بسام درويش / Jan 04, 2009

أثار الحذاء الذي رمى به "الصحافي" منتظر الزيدي باتجاه الرئيس بوش ردود فعل عظيمة في العالم العربي والإسلامي، إذ خرج المتظاهرون إلى الشوارع لتحية هذا "الصحافي" تحية الأبطال، كما تصدرت صورته الصفحات الأولى للصحف العربية والإسلامية والعالمية.

لكنّ هذا الحدث العظيم في تاريخ الأمة العربية والإسلامية المعاصر، لم يكن كغيره من الأحداث التي لم تتعدَّ ردود فعلها حدّ الخروج في مظاهرات شعبية "عفوية"، إنما قد أدّى في الحقيقة إلى ثورة فكرية كبيرة شملت معظم نواحي حياة هذه الأمة. أثرُ لا شكّ في أنه سيبدّل في المستقبل كل ناحية من نواحي حياتها.

ردة الفعل الأولى كانت في الاجتماع الذي عقدته نقابة "الصحفيين العرب" لإعلان الزيديّ بطلاً من أبطال الصحافة العربية والمطالبة بإطلاق سراحه فوراً.

خلال هذا الاجتماع، تدارس الأعضاء قيمة الحذاء في الصحافة وكل وسائل الإعلام العربي الأخرى، وقد رأى أحد الأعضاء أن رمي الحذاء على الرئيس بوش قد فعل ما عجزت الأقلام والألسنة عن فعله، ولذلك، قدم اقتراحاً يطالب الصحفيين العرب بالاستغناء عن أقلامهم وألسنتهم كوسيلتي تعبير، والتسلّح عوضاً عنهما بفردتي حذاء إضافيتين يصطحبهما الصحافي معه إلى أي لقاء صحفي أو مقابلة يزمع إجراءها مع مسؤول من المسؤولين، وبالذات، مع أولئك الذين لا يتفهمون قضايا الأمة العربية والإسلامية.

لقي هذا الاقتراح ترحيباً من جميع الأعضاء فصوّتوا عليه وخرجوا في نهاية الاجتماع بقرار يطالب كل الصحفيين العرب بالاستغناء عن أقلامهم وألسنتهم والاستعاضة عنها بأحذية، شريطة أن تكون الأحذية من صنع عربي وإسلامي. كذلك قرر الأعضاء بالإجماع تغيير اسم نقابة الصحفيين العرب واستبداله باسم "نقابة الصرامي العرب" وقد نتج عن ذلك أن اصبح لقب الصحفي العربي "الصرماية العربية"، ورئيس نقابة الصحفيين العرب رئيساً لنقابة الصرامي العربية.

كتحصيل حاصل، قامت الصحف العربية بتبديل أسمائها أيضاً، فأصبحت صحيفة الوطن، على سبيل المثال، "صرماية الوطن"، وصحيفة الإيمان "صرماية الإيمان" وجريدة الجمهورية "صرماية الجمهورية" وعلى هذا المقياس قسْ، مثل، صرماية الأديب؛ صرماية الاقتصاد العربي؛ صرماية الفكر؛ صرماية العلوم؛ صرماية الاتحاد؛ صرماية الثورة؛ صرماية تشرين؛ صرماية النور؛ صرماية المغترب؛ صرماية الأسرة؛ صرماية الطبيب؛ صرماية المستقبل؛ صرماية الأخبار؛ صرماية الازدهار، صرماية الحرمين؛ صرماية الغد، صرماية اليوم، صرماية الوفد، صرماية الصباح؛ وصرماية المساء... وهلمّ جراً.

كان لتلك الصرماية أيضاً تأثير على المناهج الدراسية. فقد دعت وزارات التعليم والثقافة في الدول العربية المثقفين والمفكرين والأخصائيين في التوجيه الثقافي لاستغلال الحدث لصالح الأجيال القادمة، فكانت النتيجة إصدار كتب جديدة تضاف إلى المنهاج الدراسي بمستويات مختلفة تتناسب مع كل مرحلة دراسية، من الصفوف الابتدائية وحتى الجامعية. تضمنت هذه الكتب بحوثاً مفصلة عن تاريخ الصرماية العربية منذ البعث الإسلامي حتى يومنا هذا الذي أصبحت فيه أفضل وسيلة تعبير وسلاحاً رهيباً يثير الرعب في قلوب أعداء الأمة العربية والإسلامية. ومما يجدر ذكره أن أحد أخصائيي التعليم الديني قد اقترح تعديل الآية القائلة "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم" لتصبح "وأعدّوا لهم ما استطعتم من الصرامي ترهبون بها عدو الله وعدوّكم"؛ لكن هذا الاقتراح لم يلقَ تأييداً من الدوائر الإسلامية العليا لأنه اعتُبِرَ تزويراً للتاريخ الإسلامي، حيث أن العرب كانوا عند نزول تلك الآية الكريمة حفاةً لا يعرفون الصرماية ولا كانت الصرماية تعرفهم. 

أما التأثير العظيم لهذا الحدث الذي أبرز مزايا هذه الصرماية فقد كان ذاك الذي خلّفته على المؤسسات العسكرية العربية، إذ سارع قادتها للاجتماع في مكان سري جداً جداً كي لا تتسرب قرارتهم التي أزمعوا على اتخاذها إلى العالم الخارجي. في هذا الاجتماع، تداول القادة العسكريون والرؤساء والملوك العرب والمسلمون وجهات النظر، وقرروا بالاجماع الاستغناء عن ترساناتهم الحربية، والاحتفاظ منها بما يكفي فقط لضمان استمرارية طاعة وحب شعوبهم لهم، واستبدالها بترسانة كبيرة من الصرامي المصنعة محلياً، وبذلك يضربون عصفورين بحجر واحد: الأول، تنشيط الاقتصاد القومي بتشغيل كل العاطلين عن العمل لانتاج شيء لا تعجز المقدرات العقلية والعلمية العربية على انتاجه؛ والثاني، تهديد أمن الدولة العبرية بسلاح أثبت قدرته على هز العالم.

قرار القادة العرب ذاك أثار الرعب بين مواطني الدولة العبرية وأعاد إلى أذهانهم صورة الحجارة التي هددت دباباتهم ومدرعاتهم وطائراتهم، لذلك سارع المسؤولون الإسرائيليون لدعوة العلماء اليهود والمحللين العسكريين والنفسيين من كل جوانب المعمورة لتدارس كيفية مجابهة هذا الخطر. ركز المجتمعون اهتمامهم على دراسة حادثة رمي الصرماية، فلاحظوا وجود جاذبيّة غريبة بين الصرماية و"الله الأكبر" الذي يتوسط العلم العراقي، هذه الجاذبية الخارقة التي أجبرت الرئيس بوش على إزاحة رأسه كي لا يقف بين الاثنين، وبناء على تلك الملاحظة، قررت الإدارة الإسرائيلية طبع مئات الألوف من الرايات التي تحمل عبارة "الله أكبر" ونشرها في كل أرجاء الدولة العبرية ثقة منها بأنها ستتصدى لأيّ هجوم عربي بالصرامي.

أما التأثير غير المتوقّع لحادثة الصرماية، فقد كان ذاك الذي خلفته حتى على الإرهابيين أنفسهم. إذ قرر هؤلاء الاستغناء عن قطع رؤوس رهائنهم من الغربيين والاستعاضة بضربهم بالصرامي حتى الموت. لكنهم سرعان ما تراجعوا عن قرارهم ذاك بعد احتجاج معظم فقهاء الدين الذين قالوا بأن هذا القرار يتعارض مع آيات الذكر الحكيم التي تفرض قطع رقاب الكفار وبتر أعضائهم، وهذه سنة الله "ولن تجد لسنّة الله تبديلا."

==================

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط