بسام درويش / Aug 10, 2003

البحث عن الحقيقة يعميه التعصّب

إلى الناقد:

"انك باحث عن الحقيقة أكثر من كونك مسيحي متشدد

السيد بسام درويش تحية وسلاما

لقد ترددت في إرسال ردود على كتاباتك لإيماني بأنك ستقوم بنشرها فى زاوية المفلسين فكرياً، نتيجة لاعتقادي انك مسيحي متشدد أقمت من موقعك منبراً للهجوم على الدين الإسلامي، ولكن بعد قراءتي لمقالك الأخير هل تؤمن بوجود اله، تقلصت نظرتي إليك وتشجعت للكتابة، فقد أعجبتني إجابتك على سؤال هل تؤمن باله قائلاً  "سأكون كاذباً معك إن أجبتك بقولي "لا"، وسأكون كاذباً مع نفسي إن أجبتك بقولي "نعم"، وهنا تيقنت انك باحث عن الحقيقة أكثر من كونك مسيحي متشدد، إن أسلوبك البارع  في الكتابة يجذب إليك عشرات القراء ولكن للأسف هناك الكثير والكثير من الذين يعيشون في الدول الإسلامية ـ ولن أقول أنهم مسلمون لأنهم مسلمين بالمولد ـ من الذين يؤمنون بأفكارك ويعجبون بكتاباتك لكنهم يجدونك مهاجماً شرساً لكل ما يمتّ للإسلام بصلة وهم رغم تحفظاتهم الكثيرة على الدين الإسلامي يؤذيهم هذا الهجوم مقابل الترويج للمسيحية، خلاصة القول يمكن أن يكون هذا الموقع بقيادتك منبراً فكريا راقي ورائع، إذا تحول من مجرد موقع مسيحي يهاجم الإسلام  كعشرات المواقع إلي موقع يدعو إلى نبذ التعصب الديني ويدعو المسلمين إلى الخروج من قوقعة الوهم التي يعيشونها من آلاف السنين بعيداً عن الدعوة للمسيحية ولتكن دعوة عالمية ستجذب عشرات وعشرات المسلمين الباحثين عن الحقيقة وهذه النوعية من المواقع هي ما ننشد إليه نحن المسلمين (بالمولد) وستكون أكثر جاذبية لنا بدلا من التجريح  الشديد خاصة أننا ليس بيدنا ما حدث وما يحدث من الإسلام والمسلمين:"

Shakir Ameen

27 يوليو  2003 

========================

لا أعرف يا سيد شاكر ما الذي كنتَ تريد أن تكتبه من قبلُ، ولكني أكاد أجزم أنك لو أرسلت ما كتبتَ لما حطّ رحاله في زاوية المفلسين فكرياً.

المفلسون فكرياً يا سيد شاكر لا ينقلبون بين ليلة وأخرى إلى مفكّرين، ولو كنتَ واحداً منهم لما كان بإمكانك أن تعيد النظر بآرائك بهذه السهولة. إنه لمن الصعوبة بمكان إقناعُ إنسانٍ مفلسٍ فكرياً بقبول أيّ شيء عقلاني بهذه السرعة. شكراً لك على ثنائك ومرحباً بك صديقاً "للناقد" حتى ولو اختلفت معنا بالرأي.

***********

لقد صدقتَ في قولك بأنني باحث عن الحقيقة، ولا أراك أنت إلا باحثاً عنها أيضاً. أما عن كوني باحثاً عن الحقيقة "اكثر من كوني مسيحياً متشدداً"، فهذا قولٌ قد يُفسَّر بأنني مسيحي متشددٌ إلى حد ما. لا أخفي عنك بأنني أجد صعوبة في اعتبار نفسي مسيحياً، فكيف بمسيحيّ متشدد.

هذا الموقع يا سيد شاكر ليس مخصصاً لمهاجمة الإسلام ولا المسلمين ولا غيرهم. هذا الموقع مخصص لنقدِ ما هو خطأ، سواء كان الخطأ في دينٍ من الأديان، أو في نظامٍ من الأنظمة، أو مجتمعٍ من المجتمعات. لكن، وإذ يهلل بعضُ الناس لسماع الحقيقة لشعورهم بأنها حررتهم من قيودهم، يتألم آخرون لسماعها، لشعورهم بأنها جاءت تقضي على كل ما غُرس في عقولهم منذ الولادة؛ ولهذا قيل: الحقيقة تجرح.

صحيح أن أكثر مواضيع "الناقد" تدور حول الإسلام، ولكن ألا تتفق معي بأن الإسلام هو أكبر مصدر لما يعانيه عالم اليوم من مشاكل؟..

لا شكّ بأن العالم كله قد عانى في الماضي ولا زال يعاني من الدين في أنحاء كثيرة منه، لكن المشكلة لا تكمن في الأديان بقدر ما تكمن في الأتباع.. باستثناءٍ واحد: هذا القول يشمل كل الأديان إلا ديناً واحداً وهو الإسلام حيث أنّ المشكلة تكمن في تعاليمه، وبذلك تصبح مشكلة العالم معه ومع أتباعه معاً.

الإسلام هو الدين الوحيد بين أديان العالم الذي تنص تعاليمه على نشره بالقوة. حين أنتقد الإسلام فأنا لا أفعل ذلك من وجهة نظر مسيحية، إذ لو فعلت ذلك، لأعطيتك المجال بأن تضعني في قفص الاتهام وتسألني قائلاً: "وهل أنت مسيحي؟"، وعندئذٍ سأكون أيضاً ـ إن قلتُ نعم ـ كاذباً معك ومع نفسي!..

أنا حقاً أنتقد الإسلام بقسوة، ودون مواربة، والنقد لا يعرف المجاملة. لكنَّ انتقادي للإسلام لا يعني أنني أكره المسلمين، لا بل على العكس من ذلك تماماً، أعتقد أن نقدي للإسلام يعبّر عن حبي للمسلمين.  

أنتقد الإسلام لأني أقدّس حرية الإنسان، وأعني بالإنسانِ، الإنسانَ المسلمَ والمسيحيَّ واليهودي وأيضاً الذي لا يؤمن بأي دين. والإسلام لا يحترم هذه الحرية.

أنتقد الإسلام لأنه يحطّ بإنسانية المرأة، والمرأة هي أمي وزوجتي وأم أولادي، وأنا لا أقبل بأن يقال عن أمي التي ربتني، أو عن أم أولادي التي تشاركني في تربيتهم، بأنها ذات عقل ناقص.

أنتقد الإسلام لأنه يشجّع على الثأر، والثأر شريعة الغاب. أنتقده لأنه يعلّم العنصرية ويعلّم اتباعه الترفّع على غيرهم من الأمم وعلى معاداتهم.

المسلمون ليسوا إرهابيين إنما تعاليم الإسلام هي التي تجعل منهم إرهابيين. هل يجعل هذا من كل مسلمٍ إرهابياً؟.. إذا أجبنا على هذا السؤال بالإيجاب فكأننا نقول أنّ كل مسيحي هو إنسانٌ متسامحٌ غفور محب يعطي ثيابه للمحتاجين لا بل لا يتردد عن قلع عينه إذا قادته إلى الشك. لكن.. لنكن واقعيين، إنّ تنفيذ أوامر الإسلام أسهل على الإنسان من تنفيذ أوامر المسيحية. الإنسان ينزع إلى الشر بطبيعته وتعاليم الإسلام تغذّي هذا الميل إلى الشر. 

أنا لا أدعو أحداً للتعصب ضد المسلمين لكونهم مسلمين، ففي الواقع، ليس هناك من يدفع الناس للتعصب ضدّ المسلمين كالإسلام نفسه.. إنه يخيف العالم بتعاليمه العدوانية وتشريعاته التي تتعارض مع حقوق الإنسان.  

لا بدّ من الاعتراف بأنه حيث وُجد دينان مختلفان وُجد عداءٌ، ولكنه غالباً ما يكون عداء بين ظالمٍ ومظلوم، معتدٍ ومُعتدى عليه. إنك إذا تأملت في ما يجري في العالم من أحداث لها علاقة بالدين لوجدت المسلمين الطرف الرئيس فيها.  

العداء بين شعوب العالم على أساس ديني أمر موجود لا يمكن إنكاره، ولكن الدافع وراء عداء غير المسلمين للمسلمين يختلف اختلافاً جوهرياً عن الدافع وراء عداء المسلمين لغير المسلمين. لا بل إن عداء المسلمين بعضهم لبعض على أساس طائفي ربما يبلغ أحياناً حداً أعظم من عدائهم لغير المسلمين.

بعبارة أخرى، عداء المسلمين وكراهيتهم  ـ بعضهم لبعضهم الآخر ـ أو لغير المسلمين، ترجعان إلى تعاليم الإسلام، وإلى الإسلام أيضاً ترجع معادة غير المسلمين للمسلمين وكراهيتهم لهم. 

أنظر إلى السودان ونيجيريا والجزائر ولبنان وإسرائيل وفلسطين وإيران وماليزيا وباكستان والهند والصين وروسيا وتركيا وسوريا والعراق وأمريكا وكل دول أوروبا.. انظر أينما أردت أن تنظر تجد أصابع الإسلام وراء المشاكل والقلاقل. تعاليم الإسلام أصبحت تقلق راحة العالم وأمنه ومستقبله أكثر من أي وقتٍ آخر من التاريخ.

ما أردت أن أقوله لك يا سيد شاكر، إنّ ما يُنشر على هذا الموقع من أحاديث تتعلق بالإسلام ليس لإثارة الكراهية ضد المسلمين، إنما لتوعية المسلمين وتعريفهم بما لا يعرفونه عن دينهم، وما أكثر هؤلاء الذي يجهلون تعاليم دينهم ـ تماماً كما تفضلت وذكرت أنت نفسك ـ 

إذا كان مجرد اقتباس قولٍ أو حدثٍ من كتب الإسلام، أمراً يجرح شعور المسلم، فهذا يعني أن على هذا المسلم أن يعيد النظر في هذه التعاليم التي تسبب له الإحراج أو الشعور بالخجل.  

التجريح ليس هو الغاية، ولهذا السبب قمنا بإلغاء صفحة على الناقد كانت مخصصة للنكات الدينية، وقد فعلنا ذلك استجابة لطلبٍ من قارئ مسلم (د. مظهر ش.) رأى في أن النكات تثير حساسية البعض.

تحياتي لك وشكراً على رسالتك.

بسام درويش، 10 أغسطس 2003

==========

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط