وليس مسؤولية شعب إيران فقط
بسام درويش / Sep 26, 2007

بعد سماعي لكلمة أحمدي نجاد التي ألقاها في جامعة كولومبيا، لا أصدّق أنّ هناك إيرانياً واحداً سيقول إنه يفخر بأن يمثلّه رجلٌ كهذا المجنون. لا بل لا أعتقد أنّ واحداً من رؤساء أحمدي نجاد أو من زملائه الملالي سيكون فخوراً به وبأدائه.  

 

بدأ حديثه بالادّعاء أنه حُرِم من الوقت الكافي لإلقاء محاضرته وهذا ليس أمراً مستغرباً؛ ففي إيران، كما في الدول العربية، ليس للوقتِ قيمة وخاصة عندما يتكلّم القائد، حيث لا يجوز لأحدٍ أن يحصي الساعات أبداً. مع ذلك، وعوضاً عن استغلال الوقت الذي توفّر له ليعرض قضيته أو ليجيب على الأسئلة الموجهة إليه، فإنه أضاع معظمه وهو يتحدث عن الله ومحمد وعن كل "الفضلات" الإسلامية الأخرى التي لم يأتِ أحد من الناس متشوقاً لسماعها. لقد ظهر واضحاً أن الناس أخذوا يتململون ضجراً ولا شكّ بأنهم كانوا كلهم يتمتمون طالبين منه أن يتوقف عن ذلك العلاك الصدئ ويدخل في صلب الموضوع.

ربما ليس منا من لم يسمع  عن ادّعاء هذا المجنون في السنة الماضية بأن هالة من نور التفّت حول جسده عندما كان يلقي كلمته في الأمم المتحدة. ولا شكّ في أنه اعتقد بأنّ الفرصة التي أُعطيت له هذه السنة هي أيضاً من الله كي يبشّر بـ "دين السلام والرحمة" على أرض الكفار أنفسهم، وكأنه لا يعرف بأن رائحة القمامة في الغرب أصبحت مقبولة أكثر من رائحة أي شيء يتعلّق بالإسلام.

 

بعد ذلك، ادّعى بأن خطبة رئيس الجامعة لي بولينجر كانت غير مؤدّبة ومحتوية على شتائم بحقه. إنه لمن المضحك جداً أن يتحدث عن الاحترام شخص مثل أحمدي نجاد لا يفهم معنى عبارة احترام حقوق الإنسان.

ادّعى أنّ بولينجر قد أهانه وشتمه، لكنه سمح لنفسه أن يشتم ذكرى ستة ملايين إنسان قُتِلوا أو أُحرقوا على يد النازيين، قائلاً إن هذه القضية بحاجة إلى "بحوث إضافية".  بكل تأكيد!.. ربما على العالم أجمع أن يتفق مع أحمدي نجاد ويفتح صفحة التحقيقات من جديد بدءاً بعهد محمد والنظر في كل جرائمه، وخاصة تلك المذبحة التي أشرف عليها وقتل خلالها ما يزيد عن سبعمئة يهودي من بني قريظة، ثم أسر نساءهم وباعهنّ في سوق النخاسة، ما عدا واحدة (صفيّة بنت حيي) احتفظ بها ليغتصبها بعد أن قطع رأس زوجها.

 

لقد أعلن رئيس الجامعة في خطابه عن شكّه بأن يكون لدى أحمدي نجاد الشجاعة العقلانية للإجابة على الأسئلة التي تحدّاه بها. لكن كلمة "شجاعة عقلانية" كانت عبارة كريمة جداً من بولينجر وكان الأفضل أن يتحداه بأن يكون لديه "العقل" الكافي للإجابة وليس إلى "الشجاعة العقلانية". إن أناساً ممتلئين بالكراهية الدينية مثل أحمدي نجاد لا تسيّرهم عقولٌ إنما غرائز.

لقد تفاخر أحمدي نجاد مراراً بقوله للحضور إنه أكاديمي. أيْ نعم.. العالم الإسلامي يزخر بالأكاديميين. هذا العالَمُ الذي يُطلقُ على خرّيجي "المدارس" الدينية لقبَ "علماء". أحمدي نجاد ليس إلا واحداً من هؤلاء الأكاديميين العلماء الذين لا زالوا يؤمنون بأن الشمس تشرق وتغرب على قرني الشيطان تماماً كما علّم محمد قبل ألف وأربعمئة سنة.      

 

لقد تهرّب أحمدي نجاد من الإجابة على معظم الأسئلة ـ إن لم يكن كلّها ـ وكان يجيب على كل سؤالٍ بسؤال من عنده. "محاضرة" هذا الرجل كانت شتيمة لذكاء الحضور ولكل الناس الذين أضاعوا وقتهم في أي مكان من العالم وهم ينتظرون أن يسمعوا منه شيئاً مفيداً.

كيف يمكن لأحدٍ أن يقيم وزناً لأية كلمة يقولها زعيم دولة بعد أن يسمعه يدّعي بأنه ليس هناك مثليون جنسيون في بلاده. لقد اعتقد هذا الجاهل أنه كان يخاطب حشداً من الأولاد الصغار حين قال: "ليس عندنا مثليون جنسيون كما هو الحال في بلادكم! لا وجود لهذا الأمر في بلادنا. هذه الظاهرة غير موجودة عندنا. لا أعرف من قال لكم إنها موجودة عندنا!!"

قد يكون على حق.. إذ ربما يعتقد بأنّه شنقهم وتخلّص منهم كلهم، لكنْ من المؤكّد أنه نسي أن يبعث بالحرس الجمهوري الإسلامي ليفتشوا "الخزائن" التي يختبؤون فيها في كل أنحاء إيران.  أعتقد أنّ عليه أن يلقي نظرة على وجهه وشكله في المرآة.. فأصحاب الشخصيات الازدواجية موجودون في كل مكان أيضاً!

 

جواب آخر يدعو للسخرية ويحمل في طياته شتيمة لذكاء المستمعين، نطق به أحمدي نجاد حين سُئل عن أحكام الإعدام الوحشية، مثل الرجم حتى الموت للنساء المتهمات بالزنا، أو شنق المثليين جنسياً، قال: أنتم في بلادكم تعدمون المجرمين وكذلك نفعل نحن!  لقد تجاهل تماماً أن السؤال ليس عن إعدام مجرمين قتلة أو إرهابيين، إنما عن إعدام أناسٍ اختاروا نمط حياة خاص بهم. 

 

إنني وعلى الرغم من تقديري العظيم لرئيس الجامعة البروفيسور بولينجر للكلمة الشجاعة والمحكمة التي ألقاها، لا زلت أعتقد أن رجلاً كهذا الرجل لا يستحق أن تطأ قدماه أرض الجامعة إطلاقاً. في الواقع، كان على السلطات في الولايات المتحدة أن تعتقله فور وصوله لإجراء "بحوث إضافية" ـ حسب تعبيره ـ تتعلق بمشاركته سنة 1979 في عملية الهجوم على السفارة الأميركية في طهران وأخذ موظفيها رهائن.

 

إنّ الخلاص من هذا المعتوه ليس مسؤولية الشعب الإيراني فقط بل هو مسؤولية العالم أيضاً.

=============   

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط