حسين ديبان / Dec 05, 2005

في رده على سؤال لصحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية حول التفجيرات الإرهابية الأخيرة في الأردن، أكد الملك الأردني الشاب أن هناك ثمة مشكلة في الإسلام. وبالتأكيد دون أن يفصح (جلالته) عن ماهية هذه المشكلة، أستطيع أن أقول أنه خير من يعرفها ويدرك عمقها دون الخوض في تشخيصها وتعريفها، وبالتالي، معرفة كيفية إستئصالها. لكن الملك غير على فعل ذلك، فهو كغيره من حكامنا الذين أسسوا حكمهم على التحالف مع رجل الدين بكل جرائمه وموبقاته، ولو توفرت الجرأة للملك الشاب ليقول ما يعرفه تمام المعرفة بخصوص تلك المشكلة، لأصبح في عداد الحكام الكافرين المارقين الزنادقة، ولا أبالغ إن قلت إنه من الممكن أن يفقد عرشه حيث لا ولاية لكافرعلى مسلم؛ لأن الدعامات الرئيسية لهذا العرش والعروش الأخرى هي استمرار المتاجرة برايتي الله، وحيث أن العرش الأردني يمتاز بخاصية لاتتوفر لغيره وهي مفاخرته بالإنتساب إلى الأسرة الهاشمية القرشية التي ينتسب إليها محمد، فإن المليك لن يقدم على هز أساسات عرشه بيديه.

 

وحيث أن الإنسان هو إبن بيئته بشخوصها وتعاليمها، بخيرها وشرها وبصالحها وطالحها، وحيث أننا وأينما ذهبنا نجد فارقا هائلا في الأخلاق من أمانة وإخلاص وصدق مع الذات والآخرين بين من ينتمون للدين الإسلامي والمنتمين لغيره من الأديان، ـ مع التأكيد على أن الأشرار والمفسدين متواجدين في كل مكان؛ ـ إلا أن الأمر يختلف بالنسبة والتناسب، فنجدهم أقلية ضئيلة جدا في الأديان والمجتمعات الأخرى تعيش على الهامش وفي السجون حيث مكانهم الطبيعي، ونجدهم أكثرية طاغية في المجتمع الإسلامي يعيشون بمطلق الحرية بين ظهرانينا يعيثون قتلا وتحريضا وفسادا وإفسادا ونفاقا ورياء..

وحيث أن الكليات التعليمية من طب وهندسة وعلوم، يتخرج منها أطباء ومهندسون وعلماء بنسبة لا تقل عن النصف من ملاك هذه الكليات؛ وإذا ماانحدرت النتيجة لأقل من النصف فإن الهيئات المسؤولة تتداعى إلى البحث عن الأسباب. فإن كان الخلل في الهيئة التدريسية فإنه يصار الى تغيير كادرها، واذا استمرت الأوضاع على ماهي عليه فعندها لا بد أن يكون الخلل في المنهاج التعليمي ذاته فيصار الى تعديله أو تطويره أو حتى تغييره، وإذا ماعكسنا هذا المثال على الواقع الإسلامي منذ نشأته الأولى وحتى الآن، فإن الخلل يبدو جليا في المنهاج الذي تربى عليه المسلمون، لأن تغييرا دوريا مستمرا في جموع القائمين على هذا الدين من أمراء المؤمنين وخلفائهم والأئمة ورجال الدين والمفسرين والشارحين والمحللين، ومع كل هذا مازال الوضع على ماهو عليه لا بل قد ازداد السيئ سوءا وازداد عدد القتلة والمجرمين والمفخخين أجسادهم العفنة بالأبرياء من الناس طمعا في جنة ملؤها الحوريات والغلمان وأنهار الخمر سمعوا بها من نصوصهم ولم يكذب رجال الدين بأن ذكروا بها وبنعيمها أجيال الشباب، والفاسدين ازدادوا فسادا والمنافقون أصبحوا كتلا متحركة من النفاق يجودون بأجزاء منها على غيرهم من غير الملتزمين دينيا.

 

فالمسلم يقدم على تفخيخ نفسه وتفجيرها تنفيذا لنصوص دينه الواضحة والصريحة والتي لا تحتاج الى تأويل يلوي عنقها بإتجاه الإعتدال أو التطرف، فلا دين حق إلا دين الإسلام ولا أناس حق إلا المسلمون ولا دولة حق الا دولة الإسلام، وعليه فإن الأديان الأخرى (السماوية) هي أديان قد حرفت وتم التلاعب بنصوصها فما بالكم بالديانات (الوضعية) وأتباع تلك الديانات كفرة وجب قتالهم حتى يدينوا بدين الحق أو تفرض عليهم الإتاوة وكذلك فان الدول الأخرى هي دول كافرة ذات دساتير كافرة لن يهدأ بال المسلم إلا حتى ترفع رايات الله فوق معالمها من البيت الأبيض حتى قصر العائلة المالكة في بريطانيا مرورا بالشانزليزيه في باريس والكرملين في موسكو.. لم يخرج عن الإلتزام بالنص قيد أنملة ذلك الرجل المسلم الذي يعيش في بريطانيا وعلى حساب شعبها حينما طالب يوما بالعمل على رفع راية إلهه فوق القصر الملكي في لندن، وبالمقابل فإن إستجابة هذا المسلم لأوامر نصوصه يرافقها طمعا لما تذكره النصوص من مغانم الجنة حيث الحوريات اللاتي يستعدن عذريتهن بعد كل جماع، والغلمان الذين كالدر المكنون، وأنهار الخمر بأنواعه المختلفة وبساتين الفاكهة والخضار وكل ذلك سيكون له خالدا مخلدا فيما لو قام بما تطلبه منه تلك النصوص.

 

  

لم يحترم المسلم المرأة لأن نصوصه قالت له أنها ناقصة عقل ودين وأنها شيطان في صورة بشر وأنها ذات كيد عظيم وأنه قد خاب اذا ولاها أمره حيث الرجال قوامون على النساء، قد يذكر أحدهم أن الإسلام قد منع وأد الإنثى، وهذا صحيح وهو ماكان يقوم به عدد قليل من رجالات العرب من قبيلة قريش وغيرها من القبائل ولم يكن وأد الأنثى حالة عامة وإلا من أين أتت النساء التي ولدت نبي هذا الدين وغيره من أصحابه المقربين وكل الرجال في ذلك الحين، ومافعله الإسلام هو أن أحيا الأنثى من الموت وأدا ليميتها حية طوال عمرها ليجعلها تحت رحمة وطلب الرجل يطلبها للمتعة حين يشتهي هو وللخدمة حين يحتاجها، في حين أن قوانين التطور الإجتماعي الطبيعي كان من الممكن أن تخلصها من الوأد والعبودية وتقدم لها المكانة التي يجب أن تتمتع بها كإنسان يعيش في مجتمع الإنسانية وليس كأنثى تعيش في مجتمع ذكوري موبوء وجاء الدين ليكرس ذكورية هذا المجتمع بدستوره الظالم للمرأة والغير قابل للتغيير بسبب ماتمتع به من قداسة كاذبة.

 

لم يحترم المسلم الإبداع ولا احترم المبدعين فهم كفرة أصحاب بدع وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليه نجد سعيد بن ناصر الغامدي يحصل على شهادة دكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السعودية فريدة في عنوانها ومضمونها إنها شهادة دكتوراه في تكفير المبدعين فهو يكفر ويدعو لإغتيال بشكل علني صريح لأكثر من مئتين من المبدعين من الكتاب والأدباء والشعراء وغيرهم ويسميهم بالإسم وهو اذ يفعل ذلك فإنه يستجيب لتعاليم ونصوص دينه الذي قتل عبر التاريخ كل المبدعين التي طالتهم أياديه القاتلة من الحلاج الى بن عربي وعبدالله بن المقفع والجعد بن درهم وحديثا حسين مروة ومهدي عامل وفرج فودة والمخرج المسرحي الهولندي الذي قتله شاب مسلم وفي المحكمة خاطب والدة المخرج بعد أن شاهدها تبكي ابنها المغدور قائلا لها إني لا أحس بك ولا بمشاعرك ولا بدموعك لأنك بالنسبة لي كافرة ـ أي صراحة أكثر من هذه تريدون حتى تفيقوا وتعوا أن المشكلة ليست بهذا الشاب وإنما بالتعاليم التي تلقاها ـ وكذلك الفتوى العابرة للقارات التي أطلقها ممثلو هذا الدين ضد الروائي سلمان رشدي، وأخيرا ها هو سعيد بن ناصر الغامدي يطل علينا بدكتوراه التكفيرية الدموية التي لم يستند في مراجعها الا لنصوص الإسلام وتعاليمه.

 

إن المشكلة الموجودة في الإسلام التي لمح لها ملك الأردن الشاب ولم يفصح عن ماهيتها هي في جوهر النصوص التي تدعو الى كل ماذكرت من قتل وإغتيال وتكفير وفرض للأتاوات وظلم للنساء، ولا يعدو أنصار هذه النصوص إلا ضحايا لها ولن يتطوروا الا بتطورها ولن يتغيروا الا بتعديلها أو تغييرها وهو خيار لا بد منه إن لم يكن اليوم ففي يوم من الأيام، ولا فرق في ذلك إلا زيادة في عمر الآلام وضحايا تضاف الى الضحايا وهو ما يعز علينا وعلى البشرية جمعاء

حسين ديبان  hdiban69@yahoo.com

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط