بسام درويش / Oct 24, 2004

وصلني يوم أمس العدد 950 من صحيفة بيروت تايمز، وهي الصحيفة الوحيدة الناطقة بالعربية التي رأيت فيها، ولا زلت أرى، ـ إلى حد ما ـ منبراً لمختلف الكتاب من مختلف الاتجاهات. قرأت العنوان الرئيس على الصفحة الأولى وسرعان ما انتابني شعور بالأسى.

 

لقد توقعت أن اقرأ عنواناً كهذا في نشرات الكفار بالنعمة التي تسمى صحفاً، ولكني لم أتوقع أن اراه يتصدر الصفحة الأولى لهذه الصحيفة.

 

يقول العنوان: "الشبح الغاضب يهاجم الفلوجة.. عشرات القتلى والجرحى وحملة دبلوماسية أميركية لتبرير العدوان"!!!..

********

صحيح أن هناك بين كتّاب هذه الصحيفة بعض الكفار بالنعمة أيضاً، ولكنّ كلاّ منهم يعبر فيما يكتبه عن رأيه الشخصي، أو ربما عن رأي الدول أو المنظمات التي يخدم مصالحها. لكن، ما عدا المقالات التي يتحمّل أصحابها مسؤولية ما يرد فيها، فإنّ كل شيء آخر في الصحيفة يصبح عادةً مسؤولية أصحابها وإدارة تحريرها. وهكذا، فإن أسلوب نشر الخبر والعناوين الرئيسة على صفحتها الأولى أو أية صفحة أخرى، لا يمثل رأي الكتّاب، إنما يعكس رأي أصحاب الصحيفة أو إدارة تحريرها.

 

هنا، لا بدّ لي من القول أنّ لهذه الصحيفة أفضالاً عليّ وعلى كتّاب كثيرين، لا بل حتى على أصحاب الصحف الأخرى من هؤلاء الذين أسميهم كفاراً بالنعمة. لقد كانت لي ولغيري منبراً ولا زالت هي كذلك حتى اليوم لكثيرين. لكن مع كل ذلك، لم أستطع ان أخفي امتعاضي عند قراءتي لهذا العنوان، كما ولم أستطع أن أمنع نفسي من كتابة هذه الأسطر معاتباً ومعبراً عن هذا الامتعاض.

الغريب في الأمر إنه لم يكن في نص الخبر أو الموضوع الذي نشرته الصحيفة تحت ذلك العنوان ما يتحدث عن حملة دبلوماسية قام بها أي مسؤول لـ "تبرير" الهجوم الذي سمته الصحيفة بـ "العدوان". كل ما تضمنه الخبر عن هذا الخصوص هو قيام كولن باول بالاتصال بنظرائه وزراء خارجية بولندة ومصر والأردن وتركيا والسعودية "تمهيداً لتلافي انتقادات لوقوع ضحايا خلال العملية". فكيف إذن تحولت كلمة "عملية" في نص الخبر إلى "عدوان" في العنوان الرئيس؟

 

إني أكتب هذه الأسطر وكلي أمل أن تكون صيغة العنوان مجرد هفوة قلم، وليست تعبيراً عن رأي إدارة الصحيفة.

هجوم القوات الأمريكية على الفلوجة لم يكن عدواناً، لا ولم يكن بحاجة إلى تبرير. ففي الفلوجة كانت رؤوس الأبرياء تُقطع باسم "الله ورسوله". وفي الفلوجة كان الزرقاوي وعصاباته الإسلامية المسلحة يروعون أهل المدينة والعراق كله. لذلك، فهجوم القوات الأمريكية على الفلوجة لم يكن عدواناً عليها أو على أهلها، إنما كان لإنقاذ أهلها من العصابات التي سيطرت عليها، وللقبض على الإرهابيين الذين هزوا ضمير العالم بأبشع الجرائم.

الجنود الأمريكيون الذين ماتوا في سبيل استعادة الفلوجة من بين أيدي الإرهابيين لم يموتوا كمعتدين إنما كأبطال محررين، ولاشك في أنهم يستحقون كلمة اعتذار!

***********

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط