بسام درويش / Aug 02, 2003

في تسجيل صوتي جديد له، نعى صدام حسين ولديه قصي وعدي قائلاً أنه لو كان لديه مائة ولد لما بخل بهم!..

وفي الأردن، حيث لجأت ابنتا صدام مع أولادهنّ، أشادت رغد، إحدى الاثنتين بأبيها قائلة: "كان أباً رائعاً، محباً وصاحب قلب كبير." وقالت أختها رنا: "كان يملك مشاعر كثيرة وكان حنونا معنا جميعا.." وأضافت وهي تبكي: "افتقدك بشدة يا أبي.. جدا.. فليساعدك الله في هذا الموقف الذي تمر به."

وفي العراق، أعلنت القوات الأمريكية أنها سلمت جثتي عدي وقصي لمنظمة الهلال الأحمر العراقي لتقوم بدفنهما.

كان هذا بعض ما نقلته بي بي سي أونلاين مؤخراً.

************

لو كان لصدام مائة ولد، لما كان قد بقي في العراق لأمٍّ من الأمهات ولد.

جَروانِ فقط، أشبعا أهل العراق عضاً ونهشاً، فكيف بمائة جرو!

****

أبٌ حنونٌ محبٌُ كبير القلب!.. أيْ نعم!

الخنازير أيضاً يحبون أولادهم!.. والجرذان أيضاً يرعون أولادهم.. 

لكن، لو كان بوسع الخنازير والجرذان أن يتعرّفوا على أحفادِهم وأزواجِ بناتهم، لما بلغوا الحدّ الذي بلغه صدام بقتله لأزواج بناته وحرمان أحفاده من آبائهم. 

 

أن تقولَ الابنتان عن أبيهما المجرم بأنه أبٌ حنونٌ محبٌّ، صاحبُ قلبٍ كبيرٍ، فإنهما لا تعبران فقط عن كذبٍ، إنما عن استهتارٍ بكل عراقيةٍ فقدت زوجاً أو ابناً أو شقيقاً أو أباً.

إنهما تقولان للأمهات العراقيات: لقد كانت قنابل والدنا المحرقة التي ألقاها على أولادكنّ، قنابل رحمة وحنان صادرة عن قلب كبيرٍ طيب.

 

رغدُ ورنا، ابنتان عاقّتان للعراق.

دموعهما ليست دموع حب لأبٍ تفتقدانه، بل دموع حسرة على حياةِ رخاءٍ كانتا تستمتعان بها على حساب أمهات العراق. رغدٌ ورنا تشتُمان اليوم كلَّ أم عراقية، وما على ابنِ الحسين إلا أن يلقي بهما خارج قصره، إذ لا يصحّ أن يسمح لهما باتخاذه منبراً لشتم الأمهات الثكالى وأرواح ضحايا أبيهما المجرم.

تقول الأولى أنه أبٌ محبٌّ، وتدعو الأخرى الله كي يساعده في هذا الموقف الذي يمرّ به. تُرى هل فكّرت الأولى ذات يوم بالآباء العراقيين المحبين لأولادهم والذين فقدوهم بأوامر هذا "الأب المحبّ صاحب القلب الكبير"؟.. وهل فكّرت الثانية ذات يوم أن ترفع دعاءها إلى الله لكي يساعد الآباء والأمهات الحزانى للخلاص من الظلم الذي يعيشون تحته؟..  

 

قريباً جداً ستنعى رغدُ ورنا أباهما، كما نعى هو اليوم جَرويه.

لكن، لن تذرف أم عراقية دمعة واحدة على أبيهما، كما لم تذرفِ اليومَ أمٌّ عراقية دمعةً واحدة على جَرْوَيْهِ.

 

صحيح أنه لا يجوز أن يؤخذ الأبناء بجريرة الآباء، لكن أن تقف هاتان المرأتان بجانب مجرمٍ كهذا المجرم، حتى ولو كان والدهما، فكأنهما تقفان معه في كل قبائحه، بما في ذلك قتلُه لزوجيهما، وحرمان أولادهما من أبويهم.

 

عجبي للأمهات العراقيات وهنّ يصمتن أمام هذه الشتيمة، ولا يطالبن الأردن بإعادتهنّ إلى العراق، ليكفّرن عمّا قلنَ وعن حياة البذخ التي عِشنها على حساب أطفالهنّ. إنّ أقلّ ما يمكن لهاتين العاقّتين أن تفعلا هو أن تعملا كخادمتين في مستشفيات الموصل وكركوك وكربلاء والبصرة، وفي بيوت الأرامل والثكالى.

*********

"على الباغي تدور الدوائر"، وعلى هذا الباغي قد دارت حقاً.

قريباً سيفطس الأب كما فطس ولداه، ولربما يجب على الأمريكيين أن يعيدوا النظر في سماحهم بدفنهما وأن يقوموا عوضاً عن ذلك بحرقهما مع أبيهما بعد القبض عليه، واستعمال رمادهم سمّاً للجرذان في مجارير بغداد.

************** 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط