دانييل بايبس / ترجمة بسام درويش / Aug 25, 2004

في الصباح الباكر من التاسع من يوليو 2004، تسبب حريق بالقضاء على محل البقالة Continental Spices Cash & Curry  في إفيريت، واشنطن، والمتخصص بالبقالة الباكستانية والهندية والشرق أوسطية. قدرت الخسائر الناجمة عن الحريق بـ 50,000 دولاراً، دون وقوع أية إصابات. خلال عملية إخماد الحريق وجدت الشرطة وعناصر الإطفاء عبوة من البنزين وكتابات معادية للعرب وصليباً مرسوماً بالأبيض. وروى روبيندر بيدي، صاحب محل 7-Eleven المجاور لصحيفة سياتل تايمز كيف وجد مدير محل البقالة، ميرزا أكرم الباكستاني البالغ من العمر 37 عاماً، يصرخ قائلاً إنّ "بعض الزبائن قد أخذوا بمضايقته في بداية الصيف، ولم يتوقفوا عن توجيه الشتائم له إلا حين هددهم باستدعاء البوليس."

 

على اثر الحادثة نقلت صحيفة افريت هيرالد ما يلي: "في الصباح الذي حصل فيه الحريق، قال مدير محل البقالة للمحققين أنه يخشى أن يكون الثأر من الهجمات على الأمريكيين في الشرق الأوسط هو سبب الحريق. وأضاف مدعياً أن رجالاً بيضاً جاؤوا إلى محله الشهر الماضي وأظهروا امتعاضهم عندما علموا أنه من مواليد باكستان، وتركوا المحل غاضبين."

 

كانت تلك هي القصة. لكن، في التاسع عشر من الشهر التالي أغسطس، قام البوليس باعتقال أكرم في محله موجهاً له تهمة فدرالية وهي إضرام الحريق المتعمّد؛ وهو الآن يواجه تهمة إشعال الحريق في محله للحصول على مبلغ التأمين على البناء ومحتوياته. وقد أفاد ممثلو الادّعاء في المحكمة أن الخسائر المالية المتصاعدة قد دفعت أكرم لافتعال الحريق عمداً وجعل الجريمة تبدو وكأنها جريمة كراهية.

 

وبتفصيل أدقّ، كان أكرم قد قام بعملية شراء محل البقالة المذكور من شركة ز.أ. تريدينغ كوربوريشن في سياتل؛ وسدد 52,000 دولاراً من مبلغ الشراء، وبقي عليه 32,200 دولاراً على الأقل. لكن المبيعات الإجمالية للمحل تراجعت من حوالي 11,000 دولاراً معدلها الشهري في عام 2003 إلى أقل من 3,000 دولاراً في الشهر خلال الفترة التي سبقت عملية الحريق، مما جعله عاجزاً عن تسديد القسط الشهري البالغ 640 دولاراً وكذلك دفعة الإيجار البالغة 1,200 دولاراً.

 

الاعتقاد الخطأ بأن بوليصة التأمين لشركة ز.أ. تريدينغ كوربوريشن تغطي المحل شجّع أكرم للتخطيط على مدى عدة اشهر لحرقه؛ لكن ما يضحك في الأمر أن بوليصة تأمين الشركة المالكة لم تكن تغطّي المحل. في مساء الثامن من يوليو، التقى أكرم مع صديق له (والذي أصبح فيما بعد دليلاً رسمياً ضده) في بيته وروى له كيف سكب البنزين في المحل وأشعل البخور فوقه على أمل أن البخور سيولع البنزين.

 

وقد أفاد الصديق أن أكرم طلب منه أن يذهب إلى المحل في الصباح الباكر من 9  يوليو ليرى فيما إذا كان المحل يحترق؛ فذهب واتصل به ليخبره بأنه لم يكن هناك أي حريق. وفي الرابعة صباحاً، دخل هذا الصديق المحل وألقى بخوراً مشتعلاً في البنزين فأدّى ذلك إلى اندلاع سريع للنار تسبب في حرق بنطاله، وتمكن "بصعوبة من الهرب" خارج البناء دون أن يصاب بأذى.

 

تظهر سجلات المكالمات الهاتفية التي حصل عليها المحققون أن أكرم اتصل هاتفياً مع صديقه أحد عشرة مرة ما بين منتصف الليل والرابعة صباحاً. العقوبة التي قد يواجهها أكرم إذا تمت إدانته بالقيام بحريق متعمد قد تصل إلى عشرين سنة في السجن.

 

على الرغم من أن أكرم متهم بريء حتى تثبت إدانته، فإن هذه القصة تشير مرة أخرى إلى، أولاً، ضرورة عدم التسرّع بالتعامل مع ادّعاءات "جرائم الكراهية" بمصداقية كاملة؛ وثانياً، إلى انعدام مصداقية مجلس العلاقات الأمريكية ـ الإسلامية ورداءة أحكامه. فقد أسرع هذا المجلس بعد الحادثة مباشرة في العاشر من يوليو إلى توزيع بيان صحفي بعنوان، "إحراق متعمد لمحل مسلم في واشنطن" مطالباً فيه "القادة المحليين والرسميين بمعالجة مشكلة تزايد التعصب ضد الإسلام والتخويف منه بعد هجوم في ولاية واشنطن على محل يمتلكه مسلم وحرقه بشكل متعمد."

 

إن إصرار المنظمات الرئيسية في أمريكا على التعامل مع مجلس العلاقات الأمريكية ـ الإسلامية هذا كجماعة جدّية لـ  "الحقوق المدنية" هو أمر مثير للاستغراب. تُرى ماذا على هذا المجلس أن يفعل أكثر من ذلك حتى يجعل هذه المنظمات تدرك حقيقته؟

 

8 سبتمبر 2004، تحديث للخبر: أعلن اليوم عن اسم صديق المتهم الذي أضرم النار في البناء وهو نافيد خان. وذكرت صحيفة سياتل تايمز أنه بحار عمره 22 سنة وقد وجهت له تهمة إضرام والتآمر على إضرام حريق بشكل متعمد. وقامت يوم أمس دائرة المباحث الجنائية البحرية بإلقاء القبض عليه وتوقيفه في مركزها في إفيريت ثم نقلته إلى محكمة فدرالية حيث تولى أمره مكتب "الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات." وقد صرح متحدث باسم هذا المكتب أن أكرم قدّم لخان مبلغ 2000 دولار لإضرام النار في المحل ولكن خان رفض المبلغ. إذا تمت إدانته فإنه قد يواجه عقوبة تصل إلى عشرين سنة في السجن.

ترجمة بسام درويش، Translated by Bassam Darwich

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط