بسام درويش / May 11, 2007

أعلنت السلطات الأمريكية عن إحباط عملية إرهابية خطط لها إرهابيون مسلمون للهجوم على مركز تدريب عسكري في ولاية نيوجرسي. ويعود الفضل في اكتشاف الخطة، إلى موظفٍ في محل لبيع ونسخ شرائط الفيديو، والذي قام بتبليغ السلطات عن شريط جاء به إليه شخص مسلم، يطلب عدداً من النسخ عنه. وبعد أن استلمت السلطات نسخة من الشريط، قامت بمراقبة الإرهابيين لفترة تزيد عن السنة، وأخيراً قامت باعتقالهم بعد أن توفرت لديها كل الأدلة التي تثبت تآمرهم.

 

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته السلطات للإعلان عن إحباط المؤامرة، قال المتحدث باسم السلطات الأمنية، إنّه ليس هناك من أدلّة تربط هذه المجموعة الإرهابية بمنظمة القاعدة ولا بأية منظمة إرهابية أجنبية خارج الولايات المتحدة!..

***********

لا نعرف تماماً كم من من الأرواح قد جرى إنقاذها باكتشاف هذه العملية، ولكن شيئاً واحداً يمكن أن نؤكّده بناء على تفاصيل هذا الخبر، وهو أن تفادي هذه الجريمة كان حقاً "ضربة حظ".

 

"ضربة حظ" ساهم فيها إلى حدّ كبير غباءُ واحدٍ من هؤلاء الإرهابيين، لم يجد من مكانٍ يذهب إليه لينسخ فيه الشريط إلا محلاً عاماً لبيع ونسخ الفيديو!..

وساهم في "ضربة الحظ" هذه أيضاً، انتباه الموظف في محل الفيديو لمحتويات الشريط، فأسرع إلى تبليغ السلطات عنه.

وهكذا، لولا غباء الإرهابي، وسرعة بديهة الموظف، لا أحد يمكنه أن يخمّن ما كانت ستؤدي إليه هذه العملية!

عمليّةٌ لو قُدّرَ لها أن تنجح، لكنّا بالتأكيد سوف نسمع عن شريط جديد تعرضه قناة الجزيرة يظهر فيه بن لادن، وهو يهنّئ الأمة الإسلامية بهذه الغزوة المباركة، واعداً الشعب الأمريكي والعالم كله بمزيد من الدماء!

***********

لا شكّ في أن السلطات تقوم بواجبها، وبكل ما تستطيع القيام به لحماية أمن البلاد من هؤلاء الإرهابيين بحدود ما تسمح لها قوانينها الحضارية. لكنّ كون اكتشاف هذه العملية نتيجة "ضربة حظ" يؤكّد حاجتنا الماسّة إلى وضع هذه القوانين الحضارية جانباً.

لقد آن الأوان لكي ندرك أننا لا نتعامل في حربنا هذه مع كائنات متحضرة. آن لنا أن ندرك أننا نتعامل مع كائنات سلخ الإسلام منها كل طبيعة بشرية وحتى حيوانية أليفة، إذْ زرع فيهم غريزة القتل لا يَدفعُ إليها جوع ولا عطش!..

 

تُرى كم من العمليات الإرهابية يمكننا تفاديها وإحباطها لو قللنا، أو بالأحرى، لو استغنينا عن اعتمادنا على "ضربات الحظ"؟..

ترى كم من شرائط فيديو مشابهة لهذا الشريط، ومن مخططات التآمر، والأسلحة الخطرة، والخلايا الإرهابية، سنكتشفها لو وضعنا جانباً قوانينا الحضارية لأسبوع واحد على الأقل؟!..

كم من الأرواح بإمكاننا إنقاذها، لو قامت السلطات بحملة كبيرة في وقت واحد، لتفتيش كل مسجد وبيتٍ يقطنه مسلمون، وكل مكتب لمنظمة إسلامية، وكل مكان عمل يملكه أو يتواجد فيه مسلمون؟..  

 

بالتأكيد، سيطلع بين الأمريكيين أنفسهم ـ وليس المسلمين فقط ـ من يتباكى على حقوق الإنسان، ولسوف نسمع عبارة profiling  (التمييز على أساس عرقي أو ديني..) يتردد صداها في كل مكان، بما في ذلك البلاد الإسلامية حيث الــ  profiling    جزء لا يتجزأ من دساتيرها!..

هل علينا حقاً أن نلتفت لهذه الأصوات النشاز ونعيرها أي اهتمام؟..  هذه الأصوات النشاز تزعج مسامعنا في كل الأحوال، فلماذا علينا الاكتراث بها؟..  

المسلمون الذين يقدّرون قيمة أمنهم وسلامتهم وأمن وسلامة البلد، يُفتَرضُ منهم أن يقدّروا أيضاً ضرورة إجراءات كهذه، لأنها في النهاية تصبّ في مصلحتهم!  أما المسلمون الذين سيبدأون بالصراخ "وا إسلاماه"، فلماذا علينا أن نأبه لصراخهم؟.. إذا كانوا هم لا يأبهون لأمننا فلماذا علينا أن نأبه لصراخهم؟.. في الحقيقة هؤلاء هم الذين لا يجب علينا فقط الشكّ بهم، إنما الإسراع بترحيلهم، إذْ لا شكّ في أنّهم يبيّتون لهذه البلد وشعبه ما يبيّتون.

*********

المضحك المبكي، هو ما صرح به المتحدث باسمِ السلطات الأمنية خلال المؤتمر الصحفي، بأنّه ليس هناك من أدلّة تربط هذه المجموعة الإرهابية بمنظمة القاعدة، ولا بأية منظمة إرهابية أجنبية خارج الولايات المتحدة!..

أهــــــــــذا كلامٌ صحيحٌ حقــــــــاً؟!..

وماذا عن الإسلام؟!..

أليس الإسلام هو الدولة الأجنبية التي تعتبر كل أتباعها/مواطنيها جنود احتياط أينما تواجدوا يُستنفَرون لخدمتها عند الطلب؟..(*)   

إذا لم يكن هناك حقاً من دليل ماديٍّ يربط هؤلاء الإرهابيين بأيّة "منظمة" حسب تعبير المتحدث باسمِ السلطات الأمنية، أفلا يكفي ما صرّح هؤلاء أنفسهم به خلال التحقيق معهم ـ بأنهم يريدون قتل الأمريكيين خدمة لله ـ دليلاً على ارتباطهم بهذه المنظمة الإرهابية التي تحمل اسم "الإسلام"؟..  

ترى متى نستيقظ؟

--------------

(*) "وأما الجيش فإن الرسول عليه السلام (!!) جعل جميع المسلمين جنداً لأن الجهاد فَرْضٌ على جميع المسلمين للقتال، وكان الرسول إذا غزا استنفر المسلمين فكانوا ينفرون خفافاً وثقالاً ويجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، ولم يكن هنالك جيش مخصص، وظلّ الحال كذلك في أيام أبي بكر، إلى أن جاء عمر فخصص من المسلمين جنداً جعل لهم أرزاقاً في بيت المال يكونون دائماً في عمل الجندية للجهاد، وكان باقي المسلمين كالجيش الاحتياطي يُستنفرون للقتال كلما دعت الحاجة." (نظام الحكم في الإسلام، تقي الدين النبهاني، منشورات حزب التحرير ـ القدس 1953)

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط