حسين ديبان / Apr 18, 2008

لم يعد هناك أدنى شك بأن الإسلام شكل منذ انطلاقه في شبه جزيرة العرب وعاءا حاضنا لكل أنواع الإستبداد والطغيان والديكتاتورية، منذ دولة الطغيان الإسلامية الأولى التي أنشأها محمد بن آمنة في المدينة، وشكلت بأحداثها ونصوصها عامل إلهام لتلك الديكتاتوريات المستبدة التي خلفت إرث محمد، بدءا من ديكتاتورية الخليفة الأول أبو بكر وبعده كل الديكتاتوريات، سواء تلك التي أتت في عصر ما سمي بالخلفاء "الراشدين"، ومن بعدهم، الديكتاتوريات الأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية، وصولا الى ديكتاتوريات اليوم التي وجدت بأفعال محمد ونصوصه رصيدا دسما للإرتكاز عليه في فعل كل محظور ومشين ولا انساني. وسيستمر الوضع من بعد حكام اليوم على ماهو عليه، حيث القتل والقمع والتنكيل ومصادرة الحريات العامة والخاصة وذلك الى يوم "الدين" من منظور اسلامي، أما من منظورنا المتواضع جدا فسيبقى الوضع على حاله حتى تثور الشعوب الاسلامية على حكامها القتلة والمجرمين، وهذا لعمري لن يحدث إلا بعد إلقاء تلك النصوص التي تحض على طاعة أولئك الحكام في مزبلة التاريخ.

 

تلك النصوص "المقدسة" التي تدعم حكم الفرد وليَ الأمر - وتطلب من الناس طاعته، حتى لو ارتكب الكثير من الجرائم والأخطاء والحماقات بحق الناس؛ فالشروط الواجب توافرها في هذا الحاكم واستنادا الى تلك النصوص، تقتصر على طاعة إله الإسلام والعمل بأركان الإسلام من صلاة وصوم وحج وزكاة والنطق بالشهادتين. وهذا هو حال جميع الحكام في الدول الإسلامية عبر تاريخ هذا الدين الممتد لأكثر من أربعة عشر قرنا، وبالتأكيد بدون أي استثناء، دون أن يكون لأركان الإسلام الخمس أدنى علاقة بالعدل والمساواة وحقوق الانسان وحرمة الغير وغيرها من المبادئ الإنسانية العامة، وهذه المبادئ وإن أتت بعض أفكار الإسلام على ذكرها بطريقة خجولة - حدث هذا في المرحلة المكيَة - إلا انها لم تُتَرجم في واقع المسلمين إلا في سياق حالات فردية كانت سلاحا بيد الحاكم الديكتاتوري ليتمكن من الإدعاء انه حاكم عادل لم تنجب الدنيا له مثيلا في العدل والمساواة.

 

 

في كثير من الأحيان التي اقترب فيها الباحثون من البحث في موضوع الإستبداد وعلاقته الوثيقة بالإسلام ونصوصه، لم يمتلكوا قدرا كافيا من الجرأة لتناول الإسلام المحمدي، لذا اتجهوا وبخجل شديد رافقه خوف ورعب من بطش علية القوم المسلمين واتهاماتهم الكبيرة لدراسة ظاهرة الإستبداد في إسلام مابعد محمد، مما جعل الأبواق المدافعة عن هذا الإسلام تجدُ على الدوام ذريعة تتذرع بها وهي القول بأن كل ماحدث بعد محمد لا يعود قياسا حقيقيا ولا يمكن محاكمة هذا الدين على أساسه، وبذلك فكل شيء يفيد مسيرة هذا الدين ويشكل دفعا له الى الأمام يأخذون به، وأي تشريح ونقد لا يخدم غايتهم، فالذريعة جاهزة وهي مطالبة الناس بدراسة الإسلام من خلال تجربة "رسوله"، وهم يُعَولُون في كلامهم هذا على أن أحدا لن يجرؤ على الاقتراب من سيرة رسولهم إلا بالحسنى، وإلا فإنهم جاهزون لإلقاء كل التهم من التكفير والزندقة الى المروق والردة بوجه من يتجرأ على خدش صورة محمد.

 

لم يدرك هؤلاء أن زمن تزييف التاريخ وتلميع شخوصه، وتقديس الخرافات والأساطير والشعوذات  قد ولى، وأتى زمن جديد لن تدع أقلامه أي شخص مهما علا شأنه، وأية نصوص مهما أفاض عليها أصحابها من قداسة، إلا وستكون عرضة للنقد والتشريح، فلا مكان للشعوذات الدينية في زمن العلم، ولا مجال للانغلاق والتقوقع في زمن الانفتاح والعولمة والقرية الكونية. إننا نعيش زمناً جديداً بكل معنى الكلمة لا قداسة فيه إلا للإنسان وحريته في التفكير والابداع، ولا سيادة لدين غير دين الإنسانية.

 

لقد حفلت حياة محمد بالكثير من الجرائم، وخاصة خلال العشر سنوات الأخيرة من عمره، بعد أن تحول الى منطق القوة والسيطرة والبلطجة بعد سنوات من منطق "قوة" الضعف والاستجداء والهوان. تلك السياسة التي نجح محمد في ممارستها استنادا لنصوصه أيَما نجاح واستطاع عبرها الحفاظ على نفسه، ريثما تتهيأ له الظروف للانتقال الى المرحلة الثانية، وهي المرحلة الأكثر خطورة في حياة شعوب شبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت وحياة كل شعوب العالم حالياً، وربما لن تكفيها صفحات "الإنترنت" العصيَة على التعداد في أن تغطي كل ماحصل خلالها من مجازر ومآسي واغتيالات وغزوات واحتلالات وقمع وإضطهاد ومكر وخديعة ونقض عهود ونكث وعود، وهي تحتاج الى تفرغ مجموعة كبيرة من الباحثين الجادين والأحرار الذين لم تتلوث عقولهم بنصوص الجهل والتخلف ولديهم القدرة على قول كلمة الحق ضد كل الحكام القتلة من محمد ومن بعده وصولا الى حكام يومنا هذا ووعاظهم ورهطهم المستبدين. أليس هذا تماما ما أراده محمد وماطالب به في مرحلة ما؟ أم هو كلام مرحلة الضعف وأدواتها "القلبية واللسانية" تمحوه و"تلحسه" مرحلة السطوة والجبروت و"أياديها" الإجرامية والإستبدادية القمعية، ليقول هؤلاء الباحثين كلمتهم، ويسجلوا أحداث تلك المرحلة للاستفادة من دروسها الأليمة، وتحذير العالم من مخاطرها في ظل استمرار تأثيرها على كثير من الناس بوصفها أعمالا جليلة ومقدسة، وهي في حقيقتها، وكما هي من مصادرها الإسلامية مرحلة دموية رهيبة شكلت نواة أساسية ومنهلا رئيسيا لكل الطغاة الذين خلفوا محمد منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا يغرفون منه كل مايحتاجون اليه من نصوص تساعدهم على الإمعان في مزيد من غِيِهم وطغيانهم.

 

هناك قول يردده العرب دائما، وهو أنّ العربي اذا امتلك المال فهو إمّا أن يرتكب جريمة قتل وإمّا سيتزوج حتى لو كان متزوجا طبعا، أما محمد فما أن حصل على القوة التي جلبت له مالا وفيرا حتى أبدع في كلا الحالتين. من جهة أولى أقدم على جملة من الزيجات تنوعت ضحاياه فيها من الأطفال ومتوسطات العمر والعجائز، وبمعنى أخر فقد تزوج محمد كل من رغبت نفسه بها، بدون أية ضوابط أخلاقية وبدون أدنى التزام بالأعراف والتقاليد الاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع ذلك الزمن. لم يكتفِ محمد بإشباع نزواته الشخصية بتلك الزيجات، ولكنه استعان بجملة من النصوص لترسيخ هذه الأفعال غير الأخلاقية كأفعال مقدسة، بل وأضاف عليها مقدسا آخر عابرا للأزمان - نصوصه صالحة لكل زمان ومكان - وهو إعطاء الحق للمسلم بممارسة الجنس مع كل ما ملكت يداه، وهذه عبارة لا يحددها شيء إلا غنى المسلم ونفوذه، فقد تجاوز عدد ما ملكت يمين بعضهم من الخلفاء والحكام والامراء آلاف الفتيات وكثير من "الفتيان" أو الغلمان أو الولدان، سموهم ماشئتم، فتلك العبارة لاتحدد أصلا نوع ملك اليمين. من البديهي القول أنّ الاحتجاجات على الافعال الاجرامية الخسيسة - اغتصابهن وتعذيبهن وسرقة مستحقاتهن المالية - التي يرتكبها كثير من المسلمين تجاه الخادمات العاملات في بيوتهم يجب أن توجه باتجاه النصوص التي أباحت تلك الأفعال وشرعتها، لأنّ تلك الاحتجاجات ستكون غير ذي قيمة إذ ما تمّ التعامل مع تلك الجرائم كحالات فردية.

 

من جهة ثانية فقد أبدع محمد بأعمال القتل والإجرام وهتك الأعراض والحرمات، بل أستطيع أن أذهب الى أبعد من ذلك وأقول إنّ محمداً بن آمنة يعتبر المؤسس الحقيقي لكثير من أنواع الإجرام التي ماكان لها أن تستمر الى يومنا هذا لو لم يفعلها هو شخصيا، ويؤطرها لاحقا بنصوص مقدسة لا يأتيها الباطل أبدا حسب زعمه. كان من الممكن أن تكون تلك الأفعال وليدة الظروف القاسية - أهمها الشكوك حول شخصية والده الحقيقي وحياة الفقر والحرمان والفاقة التي عانى منها محمد قبل أن يتزوج ذات الحسب والنسب والجاه والمال خديجة بنت خويلد - التي رافقت ظهور محمد وأثرت في شخصيته، مما يجعل تلك الأفعال ترتبط به وتنتهي بموته، ولكن لجوء محمد الى قولبة أفعاله في قوالب مقدسة، وادعائه بان كل ما فعله ما هو إلا اوامر جاءت اليه من السماء قد مكَن غيره من مواصلة السير على ذات الطريق المحمدي وكل ذلك كان يتم تبريره على أنّهم الذين جاءوا بعده لا يفعلون إلا ما جاء به رسولهم وقدوتهم الحسنة محمد، ومن الطبيعي القول بالنسبة لهؤلاء إنّ كل ماجاء به محمد كان مقدسا لأنّه قادم من إله قدير عزيز حكيم له مافي السماوات والارض وما بينهما، بدون أن يطرح البعض على نفسه أسئلة بديهية لا تحتاج الى لبيب ليطرحها مثل الاسئلة المتعلقة بمواضيع تثير القرف والاشمئزاز كما هو الحال مع رضاع الكبير والتبرك ببول وبراز وبصاق وعرق محمد على أساس أنّ جسد محمد وما يخرج منه طاهر، وكذلك الحال مع الاسئلة المتعلقة بالقدرة الجنسية لمحمد حيث كان يطوف على نسائه في كثير من الأحيان في ليلة واحدة وما يتخلل تلك العملية من أحداث مقرفة أتت على ذكرها كتب السيرة "العطرة جدا" ومنها على سبيل المثال قيام الصحابة بغسل قضيب محمد بعد مواقعة محمد إحدى زوجاته وقبل الدخول على الأخرى..

 

كان هناك رجل دين عراقي يقدم برنامج ديني على الهواء مباشرة في زمن الديكتاتور النافق صدام حسين وحدث أن سأله أحد المتصلين ما موقف الشرع الاسلامي من أب يقسو على أطفاله الثمانية عشر ويحرمهم من أبسط متطلبات الحياة رغم غنى الاب وامتلاكه للخيرات بانواعها، أجابه رجل الدين أنّ هذا الاب هو رجل قاسي غليظ القلب ولا يستحق أن يكون أباً. كان السائل يقصد بالأب صدام حسين والأطفال الثمانية عشر كان المقصود بهم محافظات العراق، ولم يجيب رجل الدين إلا الجواب الحقيقي بدون أن يعي ويدرك مقاصد السائل، وهو واحد من رجال الدين الكثيرين الذين قالوا في مديح الديكتاتور كلاما جعله في مكانة متقدمة حتى على إله المسلمين نفسه. إنّ الذي جعل رجل الدين يجيب على السائل بما أجاب هو خروجه من دائرة الخوف والرهبة وحد السيف الذي ينتظره فيما لو كان يعلم أن المقصود هو صدام حسين وقال ماقال. لن يقول المسلمون رأيهم الحقيقي بنبيهم وأفعاله حتى يخرجوا من دائرة الخوف الذي زرعها بهم محمد نفسه، من عذاب القبر وثعبانه الاقرع ومن النار وسعيرها وجحيمها.

 

في مثال آخر أقدم شخص على كتابة مجموعة حوادث من السيرة المحمدية - أي من أفعال محمد - بعد تغيير أسماء الاشخاص والأماكن وقدمها لرواد منتدى اسلامي معروف طالبا رأيهم بفاعل هذه الأحداث فجاءت أجوبتهم عفوية وحقيقية على الشكل التالي:

- بالنسبة لرجل تزوج من فتاة صغيرة دون العاشرة قالوا عنه هذا مغتصب للطفولة وشاذ ويجب محاكمته هو وكل من اشترك معه بهذه الجريمة من أهل الطفلة وأهل الرجل.

- بالنسبة لرجل أقدم على قتل المئات هو وأفراد عصابته فقط بذريعة أنهم فكروا بخيانة عهدهم معه قالوا عنه هذا مجرم وقاتل ويجب محاكمته بأي طريقة والقصاص منه هو وأفراد عصابته وجزاء القتل القتل.

- بالنسبة لرجل دأب مع أفراد عصابته على قطع الطرق وسرقة ممتلكات الناس واغتصاب نسائهم قالوا أيضاً هذا مجرم ولص وسارق وحرامي بعضهم أضاف إرهابي وجبت محاكمته وإنزال أقصى العقوبات به وبأفراد عصابته..

لم يكن هذا كل شيء فهناك الكثير من الأسئلة التي قدمها ذلك الشخص ولم تَحِدْ أجوبة رواد ذلك المنتدى وكلهم من أمة محمد عموما عما استعرضناه آنفاً، ولكن ليس هنا المجال لذكرها تفصيلا، وباعتقادي فان ما ذكرته أكثر من كافٍ لنستنتج معا أنّ هذه هي حقيقة محمد بعيداً عن هالة القداسة التي أسبغها على نفسها من خلال النصوص التي قدمها على أنها دين جديد، وهالة القداسة هذه هي التي تحجب عقول المسلمين وتمنعهم من التعرف على حقيقة نبيهم وما أبشعها من حقيقة. لم يدرك رواد المنتدى أن المعنيّ بهذه الأحداث هو نبيهم محمد ولأنّ عقولهم مارست أعمالها النقدية بعيدا عن أية قداسة فإنّ أجوبتهم جاءت حقيقة ومنسجمة مع ما طرح عليهم من أسئلة وما قُدم لهم من أحداث، ولن يتمكن أخوانهم في الدين الرازحين تحت تأثير هذه الهالة المقدسة من التعرف على حقيقة نبيهم إلا بعد أن يتخلصوا من تلك الهالة وهي الى زوال عاجلاً أم آجلاً..

 

كلي أمل ورجاء أن يُحاكم المسلمون محمدا كما حاكموا الرجل اليمني الذي تزوج الطفلة ذات الثمانية اعوام، وهو كما قالوا من خلال تعليقاتهم ومواقفهم التي نشروها في كثير من المواقع الخليجية والاسلامية بأنه مجرم ومغتصب للطفولة هو ومن ساعده على فعلته الشنيعة، مع التأكيد على أنّ كل تلك المواقع وكثيراً منها تدعي الليبرالية رفضت الربط بين هذه الجريمة وجريمة محمد بحق الطفلة عائشة الحميراء، حيث رفضت كلها نشر تعليقي المكون من أربع كلمات فقط وهو "الحميراء تُبعث من جديد" وهو ما سيكون عنوان مقالنا التالي.

 

ان معرفتكم بحقيقة نبيكم هو خطوة أولى ورئيسية حتى تستطيعوا تجاوز الحالة التي أنتم عليها، فالأمة التي يكون قدوتها وأسوتها الحسنة قاتلاً وقاطعاً للطرقات ومغتصباً للأطفال ومجرم حرب من الطراز الأول، لن يكون لها أبداً مكان بين أمم اليوم، وستبقى دائما موضع شك وريبة ولا يجدر بها أبدا أن تلوم الآخرين إن حاولوا القضاء عليها وعلى خطرها قبل أن تتحول أطفالهم الى عائشات جدد، ونساؤهم الى إماء وجواري يتم الاتجار بهن في سوق النخاسة، وأموالهم وخيراتهم ومنجزاتهم الحضارية يتهددها الضياع على أيدي أبناء محمد، وقبل كل ذلك لن ينتظروا حتى تصبح رقاب رجالهم وكل من بلغ منهم تحت رحمة سيوف أبناء محمد كما حصل بالأمس البعيد في يثرب وبالأمس القريب في العراق وتم بثه على الهواء وما سيحصل غدا بالتأكيد لو سمح لكم العالم بامتلاك مقومات القوة.

================

حسين ديبان، كاتب فلسطيني    hdiban69@yahoo.com  

 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط