عبد العزيز السالم / Apr 29, 2010

كنت في أحد المستشفيات (جنوب الرياض) انتظر الدخول عند الطبيب فجلست في غرفة الانتظار.

هذا المستشفى يشرف عليه المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات، ولهم مجلة اسبوعية دعوية، ناهيك عن توزيع الكتيبات والمطويات في كل مكانٍ وزاويةٍ بهوس ديني فظيع، وليتها كانت على شيء مفيد، بل مسائل تافهة جدا جدا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

على الطاولة أمامي كتيبات صغيرة ومطويات كثيرة (تجلب الهم!)

جلست أتصفح هذا الأوراق الدينية المليئة بالخرافات عن النساء وبأنهن حطب جهنم وفتنة وشيطنة، والمصيبة أن من كتب هذه المطوية امرأة تحقر نفسها!

وكان هناك مطوية أخرى عن الصلاة وأخرى عن فضل اذكار الصباح والمساء وما شابه من شعوذات، ومطوية تعلمنا كيف ندعو كافرا إلى لإسلام (دعوة أساسها الكذب وعدم قول الحقيقة)، ومن ضمن هذه الكتيّبات ـ كتاب الولاء والبراء ـ في الإسلام للشيخ صالح بن فوزان الفوزان يتكون من 32 صفحة ومكتوب بأعلى الكتيّب ـ 1ر.س ـ أي بريال سعودي.
وما أرخص نشر الكراهية والأحقاد لدينا!

وعلى الرغم أن نشر هذه الكتب في تلك الأماكن تعرض أصحابها لمسائلة قانونية، خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر والضغوطات التي واجهتها المملكة بسبب الغزوة الإسلامية التي راح ضحيتها الآلاف، ولكن يبدو أن منع تدريس هذه العقيدة المأخوذة من القرآن هو محصور في المدارس، لإظهار النية الحسنة للملكة بأنها تقوم بالإصلاح الديني.

وإذا أزلنا عقيدة الكراهية من المدرسة فكيف سنزيلها من أذهان مَن قرأوها طوال تلك العقود التي مضت، هذا بالإضافة إلى أنه في كل مكتبة سواء كانت اسلامية أو عامة ستجدون هذه العقيدة العنصريّة التي تصيب الإنسان بالصداع وتسلخ عنه انسانيته وهو يقرأ هذا العفن الإسلامي يُباع بارخص الأثمان.

ولهؤلاء الذين لا يعرفون عقيدة الولاء والبراء إليهم هذا الرابط:

: http://www.dorar.net/art/434

أما الكتاب الذي قرأته في المستشفى، فهذه صورة منه على الرابط التالي:

http://img708.imageshack.us/i/97685123.jpg/

هذه العقيدة ليست غريبة علي ولا على أبناء جيلي لأننا درسناها قبل أن يتم حذفها من المناهج الدراسيّة.

الكتاب الصغير يأمر ببغض غير المسلمين بشكلٍ عام ووجوب معاداتهم، سواء كانو مسالمين أو محاربين، يجب معاداتهم وبغضهم لمجرد كفرهم بالاسلام، ويدعو أيضا إلى محبة المسلمين ووجوب الولاء لهم.

في هذا الكتاب المليء بكراهية الآخر يأسف الشيخ لمن يقولون بأن غير المسلمين هم أخوة لنا، ويحذر من إلقاء السلام على غير المسلم وأنّ عليه أن يضطره لأضيق الطريق؛ ولقد حذر الشيخ العلامة الفوزان (علامة بالجهل وخبير مخضرم بالعنصرية) من مدحهم ورفع شأنهم وإعزازهم وحذر ايضاً من الاستعانة والثقة بهم، و يقول في معرض حديثه محذرا المسلمين من وصف الآخر بالأخ:
"وقد جهل كثير من الناس هذا الاصل العظيم، حتى لقد سمعت بعض المنتسبين الى العلم والدعوه في اذاعه عربية يقول عن النصارى إنهم اخواننا، ويا لها من كلمة خطيرة."
يا ساتر...!

من خطورة هذه الكلمة انطبقت السماء على الأرض من غضب الله...! الله وملائكته يعيشون حالة استنفار بالسماء والإله ـ بحسب الشيخ الفوزان ـ غاضب وقد ترك ادارته الكريمة للسماء والارض بكل مافيها وتفرغ لأن ينزل لمستوى البشر ويحرض عليهم!

هل يوجد أسخف وأتفه من الفكر الديني؟!

هذا المستشفى يضم العشرات من الأطباء والممرضين والممرضات وعمال النظافة من المسيحيين والهندوس والبوذيين، وهؤلاء من حسن حظهم لا يعرفون العربية ليقرأوا ما تحويه الكتب التي أمامهم، وليعرفوا كيف ينظر الإسلام لهم!
هل يتخيل أحدكم أن يذهب لمستشفى بالغرب ويجد كتابا صغيرا يأمر المسيحي ببغض المسلمين وكل من يكفر بالصليب وألوهية المسيح؟!

هل يتخيل أحدكم أن يذهب لأي مستشفى بالغرب، وبينما هو جالس مع زوجته وابنه فيقرأ بعض الكتب ويجد كتاباً يحذر المسيحيين من اعتبار المسلمين أخوة، ويوصي بألا يسلِّموا عليهم وأنه يجب أن يُضيّقوا عليهم الطريق ولا يُكرموهم لانهم كافرين بالمسيحية؟!
هل تتخيلون أن نذهب لمستشفى غربي ونجد حديثاً لديهم يطالبهم بإهانة المسلمين، ويقول: لا أعزهم بعد أن أهانهم ولا أكرمهم بعد أن أذلهم الله؟!

في المستشفى، الأطباء واللمرضون والعاملون من غير المسلمين كثر، وربما تبلغ نسبتهم 30%، فماذا لو قرأوا هذه الكتب وتعرّفوا عليها؟!

ألا يكرهون هذا الدين الذي ينصح زملائهم المسلمين بأن يبغضوهم ولا يُسلِّموا عليهم وأن يذلوهم ولا يحترموهم، لا لشيءٍ الا لأنهم لا يؤمنون بالإسلام؟!

لماذا كل هذه الكراهيه الدينية للإنسان المختلف بالدين؟

ألا نستطيع أن نعبد الله من غير أن نكره غيرنا؟!

إن كان المشائخ يصرحون بعداوتهم وبغضهم، ويطالبون المسلم البسيط بكراهية غير المسلم، فلماذا الغضب كلما صدر موضوع أو صرح أحد بكراهيته للإسلام كدين أو للمسلمين؟!

أليست هذه ازدواجية منكم؟

لماذا تعطون أنفسكم الحق في مهاجمة الآخرين، والتحريض على تحقيرهم، وتقوم قيامتكم على الآخرين إن سلكوا نفس التصرف!

العالم ليس لنا وحدنا ولا للمشايخ دعاة الكراهية والعنصرية، بل هو متعدد الأديان والثقافات والآراء، وأغلب سكان العالم ليسوا مسلمين (وسيكونون حطب جهنم وسيتلذذ الله السادي بتعذيبهم ويملأها بهم حتى تقول هل من مزيد، هل من مزيد!!)

في الحقيقة نحن أمة لا تخجل ولا تستحي، ولا نستحق من الآخرين أن يحترمونا، ولا يحق لنا مطالبتهم بذلك، إلاّ بعد أن ننظف تراثنا من هذا الوسخ والعفن الديني ونرتقي قليلا بإنسانيّتنا حتى تقبلنا المجتمعات الإنسانية.

في المستشفيات الغربية يحترمون المسلم وعقيدته، فهناك مسشتفيات اوروبية كثيرة شُيدت بها المساجد للمرضى المسلمين والزوّار الذين يأتون من بلاد الإسلام للعلاج عندهم، وهؤلاء يطلبون منهم بكل بجاحة ازالة الرموز الدينية، ومع ذلك يتقبلون بكل أريحية ويحترمون طلباتهم، وكثيرا ما حدثت هذه القصص وسمعناها بأنفسنا.

فهل يحق لغير المسلم أن يدخل مستشفىً إسلامياً ويطلب من إدارته ازالة الرموز الإسلامية، كآية الكرسي المعلقة فوق رأس المريض أو صورة الكعبه، أو حتى صوت اذاعة القرآن تحت ذريعة إنها تخالف معتقداته وتسبب ازعاجا له؟!

يجب أن ننوه ونقول اننا حينما نتطرق لكراهية غير المسلمين لا ندّعي بأنّ الطرف الآخر (غير المسلمين) وديعين وحمام سلام، ويحترمون المسلمين ويحبونهم بل أن الكثيرين منهم يكرهون الإسلام، وكرههم له تبرره نزعات الشر الموجودة به، والتي تطغى على حسناته تجاه الآخر الذي نسميه "الكافر"، ومشاهد قطع الرؤوس والتفجيرات الإنتحاريه وثقافة الجهاد وجلد النساء بسبب لبس البنطلون والفتاوي العنصريه وغيرها الكثير من خرابيط المسلمين.

نحن نتكلم عن أماكن رسمية وإنسانية كالمسشفيات، فمن المفترض ألاّ يكون فيها تمييز ديني أو إساءة للآخر.
من حقّك أن تدعو أيّ إنسان لدينك، ومن حقك أن تنتقد أديانهم، ولكن ليس من حقك أن تحرض على كراهية غير المسلم لأنهم يكفرون بالله ورسوله.

أليس من المفترض محاكمة من يدعو أتباعه أن يضيقوا على الناس الطريق؟!

متى سنضع هذا الحديث العنصري ومئات الأحاديث العنصرية الأخرى ومن يروج لها في المحاكم لأنها تسبب الضرر للآخرين؟ لا يمكن للمشايخ أن يعيشون دون أن يتنفسوا بغض الآخر، ولا يمكن لهم أن يشعروا بإسلامهم وعظمته إلاّ عندما يخلقون أعداءا لهم!

qassimi2002@hotmail.com

================

 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط