تحت رحمة قراءة جديدة لشعوذات محمد!
بسام درويش / Sep 13, 2007

وزارة الصحة في المملكة السعودية تنتظر فتوى من "علماء" كي يعطوها الضوء الأخضر لاستيراد نوعٍ من الدواء.

والأطباء السعوديون بانتظار إشارة من هؤلاء "العلماء" كي يبدأوا بوصف هذا الدواء.

وآباء وأمهات يرون فلذات أكبادهم تذوب أمام أعينهم بانتظار كلمة من هؤلاء "العلماء"!

وأكثر من ثلاثمئة طفل سعودي حياتهم مرهونة بهذه الكلمة.

 

إنهم "علماء" يحملون شهادات عالية جداً، لكن ليس من أكسفورد أو هارفرد، ولا من كليات الطب في الرياض أو القاهرة، إنما من مدارس متخصصة لتحفيظ القرآن وتحليل أسباب النزول وتشريح كتب أبي هريرة! 

************

جاء في الأخبار أن هناك ما يزيد عن 300 إصابة ـ معلنة فقط ـ بمرض التكيس الرئوي بين الأطفال في السعودية، وهو مرض نادر يؤدّي إلى فشل الغدد في القيام بوظيفتها الطبيعية، والدواء الوحيد الذي ثبت مفعوله حتى الآن في علاج هذا المرض، مصنّع في الغرب، لكن وزارة الصحة السعودية تحظر استيراده، ليس لأنه مصنع في الغرب ـ وكل ما يستخدمون من أدوية مصنع في الغرب ـ إنما لأنه يحتوي على مشتقات من الخنزير!

تقول الأخبار إنّ أهالي الأطفال المصابين بهذا المرض رفعوا مؤخراً أصواتهم يطالبون برفع الحظر عن الدواء، ويستصرخون "علماء" الدين لإصدار فتوى تجيز لوزارة الصحة استيراده. ويقول أهالي الأطفال إنهم يضطرون للسفر إلى الخارج بشكل متواصل لجلب هذا الدواء، وإن الأطباء الأمريكيين رموا في القمامة دواءً حملوه معهم أنتجته السعودية كبديل له، وذلك لعدم فائدته إطلاقاً.

من ناحية أخرى، يجمع الأطباء السعوديون على أن المصابين بهذا المرض لا يمكن أن يعيشوا أكثر من 10 سنوات بينما يؤكّد الأطباء الأميركيون أن استعمال الدواء قد يمدد حياة المصابين إلى 60 أو 65 سنة.(*)

==================

حين تسقط ذبابة في طعام أو تحطّ عليه فإنّها تحمل معها بأرجلها وخرطومها وحراشفها ووبرها وجناحيها آلاف الجراثيم، ليس فقط من جثث الحيوانات والجرذان المتعفنة أو براز الكلاب أو البقر أو الجمال إنما من براز الخنازير وأيضاً براز الناس الذين يأكلون لحم الخنزير. 

لكنْ، لو أن جيشاً من الذباب هاجم بلداً إسلامياً، كأرض الحرمين على سبيل المثال ـ والذبابة لا حدود تقف في وجهها! إذ يمكن أن تتغذى من براز الخنازير في الغرب عند الصباح وتصعد إلى طائرة مع ركاب متجهين إلى أرض الحرمين لتحطّ رحالها في مناسف السعوديين عند المساء ـ فإنّ ذلك لن يستنفر واحداً من "علماء" المسلمين للإسراع بإصدار فتوى لساسة البلد لتوجيههم إلى كيفية حماية أمة محمد؛ فالدكتور محمد بن آمنة أكّد لهم منذ ألف وأربعمائة سنة من خلال مراجع البادية الطبية التي توفرت بين يديه آنذاك أن لا يخشوا من الذباب شيئاً، وتعليماته واضحة لا غموض فيها ولا تحتاج إلى فتاوى: تأكّدوا من غمس الذباب غمساً كاملاً ثم كلوا ولا تخافوا!.. لقد ترك لهم هذه الحكمة الذهبية يعيشون في ضوئها: "إذا وقع الذباب في إناءِ أحدكم فليغمسه كلُّه ثم ليطرحه فإنّ في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء". (رواه البخاري في كتاب بدء الخلق)

 

الجراثيم التي ينقلها الذباب من الفضلات البشرية وغير البشرية ـ ومن بينها فضلات الخنازير ـ والتي قد تؤدّي إلى أمراض لا حصر لها، لا تقلق راحة العلماء أبداً. أمّا أن تدخل مشتقاتٌ من دهن الخنزير أو عظامه في تركيب دواء ينقذ حياة هؤلاء الأطفال، فإنّ هذا الدواء يصبح بحاجة إلى فتح ملفات المشعوذ ابن آمنة، للبحث بين حروف كلماته عن أيّة نافذة ـ  Loope Hole  ـ يستطيعون من خلالها الإعلان عن شرعية استخدامه وضمائرهم مطمئنة مرتاحة!

 

كيف يمكن لأمة أن تتقدّم قيد شعرة، وهي تعتمد في طعامها ولباسها ومعالجة أمراضها وفي علاقاتها مع غيرها من أمم العالم وغير ذلك، على أقوال شخصٍ عاش في بيئة كتلك البيئة الصعبة في شبه الجزيرة العربية قبل ألف وأربعمائة سنة، خصوصاً إذا كان هذا الشخص مشعوذاً كمحمد لم يكتفِ بادّعاء النبوّة فقط، إنما جعل من نفسه أخصائياً بكل أمور الحياة وعلومها، من الفلك إلى التبصير وتفسير الأحلام وحيض المرأة ونفاسها، والطعام والشراب وآداب المائدة وفنون القتال وحتى بلغات الحيوانات التي كان يتحدث إليهم بها!..

 

إذا كانت هذه الأمة تحتكم إلى ذلك المشعوذ بكل كلمة قالها، فعجباً تستخدم أي دواء ينتجه الغرب أو غير الغرب على الإطلاق، وهو الذي ترك لهم حكمة ذهبية أخرى للشفاء من كل الأمراض قاطبة إلا الموت:

"إنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ اِلاَّ مِنَ السَّامِ" (صحيح بخاري، كتاب الطب) [و"السّام" يعني الموت، والحبة السوداء هي المعروفة بـ "حبّة البركة"]

إذا كان المسلمون يصدّقون ذلك الدجّال في كلّ كلمة قالها، فلماذا العيادات الطبية والمستشفيات وتبذير الأموال للالتحاق بمعاهد الغرب الطبية، ولماذا يتحملون مشقات السفر إلى الغرب للتداوي ولديهم هذه الحبّة العجائبية التي تشفي الإنسان من أيّ مرض على الإطلاق إلا الموت؟.. وبالمناسبة، هذه الحبة متوفرة جداً ورخيصة الثمن!

 

ماذا عن العسل أيضاً؟

ألم يكن ذلك المشعوذ يصف العسل لكل وجع؟:

"عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلاً فَسَقَاهُ فَقَالَ إِنِّي سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إلاّ استطلاقاً فَقَالَ صَدَقَ الله وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ!!" (فتح الباري في صحيح البخاري)

 

وماذا عن التمر أيضاً؟

ألم يصفِ التمرَ دواءً ضد التسمم ومضاداً للسحر؟: عن عامر بن سعد قال سمعت سعداً يقول سمعت رسول الله يقول من تصبَّحَ كل يومٍ سبعَ تَمْراتٍ عجوةً لم يضرّه في ذلك اليوم سمٌّ ولا سحرٌ. (البخاري كتاب الطب، وكتاب الأطعمة ـ صحيح مسلم، كتاب الأشربة)

 

وماذا عن بول الجمال؟..

ألم يكن يصفُ البول شراباً للاستسقاء وللشفاء من الأمراض؟: "عَنْ اَنَسٍ اَنَّ نَاسًا، اجْتَوَوْا فِي الْمَدِينَةِ فَاَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أن يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ ـ يَعْنِي الاِبِلَ ـ فَيَشْرَبُوا مِنْ اَلْبَانِهَا وَاَبْوَالِهَا، فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ اَلْبَانِهَا وَاَبْوَالِهَا، حَتَّى صَلَحَتْ اَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَسَاقُوا الاِبِلَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ، فَجِيءَ بِهِمْ فَقَطَعَ اَيْدِيَهُمْ وَاَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ اَعْيُنَهُمْ‏.‏ قَالَ قَتَادَةُ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ اَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ اَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ‏.‏ (صحيح البخاري، كتاب الطب)

***********

إذاً.. أمامكم العسل وحبة البركة والتمر وبول الجمال ـ وما أكثره عندكم! ـ وما عليكم إلا أن تأخذوا عياراتٍ من كل هذه العقاقير المحمدية فتخلطوها وسيكون لديكم أفضل دواء حتى للأمراض التي لم تُخلق بعد. أما إذا لم يؤدّ الخليط إلى فائدة، فما عليكم إلا أن تضيفوا إليه شيئاً من مشتقات الخنزير وسيكون للدواء فعل عجائبي!.. أما وأيضاً، إذا لم يؤدّ هذا أو ذاك إلى نتيجة، فقد كذبت بطونكم وصدق بسام درويش!

===============

الخبر عن موقع العربية 9 سبتمبر 2007

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط