بسام درويش / Jul 17, 2006

في الاجتماع الذي عقده وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث الوضع في لبنان، تحدث وزير الخارجية السورية وليد المعلّم وقال إنّه حلم وهو في الطائرة متوجهاً إلى الاجتماع بوقوف وزراء الخارجية دقيقة حداد على أرواح الشهداء. حلم أيضاً بالأمين العام للجامعة العربية يعقد اجتماعاً في غزة أو في منزل الأسر التي فقدت أبناءها. وحلم باجتماع لوزراء الخارجية يُعقد في لبنان. وقال أخيراً، "يبدو أنه لم يبقَ لنا الحق في الحلم!"

=============  

حين ذهب وزير الخارجية السوري للمشاركة في مؤتمر وزراء الخارجية العرب، فقد ذهب ممثلاً عن نظام الحكم بكل تأكيد. وانطلاقاً من ذلك، فإنّ  تصريحاته دون شكٍّ تعبّر عن نظام الحكم.

هل يبدو حقاً بأنه لم يعد للنظام أو لأعوانه الحق حتى في أن يحلموا، كما يقول الوزير؟..

الجواب على هذا السؤال هو دون لف ودوران: حقاً نعم!.. لم يعد لنظامه الحق في أن يحلم بأي شيء، وعلى وجه الخصوص في أن يحلم بأنه سيبقى في الحكم.

******

منذ ما يزيد عن أربعة قرون من الزمن، حلم عدد من العسكريين الانتهازيين بالانقضاض على حكمٍ شرعيٍّ منتخبٍ من الشعب، وتحقق لهم الحلم.

حلم هؤلاء الانتهازيون بأن ينهبوا خزينة الدولة ومقدّرات الأمة ويعمّروا القصور لهم ولأولادهم، وأن يثخنوا حساباتهم المصرفية لتصبح كافية لهم ولعشرة أجيالٍ من بعدهم، وتحقق لهم ذلك الحلم.

حلموا بأن يتركوا "تراكتورات" الفلاحة ويبتعدوا عن روائح روث البقر ويستبدلوها بين ليلة وضحاها بسيارات المرسيدس والجاكوار وأثمن العطورات وأرقى أنواع الملابس، وتحقق لهم الحلم.

على ماذا يندبُ وزير الخارجية؟..

"انشالله محقْ!!".. "الله لا يشبّعكم!!".. كما يقول العامة في سوريا!..

هل هناك ما تحلمون به أكثر مما حصلتم عليه؟..

هل لا زلتم تحلمون بأن تضحكوا على الناس بهذا النوع من الأحلام "الوردية" حسب وصف وزير الخارجية الكويتي لها؟..  

لا.. لم يعد لكم الحق في الحلم، ولا في الحديث عن الأحلام.

حلمتم وحصلتم على كل ما حلمتم به. وزرعتم في عقول الناس أحلاماً كاذبة كي تشغلوهم بينما تنفذون أنتم ما كنتم تحلمون به.

أوهمتم الناس بالوحدة وفوائدها المعنوية والاقتصادية، وبالحرية والكرامة الإنسانية، وبالاشتراكية وما ستجلبه على الأمة من توزيع عادل لخيرات البلد، بينما قضيتم الأربعين سنة ويزيد وأنتم تمتصون دماء الناس كالعلقات، وتفرضون على مخيلاتهم عدسات التصوير كي تعاقبوهم على أي حلمٍ يراودهم.

لا، لم يعد لكم الحق في أي حلمٍ، بل أصبح هذا الحق للشعب فقط. أصبح من حقه أن يحلم دون خوف بنهاية أيامكم. اصبح من حقه فقط ان يحلم بمحاسبتكم على كل ما ارتكبتموه من جرائم وسرقات وعلى كل قرش في حساباتكم. هذا الحلم سيتحقق يا أفندينا. ألا ترى كيف تحققت أحلام الشعوب الأخرى بالخلاص من الأنظمة التعسفية الدكتاتورية في الشرق وفي الغرب. شعبنا لا يقلّ عنها قيمة. أحلامه بالخلاص منكم ستتحقق سواء كان ذلك على يديه أو على يد آخرين. كل ما في الأفق يشير إلى ذلك.. فتوقف انت ومعلّميكَ عن الأحلام.  

*******

أحلام شعوب الشرق الأوسط كلها لا بدّ ان تتحقق. ربما ستكون مصبوغة بالدماء ولكنها ستتحقق. أحلام المضطهدين والمعوزين والمستَغَلّين والكادحين ستتحقق. أحلام المرأة ستتحقق. أحلام الطلاب بالعدالة في حصولهم على نتائج جهودهم دون أن يدفعوا البرطيل من أجلها، ستتحقق. احلام أطفالنا بأن يعيشوا طفولتهم كما يعيشها أطفال العالم الحر ستتحقق.

فقط أحلامك وأحلام نظامك ستتبخر.

وبالمناسبة، لا تحلم حتى بأن يخلّدك أحدٌ بتسميتك "مارتن لوثر كينغ المعلّم" إذ شتّانَ ما بين الثرى والثريّا.

================

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط