بسام درويش / Oct 27, 2001

"لم يبق أحد في العالم لم يشهد مأساة شعبنا في فلسطين. ففي كل يوم يقوم الكيان الصهيوني بجرف البيوت والمزروعات وهدم البيوت على أصحابها وقتل القادة والأطفال والشيوخ، وكل ما لدى الفلسطيني للدفاع عن أرضه وعرضه، مقلاعٌ أو حجر وأحياناً كلاشن، في مواجهة الطيارات والدبابات (أميركية الصنع) والصواريخ (الأميركية كذلك) والمواد الكيماوية والقنابل الفراغية والعنقودية، وفي نتيجة المطاف، تزعم أميركا وكل أذنابها في العالم بدءاً بالديموقراطيات الغربية أن العنف الفلسطيني هو الذي يعرقل السلام! حتى خطاب رئيس جمهورية أفريقيا، وهو من السود الذين دعمتهم الثورة الفلسطينية في نضالهم ضد العنصرية ومن أجل التحرر، حتى خطابه كان شبه محايد، متواضع، ذليل إلى حد ما، لا يريد أن يغضب السادة. فهل ما زال عبداً، هل بحاجة إلى التحرير؟!"

=============

جاء ذلك في مقالة تحت عنوان "هل ما زال عبداً" نشرتها صحيفة الوطن،(*) وهي صحيفة عربية إسلامية تصدر في كاليفورنيا ذات اتجاه موالٍ لنظام صدام حسين.

 

لا يخفى على القارئ ما في هذا الحديث من نَفَسٍ يفوح برائحة الكراهية لهذا البلد. حديثٌ لنا عودةٌ إلى بعضِ ما جاء فيه وفي غيره من أحاديثِ صاحبِ هذه الصحيفة في المستقبل؛ ولكن، ونظراً لما تمرّ به الأمة الأميركية اليوم من أوضاع صعبة، رأينا أن هناك عبارة واحدة في الحديث على الأقل تستوجب التعليق اليومَ وليس غداً‍‍! هذه العبارة هي، "أميركا وأذنابهــا!.."

************

حين يريد العرب المعادون لأميركا الإشارة إلى الدول التي تؤيدها أو إلى الأنظمة أو الأفراد الذين يؤيدون سياستها، فإنهم يدعونهم "بأذناب أميركا".

كلمة "أذناب" هذه، ربما لا يعيرها القارئ اهتماماً كبيراً حين يقرأها مترجمة إلى الإنكليزية، (satellite  ) والتي تُفَسَّـر آنذاك على أنها إشارة إلى الدول أو الأنظمة التي تسير في فلك السياسة الأميركية، ولكنها في العربية، تتضمن بالإضافة إلى ذلك معنى الازدراء والاحتقار. فأميركا بنظر هؤلاء هي أشبه بكلب له أذناب عديدة منتشرة في كل مكان يحركها كيفما شاء.

 

وفي نظر صاحب الصحيفة هذه، وحسب ما يمكن استنتاجه من كل ما ينشره فيها، فإن "أذناب الكلبة أميركا" تتمثل في كل الأنظمة العربية ودول العالم الأخرى التي لا تتفق سياساتها مع سياسة سادته هو. السعودية مثلاً هي ذنب لأميركا، وكذلك مصر أو تركيا، وطبعاً إسرائيل.. كلهم أذناب لأميركا.

هنا يبرز سؤال يدفعنا إلى طرحه صاحب هذه الصحيفة نفسه: إذا كان يدعو هذه الأنظمة أذناباً لأميركا لأنها ـ من وجهة نظره ـ أدوات تنفذ سياستها، إذاً فَذنب من يكون هو وصحيفته، وكل الذين يشاركونه عداءه السافر لهذا البلد وهم على أرضه، يأكلون من خيره، ويشربون من مائه، ويحتمون بقوانينه، ويعيش منهم من يعيش على معوناتٍ مالية يستجدونها في نهاية كل شهر من مؤسساته الحكومية والاجتماعية؟..  

أذنابُ مَن هُمْ هؤلاءُ يا ترى؟.. بوقُ لأيِّ حاكمٍ هي هذه الصحيفة، وذنَبٌ أيّ نظامٍ يكون صاحبُها؟..

***********

على نفس الصفحة شعار للصحيفة يقول بالخط البارز: "الوطن لا تعرف كل شيء ولكنها تقول كل ما تعرف"!..

في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها الأمة، وبناء على ما أفرزته التحقيقات في جريمة الحادي عشر من أيلول البشعة، فإنه يحق لنا أن نسأل هؤلاء الذين يعيشون في هذا البلد ويكنون العداء له، عما إذا كانوا في الواقع يعرفون الكثير ولا يقولون شيئاً مما يعرفون؟!!

**************  

(صحيفة الوطن لصاحبها نظام المهداوي.)

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط