بسام درويش / Oct 22, 2006

المقالة التالية هي للدكتور أحمد البغدادي نُشرت في صحيفة السياسة الكويتية بتاريخ 8 سبتمبر 2006 تحت عنوان "هل هي قضية جينات؟" أعيدُ نشرها مع تعليق موجز عليها.

***************

ـ 1 ـ

نشرت صحيفة "القبس" الكويتية في عددها 25 سبتمبر مادة معلوماتية طريفة حصل عليها المحرر من الإنترنت حول التفوق العلمي لليهود على العرب في كل المجالات العلمية والإنسانية، مما حدا بالمحرر أن يطرح تساؤلا: لماذا يتفوق 14 مليون يهودي على 1.4 بليون مسلم؟ ثم يأخذ المحرر في إيراد الإحصاءات الدالة على هذا التفوق العجائبي من خلال المعلومات التالية:
المسيح كان يهوديا
ألبرت إنشتاين أعظم العلماء والذي اعتبرته مجلة "التايم" رجل القرن...يهودي.
سيغموند فرويد عالم النفس البارز... يهودي.
بنيامين روبين اخترع إبرة التطعيم.
جوناس سالك مكتشف مصل شلل الأطفال.
ألبرت سابين قام بتحسين هذا المصل.
غيرترود أليون مخترع دواء مكافحة السرطان .
باروخ بلومبرغ طور مصل التهاب الكبد.
بول أيرليخ اخترع علاجا لمرض السفلس.
إيلي متكنيكوف حاصل على جائزة نوبل عن أبحاثه في مجال الأمراض المعدية.
بيرنارد كاتس حاصل على نوبل عن أبحاثه في مجال الموصلات العصبية.
أندرو شالي حاصل على نوبل عن أبحاثه في مجال السكري وارتفاع ضغط الدم والأمراض الباطنية.
آرون بيك مكتشف العلاج النفسي للاضطرابات العقلية والاكتئاب والفوبيا.
غريغوري بينكاس الذي طور أول وسيلة لمنع الحمل بواسطة الحبوب.
غريغوري والد الحاصل على جائزة نوبل عن إسهامه في تطوير معرفتنا بالعين البشرية.
ستانلي كوهن الحاصل على نوبل عن أبحاثه في تطور الأجنة
وليام كوف الذي اخترع آلة غسيل الكلي.
ملاحظة مهمة: حصد العلماء اليهود على 180 جائزة نوبل مقابل ثلاث حصل عليها مسلمون!
اخترع ستانلي ميزور أول الرقائق الدقيقة.
طور ليو زيلارد أول مفاعل نووي.
اخترع تشارلز إدلر الإشارة الضوئية.
طور بينو شتراوس الستانلس ستيل.
طورت إيسادو كيسي الأفلام الصوتية.
طور إميلي بيرلينز ميكرفون الهاتف.
طور تشارلز غينسبرغ جهاز الفيديو.
جورج سوروس وصلت تبرعاته حتى الآن إلى 4 بلايين دولار ذهب معظمها كمساعدات إلى العلماء والجامعات حول العالم.
وولترز أيننبرغ بنى مئة مكتبة ووصل حجم تبرعاته إلى بليوني دولار.
كما يذكر التقرير الكثير من المبدعين اليهود في مجال الوسائل الإعلامية وعالم هوليوود والتجارة والتمويل والصحافة والسياسيين البارزين، وكلهم من اليهود، وهو ما دفع المحرر إلى التساؤل عن سبب تفوق اليهود بهذا الشكل. ولكنه حين أراد تقديم إجابة على تساؤله أورد إجابة تدل على سخافة العقلية العربية حيث قال: لأنهم (أي اليهود) يضعون الهدف نصب أعينهم ويعتمدون الانتظام والتعليم والوحدة ويعملون ضمن شبكة واحدة. هذا هو مفتاح القوة لديهم. والمسلمون لا يقلون ذكاء لكنهم لا يعملون كفريق واحد ولديهم مشكلة قصر نظر، ولا تخفى سخافة هذا التبرير الواهي.
باعتقادي أن المشكلة تتعلق بالجينات.. وهنا لست أمزح كما قد يتراءى للبعض، كما سأشرح في المقال القادم بإذن الله.

*********
ـ 2 ـ

يدعون أن الطالب الكويتي الأكثر كلفة في العالم، وهذا افتراء لأنهم يحسبون على ظهره كلفة مرتبات الموظفين الزائدين عن الحاجة من الكويتيين وغير الكويتيين. ومرة أخرى سؤال من ابني عن حفر بئر زمزم، وأسأله عن مدرس الدين؟ فيجيبني قائلا: يا بابا... هذا درس عربي!

لا يختلف اثنان على حقيقة اختلاف المواهب الفطرية لدى أبناء الأب الواحد، ليس عن بعضهما بعضا، بل وعن الأب والأم أيضا. بمعنى أنه قد تتوفر موهبة موسيقية في الابن أو البنت مع عدم وجودها لدى الوالدين، كما هو من الممكن أن يحب أحد الأبناء الرياضيات والآخر يحب الموسيقى مثلا. ولا مجال للحديث عن البيئة العائلية في هذه الحالة، لأن البيئة واحدة. ولذلك من الطبيعي أن يوجد ولد غبي وآخر ذكي جدا في العائلة نفسها. كذلك لا يختلف اثنان على حقيقة تاريخية حول اختلاف الحالة الإبداعية بين شعوب أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية، حيث خلت الثانية من الإبداع الفكري بدليل أنها لم تشهد النظريات الفكرية العالمية التي ظهرت في أوروبا الغربية، وكذلك الأمر بالنسبة لمختلف المخترعات الإبداعية. وحيث أن الطبيعة المناخية متشابهة، فإن التفسير الوحيد لهذا الاختلاف العقلي على المستوى الابداعي لابد أن يعود إلى الحالة الجينية، بمعنى أن القضية تتصل بالجينات الموجودة في الإنسان ذاته. وإذا ما استرجعنا المعلومات التي ذكرناها عن الحالة الإبداعية للعقلية اليهودية التي حصدت 180 جائزة نوبل مقابل ثلاث جوائز فقط للعرب مع الفارق السكاني الهائل، حيث يقابل كل مئة مسلم يهوديا واحدا، سنلاحظ أن اليهود الذين حصدوا الجوائز هم من اليهود الغربيين، وليس من بينهم يهود شرقيون ، إضافة إلى حقيقة أن العقلية الغربية لا تزال إلى اليوم هي التي تقدم للبشرية المخترعات المفيدة، بل هي الوحيدة التي في حالة استمرار إبداعي في كل المجالات النظرية والعلمية والطبية والتقنية، وإن كان للأميركيين النصيب الأكبر من هذه الحالة الأبداعية.
وفي مقابل هذه الحالة الإبداعية للغرب نجد العرب والمسلمين في حالة من الخمول العقلي الذي لا يمكن تبريره بالبيئة أو المناخ، وحتى لا يظهر علينا من يتشدق بالحضارة الإسلامية البائدة التي لم تنتفع بها البشرية بشكل عام، نسارع بالقول ان هذه الحضارة لم تكن عربية العقل، بل فارسية في المقام الأول، هل نذكر العرب بمن وضع أسس النحو العربي، سيبويه الفارسي، في حال نسي البعض اسمه. إضافة إلى حقيقة أن العرب والمسلمين الذين هاجروا للغرب لم يتمكنوا من حصد جوائز نوبل رغم تغير البيئة العلمية والفكرية مقارنة باليهود. إذن هو السر وراء تخلف العرب والمسلمين مقارنة مع اليهود؟ ومن دون أن ندخل في فذلكات بلاغية لا طائل من ورائها، أعتقد أن الأمر يعود إلى الجينات، ألم يفضل الله سبحانه اليهود على العالمين بنص القرآن الكريم! وإذا ما نظرنا إلى حال اليهود من تاريخهم سنجد أنهم أقل شعوب الأرض سكانا، وأقلهم دينا مقارنة ببقية الأديان، بل إنهم لا يبشرون باليهودية، وليسوا حريصين على جلب الاتباع، كما أنه ليس لهم دولة أو موارد طبيعية بحجم العالمين العربي والإسلامي.  ومن يقارن إسرائيل اليوم بالدول العربية سيجد أن الدولة الصهيونية أكثر تقدما من الدول العربية مجتمعة. إن لم تكن الجينات، فماذا إذن؟ ومن دون الدخول في سعار الإرهاب الفكري، الأمر مفتوح للمناقشة العقلانية من دون اتهامات وتخوين عربي إسلامي، فالحق أحق أن يتبع. ولو أعدنا قراءة ما ورد في "القبس" حول إبداع العقلية اليهودية التي جلبت الصحة والترفيه والعلم للعالم، والتي لا تزال تقدم المزيد... و(غوغل) مثال حي على ذلك، لوجب أن نبحث عن تفسير لهذه العقلية الفذة..  فيه غير الجينات؟
*******

د. أحمد البغدادي، كاتب كويتي. المقال منقول عن جريدة السياسة الكويتية 8 سبتمبر 2006
awtaad@yahoo.com

====================

تعليق:

بسام درويش

22 أكتوبر 2006

استجابة لدعوة زميل القلم الدكتور أحمد البغدادي أقدم لقرائي ولحضرته هذا التعليق الموجز.

********** 

لا شكّ بأن اليهود قد قدموا للعالم الكثير من المخترعات والاكتشافات التي ساهمت في تطور العلوم وبالتالي في خدمة البشرية. ونحن حين نقارن عددهم وإنجازاتهم بجماعات بشرية اخرى عدداً وإنجازاً، فإننا لا نملك إلا الوقوف لهم تقديراً واحتراماً. لكن، أن نذهب في تقديرنا واحترامنا حداً نعتقد عنده أنهم حقاً يتميزون عن غيرهم من البشر بجينات أعظم، فإننا نسخّرُ انفسنا لخدمة نظرية العرق الأسمى التي يدّعيها المتعصبون منهم، وهو لأمرٌ يرفضه حتى عقلاء اليهود أنفسهم.

 

لقد تعرض اليهود للاضطهاد في تاريخهم القديم والمتوسط والحديث؛ وتشتتوا في أنحاء العالم قاطبة مشكلين أقليات هنا وهناك. كان الحلّ الوحيد أمامهم للحفاظ على وجودهم هو استخدام عقلهم، كما سبق وأن كتبت عن ذلك في ردي على كلمة رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد التي ألقاها في افتتاح قمة منظمة المؤتمر الإسلامي. حقاً إنهم أثبتوا وجودهم ممولين وتجاراً وعلماء وأطباء ومحامين، وأيضاً كأفراد عاديين حرفيين كادحين. لكن، أنْ يقالَ بأنّ ذلك يرجع لكونهم يتميزون بجينات تفوق جينات الأمم الأخرى فهو لعمري إهانة لهذه الأمم كلها.

 

أطلعتُ صديقة يهودية واسعة الثقافة ودكتورة البحوث العلمية على ما ورد في هذا المقال من موضوع الجينات، فضحكت وقالت على الفور: "إذا كان اليهود يتميزون عن باقي شعوب العالم بجينات خاصة، فلماذا لم يبرز مفعول هذه الجينات إلا خلال المائة سنة الأخيرة تقريباً؟.. ولماذا يتمتع بعض اليهود بهذه الجينات دون غيرهم من يهود العالم كالأحباش أو اليمنيين أو الهنود على سبيل المثال؟"

 

إنّ الإعتراف بفضل علماء أمة من الأمم، لا يجب أن يصل بنا حد اعتبار هذه الأمة عرقاً أسمى أو الترويج لهذه النظرية. وبالمقابل، فإنه لمن الخطأ أن نتجاهل الدور الذي تلعبه المناخات الاجتماعية والسياسية والدينية في تفجير أو في كبت طاقات الشعوب.

 

إنه لمن الرائع جداً أن نشهد هذه الثورة الفكرية في المجتمع العربي، من حيث ظهور أدباء ومفكّرين، أخذوا يجرؤون على تحطيم حاجز الخوف الديني والسياسي والاجتماعي في كتاباتهم عن عدوّ تعلموا منذ الصغر، أنّ مجرد ذكر اسمه دون أن يرفق باللعنات أو الشتائم، سيكون مجلبة للعقاب أو التكفير أو التخوين. لكن، أن تبلغ الرغبة بالتعويض حدّ تصغير الذات واعتبارها أدنى مرتبة من بقية البشر، فهو لَعُمري جلدٌ للذات لا مبرر له على الإطلاق.

    

مع احترامي للدكتور أحمد البغدادي اقول، لقد ذهب بعيداً في جلده للذات. وكذلك، مع احترامي لكاتب المقال في جريدة القبس، الذي يبدو أنه أراد أن يحث قومه على الإبداع، أقول، إنه لم يجد الجرأة الكافية على مواجهة الحقيقة بوضع اصبعه على مكان الورم:

طاقات الشعوب العربية والإسلامية يكبلها الإسلام، وما لم تتحرر منه وتقلم أظافره، لا بل تبتر يديه ورجليه، فإنها ستبقى سجينة القمقم. التحرر من ربقة الإسلام مطلب أعظم أهمية من التحرر من ربقة الأنظمة لحكومية الدكتاتورية، إذ ما نفع الحرية مع الإسلام؟

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط