بسام درويش / Oct 08, 2006

لا زال هناك أنظمة حكمٍ عربية تعتقد أنَّ بإمكانها أنْ تحجب الحقيقة عن شعوبها، عن طريق منع وصول الصحف الأجنبية إليها، أو التشويش على محطات الإذاعات والتلفزيونات، أو مصادرة المنشورات والكتب من المسافرين العائدين إلى البلد، أو قطع الخطوط الهاتفية على بعض المواطنين لمنعهم من الاتصال بالعالم الخارجي وغير ذلك من الوسائل التي كانت تستخدم في زمن الستار الحديدي.

أما ما هو أكثر غباءً، فهو أنْ تعتقد هذه الأنظمة أنَّ بإمكانها الوقوف في وجه التكنولوجيا الحديثة التي حطمت كل حاجز بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسانية، عن طريق حجب المواقع الإلكترونية.

*********

كتب لي عدد من القراء من سوريا بأن النظام السوري قام مؤخراً بحجب موقع الناقد. لكنّ معظمهم أكّد لي أنَّ الحجب لم يؤثر عليهم لأنهم لا زالوا يدخلون إلى الموقع عن طريق "مواقع المرآة"، بينما قال آخرون أنهم سيجدون وسيلة لدخول الموقع. كذلك ذكر لي بعضهم أنهم يطبعون أو ينسخون المقالات الجديدة ويبعثون بها إلى اصدقائهم عن طريق الفاكس أو البريد الإلكتروني!

 

وعلى الرغم من هبوط عدد القراء من داخل سورية بعد الحجب بنسبة 15 إلى 20 بالمئة، فلا يسعني إلا أن أعبّر عن سعادتي لهذا الحجب. إنه ليس فقط دليلاً على مدى ما يتمتع به الناقد من شعبية تدفع القراء إلى البحث عن كل الوسائل لدخوله أو تداول مقالاته، بل دليلاً  على مدى ما يسببه هذا الموقع للنظام الحاكم وللحاشية الأصولية من صداع.  

ويجدر الذكر إنّ الموقع محجوب أيضاً في دول عربية اخرى مثل السعودية والإمارات المتحدة، لكن ذلك لم يؤثر إطلاقاً على عدد الزوار من هذين البلدين. ربما تأثّر بعد الحجب مباشرة لفترة أسبوع أو اثنين، لكن الإقبال عليه عاد إلى سابق عهده كما كان من قبل بل أكثر.

 

قلت أن خبراً كهذا يسعدني من حيث المعنى، لكن، ومن ناحية أخرى، لا أستطيع إلا أن اقول بأنه خبر يؤلمني أيضاً.

ما يؤلمني في هذا الخبر، هو أن أرى شعبنا حتى الآن، لا زال خانعاً لوصاية هذه العصابة التي تحدد له ما عليه أن يقرأ وما لا يجوز له أن يقرأ!..

إلى متى يقبل شعبنا بحكم هذه العصابة من الجهلة، حملة الشهادات العالية المحمولة إلى بيوتهم على طبق من ذهب؟.. عصابة اللصوص ومهربي المخدرات والمجرمين.

 

هل يقبل شعبنا أن يكون آخر شعب في العالم يحصل على حريته؟.. إذا كان ذلك حقاً، فلن يكون من حقه آنذاك أن يحتفل بعيد حرية، لأن حريته لن تكون إلا منحةً وتحصيل حاصل! 

*************

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط