بسام درويش / Jun 15, 2002

عرضت محطة تلفزيونية سعودية مؤخراً تسجيلاً لحوار أجرته مندوبةٌ لمجلة المرأة الإسلامية مع طفلة سعودية عمرها ثلاث سنوات ونصف السنة. وقد أثار هذا الحوار ضجة كبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا بسبب ما تضمنه من عبارات الكراهية التي تمّ تلقينها للطفلة.

ما يلي، هو ترجمةٌ للحوار كما جاء في النص الإنكليـزي الذي نشرته "مؤسسة الشرق الأوسط للأبحاث" ( www.memri.org )

===========

مندوبة المجلة: "تقريرنا اليوم سيكون مختلفاً قليلاً، لأن ضيفنا بنت، بنتٌ مسلمة، ولكنها مسلمة حقيقية. إن شاء الله، ونطلب من الله أن يعطينا القوة كي نثقف أولادنا في الطريقة نفسها، حتى يكون الجيل القادم مسلمين حقيقيين يفهمون بأنهم مسلمين ويعرفون أعداءهم. هذه البنت ستعرّف على نفسها حالاً. إنها ابنة أختي بالإيمان والفنانة وجدي العربي. اسمها "بسم الله" ولسوف نسألها ذلك أيضاً."   

الطفلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المندوبة: ما هو اسمك؟

الطفلة: بسم الله

المندوبة: بسم الله، كم هو عمرك؟

الطفلة: ثلاث سنوات ونصف.

المندوبة: هل أنت مسلمة؟

الطفلة: نعم

المندوبة: بسم الله، هل تعرفين اليهود؟

الطفلة: نعم!

المندوبة: هل أنت تحبينهم؟

الطفلة: لا

المندوبة: لماذا لا تحبينهم؟

الطفلة: لأنّهم..

المندوبة: لأنهم ماذا؟..

الطفلة: لأنهم قردة وخنازير.

المندوبة: لأنهم قردة وخنازير. من قال عنهم ذلك؟

الطفلة: ربنا

المندوبة: أين قال ذلك؟

الطفلة: في القرآن.

المندوبة: صحيح.. لقد قال عنهم كذلك في القرآن. بسم الله، ماذا يعمل اليهود؟

الطفلة: شركة بيبسي

المندوبة: (توافق وهي تضحك) وتعرفين أيضاً عن المقاطعة، بسم الله؟ هل أحبوا سيدنا محمد؟

الطفلة: لا

المندوبة: لا. وماذا عمل اليهود له؟

الطفلة: (تصمت لفترة وهي تبذل الجهد بحثا عن الجواب المناسب.) النبي محمد قتل أحداً ما..

المندوبة: واضح، سيدنا محمد كان قوياً وكان بإمكانه أن يقتلهم. حسناً، أنت تعرفين قصص اليهود وما فعلوه للنبي محمد؟

الطفلة: (تتمتم موافقة)

المندوبة: هل هناك قصة تعرفينها؟

الطفلة: نعم، قصة المرأة اليهودية.

المندوبة: المرأة اليهودية؟ ماذا فعلَتْ لسيدنا النبي محمد؟

الطفلة: المرأة اليهودية؟

المندوبة: نعم.

الطفلة: كان هناك امرأة يهودية دعت النبي محمد ورفاقه. عندما سألها، "هل وضعت سماً (في طعامي)؟" قالت له: "نعم." فسألها، "لماذا فعلتِ ذلك؟" فأجابت، "إذا كنت كذاباً فإنك ستموت والله لن يحميك، وإذا كنت صادقاً فإن الله سيحميك."

المندوبة: وربنا حمى النبي محمد بالطبع.

الطفلة: وقال لرفاقه، "سأقتل هذه المرأة."

المندوبة: طبعاً، لأنها وضعت سماً في طعامه، هذه اليهودية. 

الطفلة: نعم.

المندوبة: (تتحدث مباشرة إلى الكاميرا) بسم الله، سبحان الله، بسم الله، سبحان الله. فليباركها الله. ليس هناك من لا يتمنى أن يعطيه الله ابنة مؤمنة كهذه. بارك الله أباها وأمها. الجيل القادم من الأولاد يجب أن يكونوا مسلمين حقيقيين. يجب علينا أن نثقفهم الآن وهم لا زالوا بعد أطفالاً حتى يكونوا مسلمين حقيقيين.

**********  

أعترفُ بأنني كدت أتقيّأ وأنا أستمع إلى الحوار على شاشة التلفزيون. وأعترف بأنني أكاد أتقيّأ الآن وأنا أكتب كل كلمة من كلماته.

ماذا تعرف هذه الطفلة حقاً عن اليهود وعن محمد غير ذاك الذي لقنوها إياه؟..

بعد سنتين ونصف السنة، ستبلغ الصغيرة السادسة من عمرها، ولسوف تبقى وهي في السادسة طفلة صغيرة. هل

سيقولون لها أن هذا النبي الذي يعظمونه في عينيها قد نظر بعين الشهوة إلى طفلة صغيرة كانت في عمرها تماماً؟..

وحين تبلغ التاسعة، هل سيقولون لها أنّ محمداً هذا، قد أوى وهو يقارب الستين من عمره، إلى فراش صغيرة بعمرها الغض ليمارس الجنس معها؟.. وإن قيل لها ذلك هل يمكن لعقلها البريء أن يفهم كنه تلك العلاقة؟..

********** 

ككتابٍ لم تُكتب كلماته بعدُ لا زالت هذه الطفلة البريئة!.. في يــدِ كاتبه أن يخطّ على صفحاته أعذب الأشعار، أو إن شاء، أقذر الأفكار.

وكالتربة الغضّة تنتظر البستانيّ لا زالت!.. بيد البستانيّ أن يزرع فيها ورداً، أو إن شاء عوسجاً أو أفيوناً.

بريئة براءة الورد. وديعة وداعة الحمائم. هكذا رأيتها قبل أن تنطق بكلمة. وهكذا رأيتها أيضاً حتى بعد أن نطقت بما أردوا لها أن تقول.

ولكن هذه الصغيرة لن تكبر لتبقى بريئة. لن تكبر كي تكون عضواً في مجتمعها الإنساني الكبير تعمل من أجل خيره ومستقبله. لن تكبر لكي تكون أماً صالحة بل أماً كأمها التي ساهمت مع أبيها بتشويه صفائها الملائكي.

لقد سـطّر ذووها كتاب مستقبلها بحروف الكراهية والحقد. بذروا في تربة قلبها البريء بذور الشر. أعدّوها لتصبح معولاً هداماً وباروداَ مدمّراً وسماً قاتلاً.

هل حقاً يبارك الله بأب كأبيها وأم كأمّهــا؟.. لا بارك الله لا بأبيها ولا بأمّها ولا بهكذا أمّة!..

لا عجب أن يخرج من هذه الأمة، وهي على ما هي عليه من جهلٍ، إرهابيون يقلقون راحة العالم ويدمّرون ما تعب غيرهم من بني البشر في بنائه.

يتساءلون عن أسباب تخلفهم، ولا حاجة لهم أن يذهبوا بعيداً في البحث عن أسباب هذا التخلف، ففي هذا الحوار ما يكفي للإجابة على تساؤلاتهم.

لا تتساءلوا كثيراً.. هل سمعتم عن طفل غربي يقول بأن أبويه قد علماه أنه لا يجوز أن يبدأ أحداً لا يدين بدينه بالسلام؟..

هل سمعتم عن طفل غربي يقول أن المسلمين قروداً وخنازير حتى بعد جريمة الحادي عشر من أيلول؟..

هل سمعتم عن طفل أمريكي يقول أنه سيثأر بنفسه لأبيه الذي قتله المسلمون يوم الحادي عشر من أيلول؟..

*********

"من منكم يتمنى أن يرى أميركا تذهب إلى الحرب ضد الإرهابيين؟"

سؤال طرحته مقدمة برنامج تلفزيوني على مجموعة مكونة من عشرة تلاميذ أميركيين صغار، وكان ذلك بعد أيام فقط من الحادي عشر من أيلول. آنذاك، كان يُفترض أن تكون كراهية الأمريكيين للإسلام والمسلمين على أوجها. ولكن الجواب كان صمتاً. لم يفتح الأطفال أفواههم بكلمة لقنهم إياها أهلهم. لقد كانوا يفكرون!..

عادت المذيعة وطرحت السؤال بصيغة مختلفة قائلة: "من منكم لا يريد أن يرى أميركا تذهب إلى الحرب ضد الإرهابيين؟.." عشرة تلاميذ من أصل عشرة رفعوا أيديهم يعلنون بأنهم لا يريدون الحرب. على أثر ذلك، أخذت المذيعة تسأل بعضهم عن السبب وراء معارضتهم للحرب، ولم تكن أجوبتهم غريبة على الإطلاق.

أجمع التلاميذ على خشيتهم من وقوع ضحايا أبرياء لا علاقة لهم بالمجرمين رغم أن هؤلاء المجرمين استهدفوا الأبرياء فقط. قال عدد من التلاميذ أنهم لا يريدون أن يروا أطفالاً يموتون أو يُحرمون من آبائهم وأمهاتهم. وقال أكثر من واحد أن أميركا يجب أن تبحث عن الذين يخططون للإرهاب وتجلبهم للعدالة. وقالت طفلة، "إذا تسببنا في قتل أبرياء فإننا نفعل مثلهم!.."

هؤلاء الأطفال، رغم ما في إجاباتهم من تعبير عن براءة وإحساس مرهف، فإنهم ولا شكّ مرآة تعكس صورة أمهاتٍ وأباء في البيوت، ومعلمين في المدارس، يعملون كلهم يداً بيد على تنشئة جيل ينظر إلى العالم وإلى شعوبه كلها بعين المحبة. تربيةٌ تعبّر عن عظمة هذا الشعب وأصالة حضارته. أجوبة هؤلاء الأطفال كانت بالتأكيد  تعكس تربية تختلف عن تربية أهل الطفلة السعودية الصغيرة البريئة التي أصبحت بين ليلة وضحاها، وبفضلهم، رمزاً للتربية المشوّهة المريضة.

*********** 

إن أباً كهذا الأب هو عار على كل أب وعلى الأبوة نفسها، وإن أماً كهذه الأم هي عار على كل أم وعلى الأمومة نفسها. إنهما ودون أي مبالغة، مجرمان، ليس بحق ابنتهما فقط، بل بحق العالم والإنسانية، يشاركهما في جريمتهما المسؤولون في مملكة الجهل السعودية هذه، حكومةً وإعلاماً.

********** 

اليهود قردة وخنازير!.. أما العرب فليسوا بني آدم فقط، بل أعظم بني آدم على الإطلاق. هكذا يقول كتابهم الذي جعل من اليهود قردة وخنازير!

هنا لا نملك إلا أن نسأل: ماذا قدّم أجيال هذه الأمة الكريمة الشريفة النبيلة للإنسانية والحضارة؟.. وماذا قدّم أجيال هؤلاء القردة والخنازير للحضارة الإنسانية.

ليس على المسلمين أن يذهبوا بعيداً للإجابة على هذا السؤال، فأدمغتهم لا تحتمل الذهاب إلى أبعد مما تصل إليه أنوفهم. لا بل، لا يجوز لهم أن يضيعوا الوقت بالذهاب بعيداً وعليهم ما عليهم من واجبات التفرّغ لتعليم فلذات أكبادهم كراهية هؤلاء اليهود وأوليائهم من الكفار. 

ليس على المسلمين أن يذهبوا بعيداً.. ما عليهم إلا أن ينظروا إلى الأدوية التي تمتلئ بها مستشفياتهم وإلى الطائرات التي يستعملونها في تنقلاتهم وإلى كل ما بين أيديهم من اختراعات حديثة. لينظروا إليها وليتأمّلوا في ما عليها من بصمات. ليفعلوا ذلك ويخبرونا عما إذا كانت آثار تلك البصمات هي لأبناء خير أمة أخرجت للناس أم أنها بصمات القردة والخنازير وأوليائهم من الكفار المشركين!؟..

 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط