بسام درويش / Feb 06, 2006

الرسوم الكاريكاتورية التي أثارت غضب الشارع الإسلامي خلال الأسبوعين الماضيين، جرى نشرها في شهر سبتمبر الماضي من عام 2005، أي منذ حوالي ما يزيد عن الأربعة أشهر.

 

لماذا تأخرت غضبة المسلمين حتى اليوم؟..

 

يقال أن شيخاً مسلماً في أوروبا عرف بنشر هذه الرسوم مؤخراً، فحملها معه إلى الشرق الوسط. انتشر الخبر هناك فأصبح موضوع خطب أئمة المساجد.  أخذ المسلمون بعدها يخرجون في مظاهرات هنا وهناك. ثم كبُر حجم المظاهرات مما دفع الحكومات العربية والإسلامية، الواحدة تلو الأخرى، للبدء بحملة احتجاج ضد الدانمرك.

********

لو كنا في عصر نقل الأخبار عن طريق الجمال والحمير لكنّا صدّقنا الأمر.  لكننا اليوم في عصر التكنولوجيا حيث الخبر يلف الكرة الأرضية خلال ثوانٍ!

 

في الدانمارك سفاراتٌ لدول عربية وإسلامية، ومكاتب ملحقين إعلاميين وصحافيين لا عمل لهم إلا الاطلاع على ما يُذاع ويُنشر من أخبار.

 

والعالم العربي والإسلامي لم يعدِ اليوم محاطاً بسورٍ حديدي يمنع وصول الأخبار إلى شعوبه وحكوماته. حتى الجهود التي تبذلها بعض الحكومات العربية والإسلامية لحجب المواقع التي لا تريد لشعوبها الاطّلاع عليها، تبوء كلها بالفشل.  وبعبارة اخرى، ليس هناك اليوم من حواجز تقف في وجه انتشار الخبر على الإطلاق.

 

أما في الدانمارك، فهناك جالية محمدية يقارب تعدادها المائتي ألف.  لم يخرج أفرادها في مظاهرات احتجاج إلا بعد خروج أخوانهم في البلاد العربية، وكأنهم لم يسمعوا بقصة هذه الرسوم إلا بعد أن سمع بها أهالي صعيد مصر!

 

لماذا تأخرت ردة الفعل إذن لفترة أربعة أشهر؟..

هل هناك منتفعون من إشعال الشارع الإسلامي، لم يجدوا عود ثقاب يشعلونه به، فراحوا يبحثون عنه ليجدوه في رسمٍ كاريكاتوري نشرته جريدة دانمركية قبل أربعة اشهر. 

من هو صاحب المصلحة في تحريك الشارع الإسلامي على هذا الشكل المسعور؟..

تعالوا نفكّر معاً:

ليس هناك لأي نظامِ حكمٍ عربي وإسلامي مصلحة حقيقية في أن يرى الشارع الإسلامي يتحرك على هذا الشكل. كل الأنظمة في هذه الأيام تخشى على نفسها من أي تحرك إسلامي. السعودية والسودان وليبيا والجزائر ومصر والأردن ودول الخليج واليمن وباكستان وأفغانستان وماليزيا وإندويسيا وتونس والمغرب.. كل هذه الدول تعيش ـ بشكل أو بآخر ـ أوضاعاً معينة لا يناسبها أي تحرّكٍ من هذا القبيل.

 

لكن ماذا عن إيران وسوريا ودويلة صغيرة أخرى داخل لبنان اسمها دولة حزب الله؟!..

 

تعالوا نتابع التفكير!

ـ إيران وسوريا، ودميتهما المتمثلة بحزب الله، هي الجهات الوحيدة التي تتعرض لضغوطٍ دولية قد تنتهي بزعزعتها وخلعها من جذورها.

 

تابعوا التفكير!

ـ سوريا دولة معروفة بنظام حكمٍ لا يتردد في ضرب أي تحرك جماهيري يؤثّر على أمنه. مع ذلك، كانت مظاهرة الرعاع في دمشق الأكثر هيجاناً وشراسة من كل المظاهرات التي خرجت في الدول العربية، وكانت سفارة الدانمرك والنرويج في دمشق أول سفارتين في دولة عربية أو إسلامية تتعرضان للاعتداء والحرق.

 

تابعوا التفكير أيضاً!..

ـ سوريا تتعرض الآن لضغوط داخلية وخارجية من الولايات المتحدة بسبب مواقفها من حرب العراق. ومؤخراً، انضمت فرانسا ودول أوروبية اخرى إلى الولايات المتحدة في ممارسة الضغط عليها بخصوص موضوع اغتيال الحريري.  

 

ـ لبنان، الذي لا زال جزءٌ كبير منه خاضعاً للنفوذ السوري والإيراني، كان المسرح الثاني بعد سوريا للاعتداء على سفارتي الدانمرك والنرويج. هنا تجب الملاحظة: الاعتداء على الكنائس لم يحدث في هيجان الرعاع في دمشق، لأنّ أمراً كهذا لا يخدم النظام السوري على الإطلاق. أما في لبنان، فقد تم التصريح به لعملاء سوريا لغرض مهمٍّ وهو توجيه رسالة للعالم تقول: لا تتحرشوا بنا!.. بإمكاننا أن نشعل حربا طائفية في لبنان تعيده إلى ما كان يعاني منه خلال الثلاثين سنة الماضية.

 

ـ إيران، تواجه العالم كله بخصوص سعيها لانتاج أسلحة نووية. الضغوط عليها تتصاعد حتى من الدول التي تعتبرها صديقة أو شبه صديقة. والعالم كله مجمِعٌ على أنّ هناك مجنوناً في إيران يجب الخلاص منه.

 

ـ حزب الله يتعرض لضغوط من أجل نزع سلاحه.

 

هذه الأطراف الثلاثة هي الأطراف الرئيسية الواقعة تحت مجهر العالم. هذه الأطراف الثلاثة تشترك بقاسم واحد وهو كونها كلها معرضة للضرب.

 

بعد كل هذا، هل هناك من حاجة لأن نقول لكم ما اخبرتنا به العصفورة، عن الاجتماع الذي تم في دمشق يوم التاسع عشر من يناير، بين الفوهرر أحمدي نجاد والدكتور بشار الأسد ودميتهما نصرالله؟

***********

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط