بسام درويش / Dec 19, 2010

 

عندما يقف مسلم للدفاع عن الاسلام ـ وبالذات أمام جمهور غربي ـ فإنه يحتاج إلى عشرات أضعاف الجهد الذي يبذله أي سياسي محترف للكذب على مستمعيه.

الفرق بين الاثنين هو أنّ السياسي المحترف ربما يكون صادقاً في ما يعد جمهوره به ثم يكذب عندما ينسى أو يعجز عن تنفيذ وعوده.

أما هذ المسلم، فإنه يكذب سلفاً، ويعرف أنه يكذب مخادعاً وهو يحاول إقناع المستمعين بأن الإسلام دين سلام ومحبة، وأن تعاليمه لا تتضمن أية دعوة للعنف ولا تسمح أبداً بقتل الأبرياء من الناس أو أنها تعلم على كراهية أحد!

لكن، وللأسف الشديد، وإذ نرى مئات من الصحفيين والإذاعيين والمحللين يتحدون السياسيين ويضعونهم تحت المجهر يسألونهم مكررين السؤال، ويطالبونهم بتقديم الأدلّة على صدقهم، نجدهم، وبعضهم من اللامعين جداً، يساعدون أصحاب الدعاية الإسلامية على خداع الجماهير بسذاجة ما بعدها سذاجة، لأنهم لم يكلفوا أنفسهم قبل إجراء المقابلات معهم عناء بعض البحث، أو على الأقل، استشارة من هم أكثر خبرة منهم بهذه الأيدولوجية.

**********

 

من أكبر الكذبات التي نسمعها من المسلمين، في كل لقاء مع صحافي أو إذاعي، هي أن القرآن يحرم قتل النفس البريئة، مستشهدين بجزء من آية قرآنية يقول: "ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله" متوقفين عند هذا الحد منها؛ بينما يغامر قلّة منهم بتلاوة الآية حتى نهايتها واثقين بسذاجة محدثهم وبأنه لن يخطر بفكره أن يطلب منهم شرحاً لها.

تقول تتمة الآية:

"وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" (6 : 151)

***********

بعبارة أخرى، يقول القرآن: لا تقتلوا النفس التي حرّم الله قتلها... إلا بالحق كما وصّاكم الله به..؟!

لكن ما هو مفهوم الإسلام للحق الذي يعتمدون عليه في تنفيذ وصية الله بجواز قتل النفس؟ 

للجواب على ذلك تعالوا إلى قراءة سريعة في بعض فصول حياة محمد لنرى كيف طبّق هو نفسه مفهوم هذا الحق.

الحق باغتيال أمٍّ مرضعة انتقدت النبي:

عصماء بنت مروان لم تكن امرأة محاربة ولم تشكل خطراً على أحد. كل ما هنالك أنها لم تصدّق بنبوّة محمد بعد أن رأت ما رأت من أعماله الإجرامية التي لا تليق بنبي من الأنبياء. لم تحمل سلاحاً ضده ولم تكن طرفاً في عصابة للتآمر على حياته. كل ما فعلته هو أنها كتبت بضعة أبيات شعر تنتقد فيها كذبه وجرائمه. لم يستطع محمد تحمل نقدها فجمع أتباعه وسألهم قائلاً: "من لي بها؟"

تطوّع لنصرة النبي رجل أعمى من أتباعه يعرفها ويعرف بيتها اسمه عمير بن عدي الخطمي. ذهب إلى بيتها حيث كانت  مستلقية وحولها نفر من أولادها نيام وكان واحد منهم على صدرها يرضع منها. حسّها بيده فوجد الصبي الرضيع فنحّاه عنها ثم وضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها ثم خرج حتى صلى الصبح مع محمد. ولما انتهى محمد من الصلاة نظر إلى عمير وسأله: أقتلت بنت مروان؟ قال نعم، بأبي أنت يا رسول الله، وخشي عمير أن يكون افتات على محمد بقتلها فقال: هل عليّ في ذلك شيء يا رسول الله؟ أجاب محمد: لا ينتطح فيها عنزان! ثم التفت إلى من حوله وقال: إذا أحببتم ان تنظروا إلى رجلٍ نصر الله ورسوله فانظروا إلى عمير بن عدي. قال عمر بن الخطاب: انظروا إلى هذا الأعمى الذي تسرّى في طاعة الله، فقال محمد: لا تقل الأعمى، ولكنه البصير!(1)

 

الحق باغتيال شيخ طاعن في السن

أبو عفك، رجل طاعن في السن بلغ من العمر مائة وعشرين سنة. كتب هو الآخر بضعة أبيات شعر في نقد محمد فكان جزاؤه جزاءَ عصماء بنت مروان. اعتبر محمد شعر أبي عفك تحريضاً عليه، لكنه عوضاً عن أن يتحدّاه بنزال كما يفعل النبلاء، قام بدعوة أفراد عصابته وسألهم إذا كان هناك من يتطوّع للخلاص من أبي عفك فتطوع لقتله واحد منهم  اسمه سالم بن عمير. انتظر سالم حتى كانت ليلة من ليالي الصيف الحارة اضطرت أبا عفك للخروج من بيته والنوم في الخلاء، فجاءه وهو نائم "فوضع السيف على كبده ثم اعتمد عليه حتى خشّ في الفراش!" صاح الرجل العجوز صيحة الموت فجاء أهله وأدخلوه إلى منزله وقبروه. (2)

شتمت محمداً فشقها نصفين!

أمّ قرفة امرأة من نبلاء العرب؛ هي الأخرى أغضبت محمداً بشتمه، فأرسل إليها بمجموعة من رجاله فقضوا على قومها، ثم ألقوا القبض عليها وربطوا ساقيها بحبلين عقدوا طرف كل منهما بجملين دفعوهما للركض باتجاهين متعاكسين فشقوا جسدها إلى نصفين. بعد ذلك فصلوا رأسها عن جسدها وأرسلوا به إلى المدينة حيث كان زعيمهم محمد بانتظارهم فعلقوه في منتصف المدينة كي يتعظ به كل من يفكر بأذية محمد(3)

 

محمد يبعث بأخٍ لقتل أخيه لأنه شتمه!

 

كعب بن الأشرف عجوز آخر شتم النبي" فبعث إليه برجل كان أخاً له بالرضاعة ليخدعه ويدعوه للخروج معه في الليل. خُدِع كعب فخرج من بيته وما أن ابتعد عنه حتى استل أخوه سكينه وطعنه طعنة قاتلة. بعد ذلك فصل رأسه عن جسده وذهب إلى محمد فرماه بين يديه فرفع محمد رأسه إلى السماء يحمد الله ويصرخ الله أكبر!  

************

تلك كانت بضعة أمثلة فقط من عشرات الجرائم التي ارتكبها محمد باسم هذا الحق الإلهي الذي أعطاه إياه "الله".

والجريمة المشتركة لهؤلاء كانت مسبّة محمد!

هل هناك من لا زال يتساءل عن مفهوم الحق الذي يخوّل المسلم إزهاق نفس من النفوس؟

امرأة باكستانية مسيحية أم لأربعة أولاد تقبع اليوم في السجن تنتظر تنفيذ حكم الإعدام بها لأنها اتهمت بشتم "النبي".

مسلم قام بتفجير نفسه في مركز تجاري في السويد دفاعاً عن "النبي" الذي تعرض للشتم من قبل رسام كاريكاتوري.

سلمان رشدي لازال يعيش منذ أكثر من عشرين سنة في ظل الرعب بعد أن أصدر الإمام الخميني فتوى بقتله لأنه سخر من القرآن في كتابه "الآيات الشيطانية."

تسليمة نسرين هي الأخرى تعيش في ظل الرعب بعيداً عن وطنها التي هربت منه بعد صدور فتاوى بقتلها لأنها أساءت للنبي.

المخرج السينمائي ثيو فان جوخ يُقتل على يد المؤمن المسلم محمد بويري بالرصاص ثم بالطعن بالسكين لأنه أنتج فيلماً وثائقياً عن العنف في الإسلام!

عضوة البرلمان الهولندي إيان هيرسي الصومالية الأصل تعيش تحت التهديد بالقتل لأنها تركت الإسلام وشاركت في الفيلم الذي أنتجه فان جوخ عن العنف في الإسلام!

لكن، ليس انتقاد محمد أو قرآنه فقط هو الذي يستوجب غضب المسلمين. أي تصرف يمكن أن يثير حفيظتهم ويدفعهم للقتل أو التهديد بالقتل.

إعطاء نسخة من الإنجيل لمسلم. تناول الطعام علانية في شهر رمضان في بلد مسلم. التزين بصليب حول العنق في بلد مسلم كالسعودية أو اليمن أو ليبيا أو باكستان. تشييد كنيسة في مصر. كتابة مقال لنصرة امرأة مسلمة حكم عليها بالجلد او الموت... كل هذه وأمور أخرى تزيد عنها أو تقلّ أهمية تعرّضك لغضب المسلمين من حولك... وما أدراك ماذا يفعل المسلم حين يغضب نصرةً للإسلام ورسول الله!

قتل النفس باسم هذا "الحقّ" الإلهي الذي أجازه الله وأوصى به لا يشمل فقط الذين يسيؤون إلى النبي بكلمة أو برسم كاريكاتوري أو بعبارة ساخرة في كتاب أو مقالة صحفية. هذا الحق بقتل النفس يشمل أيضاً كل من يترك الإسلام إلى دين آخر.  يقول محمد: "من غيّر دينه فاضربوا عنقه!" (موطأ مالك)

لا بل، في الحقيقة، إن هذا الحق يشمل قتال كل إنسان لا يؤمن بمحمد وإلهه إلى أن يقبل بالخضوع لسلطة الإسلام ودفع فديةٍ عن حياته (يسمونها جزية) وشريطة أن يدفعها وهو يشعر بالذل كما يقول القرآن:

"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب (أي المسيحيين واليهود) حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون." (أي أذلاء منقادون لحكم الإسلام) (التوبة 9 : 29)

**************

إذا كان الإسلام يجيز قتل نفس لمجرد توجيه كلمة انتقاد له ولمحمد، فهل هناك بعدُ من يبرّئ الإسلام كعقيدة من قتل ثلاثة آلاف إنسان بريء في الحادي عشر من أيلول؟

هل هناك من يبرّئ الإسلام من أعمال حرق الكنائس أو قتل المصلين فيها في العراق ومصر ونيجيريا وماليزيا وإندونيسيا وباكستان وغيرها؟

هل هناك من يبرّئ الإسلام من قتل مئات الأبرياء في عملياتٍ إرهابية نفذها أتباعه في مدريد ولندن وباريس والهند وروسيا وغيرها...

هل هناك من يبرّئ الإسلام من كل المحاولات الإرهابية الفاشلة التي خطط لها أتباعه في أمريكا ومختلف أرجاء العالم، والتي لو كُتب لها النجاح لذهبت بحياة عشرات الآلاف من الأبرياء.

أنا لا أتحدّث هنا عن الإسلام كعقيدة وتعاليم فقط إنما عن كل مسلم يفهم فهماً تاماً هذه التعاليم ويؤمن بها ويقيمها؛ وكل من ادّعى غير ذلك ما هو إلا منافق كاذب. أولئك الذين يبرّؤون الإسلام من العنف الذي يشهده عالمنا اليوم، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، رجال دين أو سياسيين أو كتّاب، هم كلهم، إما جهلة بالإسلام أو منافقون، وهل هناك أفضل شهادة من شهادة محمد عن نفسه بقوله إنّه ما أٌرسِل إلى الناس إلا بالذبح وبأنه رسول الرعب!:

"أُحِلَّت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ونصرت ‏ بالرعب ‏‏فيرعب العدو وهو مني مسيرة شهر..(4)

"والذي نفسي بيده ما أُرسِلتُ إليكم إلا بالذبح..."(5)

*************

مراجع:

(1)  السيرة النبوية لابن هشام؛ المنتظم في التاريخ ـ الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي؛ عيون الأثر في المغازي والسير ـ ابن سيد الناس؛ الطبقات الكبرى ـ ابو عبد الله محمد بن سعد بن منيع؛  البداية والنهاية ـ الإمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن كثير.

(2)  السيرة النبوية لابن هشام؛ عيون الأثر في المغازي والسير؛ والطبقات الكبرى

(3)  السيرة النبوية لابن هشام؛ السيرة الحلبية؛ معجم البلدان لياقوت الحموي؛ تاريخ الرسل والملوك للطبري؛ غزوات الرسول وسراياه لابن سعد؛ الروض الآنف للسهيلي؛ شرح كتاب السير الكبير للسرخسي؛ أنساب الأشراف للبلاذري.

(4)  مسند أحمد

(5)  فتح الباري في شرح صحيح البخاري

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط