منقول / Nov 25, 2006

هذا الموضوع الذي يبعث على الاشمئزاز منشورٌ في عشرات المواقع الإسلامية.

************

النحر على الطريقة الاسلامية * فشرد بهم من خلفهم

بسم الله الرحمن الرحيم
تعودنا كلما مات أو قتل صليبي يخرج له من بين أظهرنا من يولول وينتحب ويستنكر ويشجب: الوحشية والهمجية والتعصب والرجعية والتطرف والإساءة للإسلام والمسلمين وللتاريخ الإسلامي المشرّف الخالي من القتل والقتال والعصبية الدينية!!
وقد خرج نوائح " نيك بيرج" - الأمريكي اليهودي المذبوح على الطريقة الإسلامية في العراق الأبية – فشقوا الجيوب، وعلا النحيب والشجب والإستنكار، وقام المثبطون ولم يقعد المرجفون الذين لا زالوا يُخوّفون المجاهدين بعلوج الصليب وانتقامهم!!
ثم قام من بين هؤلاء النوائح من يدعي بأن هذه الذِّبحة الحسنة ليست من الإسلام في شيء!!
سبحان الله!!
كيف لا تكون إسلامية والجماعة قد حدّوا شفرتهم وأراحوا ذبيحتهم كما جاء عن خير البريّة!! إنها والله من أفضل الذبائح ومن أجلّ القربات إلى الله سبحانه وتعالى (لا يجتمع كافر وقاتِلَه في النار أبداً) (مسلم).... نسأل الله أن يتقبّل من المجاهدين..
إن الله أمر بقتال المشركين وقتلهم، بل والإثخان في قتلهم، فقال: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال: 67).
قال القرطبي في تفسيره: (والإثخان: كثرة القتل، عن مجاهد وغيره. أي يبالغ في قتل المشركين. تقول العرب: أثخن فلان في هذا الأمر أي بالغ. وقال بعضهم: حتى يقهر ويقتل. وأنشد المفضل:
تصلي الضحى ما دهرها بتعبد وقد أثخنت فرعون في كفره كفرا
وقيل: "حتى يثخن" يتمكن. وقيل: الإثخان القوة والشدة. فأعلم الله سبحانه وتعالى أن قتل الأسرى الذين فودوا ببدر كان أولى من فدائهم...) انتهى.
ولا يأتي توثيق الأسرى وأخذهم إلى بعد الإثخان في العدو ليعلم هيبة الإسلام وقوته التي يستمدها من الوحي الرباني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، قال تعالى {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} (محمد: 4).

قال القرطبي رحمه الله في قوله تعالى {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}: (لما ميز بين الفريقين أمر بجهاد الكفار. قال ابن عباس: الكفار المشركون عبدة الأوثان. وقيل: كل من خالف دين الإسلام من مشرك أو كتابي إذا لم يكن صاحب عهد ولا ذمة، ذكره الماوردي واختاره ابن العربي وقال: وهو الصحيح لعموم الآية فيه. {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} مصدر. قال الزجاج: أي فاضربوا الرقاب ضربا. وخص الرقاب بالذكر لأن القتل أكثر ما يكون بها.... وقيل: التقدير اقصدوا ضرب الرقاب. وقال: {فضرب الرقاب} ولم يقل فاقتلوهم: لأن في العبارة بضرب الرقاب من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صوره، وهو حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه. {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} "فإما منا" عليهم بالإطلاق من غير فدية "وإما فداء". ولم يذكر القتل هاهنا اكتفاء بما تقدم من القتل في صدر الكلام، و"منا " و "فداء" نصب بإضمار فعل. وقرئ "فدى" بالقصر مع فتح الفاء، أي فإما أن تمنوا عليهم منا، وإما أن تفادوهم فداء....

واختلف العلماء في تأويل هذه الآية على خمسة أقوال - وما زال الكلام للقرطبي رحمه الله - ؛

الأول: أنها منسوخة، وهي في أهل الأوثان، لا يجوز أن يفادوا ولا يمن عليهم. والناسخ لها عندهم قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (التوبة: 5)، وقوله {فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم} (الأنفال: 57)، وقوله: {وقاتلوا المشركين كافة... الآية} (التوبة: 36)، قال قتادة والضحاك والسدي وابن جريج والعوفي عن ابن عباس، وقاله كثير من الكوفيين. وقال عبد الكريم الجوزي: كتب إلى أبي بكر في أسير أسر، فذكروا أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا، فقال اقتلوه، لقتل رجل من المشركين أحب إلي من كذا وكذا.

الثاني: أنها في الكفار جميعا. وهي منسوخة على قول جماعة من العلماء وأهل النظر، منهم قتادة ومجاهد. قالوا: إذا أسر المشرك لم يجز أن يمن عليه، ولا أن يفادى به فيرد إلى المشركين، ولا يجوز أن يفادى عندهم إلا بالمرأة
؛ لأنها لا تقتل. والناسخ لها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (التوبة: 5) إذ كانت براءة آخر ما نزلت بالتوقيف، فوجب أن يقتل كل مشرك إلا من قامت الدلالة على تركه من النساء والصبيان ومن يؤخذ منه الجزية. وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة، خيفة أن يعودوا حربا للمسلمين. ذكر عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة {فإما منا بعد وإما فداء} قال: نسخها {فشرد بهم من خلفهم}. وقال مجاهد: نسخها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (التوبة: 5). وهو قول الحكم.

الثالث: أنها ناسخة، قال الضحاك وغيره روى الثوري عن جويبر عن الضحاك: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (التوبة: 5) قال: نسخها {فإما منا بعد وإما فداء}. وقال ابن المبارك عن ابن جريج عن عطاء: {فإما منا بعد وإما فداء} فلا يقتل المشرك ولكن يمن عليه ويفادى، كما قال الله عز وجل. وقال أشعث: كان الحسن يكره أن يقتل الأسير، ويتلو {فإما منا بعد وإما فداء
}. وقال الحسن أيضا: في الآية تقديم وتأخير، فكأنه قال: {فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها}. ثم قال: {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق}. وزعم أنه ليس للإمام إذا حصل الأسير في يديه أن يقتله؛ لكنه بالخيار في ثلاثة منازل: إما أن يمن، أو يفادي، أو يسترق. - أقول: وهذا قول ضعيف مخالف للنصوص، كما سيأتي -

الرابع: قول سعيد بن جبير: لا يكون فداء ولا أسر إلا بعد الإثخان والقتل بالسيف، لقوله تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} (الأنفال: 67). فإذا أسر بعد ذلك فللإمام أن يحكم بما رآه من قتل أو غيره.

الخامس: أن الآية محكمة، والإمام مخير في كل حال، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقاله كثير من العلماء منهم ابن عمر والحسن وعطاء، وهو مذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبي عبيد وغيرهم. وهو الاختيار ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فعلوا كل ذلك، قتل النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوم بدر صبرا، وفادى سائر أسارى بدر، ومن على ثمامة بن أثال الحنفي وهو أسير في يده، وأخذ من سلمة بن الأكوع جارية ففدى بها أناسا من المسلمين، وهبط عليه عليه السلام قوم من أهل مكة فأخذهم النبي صلى الله عليه وسلم ومن عليهم، وقد من على سبي هوازن. وهذا كله ثابت في الصحيح...

قال النحاس: وهذا على أن الآيتين محكمتان معمول بهما، وهو قول حسن ; لأن النسخ إنما يكون لشيء قاطع، فإذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى للقول بالنسخ، إذا كان يجوز أن يقع التعبد إذا لقينا الذين كفروا قتلناهم، فإذا كان الأسر جاز القتل والاسترقاق والمفاداة والمن على ما فيه الصلاح للمسلمين. وهذا القول يروى عن أهل المدينة والشافعي وأبي عبيد، وحكاه الطحاوي مذهبا عن أبي حنيفة، والمشهور عنه ما قدمناه، وبالله عز وجل التوفيق.. (تفسير القرطبي / مختصراً)

أما قول الله تعالى {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} قال مجاهد وابن جبير: هو خروج عيسى عليه السلام. وعن مجاهد أيضا: أن المعنى حتى لا يكون دين إلا دين الإسلام , فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة، وتأمن الشاة من الذئب. ونحوه عن الحسن والكلبي والفراء والكسائي. قال الكسائي: حتى يسلم الخلق. وقال الفراء: حتى يؤمنوا ويذهب الكفر. وقال الكلبي: حتى يظهر الإسلام على الدين كله. وقال الحسن: حتى لا يعبدوا إلا الله). (تفسير القرطبي)..

فالذين ينعقون بنظريات الحمام عليهم مراجعة كتاب رب الأنام؛ لن يوضع السيف حتى يُقتل الدجال على يدي عيسى عليه وعلى نبينا السلام..

جاء في الكشاف للزمخشري: (ومعنى الإثخان‏:‏ كثرة القتل والمبالغة فيه من قولهم‏:‏ أثخنته الجراحات إذا أثبتته حتى تثقل عليه الحركة‏.‏ وأثخنه المرض إذا أثقله من الثخانة التي هي الغلظ والكثافة يعني حتى يذل الكفر ويضعفه بإشاعة القتل في أهله ويعز الإسلام ويقويه بالاستيلاء والقهر‏.‏ ثم الأسر بعد ذلك) انتهى.

لقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالإغلاظ على العدو لما في ذلك من مصلحة إرهاب أعدائه، فإنهم كانوا يستضعفون المسلمين، فكان في هذا الإغلاظ على الأعداء تحريض على عقوبتهم، لأنهم يستحقونها. وفي ذلك رحمة لغيرهم لأنه يصد أمثالهم عن التفكير في الإعتداء على المسلمين ويكفي المؤمنين شرهم. ولا تخالف هذه الشدة كون الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل رحمة للعالمين، لأن المراد أنه رحمة لعموم العالمين وإن كان ذلك لا يخلو من شدة على بعضهم، كقوله تعالى {ولكم في القصاص حياة}، وهذا معنى قوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (الأنفال: 57)

نقل القرطبي عن الزجاج في تفسير قوله تعالى {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}: (افعل بهم فعلا من القتل تفرق به من خلفهم) انتهى.

وقال الزمخشري في الكشاف: ({‏فشرد بهم من خلفهم} ‏ففرق عن محاربتك ومناصبتك بقتلهم شر قتلة والنكاية فيهم من وراءهم من الكفرة حتى لا يجسر عليك بعدهم أحد اعتباراً بهم واتعاظاً بحالهم) انتهى..

قال البغوي في تفسيره: (أنذر بهم من خلفهم. وأصل التَّشريد: التفريق والتبديد، معناه فرق بهم جمع كل ناقض، أي: افعل بهؤلاء الذي نقضوا عهدك وجاؤوا لحربك فعلاً من القتل والتنكيل، يفرق منك ويخافك من خلفهم) انتهى.

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: (أي نكل بهم. قاله ابن عباس والحسن البصري والضحاك والسدي وعطاء الخراساني وابن عيينة.. ومعناه: غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتلا ليخاف من سواهم من الأعداء من العرب وغيرهم ويصيروا لهم عبرة {لعلهم يذكرون} وقال السدي: يقول لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك) انتهى.

وقال الطبري رحمه الله: (قال ابن زيد، في قول الله: {فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم}، قال: أخفهم بما تصنع بهؤلاء وقرأ {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم) انتهى.

وبعد أن عرفنا الحكمة من التعامل بهذه الغلظة والقوة مع الأعداء من كتاب الله، فلنعرّج على أحكام الأسير في الشريعة الربانية، ليعلمها المسلمون، ويحصل لهم بهذا العلم حصانة من فيروسات وفطريات المنافقين والنائحين على أشلاء الصليبيين..

من هو الأسير؟!

جاء في الموسوعة الفقهية، في تعريف الأسير: بتتبّع استعمالات الفقهاء لهذا اللّفظ يتبيّن أنّهم يطلقونه على كلّ من يظفر بهم من المقاتلين ومن في حكمهم، ويؤخذون أثناء الحرب أو في نهايتها، أو من غير حربٍ فعليّةٍ، ما دام العداء قائماً والحرب محتملةٌ.

أما حكمه فـ: الأسر مشروعٌ، ويدلّ على مشروعيّته النّصوص الواردة في ذلك، ومنها قول اللّه سبحانه "فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق... " ولا يتنافى ذلك مع قول اللّه تعالى {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض} لأنّها لم ترد في منع الأسر مطلقاً، وإنّما جاءت في الحثّ على القتال، وأنّه ما كان ينبغي أن يكون للمسلمين أسرى قبل الإثخان في الأرض، أي المبالغة في قتل الكفّار.

في من يجوز أسره ومن لا يجوز:

يجوز أسر كلّ من وقع في يد المسلمين من الحربيّين - أي: أفراد الدولة المحاربة - صبيّاً كان أو شابّاً أو شيخاً أو امرأةً، الأصحّاء منهم والمرضى، إلاّ من لا يخشى من تركه ضررٌ وتعذّر نقله، فإنّه لا يجوز أسره على تفصيلٍ بين المذاهب في ذلك.

فمذهب الحنفيّة والحنابلة، وهو مقابل الأظهر عند الشّافعيّة: أنّه لا يؤسر من لا ضرر منهم، ولا فائدة في أسرهم، كالشّيخ الفاني والزّمن والأعمى والرّاهب إذا كانوا ممّن لا رأي لهم. ونصّ المالكيّة على أنّ كلّ من لا يقتل يجوز أسره، إلاّ الرّاهب والرّاهبة إذا لم يكن لهما رأيٌ فإنّهما لا يؤسران، وأمّا غيرهما من المعتوه والشّيخ الفاني والزّمن والأعمى فإنّهم وإن حرم قتلهم يجوز أسرهم، ويجوز تركهم من غير قتلٍ ومن غير أسرٍ.
وذهب الشّافعيّة في الأظهر إلى أنّه يجوز أسر الجميع دون استثناءٍ.

أما ما يُفعل بالأسير:

فقد: نصّ الشّافعيّة والحنابلة على تخيير الإمام في الرّجال البالغين من أسرى الكفّار، بين قتلهم، أو استرقاقهم، أو المنّ عليهم، أو مفاداتهم بمالٍ أو نفسٍ.
أمّا الحنفيّة فقد قصروا التّخيير على ثلاثة أمور فقط: القتل، والاسترقاق، والمنّ عليهم بجعلهم أهل ذمّة على الجزية، ولم يجيزوا المنّ عليهم دون قيد، ولا الفداء بالمال إلاّ عند محمّد بن الحسن بالنّسبة للشّيخ الكبير، أو إذا كان المسلمون بحاجة للمال. وأمّا مفاداتهم بأسرى المسلمين فموضع خلافٍ عندهم.
وذهب مالك إلى أن الإمام يخيّر في الأسرى بين خمسة أشياء: فإمّا أن يقتل، وإمّا أن يسترقّ، وإما أن يعتق، وإمّا أن يأخذ فيه الفداء، وإمّا أن يعقد عليه الذّمّة ويضرب عليه الجزية، والإمام مقيّدٌ في اختياره بما يحقّق مصلحة الجماعة.. (الموسوعة الفقهية: مادة "أسرى").

وفيها: (ذهب الجمهور من المالكيّة، والشّافعيّة، والحنابلة، وصاحبا أبي حنيفة، وهو إحدى الرّوايتين عن أبي حنيفة إلى جواز تبادل الأسرى، مستدلّين بقول النّبيّ "أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكّوا العاني" وقوله "إنّ على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم، ويؤدّوا عن غارمهم"، و "فادى النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجلين من المسلمين بالرّجل الّذي أخذه من بني عقيلٍ". "وفادى بالمرأة الّتي استوهبها من سلمة بن الأكوع ناساً من المسلمين كانوا قد أسروا بمكّة" ولأنّ في المفاداة تخليص المسلم من عذاب الكفّار والفتنة في الدّين، وإنقاذ المسلم أولى من إهلاك الكافر) انتهى.

قال ابن تيمية رحمه الله (ج 28 من الفتاوى): (أوجبت الشريعة قتال الكفار، ولم توجب قتل المقدور عليهم منهم، بل إذا أسر الرجل منهم في القتال، أو غير القتال، مثل أن تلقيه السفينة إلينا، أو يضل الطريق، أو يؤخذ بحيلة، فإنه يفعل فيه الإمام الأصلح: من قتله، أو استعباده، أو المن عليه، أو مفاداته، بمال أو نفس عند أكثر الفقهاء، كما دل عليه الكتاب والسنة، وإن كان من الفقهاء من يري المن عليه ومفاداته منسوخاً‏) انتهى كلامه رحمه الله.

قال صديق حسن خان في الروضة: (ذهب الجمهور إلى أن الإمام يفعل ما هو الأحوط للاسلام والمسلمين في الأسارى فيقتل أو يأخذ الفداء أو يمن).

وقال العلامة القاسمي في "محاسن التأويل": (وبالجملة فالذي عول عليه الأئمة المحققون رضى الله عنهم أن الأمير يخير بعد الظفر تخيير مصلحة لا شهوة في الأسرى المقاتلين بين قتل واسترقاق ومنّ وفداء، ويجب عليه اختيار الأصلح للمسلمين لأنه يتصرف لهم على سبيل النظر فلم يجز له ترك ما فيه الحظ، ثم قال فإن منهم (أي الأسرى) من له قوة ونكاية في المسلمين فقتله أصلح، ومنهم الضعيف ذو المال الكثير ففداؤه أصلح، ومنهم حسن الرأى في المسلمين يرجى إسلامه فالمن عليه أولى ومن ينتفع بخدمته ويؤمن شره فاسترقاته أصلح. وذكر ذلك في شرح الإقناع).

وقال الشوكاني رحمه الله: (والحاصل أن القرآن والسنة قاضيان بما ذهب إليه الجمهور فإنه قد وقع منه صلى الله عليه وسلم المن وأخذ الفداء كما في الأحاديث، ووقع منه القتل، فإنه قتل النضر بن الحرث وعقبه بن معبط وغيرهما، ووقع منه فداء رجلين من المسلمين برجل من المشركين، قال الترمذي بعد أن ساق حديث عمران بن حصين في فداء أسيرين من المسلمين "والعمل على هذا عن أكثر اهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن للامام أن يمن على من شاء من الأسارى ويقتل من شاء منهم ويفدى من شاء" ويروى أنه قيل لاحمد؛ إذا أسر الاسير يقتل أو يفادى احب اليك؟ قال؛ إن قدر أن يفادى فليس به بأس وإن قتل فما أعلم به بأسا).

إن الإمام مخيّر في الأسير، وقادة المجاهدين اليوم هم أمراء المسلمين، فهم يفعلون ما يرونه مناسباً مع هؤلاء الأسرى الصليبيين، فأمرهم ماضٍ، وحكمهم فيهم نافذ، ومن تحدثه نفسه معارضتهم فعلتهم هذه: فليحمل سلاحه، وليقصد الهيجا، ولينصّب نفسه أميراً في الجهاد ثم إن أسر أسرى: يفعل بهم ما شاء، ولا يعارضه في فعله أحد، أمّا وهم الأمراء: فلا قول لأحد فيما يفعلون بعد أن أطلق الله لهم الأمر من فوق سبع سموات..

أقول: في زماننا هذا وفي ظروفنا هذه لا يصلح في هؤلاء الأسرى إلا ما فعله إخواننا: من القتل أو المفاداة بأسرانا، أما المنّ وأخذ الفداء - من مال ونحوه - وإسترقاق رجال الحربيين من الأمريكان والبريطانيين وغيرهم - ممن يحاربون المسلمين – فهذا لا ينفع المسلمين ولا يخدم قضاياهم في وقتنا هذا، وينبغي على المجاهدين أن لا يُفرّطوا في الأسرى، وأن يُكثروا من قتلهم - كما فعلوا - أو يفادوهم بأسرانا: حتى لا يبقى حربي في بلادنا، أو أسير مسلم في الأرض..

إن إخواننا في العراق - بارك الله فيهم – عرضوا مبادلة الأسير بأسرانا، فلم يرضى القوم، فنحروه على الطريقة الإسلامية ليعلم الذين كفروا أن أتباع هذا الدين لا يُعطون الدنية في دينهم، وأنهم لا يخافون ولا يخشون إلا الله، وأنهم يُرهِبون من جالدهم، ولا يَرهَبون إلا الله.. فنعم ما فعلوا.. إنها والله وصية ربنا من فوق سبع سموات: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}.

إنه لتعبير عجيب، يرسم صورة للأخذ المفزع، والهول المرعب، الذي يكفي السماع به للهرب والشرود. فما بال من يحل به هذا العذاب الرعيب؟ إنها الضربة المروّعة يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بها هؤلاء الذين مردوا على نقض العهد، وانطلقوا من ضوابط الإنسان، ليؤمن المعسكر الإسلامي أولاً، وليدمر هيبة الخارجين عليه أخيراً، وليمنع كائناً من كان أن يجرؤ على التفكير في الوقوف في وجه المد الإسلامي من قريب أو من بعيد..

إنها طبيعة هذا المنهج التي يجب أن تستقر صورتها في قلوب العصبة المسلمة.. إن هذا الدين لا بد له من هيبة، ولا بد له من قوة، ولا بد له من سطوة، ولا بد له من الرعب الذي يزلزل الطواغيت حتى لا تقف للمد الإسلامي، وهو ينطلق لتحرير "الإنسان" في "الأرض" من كل طاغوت. والذين يتصورون أن منهج هذا الدين هو مجرد الدعوة والتبليغ في وجه العقبات المادية من قوى الطاغوت، هم ناس لا يعرفون شيئاً عن طبيعة هذا الدين!! (في ظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله).

بارك الله في تلك الأيادي المتوضئة المجاهدة.. بارك الله في تلك النفوس الأبية التي لا زالت ترقى حتى تصل إلى الدرجات العلى - بإذن الله -.. بارك الله في هذه الطائفة الظاهرة على الحق المنصورة التي لا يضرها من خالفها حتى يأتي أمر الله وهي كذلك - نحسبهم كذلك والله حسيبهم -.. بارك الله في تلك العصابة المؤمنة التي أعادت الأمة إلى سيرتها الأولى.. بارك الله في تلك الأنامل التي خطّت بمداد الدم سطور العزة والكرامة المسلوبة..

دع الحسام ولا تذله فإنـه يشكو يمينك والجماجم تشـهدُ
جفّ النجيع عليه وهو مجرّد مـن غمـده فكأنما هو مغمدُ
ريان لو قذف الذي أسقيته لجرى من المهجات بحر مزبدُ
ما شاركَته منية في مهجة إلا وشفرتها على يدها يدُ

وأذكّر إخواني المجاهدين بمقولة الصديق مرّة أخرى: حينما كُتب إليه في أسير أسر، فذكروا أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا، فقال: (اقتلوه.. لقتل رجل من المشركين أحب إليّ من كذا وكذا).

فالمسلمون في جميع أقطاب الأرض يقولون لكم اليوم: اقتلوهم.. لقتل رجل من الأمريكان أو البريطانيين أو مَن عاونهم أحب إلينا من كذا وكذا.. اقتلوهم وانشروا صور قتلاهم حتى يتلبّط بوش على سريره وبلير على مهجعه فلا يغمض لهما جفن من هول ما يرونه من هذه المناظر التي تنسيهم النظر في عورات المسلمين..
والله أعلم
!
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
!

==============

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط