا التسامح ونحن لا نتسامح حتى مع الأقليات التي تشاركنا معتقدنا.

كيف نستحق هذا التسامح ونحن نعرف سلفاً أننا سنجلس قريباً على أرض هذا المسجد بالذات لنسمع إماماً يتلو علينا الآيات التي تحثنا على عدم اتخاذ هؤلاء المتسامحين معنا أصدقاء لنا، أو تلك التي تدعونا إلى قتالهم حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون!

لو كنت مسلماً لصرخت في وجه كل الذين يجمعون الأموال لبناء مساجد جديدة: كفوا عن بناء المساجد فمرضانا وجهلاؤنا وفقراؤنا أشدّ حاجة منها إلى مستشفياتٍ ومدارسَ وبيوت!

لو كنت مسلماً، لطالبت بأن لا يوضع حجرُ أساسٍ لهذا المسجد قبل أن يوضع حجرُ أساسٍ لعقليةٍ إسلاميةٍ جديدةٍ تنافس العالم في تسامحه معها.

لكني لست مسلماً ولا أخفي سعادتي بذلك!.. أنا سعيد لأني لست مسلماً، ولكني أيضاً في الوقت نفسه أشعر ببعض التعاسة لانتمائي لأمة يبلغ بها التسامح حدّ الغباء!

===============

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط