بسام درويش / Jan 20, 2014

وحدهم المسلمون بين أتباع جميع الديانات يخرجون إلى الشوارع للتظاهر احتجاجاً على ما يرون فيه إساءة لدينهم، أو لنبيهم، أو لرمزٍ من رموزهم. لكن احتجاجاتهم لا تقتصر على التظاهر والهتافات الغاضبة والتلويح بالقبضات فقط، إنما تتسم دائماً بالعنف الذي غالباً ما يتمثل باعتداءات على المسيحيين وكنائسهم وممتلكاتهم، وعلى السفارات والمؤسسات الغربية.  

رموز المسيحيين وعقائدهم تتعرض باستمرار للإهانة في الدول الإسلامية. كنائسهم تُحرق. صلبانهم تُحطَّم أو تُنتزَع من على الصدور. مسيحيون يُقتلون أو يختطفون... العبارات المهينة بحقهم وبحق معتقداتهم ما هي إلا أمرٌ عادي جداً يُسمَعُ دائماً من على منابر المساجد ويُنشر على صفحات الجرائد ومواقع الانترنت. مع كل ذلك، لا نسمع عن مظاهرة واحدة تخرج في بلد للاحتجاج على أعمال كهذه، لا بشكل سلمي ولا بشكل عنيف.  

هذا بالطبع لا يعني أنّ المسيحيين هم أقلّ تكريماً لرموزهم الدينية أو أقلّ انتصاراً لعقائدهم من المسلمين. الفارق بين أتباع الدينين هو وبعبارةٍ مختصرة جداً: فارقٌ حضاري!

ليس هناك مسيحي حقيقي يمكن أن يبرر هجوماً على مسجد وقتل المصلين فيه أو أن يبرر اعتداءً على أملاك مسلمين  احتجاجاً على ما يقترفه مسلمون بحق مسيحيين في مكانٍ ما من العالم. ليس هناك مسيحي يعلن عن استعداده لدفع ثمن لرأس مسلم حطّم صليباً أو داس عليه... لا فردٌ مسيحي، ولا منظمة مسيحية، ولا دولة مسيحية! إنه أمرٌ يتنافى، قبل كل شيء، مع القوانين الحضارية التي تحكم الدول الغربية المسيحية؛ ومن ناحية ثانية، يتنافى مع الديانة المسيحية نفسها التي تعلّم أتباعها فضيلة التسامح وعدم الردّ على الإساءة بمثلها، وأن الدين ليس بحاجة لحمل السلاح للدفاع عنه.(1)

  

مسلمون باكستانيون يحرقون محتويات كنيسة مسيحية

 إنّ اللجوءَ إلى العنف احتجاجاً على نشر صورة كاريكاتورية لرمز ديني أو نشر كتاب يتضمن انتقاداً لأيديولوجية، دينية كانت أو سياسية، أمرٌ يعجز الإنسان الغربي عن تفهمه. فالثقافة الغربية تقدس حرية التعبير أكثر من تقديسها لأي شيء آخر، بما في ذلك المقدسات الدينية نفسها. أما ما يعجز عن فهمه المسلمون، فهو أن تقديس حرية التعبير في الغرب هو بالضبط ما يوفّر لهم الحق في ممارسة دينهم على الرغم مما يتضمنه هذا الدين من تعاليم مقيتة.

 حتى فترة قريبة من الزمن، كان الغربي يعتقد حقاً بأن هؤلاء الذين يخرجون إلى الشوارع بمظاهرات عنيفة كهذه، ليسوا سوى جهلة ورعاع، لأنه لم يكن ليصدّقُ بأنه يمكن أن يكون هناك دينٌ يدعو أتباعه للقيام بأعمال كهذه دفاعاً عن تعاليمه أو رموزه. ففي الماضي القريب، كنتَ إذا قلت لشخص أمريكي مثقف إن القرآن كتاب يحرّض على العنف ويزخر بالتعاليم التي تدعو إلى الكراهية، فإنه غالباً ما كان يرمقك بنظرة شكّ متسائلاً عما إذا كنت إنساناً متعصباً أو جاهلاً. أما اليوم، فلم يعد على هذا المقدار من الجهل بالإسلام. الأعمال الإرهابية التي أصابته في عُقرِ داره، لا بل والتي أصابت ولا زالت تصيب بلاد المسلمين أنفسهم، دفعته للتعرف على ماهيّة هذا الدين. أصبح هناك اشخاص يتصلون ببرامج الحوار الإذاعية أو التلفزيونية وهم يستشهدون بآيات من القرآن، قرأوها بأنفسهم، مستنكرين وجودها في كتاب ديني. لم يعد هناك الآن أمريكي لم يسمع بحوريات الجنة التي لا يتورع المسلمون عن تفجير أنفسهم في الأماكن العامة طمعاً بالحصول عليها في الحياة الآخرة. ولم يعد هناك لا غربي ولا شرقي لا يعرف معنى كلمة الجهاد. والأمر الذي يبعث على السخرية حقاً، لا بل على الرثاء أيضاً، فهو محاولة أصحاب الدعاية الإسلامية تصوير الإقبال على شراء القرآن وغيره من الكتب الإسلامية إقبالاً على الإسلام...!

*********

 الغربي لا يهتم عادة بانتقاد الغير إلا إذا اصابه من هذا الغير اعتداء عليه أو على حقوقه. إنه يتعايش مع كل المعتقدات والتقاليد التي هي أساساً محمية بقوانين العالم الغربي. لكن، ما أصابه من المسلمين فتح الباب بشكل واسع على الإسلام فأصبح هو وأتباعه تحت المجهر، وبالتالي عرضة للنقد وللسخرية... وما أكثر ما في هذا الدين مما يستحق النقد والسخرية...!

في الواقع، ليس هناك من معتقدٍ أو فكرٍ أو شخص يتمتع بأية حصانةٍ ضد النقد، والمرجع الوحيد الذي يبتّ في حدود النقد هو القضاء فقط. لذلك، لا نسمع عن مظاهرات يهودية أو مسيحية أو بوذية يخرج فيها أتباعها يحرقون الأخضر واليابس دفاعاً عن دياناتهم.

فلماذا إذاً الإسلام وحده بين كل هذه الديانات هو الأكثر عرضةً للانتقاد؟ ولماذا هم المسلمون وحدهم بين كل أتباع الديانات الذين يلجأون إلى العنف رداً على الانتقاد؟

 الجواب على هذين السؤالين هو أنه ليس هناك من يكشف عن مؤخرته دون أن يتوقع تسليط الأضواء عليها. أعمال المسلمين هي التي كشفت عورة الإسلام وسلّطت الأضواء عليها، وخاصة للذين لم يسبق لهم وأن رأوها...!

************

ليس من المبالغة في شيء أبداً إن قلنا بأن مشكلة العالم الكبرى التي تهدد استقراره وتقدمه هي الإسلام. العالم كله يعاني منه، بما في ذلك المسلمون أنفسهم. نظرة سريعة إلى ما يشغل العالم كله اليوم، تؤكّد قول الإمبراطور البيزنطي الذي استشهد به البابا بندكت السادس عشر، "أرني شيئاً جديداً أتى به محمد ولن تجد فيه إلا ما هو شرير وغير إنساني...!" ولقد أثبت صحة هذا القول المسلمون أنفسهم بالمظاهرات العنيفة التي قاموا بها احتجاجاً عليه، وما صاحب تلك المظاهرات من أعمال التخريب والحرق والقتل والاعتداء على السفارات والكنائس. 

 لا بل ليس من المبالغة في شيء إن قلنا بأن الإسلام ليس وراء الإرهاب فقط، إنما هو أيضاً وراء فقر الشعوب الإسلامية وتخلفها. فالدين الذي يشجع أتباعه على إنجاب أكبر عدد من الأطفال لأن نبيه يريد أن يفاخر بعددهم الأمم يوم القيامة(2) لا شكّ في أنه لم يحسب حساباً لطعامهم ولباسهم وتربيتهم ولكمية اللقاحات التي يسعى العالم الغربي لتأمينها لهم. والدين الذي لا زال يفرض نفسه على دساتير الدول الإسلامية كمصدر للتشريع، هو الذي يقف عقبة بين شعوب هذه الدول وبين تقدمها وتمتعها بالحرية.

**********

 ختاماً، هناك ما لابدّ من الإشارة إليه، وهو أنه علاوةً على كل ما تقدّم، وعلاوةً على كل ما يزخر به الإسلام من تعاليم إرهابية أو سخيفة مضحكة تستوجب النقد، فإنه لا يعقل أن تتضمن تعاليم هذا الدين شتائمَ مهينة بحق الذين لا يؤمنون به دون أن يتوقع المسلمون الرد على شتائمه، على الأقل، إن لم يكن بشتيمة، فبانتقادٍ أو بسخرية. فالقرآن والحديث يزخران بالشتائم الموجهة لغير المسلمين، وبالذات، للمسيحيين واليهود، كوصفهم بالقردة والخنازير والبهائم والكفرة القذرين النجسين الذي لا تجوز مصافحتهم والمنافقين الذين لا تجوز مصاحبتهم.(3) ربما على المسلمين أن يعملوا على إعادة النظر بهذه النصوص قبل الاحتجاج على أية شتيمة أو نقد ساخر بحقهم وبحق دينهم.    

===============

1 ـ إنجيل متى 26 : 52

2 ـ "تناكحوا، تكاثروا، فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة." (حديث)

3 ـ سورة المائدة 5 : 60 ؛ سورة الأنفال 8 :55 ؛ سورة التوبة 9 : 28 ؛  سورة المائدة 5 : 51 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط