بسام درويش / Dec 16, 2004

"افتتح أمس الملتقى العربي الوطني «مسلمون ومسيحيون في مواجهة التحديات» الذي يقيمه مجمع الشيخ احمد كفتارو تحت شعار «حب الوطن من الإيمان» وذلك على مدرج دار الأسد للثقافة والفنون ويستمر يومين."

"والقى الدكتور زياد الدين الايوبي وزير الاوقاف كلمة اشار فيها الى وحدة الرسالات السماوية ودعوتها الى الايمان بالله ونشر العدل والسلام والمحبة بين ابناء البشرية جمعاء."

"وقال: ان سورية مهد الحضارات ومبعث الاديان جسدت التآخي والوحدة الوطنية بين ابناء الوطن الواحد بتأكيدها ان الحق أحق ان يتبع وان الباطل لامثوى له في الدنيا مهما بلغت به مبالغ القوة والمنعة."

"واضاف ان هذا الملتقى تجمعه وحدة العقيدة والايمان ويعزز روح التآخي والتعايش بين المسلمين والمسيحيين لأن الايمان هوية تجمع ابناءه مهما فرقت بينهم التضاريس والاحوال والازمات."

"وحذر وزير الاوقاف من مدعي التحرر الذين يهدمون حياة البشر وتحويلها الى اشلاء يبكي عليها ابناء انبياء الديانات السماوية متمنيا لهذا الملتقى النجاح وتحقيق الاهداف المرجوة."

"كما القى كل من غبطة البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس وغبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك انطاكية وسائر المشرق وقداسة البطريرك زكا الاول عيواص بطريرك انطاكية للسريان الارثوذكس رئيس الكنيسة السريانية في العالم، وسماحة الشيخ الدكتور احمد حسون مفتي حلب والمدير العام لمجمع الشيخ احمد كفتارو وسماحة الشيخ جواد الخالصي رئيس المؤتمر التأسيسي العراقي والقاضي عباس الحلبي رئيس الفريق العربي للحوار الاسلامي ـ المسيحي كلمات في الملتقى واجمعت الكلمات على ان التحديات التي تواجهنا مسلمين ومسيحيين تتطلب منا‏ ‏مواجهتها بالايمان بالله تعالى وثقتنا بانفسنا ومحافظتنا على وحدتنا الوطنية مسلمين ومسيحيين التي تعود الى ظهور الاسلام قبل الف واربعمائة سنة وهي مستمرة قانونا وحياة وتراثا للاجيال وواقعا يميز حياتنا اليومية والوطنية."

"وقالوا: مهما تقلب الزمن وتبدلت الاحوال سنظل معا يدا بيد نحمي وطننا ونصون وحدة شعبنا حول معتقداته وقيمه الوطنية والقومية ونتصدى للتحديات والاخطار على وحدتنا الوطنية وستسقط مؤامرات الاعداء الطامعين بثرواتنا وارضنا كما سقطت امثالها في الماضي."

"ودانت الكلمات الاعمال الاجرامية الوحشية التي تمارسها قوات الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية ودعت الى تدعيم وحدة الحوار الاسلامي ­ المسيحي والاسهام في تعزيز الامن والسلام في العالم."

عن صحيفة تشرين السورية، الثلاثاء 14 كانون الاول 2004

***********

أية تحديات هي هذه التي يجتمع المسيحيون والمحمديون في ندوةٍ لمواجهتها!!

لم نسمع يوما عن مؤتمر دعا المحمديون إليه المسيحيين، ليناقشوا معهم التحديات التي يواجهها المسيحيون في المجتمعات المحمدية.

المسيحيون هم أشبه بالشاة التي تساق إلى الذبح في كل مؤتمر يدعوهم المحمديون إليه. إنهم لا يُدعون إلى هذه المؤتمرات إلا ليبصموا على ذلّهم. 

يلقون الكلمات التي يتحدثون بها عما يواجه "الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية" من تحديات، لكنهم لا يجرؤون على ذكر التحديات التي يواجهها مسيحيو مصر، الذين يتعرضون للتصفية المستمرة على مدار الساعة على أرضهم المغتصبة.

يتحدثون عن ممارسات "قوات الاحتلال الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية.." لكنهم لا يذكرون بكلمة واحدة ما فعله الإرهابيون الفلسطينيون الذين لجأوا إلى كنيسة بيت لحم، فنجسوها ببولهم وبرازهم ثم نهبوا محتوياتها قبل مغادرتهم لها.

ماذا عن الكنائس المسيحية التي يجري تفجيرها في العراق. وماذا عن عشرات الألوف من العراقيين المسيحيين الذين يعبرون سورية كل يوم هاربين من الإرهاب المحمدي إلى السويد وكندا وأمريكا؟

ماذا عن مسيحيي لبنان الذين هُجّروا منه بخطط مدروسة متقنة؟

ماذا عن العمال المسيحيين الفقراء الذين تستوردهم السعودية لينظفوا لها شوارعها ومراحيضها ثم تسجنهم وتجلدهم وترحّلهم إلى بلادهم لمجرد العثور على أناجيل بين أيديهم يقرأونها في خلوتهم؟

ماذا عن المدارس المسيحية في سورية التي استولت عليها الدولة دون أي مبرر إلا حسداً لأدائها العظيم وتفوقها على الدولة في تخريج نخبة المثقفين في البلد؟

ماذا عن الخطب المشبعة بالكراهية والتحريض على الكفار المسيحيين التي تبثها على مدار الساعة مكبرات الصوت من المساجد ووسائل الإعلام؟

ماذا عن تهميش المسيحيين في سورية الذين يضاهي عددهم عدد أية أقلية أخرى، فلا تسندُ وزارة لواحد منهم إلا لملء فراغ؟

البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم ليس بجاهل للتحديات التي تواجه المسيحيين في البلاد العربية. إنه هو من صرح ذات يوم بقوله: (1) إنّ "النظام الذي يسمح لأي مسلم، حتى الجاهل، أن يكتب ما يشاء في أمر ديننا وينكر علينا حق الرد، يبدو لنا نظاماً لا يطمئن حقاً إلى الله!"؟.. هل انتهت تلك التحديات التي تحدث عنها منذ عشرين سنة أم أنها أصبحت اضعاف الأضعاف؟

أنسي البطاركة المجتمعون مع "أخوتهم" المحمديين أخاً حقيقياً لهم، هو البابا شنودة الذي أهانه أنور السادات بزجه في السجن فأهان معه ليس أمة الأقباط فقط بل كل مسيحي على الأرض؟

هل نسي المجتمعون وصف العقيد القذافي لموارنة لبنان بـ "الكلب الذي إذا ما ديس على ذنبه فإن "صوت نباحه يعلو في باريس"؟.. وهل نسوا دعوته لهم إلى ترك المسيحية واعتناق المحمدية؟.. أو قوله بأنه "ليس مقبولاً أن يكون المرء عربياً وغير مسلم وعلى المسيحيين أن يسلموا أو يهاجروا"؟!

هل نسي المجتمعون أن العهدة العمرية لا زالت قائمة وأن ليس هناك من دولة عربية قد أسقطتها من مناهجها الدراسية؟

أية تحديات هي، تلك التي يجتمع المسيحيون مع المحمديين لمواجهتها؟..

ألم يدرك هؤلاء أن التحديات هي أقرب إليهم من أنوفهم، وأنها تجتمع معهم في هذا الملتقى بالذات؟

هل خطر بفكر احد هؤلاء البطاركة أو المطارنة أن يسأل أحد الشيوخ المجتمعين معه اليوم: "هل تؤمن حقاً بما يقوله القرآن "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولاَّهم منكم فإنه منهم إنَّ الله لا يهدي القوم الظالمين." أو، "هل لا زلت تؤمن بأن عليك كمحمدي أن تقاتلني إلى أن أؤمن بدينك أو أدفع الجزية لك وأنا أشعر بالذل كما يقول القرآن: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق (أي الثابت الناسخ لغيره من الأديان وهو دين الإسلام.. حسب تفسير الجلالين) من الذين أوتوا الكتاب (أي المسيحيين واليهود حسب المصدر نفسه) حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون." (أي أذلاء منقادون لحكم الإسلام. حسب المصدر نفسه) (آية 29 سورة 9 التوبة)

هل خطر لأحد هؤلاء المجتمعين أن يسأل زعيماً مسلماً: ماذا بجعبتكم من خطط لمراجعة هذه التعاليم وإعادة تفسيرها من أجل خلق جيل جديد ينظر إلى الآخر من منظار اليوم وليس من منظار الماضي.

عبارة واحدة في الإنجيل (يوحنا 8 : 32) ينساها الزعماء المسيحيون وننصحهم أن يعملوا بها إذ بدونها لن يكون لهم من جحيم الذلّ مخرجٌ!!

 

(1) ـ (بطريرك الروم الأرثذكس أغناطيوس الرابع هزيم في حديث مع مجلة النهار العربي والدولي اللبنانية 6 - 12 شباط 1984)

**************

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط