بسام درويش / Jan 01, 2006

"السيد بسام درويش المحترم: تحية طيبة"

".. .. عندما قامت الرسوم الكاريكاتورية عن الرسول كنتم موافقين عليها ولكن لم اسمع تعليق واحد عن الرجل البريطاني الذي أنكر المحرقة اليهودية وحكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات، ما تعليقكم علي ذلك؟ أشكركم علي مقالاتكم وإلي الأمام"

كان ذاك سؤالاً بعث به القارئ محمد هادي

=============

الدول التي تعتبر إنكار حصول الهولوكست جريمة يعاقب عليها القانون هي، ألمانيا، فرانسا، النمسا، بلجيكا، بولندا، ليثوانيا، سويسرا، وإسرائيل. شعوب هذه الدول تشترك بمعاناتها من الحكم النازي مباشرة. قوانينها المتعلقة بهذا الموضوع ليست ضدّ حرية الرأي إنما لسدّ كل السبل أمام عودة النازية للازهار بأي شكل من الأشكال.

 

أنا شخصياً مع حرية التعبير إلى أقصى الحدود طالما لم تبلغ حدّ تهديد الآخر أو التحريض عليه. الهدف من وراء المحاولات الدائبة لإثبات بطلان حقيقة المحارق، ليس الكشف عن حقيقةِ أو زيفِ حدثٍ تاريخيّ بقدرِ ما هو سعيٌ إلى إعادةِ إحياءِ روحِ العداءِ العنصريّ ضد شعبٍ عانى منه الكثيرَ على مدى قرون من الزمن.   

 

لكني، وعلى الرغم من تعاطفي مع اليهود في كل ما تعرضوا إليه من محاولات إلغاء وجود، ـ سواء كان ذلك من مسلمين ومسيحيين ـ فإني بصراحة، لا أؤيد سجنَ أي إنسانٍ ينكر المحارق، إلا إذا ثبت قطعاً أنّ هدفه هو إحياء روح العداء العنصري، ويشاركني الرأي بذلك كتّابٌ يهود أيضاً.

 

أما عن موضوع الرسوم الكاريكاتورية التي أثارت غضب الشارع الإسلامي، فهو موضوع يختلف كل الاختلاف عن موضوع إنكار الهولوكست. غاية الرسام أو الرسامين لم تكن التحريض ضد المسلمين، والشعبُ الغربي أوْعَى مِن أن يحرّضه رسمٌ كاريكاتوري. لا بل حتى الأعمال الإرهابية الشنيعة التي ارتكبها المسلمون في نيويورك ولندن ومدريد، ومؤخراً في فرانسا حيث حرقوا الآلاف من السيارات على مدى أسابيع.. حتى هذه الأعمال لم تحرّض الغربيين على القيام بأعمال عدائية ضد المسلمين. ربما يقول قائلٌ، ليس من الضرورة أن تحرّض الرسوم على أعمال عنف ضد المسلمين ولكنها بالتأكيد تحرّض على كراهيتهم وكراهية الإسلام كدين. على هذا أجيب: وهل من المنطقي أن لا يُتَوقّع هذا؟.. إنّه "اقلّ الإيمان!.." هل المسلمون أو الإسلام حقاً بحاجة إلى من يحرّض على كراهيتهم أو كراهيته؟!.. ماذا عن أفعال المسلمين أنفسهم؟.. ماذا عن قطع رؤوس الأبرياء من الصحافيين والتجار والسياح والراهبات وطلبة المدارس؟.. ماذا عن حرق الكنائس؟.. ماذا عن جرائم "الشرف" التي يرتكبونها ضد بناتهم ونسائهم وأخواتهم؟.. ماذا عن خنوعهم لحكامهم وما يظهرونه من غباء وهم يتظاهرون يحيّون ظالميهم بعبارات "بالروح بالدم نفديك يا صدام ويا حافظ ويا معمر"؟.. ماذا عن أوساخهم التي يخلفونها وراءهم في حدائق أوروبا وشوارعها؟.. هل العربي أو المسلم بحاجة حقا لمن يشوّه سمعته أو يحرّض على كراهيته؟..

 

الرسوم الكاريكاتورية لم تكن لغاية التحريض، إنما مجرد تعبير عن رأي راسميها طبقاً لما سمعوه عن تعاليم الإسلام وما لمسوه من أعمال المسلمين. وما سمعوه وما لمسوه هو حق ولا مبالغة فيه إطلاقاً!.. والحق، هو أن الإسلام دين إرهاب، وأنّ محمداً إرهابي بشهادة اختصاص!

 

ترى ما هو الجديد الذي أتى به الرسام الذي صوّر محمداً وعلى رأسه عمامة تخرج منها قنبلة؟ لماذا تُغْضِبُ المسلمينَ صورةٌ كهذه؟ أليس شعار الإسلام هو السيف؟ وماذا عن علم المملكة السعودية الذي لا يتضمن إلا السيف وعبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"؟.. كل ما فعله الرسام هو أنه استعاض عن السيف بفتيل قنبلة. تُرى لو عرف محمد القنابل أما كان قد استخدمها؟ ولو استخدمها أما كان علم السعودية اليوم يتضمن قنبلة تحت الشهادة؟

 

سأل أحد رجال القبائل الملك الراحل عبد العزيز مؤسس المملكة العربية السعودية، من أي القبائل أنت؟ فنادى أحد رجاله الحاضرين وقال: آتني بسيف ومصحف، ثم قال: "نسبي هذا السيف به أخدم هذا الكتاب الكريم، فإني لا أرى نسباً غير هذين!!."(*)

 

لو عرف محمد القنابل آنذاك، لكان عبد العزيز قد قال عوضا عن ذلك: آتني بقنبلة ومصحف.. نسبي هذه القنبلة أخدم بها هذا الكتاب الكريم، فإني لا أرى نسباً غير هذين!!.."

 

ألا زال المسلمون بعد كل ذلك يعتقدون، أنه لا ينقص الغربيين إلا رسم كاريكاتوري تافه كهذا الرسم ليدركوا أن الإسلام دين إرهابي، وأن كل من يؤمن به مرشّحٌ لأن يكون إرهابياً؟.. 

(*) العربي الكويتية، فبراير 1998 عدد 471

***************

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط