بسام درويش / Jan 28, 2007

كثيراً ما يسألني الناس عن رأيي فيما إذا كنت أعتقد بأنّ هناك من أملٍ بالوصول إلى سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ردّي على ذلك السؤال كان دائما هو نفسه:

إنّ أي اتفاقِ سلامٍ يقوم بين الطرفين لن يكون اتفاقاً دائماً إذا لم يبدأ بالاتفاق على موضوع القدس قبل الاتفاق على أي شبر آخر من الأراضي أو على أي موضوع آخر.

************

القدس مدينة فريدة من نوعها إذ يشترك نصف سكان العالم تقريباً في اعتبارها مدينة مقدسة. فللمسيحيين فيها تراث لا يمكن نكرانه، وهي بالنسبة لهم أهم مدينة على الأرض. ولليهود فيها تراث لا يمكن نكرانه، وهي بالنسبة لهم أيضاً أهم مدينة على الأرض. أما المسلمون، فتراثهم فيها كاذبٌ مصطنع. كل مدينة غزاها أسلافهم بنوا فيها جامعاً يحمل اسم قائدٍ لهم أو سرقوا من أهلها المسيحيين كنيسة وحولوها إلى جامع، لتصبح المدينة بعد ذلك مدينة مقدسة لهم.  بصراحة، إن القبول بحق المسلمين بالإشراف على كل مدينة بنوا فيها مسجداً جعلوه بعد ذلك مَعلما دينياً لهم، يعني القبول بحق الكلاب في الإشراف على كل عمود كهرباء أو شجرة يخلفون أثرهم عليه أو عليها.(1)   قصة "المسجد الأقصى" بدأت في خيال محمد حين بنى مسجداً في مكان لم تطأه قدم مسلم من قبل، وذلك حين اخترع قصة طيرانه من البادية إلى القدس على ظهر حمار، ثم زيارته من هناك للسموات السبع.

************ 

حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يجب أن يبدأ بالتفاهم حول الأمور الأكثر أهمية، وموضوع القدس هو دون شك، أعظمها أهميةً. إنّ أيّ أمر يتم الاتفاق عليه الآن أو في المستقبل سيتعرض للنسف بمجرد العودة إلى هذا الموضوع المؤجّل ووضعه على طاولةِ محادثاتٍ من أي نوع. لا بل ربما سيعيد المنطقة إلى وضع أسوأ مما هي عليه الآن أو في الماضي. 

تدويل القدس، حلٌّ سبق وان اقترحه الفاتيكان وهو الحل الذي يجب أن يسبق كل الحلول، وما لم يكن هو الأول فلن يكون هناك آخر! 

على الرغم مما تقدّم، لا بدّ من القول بأنّ أي اتفاق سلام بين إسرائيل ودولة عربية يتضمن دستورها نصاً يقول بأن الإسلام هو دين الدولة، هو اتفاق مبنيّ على الرمل. فالقول بأن دين الدولة هو الإسلام يعني اعتبار القرآن دستوراً أعلى لها بالإضافة إلى كتب إسلامية أخرى تبعاً لطائفة الأغلبية الحاكمة. هذا الدستور الأعلى، بقرآنه ومراجعه الأخرى، ينص نصاً صريحا على اعتبار اليهود أعداء للمسلمين، لا بل يدعو دعوة صريحة لقتال اليهود والمسيحيين ولا يقبل بحل آخر أقل من خضوع اتباع هذين الدينين لسلطة الإسلام.

انطلاقاً من ذلك، فإنّ أي اتفاق سلام، سواء كان بين العرب والإسرائيليين أو بين المسلمين وأية امة أخرى، هو اتفاق كاذب من طرف المسلمين.. وغبي من الطرف الآخر! 

=============== 

(1) على الذين يأخذون عليّ استخدامي لهذا التعبير أن يتذكّروا بأنه تعبير أكثر تهذيباً من وصف القرآن لليهود بأنهم قردة وخنازير وعموم الكفار بأنهم بهائم!

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط