بسام درويش / Dec 22, 2001

اتهمت السلطات الأمريكية أميرة سعودية تدرس اللغة الإنجليزية في جامعة فلوريدا، بضرب خادمتها وسرقة معدات إلكترونية تبلغ قيمتها 6 آلاف دولار. يتعلق الأمر بالأميرة بُنيه بنت سعود بن عبد العزيز، ابنة أخ العاهل السعودي الملك فهد، البالغة من العمر 41 عاما.

وقالت خادمة الأميرة السعودية إن مشغلتها ضربتها وهشمت وجهها كما دفعتها إلى أسفل سلاليم شقتها. وقد نادى الجيران على رجال الشرطة بعدما خرجت الخادمة ميميت إسمياتي صارخة من الشقة والجرح باد عليها. وأفرِج عن الأميرة بكفالة قدرها خمسة آلاف دولار بعد قضائها ليلة في السجن وأمِرت بتسليم جواز السفر.

وقد وجهت للأميرة بنيه تهم الضرب المبرح، وهي تهمة قد تفضي إلى السجن مدة 15 عاما، والسرقة والاتجار في المسروقات. وقالت الشرطة إنها سجلت اختفاء عدد من مواد تأثيث الشقة التي استأجرتها الأميرة السعودية من سائقها أحمد البياضي، ومن بينها جهاز تلفزيون كبير. وقد عثر على تلك المعدات لاحقا في بيوت الجيران الذين قالوا للشرطة إنهم اشتروها من الأميرة. وقال جيم سولومونز، المتحدث باسم الشرطة: يبدو أن الأميرة باعت عددا لا يستهان به من محتويات الشقة، وهي في الحقيقة كانت تستعد لمغادرة البلاد.

وقد قضت الأميرة التي تنفي ما وجه إليها من تهم، قضت ليلة في سجن منطقة أورانج. ومثلت بنيه لفترة وجيزة أمام أحد المحلفين مرتدية لباس السجن قبل الإفراج عنها بكفالة.

ويعني تخليها للسلطات عن جواز سفرها أنها لن تتمتع بحق مغادرة الديار الأمريكية قبل البت في هذه النازلة. وتقول سلطات الهجرة الأمريكية، إن الأميرة غير محمية بالحصانة الدبلوماسية لأنها لم تكن تقوم بمهمة دبلوماسية في الولايات المتحدة. وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توقيف أميرة سعودية في فلوريدا بتهمة ضرب خادمتها. ففي عام 1995 وجهت إلى السيدة مها السديري، زوجة ولي العهد السعودي، تهمة ضرب خادمة اشتبهت في أنها سرقت منها مئتي ألف دولار.

(بي بي سي أونلاين 19 ديسمبر 2001)

**************

طرحت بي بي سي أونلاين الخبر للقراء كي يدلوا بآرائهم به في زاوية تدعى "مساحة للحوار"، فأجمعت الأغلبية الساحقة منهم على أن الخبر إما مفتعل أو أنه مبالغ فيه أو أنّ الأضواء قد سُلِّطت عليه في هذا الوقت بالذات خدمةً للدعاية الأميركية ولغاية الإساءة إلى الإسلام والعرب. لا بل ذهب بعضهم، كعادة العرب، إلى حد اتهام الصهيونية به! ومما يُضحك ويبكي معاً، أن بعضهم دافعَ عن الأميرة بقوله أن الخدم يستحقون الضرب!.. قلة قليلة من القراء علقت على الخبر بشكل يعبّر عن وعي فكري.  

تعليقي على هذا الخبر ليس بخصوص ضرب الخادمات إذ لا حاجة للتعليق على موضوع كهذا إلا بعبارة صغيرة واحدة، هو أنه جريمة تستحق العقاب. تعليقي يدور حول التعصب الكريه المسيطر على عقلية العرب والذي يقف دائماً حائلاً بينهم وبين التمييز بين الأبيض والأسود وبالتالي بينهم وبين التفاهم مع غيرهم من شعوب العالم.   

منذ سنوات، أُلقي القبض على شاب إيراني مسلم في كاليفورنيا بتهمة قتل فتاة صغيرة بعد اغتصابها. على أثر إعلان الخبر، نظمت جماعة من المسلمين مظاهرة احتجاج أمام المحكمة تتهم السلطة بأن القضية ملفقة ضد مسلم بريء.

قَـتَـلَ رجلٌ عربي مسلم زوجتَه وأولاده، فتلقفت الخبر الصحف العربية الهزيلة في أميركا. بعضها اعتبر نشر الخبر تحاملاً على الإسلام والمسلمين، وبعضها الآخر أعاد دوافع الجريمة إلى تأثير الحياة الأميركية على سلوكية وأخلاق المسلمين.

طرد صاحبُ عمل موظفاً مسلماً تذكّر في ساعة من ساعات الصفا أن رسول الله كان له لحية فقرر أن يطيل لحيته.. وطرد صاحب عمل آخر موظفة لأنها قررت الرجوع فجأة إلى تعاليم الدين الحنيف فتحجبت في ساعات الدوام.. ارتفع صوت المنظمات الإسلامية العربية منذرة برفع شكوى ضد أصحاب العمل ومطالبة بضرورة مراعاة شعور المسلمين.

رد موظف في دائرة حكومية على عربي مسلم التحية بشكل مقتضب ففسّرها العربي بأنها تصرف مقصود بسبب سحنته الداكنة.   

وأُلقي مؤخراً القبض على "الأميرة" السعودية، وما أكثر الأميرات السعوديات، لضربها لخادمتها، فقامت قائمة العرب والمسلمين بمن فيهم الذين يكرهون كل ما هو سعودي.

حتى بن لادن.. المجرم الإرهابي الذي لا يشمل إرهابه إلا الأبرياء من الناس، أصبح ضحية الأمبريالية الأميركية بنظر المسلمين سواء كان هؤلاء في البلاد الإسلامية حيث ينامون على أبواب السفارات الأميركية بانتظار منحهم الفيزا، أو حيث يقيمون في أميركا، يعيش من يعيش منهم، على نفقة تأميناتها الاجتماعية.. وعلى هذا المقياس قس!.. 

*******

ذهبتُ ذات مرة مع عربي مسلمٍ، انتقل إلى المدينة التي أعيش فيها، كي أساعده في تسجيل أولاده في المدرسة الحكومية. استقبلتنا الموظفة بوجه بشوش وطلبت منا أن نملأ بعض الاستمارات التي يملأها عادة كل طالب جديد. لم يكن الوالد على استعداد بتاتاً لما تتطلبه عملية التسجيل، إذ لم يحمل معه من الولاية الأخرى أية وثيقة من الوثائق الضرورية التي تطلبها إدارة المدرسة، ولم أكن أنا نفسي على دراية بها إذ لم أقم بتسجيل طفل في مدرسة منذ ما يقارب القرنين من الزمن. ألحّت الموظفة على ضرورة الحصول على الأوراق المطلوبة بشكل أغضب صاحبنا الذي رفع إصبعه في وجه الموظفة قائلاً لها: "هل هي سحنتي أم ديني التي تدفعك إلى عدم الثقة بما أقوله لك؟.." وشعرتُ بالإحراج يلبسني من رأسي إلى قدمي، ولكني قبل أن أطلب من الرجل أن يكون أكثر تفهماً، لم استطع أن أتمالك نفسي من القهقهة حين سمعت الموظفة تقول له: "يا سيّد، أنا مكسيكية، ولوني أغمق من لونك، وأنا حتى الآن لا أعرف من أين أنت ولا بأي دين تدين!.."

*******

هل حقاً يكره الأميركيون المسلمين؟..

قبل أن يحصل الاعتداء على نيويورك وواشنطن، كنت أتحدث مع سيدة أميركية وزوجها في موضوع يتعلق بالعمل، وكان الاثنان من المتدينين المسيحيين. تطرّق الحديث إلى البلد الذي أتيت منه ومن ثم إلى موضوع الإيمان بالله الذي جرّنا بدوره للحديث عن الأديان. ولم أستطع أن أتمالك نفسي من الضحك أيضاً حين جاء موضوع الإسلام وتبيّن لي أن السيدة وزوجها كانا يعتقدان أن الإسلام ليس سوى طائفة من الطوائف المسيحية القديمة!..

وبالطبع.. فكما سبق وأن ذكرت، كان ذلك قبل الحادي عشر من أيلول، وليس بعده!..

*******

العرب والمسلمون دائمو التشكّي لأتفه الأسباب. يحشرون الدين في كل صغيرة وكبيرة، ويدفعون بتصرّفاتهم العالمَ على بُغضِهم دفعاً، ثم يدّعون بعد ذلك أن العالم يَكْرهُهُم لأنهم مسلمون!

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط