"الحِكْمَة الشّريرةُ: حِكَمٌ و أَمْثَالٌ"
مالك مسلماني / Apr 01, 2004

ترجمة مالك مسلماني

يعود تاريخ هذه الحِكمِ المجموعة تحت هذا العنوان إلى 1882 ـ 1885؛ أيْ إلى فترةٍ زمنيّةٍ تشغل من "العلم المرح(2) حتى نهاية كتابة "هكذا تكلّم زرادشت"(3) كان الأمر يتعلّق بإصدار مستقل لـ "كتاب العظات" يشتمل على 600 حِكمةٍ تقريباً، تحوي خلاصة فلسفة نيتشه. إلاّ أنَّ الكتابَ لم يُنجزْ قطُّ بسبب العمل في "زرادشت"، ثُمَّ فيما بعد في "ما وراء الخير والشر"،(4)  فتحوّلت موادُ هذه المجموعة إلى موادِ خامٍ لهذيْن الكتابيْن.

نُشرت الموادُ المحفوظة في المجلد الثاني عشر من تحرير فريتس كيوغِل (ص 355 ـ 422)؛ حيث حُذفت منها الحِكم المكررة في كتبِ نيتشه المطبوعة، و بذلك تمّ اختصار حجم الإصدار. والكتاب في شكله الحالي مؤلَّفٌ من 311 حِكمة ومثلاً، وهذا هو أيضاً شكل النّص الروسيّ الَّذيّ ترجمنا عنه.

اخترنا للقارئ العربيِّ بعضاً، وقد حافظنا على ترقيم الحكم الواردة في النّصِّ لتسهيل عملية الرجوع إليها في الكتاب، وإنْ كنا لم نجد ترجمةً عربيةً لهذا الكتاب بَعْدُ، وكنّا نتمنى لو ترجمناه كاملاً؛ لكنّ أسلوب نيتشه الكتابي يجعل ترجمته أمراً عسيراً، ومحفوفة بخطر سوء الفهم، والأفضل لمن ينهض بمهمة ترجمته أن يقوم بها من لغته الأصلية؛ ونحن هنا نقوم بمغامرة صغيرة من أجل حثّ القارئ على قراءة هذا الفيلسوف الشاعر، والذي يشكل نسيجاً وحده، فمهما كانت الآراء بصدد فلسفته، فلا بدّ من الاعتراف من أنّ نيتشه قامةٌ سامقةٌ في تاريخ الفكر الحديث، ولا يجوز تجاوزه بحال من الأحوال.

تمّ الاختيار وفق الذوق الصوفيّ، فما إنْ أشعر بأنّيّ مأخوذٌ بترنيمة نيتشوية حتّى أحاول القبض على هذه اللّحظةِ ترجمةً، لكنْ يحدث أنْ أترع من بحرِ الوجدِ فأعجز عن الترجمة، فأترك النّصَّ إلى زمنٍ آخرَ أكون فيه أكثر نضجاً، لأملى كئوسي وأنا محلّق في فضاءات هذا النّصِّ والنّصوص الأخرى دون أنْ أثمل بوجدي، و شوقي إلى المجهول، حيث التّوحد هو وحدة الذّات مع المطلق، والحزن هو الشعور اللّحظيّ بالعبثيّة، وربما هو هُنَيْهَةُ الأبديّة في عالم أبدية الفناء.

*************

1 ـ المفكرُ المتّوحدُ

1 ـ الموتُ قريبٌ بما فيه الكفاية كي لا نرتاع من الحياةِ .

2 ـ الآلامُ المديدةُ والكبيرةُ تُربي الطاغيّةَ في الإنسانِ.

8 ـ ما إنْ تقول لي الفِطْنَة : "لا تفعلْ هذا، فتأويله سيكون ذميماً"، حتى أسلك خلافاً لها دائماً.

11 ـ أبغضُ ضيقَ الأفقِ أكثر بكثيرٍ من الخَطِيْئَةِ .

14 ـ الإنْسانّ الَّذيّ لم يفكّرْ ولا مرةً بالنّقودِ، بالشّرفِ، باكتساب العلاقات المؤثرة، بالمَنْصب، هل يستطيع يا ترى معرفة النّاسِ؟

20 ـ "يا صاح، إنّ كلَّ شيءٍ كنتَ تحبّه أصابك بالخيبةِ: صارت الخيبةُ دَيْدَنَكَ من كلِّ بدٍّ، وحبك الأخير الَّذيّ تسمّيه حباً لـ "الحقيقة" هو بالضبط ما يجب أن يكون حباً ـ للخيبة".

21 ـ مَهْلَكةُ الحكيمِ في أنّه أكثرُ الجميع عرضةً لإغراء الوله باللامعقوليّة.

29 ـ ما قبل البطلِ، ليس عندي رأيٌ بدرجة جيدة عنه ـ وعلى الرّغمِ من ذلك : هو ـ الشكل الأكثرُ قبولاً للوجود، لاسيّما عندما لا يكون ثمّة خيارٌ آخر.

34 ـ مَنْ لا يعيش في الجَلِيْل، كما في منزله، هو ذاك الَّذيّ يفهم الجَلِيْلَ شيئاَ فظيعاً ومزيفاً.

36 ـ يمكن فـي ذروة الصّراعِ التضحية بالحياة: لكنّ الظافر يطرح من نفسه بالتجربة المرّة حياتَه. إنّ كلُّ نصرٍ يتسم باحتقار الحياة.

37 ـ تتضمن كلُّ بهجةٍ في نفسها شيئاً ما بوصفه رعباً وهرباً من أنفسنا ذاتها ـ أحايين إنكار الذات، ورفض الذات.

41 ـ إنّ أولئك الَّذيّن كانوا يحبون الإِنْسانَ، أكثر الجميع إلى الآن، الَّذيّن سـببوا له دائماً الألم الأشدّ؛ مثل جميع المحبين فهم يطلبون منه المحال.

46 ـ مَنْ يتعرّض لهجماتٍ من جانب زمنه، هو ذلك الَّذيّ سـبقه بشكلٍ غير كافٍ ـ أو تخلّف عنه.

2 ـ حَوْلَ المعرفةِ

57 ـ أنتم، يا محبيْ المعرفة! ماذا فعلتم جرّاء الحبِّ لأجل المعرفةِ حتّى الآن؟ هل اقترفتم سرقةً أو قتلاً، من أجل التعرّف على ما في روح السّارِق أو القاتلِ؟

60 ـ منذ القدمِ يستحوذ علينا أثناء الإعياء التصوراتُ القاهرةُ.

63 ـ الإنسان وحسب يجعل العَالَمَ قابلاً للإدراك ـ ونحن ما زلنا مشغولين بهذا: وإذا فهمه ذات مرةٍ، فإنّه يشعر منذ الآن بأنّ العَالَم "مخلوقـ" ـه ـ آه ، ويتأتى عليه ككلِّ خالقٍ أنْ يحب مخلوقه!

71 ـ عندما يقترنُ الشكُ بالمعاناةِ تظهر الصوفيّةُ.

73 ـ يتجذّر الإيمانُ بالسببِ  النتيجةِ في أقوى الغرائز: في غريزة الانتقامِ.

3 ـ بَعْدَ موتِ الإلهِ

81 ـ جاء زمانٌ، تَوَجّب فيه على الشّيْطان أنْ يكون محامي الإله: إذا أراد أنْ يطيل وجوده هو نفسه.

83 ـ كلُّ كنيسةٍ ـ هي حجرٌ على قبرِ الإِنْسانِ ـ الإله: إذ ترغب حتماً بأنْ لا يُبعثَ مجدداً.

84 ـ لا يجد المؤمنُ عدّوَه الطبيعيّ في المفكّرِ الحرِّ، بل في الإِنْسان الدينيّ.

4 ـ حَوْلَ الأخلاقِ

96 ـ عندما يعظ الطيبون فإنّهم يبعثون القرفَ، وعندما يعظ الأشرار فإنّهم يبعثون الخوفَ.

118 ـ يشعر النّاس الأخلاقيون بالرضى عن النَّفْسِ أَثْناء تبكيت الضمير .

119 ـ السخطُ الأخلاقيُّ هو وسيلةُ الانتقامِ الأكثر خبثاً .

170 ـ "أحببْ قريبَكَ" ـ هذا يعني أولاً: "اتركْه و شأنه"! ـ وهذا الجزء من الفَضِيْلَةِ هو الأكثر صعوبةً.

171 ـ لا أفهم سببَ ممارسة الوشاية، إذا شئتَ أنْ تغيظ أحداً ما، يكفيك أنْ تقول عنه شيئاً صادقاً.

5 ـ الفَنُّ والفَنَّانُ

194 ـ لو خطر لإلاهة الموسيقا ألاّ تتحدث بالنغمات، بل بالكلمات، لتوجب علينا أنْ نصم آذننا.

6 ـ الرّجلُ والمرأةُ

199 ـ المَسْكَنَةُ في الحُبِّ تخفي عن طيب نفسٍ غيابَ الحُبِّ اللاّئق.

205 ـ في البدء شيءٌ من الزعل ـ وعلى إثْر ذلك حب كبير؟ على هذا النحو يحصل الانفجار من احتكاك أعواد الثقابِ.

217 ـ الغَيْرَةُ ـ الهوى الأكثر ظرافةً، بَيْدَ أنَّها الحماقة الكبرى أيضاً.

223 ـ بالنسبة للنّساء اللّواتي تمنعهنّ العادةُ والخجلُ من إشباع الميل الجنسي، يظهر الدِيْنُ، كشيءٍ غيرِ قابلٍ للتعويض، بوصفه انفكاكاً روحيّاً للحاجة الأيروسيّة.

231  ـ مَنْ ليس قادراً على الحبِّ، ولا على الصّداقَة ذلك الَّذيّ يراهن غالباً على الزّواجِ.

7 ـ أشياءُ بشريّةٌ متنوعةٌ

235 ـ لا يبحث إنسانُ المتاهةِ عن الحقيقةِ قطُّ، بل دائماً عن أريادنا وحسب، بغض النَّظر عمّا قاله هو نفسه لنا بصدد ذلك.(5)

 246 ـ فقط ذلك الَّذيّ لا يلين له الحقُّ بالتزام الصمتِ حول نفسه ذاتها.

281 ـ النّاس السطحيّون مضطرون للكذاب دائماً، بوصفهم محرومين من المضمون.

287 ـ نحن نمدحُ ما يلائم ذوقنا؛ وهذا يعني، إنّنا عندما نمدح، فنحن نمدح ذوقنا الخاص ـ ألا يخالف هذا كلَّ ذوقٍ سليمٍ؟

===============================

الحواشي:

1.      Böse Weisheit. Aphorismen und Sprüche.

2.      Die Fröhliche Wissenschaft.

3.      Also Sprach Zarathustra.

4.      Jenseits von Gut und Böse.

 

5 ـ فكرةٌ ثاقبةٌ يمكن تقديم دراسة عنها من زاوية التّحليل النّفسيّ، وليس غريباً أن يكون س. فرويد ـ مؤسِّس التّحليل النّفسيّ ـ قارئاً لشوبنهاور ونيتشه؛ و Ariadna في الأسطورة الإغريقيّة ابنه مينوس ـ قيصر كريت ، التي ساعدت تسيوس على للخروج من المتاهة بواسطة بكرة خيطان، ثُمّ هربت معه، لكنّه لن يلبث أن يتركها. ـ م.

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط