بسام درويش / Oct 30, 2001

اقتحم مسلحون مقنّعون على متن دراجات نارية كنيسة في شرقي باكستان وأطلقوا النار داخلها فقتلوا ستة عشر شخصا على الأقل، وذكرت الشرطة أن العشرات أصيبوا بجراح خطيرة. وقد وقع الهجوم أثناء إقامة قداس كان يحضره أكثر من مئة شخص في كنيسة للروم الكاثوليك في مدينة باوالبور الواقعة على بعد مئة كيلومتر جنوبي مدينة مولتان في إقليم البنجاب. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن السلطات قالت إن الشبهات تحوم حول أعضاء إحدى الجماعات الإسلامية المتشددة المحظورة. وقال شاهد عيان إن ستة مسلحين وصلوا إلى الكنيسة على متن ثلاث دراجات نارية ثم أشهروا بنادق آلية من طراز كلاشنيكوف وبدأوا بإطلاق النار على شرطيين كانا يقفان خارج الكنيسة قبل اقتحامها وإطلاق النار داخلها. وذكر الشاهد لوكالة أنباء رويترز أن المسلحين الستة كانوا يخفون رشاشاتهم داخل حقائب. وقال الناجون إن المسلحين أغلقوا باب الكنيسة من الداخل ثم بدأوا في إطلاق النار بشكل عشوائي على المصلين.

وفي نبأ لاحق، قال شهود عيان إن المسلحين رددوا عبارتي "ألله أكبر" و "باكستان وأفغانستان مقبرة للمسيحيين" قبل إطلاقهم النار على المصلين.

(عن: بي بي سي أونلاين 28 أكتوبر 2001)

 

******************************* 

مرة أخرى يبرز "الله" عضلاته على الأبرياء من الناس.

"الله أكبـــر!.." هكذا صرخ الإرهابيون المسلمون وهم يطلقون نيران رشاشاتهم تمزق صدور الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال المجتمعين داخل كنيسة. لم يكن اجتماعهم للتخطيط لتفجير مبنى تجاري أو للتآمر على قتل أحد. كانوا هناك يصلون إلى خالقهم ولأجل أعدائهم كما علمهم ربهم أن يصلوا كل يوم.

ربما كان هؤلاء المساكين قبل أن تصرعهم نيران الحقد على وشك الانتهاء من صلاتهم الربانية حيث تقول: "كمــا نحن نغفر لمن أخطأ إلينا!.." ربما كانوا يستمعون آنذاك إلى فقرة من الإنجيل يتلوها عليهم قسيس الكنيسة، تقول: "أحبوا أعداءَكمْ وأحْسنوا إلى منْ يُبْغضُكـم وصلُّـوا لأجل منْ يُعنتُـكُـمْ ويَضطهدكم."

ولكن المساكين سقطوا قبل أن يتموا صلاتهم. سقطوا كما سقط قبلهم وكما سيسقط من بعدهم آخرون. جريمتهم التي استحقوا عليها القتل هي أنهم كانوا مسيحيين!

**********

عدد المسيحيين في باكستان يقارب الخمسة عشر مليوناً، أي بنسبة تزيد قليلاً عن واحد بالمئة من مجموع السكان. غالبيتهم العظمى من الفقراء المعوزين، ولذلك فهم لا يشكلون بأي شكل من الأشكال تهديداً للأكثرية الإسلامية، لا سياسياً ولا اجتماعياً. ورغم ضعفهم وفقرهم والمناخ الصعب الذي يعيشون فيه، يجدهم المرء متمسكين بمسيحيتهم تمسكا عجيباً، وربما هذا هو بالضبط ما يفسّر الاضطهاد الذي يُخضِعُهم له المسلمون. والحقيقة أنهم ليسوا وحدهم بين المسيحيين الذين يعانون من العذاب تحت وطأة الأكثرية الإسلامية، فوضعهم لا يختلف كثيراً عن وضع أخوانهم الأقباط المسيحيين في مصر أو إندونيسيا أو ماليزيا أو نيجيريا وبلاد أخرى. وبعبارة مختصرة، ومرة أخرى نقول، إن ذنبهم الوحيد الذي يُعاقبون عليه هو أنهم مسيحيون.

********** 

لا شك في أن أول ما يتبادر إلى الذهن بعد قراءة الخبر أن هذه المجزرة ليست سوى ردة فعل للحرب التي تشنها أميركا وبريطانيا على أفغانستان، وأن الذين نفذوا هذه المجزرة البشعة ليسوا سوى متطرفين مسلمين متعصبين لا يمثلون الإسلام كدين ولا المسلمين كشعب. ولكن هذه الفكرة لا تخطر في الحقيقة إلا على جاهلٍ بتعاليم بالإسلام.

عداء المسلمين للمسيحيين لا علاقة له بالهجمات على أفغانستان ولا بدعم العالم الغربي لإسرائيل ولا بأي شيء من هذا القبيل. هذا العداء كان موجوداً قبل قيام دولة إسرائيل وحتى قبل قيام أميركا، لا بل قبل اكتشاف القارة الأميركية بمئات السنين. إنه عداء يرجع تاريخه إلى اليوم الذي أسس فيه محمد دولة الإسلام التي دعاها ديناً. مات محمد ولكن تعاليم الكراهية التي علمها لم تمت بموته، إذ أنه خلف وراءه كتاباً تبعته كتبٌ أخرى أصبحت جميعها دستوراً اتّـكأ ولا يزال يتكئ عليه المسلمون لتبرير أعمالهم الرهيبة بحق الإنسانية. لقد زرع في عقولهم أن القتال في سبيل الله ومن أجله هو ضمانة لدخول الجنة. لذلك، لا عجب أن نجد الإرهابيين يقومون بأعمالهم بضمير مرتاح إلى أقصى حدود الراحة. فهذه الأعمال بنظرهم، هي بمثابة تأشيرة دخول إلى الجنة على جواز سفرهم الإسلامي. 

***********

لفترة قصيرة مضت، لم يكن الشعب الأميركي يعير اهتماماً كبيراً لهتاف "الله أكبر". معظم الأميركيين كانوا يعتقدون أنه مجرد نداء  شبيه بقرع أجراس الكنائس يدعو الناس إلى الصلاة. لم يعرفوا طعم هذا النداء كما عرفه المسيحيون الذين عاشوا مئات السنين تحت نير حكم المسلمين. أما اليوم، فقد عرفوا ما جهلوه الأمس وكانت كلفة هذه المعرفة باهظة الثمن.

الأميركيون اليوم، ليسوا بحاجة إلى فتح كتب التاريخ ليعرفوا شيئاً عن هذا النداء الرهيب. ليسوا بحاجة إلى الذهاب بعيداً ليروا بأعينهم ما يعانيه المسيحيون أو غيرهم من هذا "الأكبر". فالجرعة الأخيرة التي سُـقُـوها كانت كافية. كافية لدفعهم إلى التـقيّؤ. وكافية لأن تفتح عيونهم على الخطر الذي يحيط بهم، ليس من الخارج فقط بل من الداخل أيضاً. هذه الجرعة كانت كافية ليفكّر الأميركيون جدياً أن يضعوا جانباً كل ما تمسكوا ويتمسكون به من مبادئ؛ فالخطر قد استفحل وهو على وشك أن يطيح بهم وبمبادئهم معاً.

أميركا ليست وحدها هي التي استفاقت لتدرك مقدار الخطر. العالم كله قد استفاق!.. ولا بد أن يستفيق المسلمون!

**********

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط