جوزيف فرح / ترجمة بسام درويش / Oct 08, 2001

كتابٌ انتهيت من قراءته حديثاً أعتبره بحقٍّ كتاباً يجب على كل أميركي أن يقرأه إذا كان يريد أن يتعرّف على عدونا المشترك في هذه الحرب الإرهابية.

بعد أن قرأت الكتاب والذي يحمل عنوان، "بن لادن: الرجل الذي أعلن حرباً على أميركا" لمؤلفه يوسف بودانسكي، أصبحتُ على خشية من أن يكون قادتنا، وإلى حد خطير، لا يعطون إمكانيات هذا الزعيم الإرهابي حقها من التقدير.

كتاب أتمنى على الناس قراءته، وآنذاك لن يبقى لدى أحد أي شكّ  في أن هذه الحرب قد شُـنَّت علينا منذ أمد طويل. فالحادي عشر من أيلول كان فقط اليوم الذي استيقظ فيه الأميركيون ليتعرفوا على هذا الخطر الذي كان يحيق بهم منذ سنوات.

هذه الحرب كانت حتى الآن، حرباً من جانب واحد.

ماذا أعني بقولي هذا؟

أعني بأنني الآن على ثقة، مائة في المائة، بأن بن لادن كان وراء إسقاط طائرة TWA  رحلة رقم 800 كما كان وراء عملية تفجير المبنى الفدرالي في أوكلاهوما سيتي إضافة إلى كل الأعمال الإرهابية التي وجه إليه مسؤولون أميركيون تهمة القيام بها، مثل عملية تفجير السفينة الحربية "كول"، وبرج خبار (في السعودية) وتفجير السفارات الأميركية في كينيا وتنزانيا.

لا شك بأن أسامة بن لادن  إرهابي بارع وقادر. ولكن قدراته بالتأكيد لا تقف عند هذا الحد. فخلال سنوات مهنته الإرهابية، عمل بن لادن يداً بيد مع عدة دول كانت تؤمن الدعم له، منها على سبيل التحديد لا الحصر، إيران، والعراق، والسودان، وباكستان، وأفغانستان. ولقد تمثل دهاء هذا الإرهابي على أشده في سد فجوة الخلاف الإيديولوجي بين إيران والعراق ومد جسر يجمع بينهما رغم الصراعات الدموية التي فرقتهما والتي كان من نتائجها حربٌ راح ضحيتها ما يزيد عن المليون من البشر. كذلك نجح بفرض نفسه على قلوب وعقول الملايين من المسلمين المتطرفين في العالم كله.    

إن أسوأ خطأ يمكننا ارتكابه هو الاستخفاف به وبضخامة عصبته الإرهابية، والتي تتضمن عدداً كبيراً من الذين نسميهم حلفاء لنا في هذه الحرب.

في كتابه التنبؤي هذا، والذي سبق نشره في سنة 1999 ثم أعيـد نشره فوراً بعد عدوان الحادي عشر من أيلول، أشار بودانسكي إلى الأهداف الحقيقية التي يسعى إليها  بن لادن من عملية تدمير الطائرة الأميركية وأيضاً أهداف استراتيجية ومدنية أخرى. إن العدو الأول لبن لادن هو الولايات المتحدة الأميركية وإنه لمن الصعوبة بمكان أن نفهم كيف فات على المخابرات الأميركية أن تعرف بهذا التهديد. كل ما كان عليهم القيام به هو قراءة كتاب بودانسكي ليتوصلوا إلى فهم كامل لما يدفع بن لادن إلى التحرك وأيضاً فهم أسلوبه في العمل.

هذا الصراع سيكون أصعب من صراع الغرب مع الشيوعية. القناعة الكاملة بأن الخراب سيطال الطرفين في حال الاستمرار بالصراع لن تكون هنا عاملاً رادعاً. ومن هذا المنطلق، فإن القتال مع هؤلاء لن يتوقف إلا بتحقيقهم لهدفهم النهائي أو بموتهم.

ما هو هدفهم النهائي؟ إنه إخضاع العالم لنظام إسلامي متطرف شبيه بالأنظمة التي نراها في أفغان الطالبان أو السودان أو إيران. 

"إننا نؤمن بأن الله استخدم جهادنا المقدس في أفغانستان لتدمير الجيش الروسي والاتحاد السوفييتي.. والآن نطلب من الله أن يستخدمنا مرة أخرى لنفعل الأمر نفسه بأميركا، كي تصبح مجرّد ظلّ لنفسها،" هذا ما قاله بن لادن في مقابلة مع صحفي سنة 1997 .

لقد كانوا يعملون من أجل ذلك بكل عناية لسنوات عديدة. فمنذ منتصف التسعينات، بدأ صنائع بن لادن وحلفاؤه المقربون بتأسيس القواعد الإرهابية على أرض الولايات المتحدة بالضبط.

تحت أنوفنا تماماً، اتخذ أيمن الظواهري المساعد الرئيسي لبن لادن، من كاليفورنيا بيتاً له. من هناك أسس شبكاته الإرهابية، وثبّت العملاء الذين سيكونون مراكز للاتصالات وتمرير الأموال اللازمة لشن هذه الحرب علينا.

لنفترض أن هناك، حسب ادّعاء المسلمين، سبعة ملايين مسلم في الولايات المتحدة. هل هو أمر لا يُصدق إذا قلنا أن هناك عشرة بالمئة منهم ممن يتعاطفون مع الأهداف التي يسعى إليها أسامة بن لادن؟ هذه النسبة بحد ذاتها تشكل جيشاً قوامه سبع مئة ألف! وإذا اعتبرنا أن هذه النسبة أمراً مبالغاً فيه، فلنفترض أنهم يشكلون فقط واحداً بالمئة. هذا يعني [انهم يشكلون طابوراً خامساً قوامه سبعون ألفاً!.. ولكن، إذا شئنا أن نكون متحفظين جداً جداً، لنقل بأن هذه النسبة هي فقط صفر فاصلة واحد بالمئة، فهذا يعني أن هناك إمكانية لوجود سبعة آلاف عميل يعيشون هنا بيننا في الولايات المتحدة الأميركية.

لا عجب إذن أن نسمع من مسؤولين في الحكومة أن احتمال وقوع هجمات إرهابية مفاجئة على أرض الولايات المتحدة هي احتمال تصل نسبته إلى مائة في المائة.

إني إذ آمَـلُ وأصلي أن تؤدي الهجمات على أفغانستان إلى إلحاق أشد الضرر إلى آلة الموت التي يديرها بن لادن في أفغانستان بشكل لا يمكن إعادة بنائها، أخشى أن تكون هذه الحرب مجرد بداية فقط. أخشى أن يكون استعداد أميركا للتعامل مع ما هو آتٍ استعداداً مثيراً للألم. أصلي كي يقرأ قادتنا وكذلك المواطنون في الولايات المتحدة هذا الكتاب، لعلهم  يفهمون مقدار الخطر الذي يمثله هذا العدو على حضارتنا وعلى طريقة حياتنا.

*************** 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط