بسام درويش / Jun 09, 2002

للّغةِ العربية ميزةٌ لا تتمتع بها لغةٌ من لغاتِ العالم.

هل قلنا ميّـزة؟.. بل لنقل ميّزات!..

اللغة العربية في نظر العرب هي لغة الله المفضّلة، "أنزل" بها كتاباً كتبه هو نفسه منذ بدء الخليقة ثم جعله في مكان محفوظ إلى أن جاء الوقت المناسب ليوحي به بحروفه وكلماته العربية إلى إذني محمد عن طريق ملاك يتكلم العربية أيضاً بلسان مستقيم لا عوج فيه. 

اللغة العربية هي لغة آدم أول خلق الله وأول أنبيائه ولغة محمد خاتم كل الأنبياء. هذه اللغة غير قابلة للضياع أو الفناء لأنها كما يقول أحد كتّابهم، "ستبقى حيّة في كل زمان، مخالفة لنواميس الطبيعة التي تسري على سائر لغات البشر" (1)

فخرُ العرب بهذه اللغة لا حدود له، فهي في نظرهم أغنى اللغات بمفرداتها، وأكملها في نحوها وصرفها، وأجملها في بلاغتها وشعرها.

أما عن العرب كأمّة، فهم أيضاً أمّة مميزة، فضّلهم الله على شعوب الأرض جميعاً إذ جعلهم خير أمة أخرجت للناس؛ أمة تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر. ولذلك، فلا عجب أن نرى العرب يفخرون بكل شيء ويرون أنفسهم متميزين عن العالم بكل شيء، فهم أشرف خَلق الله وأنبلهم بنسبهم وعرقهم، وأحسنهم كرماً وشجاعة وأعرافاً.

************ 

عزيزي القارئ: سنة واحدة كاملة مضت من عمر "الناقد"، أثبتت خلالها وجودها كصوت من أجرأ الأصوات، والأكثر صراحة بين كل المواقع المتحدثة باللغة العربية. وما عودةُ القراء المستمرة لزيارتها إلا دليلاً على ما يعانون من عطش لسماع الكلمة الحرة الجريئة التي لا تجامل أحداً بمن في ذلك الذين يثنون عليها. أصبحت الناقد جزءاً من حياة قرائها اليومية، فهم مدمنون عليها، توّاقون إلى جديدها، يقومون بزيارتها كل يوم مع فنجان قهوتهم الصباحي، وإن لم يتمكنوا من ذلك، فلا بدّ من الحج إليها قبل إخلادهم إلى النوم. مئات الرسائل تصل إلى الناقد، لا نهمل الإجابة على واحدة منها، نجيب على معظمها بشكل شخصي نظراً لما تحتويه من مشاعر خاصة.

لكن وبالتأكيد، ليست كل الرسائل التي تصلنا رسائل ثناء وإعجاب. بعض هذه الرسائل يحوي من السباب والكلام البذيء ما يدفع إلى التقيؤ، وبعضها يحوي من التهديد ما لا شكّ في أنه يبعث على القلق.

************ 

نحن نعرف تماماً أن ليس كل ما ينشر في الناقد ينزل برداً وسلاماً على قلوب جميع القراء؛ فهناك بينهم من يخالفنا الرأي كل المخالفة، ولسنا نرى في ذلك غرابة. أما ما نرى فيه عجباً فهو أن يدّعي قومٌ أنهم أصحاب لغة من أغنى اللغات بمفرداتها، وأكملها في نحوها وصرفها، وأجملها في بلاغتها وشعرها، ولكنهم لا يجدون رغم ذلك بين مفرداتها عبارة واحدة يردون بها على ما في الناقد من آراء لا تعجبهم!..

أن لا يجد أصحاب الحسب والنسب هؤلاء، أشرف خلق الله وأنبلهم، أبناء خير أمة أخرجت للناس، معروفاً يأمروننا به، أو منكراً ينهوننا عنه، إلا بهذه الكلمات التي يكتبونها إلينا والتي يندّ لها الجبين خجلاً، فهذا ليس إلا دليلاً على أن هذه الأمة هي أكثر أمم العالم إفلاساً سواء كان ذلك في اللغة أو الحسب أو النسب أو الأخلاق أو الأعراف أو الدين. لا بل هي أكثر الأمم نفاقاً لأنها تدّعي ما ليس لها وتذمّ غيرها بما تحمله هي نفسها من عيوب.

أهي شجاعة أن يكتب إلينا أحدهم ويقول لنا أنه سيفعل بنا وبأمنا وأختنا وبناتنا كذا وكذا؟..

أهي شجاعة أن يكتب إلينا أحد ويقول أنه لا بدّ يوماً واجدنا ليعاقبنا على كفرنا وتطاولنا.

هناك آلاف الصحف العربية والمجلات التي تطعن في المسيحية والمسيحيين علناً وتضميناً، فهل سمع أحد عن مسيحي يضع على رأس أحد كتّـاب هذه الصحف والمجلات مكافأة مادية. هل سمع أحد بأن مسيحياً كتب يقول لأحد هؤلاء بأنه سيفعل كذا وكذا بأمه وأخواته؟

ألا زالت حقاً لغتكم الإلهية "حيّة في كل زمان، مخالفة لنواميس الطبيعة التي تسري على سائر لغات البشر". أم أنها فنيت ولم يبقَ منها إلا ما تحمله رسائلكم من مفردات شتائم وعبارات تهديد؟..

بسام درويش 9 يونيو 2002 زاوية المحرر                

(1)  أنور الجندي في كتابه "الإسلام والدعوات الهدّامة" عن، "أعربي هو" لأبي موسى الحريري

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط