بسام درويش / Mar 14, 2005

هاهو النظام البعثي يدفع ـ كما سبق وتوقعنا ـ كل يوم بحشود من الطلاب والمخابرات، ومن العسكريين بلباس مدني للخروج إلى الشوارع، اعتقاداً منه أنه يري العالمَ مدى التأييد الشعبي الذي يتمتع به. وطبعاً، ليس هناك من يتعرض لهذه المظاهرات، لا بالعصي ولا بالرشق بالحجارة من آخرين يمثلون الرأي المعاكس ـ هذا إذا افترضنا بأن هؤلاء المتظاهرين الذي نراهم اليوم في الشوارع هم أصحابَ رأي حقاً!..

 

منذ أيام، خرج عدد من الطلاب في مظاهرة سلمية واتجهوا إلى قصر "العدالة" يطالبون بالحرية والعدالة!.. هؤلاء الطلاب كانوا أبطالاً بحق، لأنهم عرفوا مسبقاً أنهم سيتعرضون للضرب وربما السجن أو الموت، لكنّ ذلك لم يقف في وجه تصميمهم على الخروج. وكان لهؤلاء الطلاب الأبطال ما توقعوا، إذ خرج عملاء النظام من أوكارهم بهراواتهم لإسكات أصواتهم، وقد ارتكبوا جريمتهم البشعة هذه بمساندة رجال الأمن وتحت سمع وبصر الحكومة.. وقضاة قصر العدالة أيضاً!..

 

هل هؤلاء المتظاهرون الشجعان لا يمثلون حقاً إلا أقلية صغيرة في سوريا كما تقول أجهزة النظام، أو كما قال أحد الجبناء الذين قاموا بالتصدي لهم؟.. حسناً، لنفترض أنهم قلة قليلة وقليلة جداً جداً لا تمثّل بأي شكل من الأشكال الشعب السوري!.. إذن، في هذه الحالة، أفلم يكن من الأفضل للحكم، أن يُنزِل رجال أمنه إلى الشارع لحماية هؤلاء المتظاهرين، ويتركهم يهتفون ويقولون ما يشاؤون، فيظهر للعالم بذلك أنهم حقاً قلة قليلة جداً جداً؟!..

طبعاً، لن يجرؤ الحكم على فعل ذلك، لأنه لو فعل، لخرج الشعب بأسره إلى الشوارع، لا بل لتحوّلت الحشود التي يسيّرها النظام نفسه لتأييده إلى حشود معارضة تندد به وبفساده وبطشه.

الحكم لن يُقدِمَ بالتأكيد على عملٍ انتحاري كهذا، وعلى الشعب أن لا ينتظر ذلك أبداً منه. لهذا، فعلى هذا الشعب إن أراد الحياة، أن يقوم بما فعلته كل الشعوب الأخرى التي أرادت الحياة، وحصلت عليها.

البولونديون والتشيكيون والمجريون وغيرهم، لم ينتظروا القدَرَ ليأتي لنجدتهم ويستجيب لأدعيتهم. خرجوا إلى الشوارع بالملايين وانتصروا على القدر نفسه.

أيها السوريون:

لقد كان قدركم أن تعيشوا لما يزيد عن الأربعين عاماً تحت حكم الظلم والفساد والإرهاب. آن لكم أن تتحركوا للخلاص من هذا القدر بأيديكم لا أن تقبعوا منتظرين الفرج منه!

إنها فرصتكم اليوم لإعلاء صوتكم.

مائة من الطلبة الشجعان ـ أقل أو يزيد ـ خرجوا لتشجيعكم، فأكلوا نصيبهم من هراوات النظام وعملائه من أجلكم جميعاً، فعارٌ عليكم أن تقبعوا في بيوتكم وتدعوا النظام يزيّف آمالكم بمسيراته الكاذبة. 

لقد رضخ النظام للعالم وهو يوهمكم بأنه ينسحب من لبنان تنفيذاً لاتفاقات الطائف!..

لكنه يخرج مهزوماً محاولاً جعل الهزيمة تبدو وكأنها نصراً بحشد عناصر مخابراته لنثر الزهور على جنوده العائدين. إنه يخرج من لبنان مهزوماً عارفاً بهزيمته قابلاً بها لسبب واحد، وهو إطالة أيام عمره.. ولسوف تطول هذه الأيّام إن لم تقصّروها أنتم وبأيديكم!

نظامكم أصبح اليومَ معزولاً عن العالم ومنه، واليومَ اليومَ هي فرصتكم؛ فإما الحياة، وإما القدر؛ ولا عاشت أمة تنتظر الأقدار أن تخط لها مصيرها.

***************

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط