دانييل بايبس / ترجمة بسام درويش / Mar 09, 2004

أسرُ أسامة بن لادن أو موته، وهو الموضوع الذي ما برح يشكّل محور اهتمام السياسة العسكرية الأمريكية، سيكون عاملاً عظيماً في الحرب ضد الإرهاب ـ لكن ليس على الشكل الذي نتوقعه.

تأثيره على الجهود القائمة لمنع العنف الجهادي لن يكون ذات قيمة تذكر.

 

حقاً إن اعتقال زعيم إرهابي في بعض الحالات، يؤدي بشكل مباشر إلى تقليص تهديد منظمته أو حتى إلى تقويضها. ويمكن أن نرى ذلك في الأمثلة التالية:

 

·         أبيماييل جوزمان، زعيم عصابة سينديرو لومينوسو في بيرو والتي تعرف باسم "الطريق المضيء"، تم إلقاء القبض عليه في عام 1992 فخلق اعتقاله فوضى داخل منظمته الماوية وقضى على إمكانية تهديد هذه المنظمة لنظام الحكم. ثلة صغيرة من القوات بقيت تحارب بعده إلى أن ألقي القبض على زعيمها أوسكار مارتينيز في عام 1999

 

·         عبد الله أوكالان، زعيم حزب العمال الكردستاني في تركيا والمعروف باسم پ. ك. ك. ألقي القبض عليه في عام 1999 فأدّى ذلك على الفور إلى حل منظمته الماويّة. عندما طلب أوكلان وهو قيد الأسر من أعضاء منظمته أن يوقفوا حربهم ضد الحكومة التركية،فقد تمّ ذلك بالفعل.

 

·         صدام حسين، دكتاتور العراق السابق، ألقي القبض عليه في ديسمبر 2003 فأنهى اعتقاله العصيان الذي كان يتزعمه خلال الأشهر الثمانية التي سبقت. (وبالمقابل، استمر العنف الإسلامي المسلح دون توقف)

 

يشير مايكل رادو، الخبير في شؤون الإرهاب إلى أنّ الأمر نفسه يمكن أن يُلاحظ في النتائج التي أدّى إليها اعتقال قادةِ مجموعاتٍ إرهابية أصغر، مثل، أندرياس بادر من منظمة الجيش الأحمر الألماني، وشوكو اساهارا من منظمة أوم شينريكيو اليابانية. ومن المنطلق نفسه، يتوقع السيد رادو أن تتعرض منظمة تحرير سيريلانكا المعروفة باسم تاميل إلى ضربة موجعة في حال القبض على فيلوبيلاي پرابهاكاران أو قتله.         

 

في كل هذه الحالات، يتمتع الزعماء بشخصية مميزة، مثل القدرة على تحريك الجماهير والسلطة القوية، والقسوة في إدارة الأمور؛ وكلها تعتبر عوامل مهمة لتنظيماتهم. وعندما لا تتوفر هذه المميزات في من يخلفهم، آنذاك يظهر التنافس والتفكك ومن ثُمّ يبدأ الأفول.

 

لكن القضاء على السيد بن لادن يخرج عن نطاق تلك المعايير من عدة نواحٍ:

 

    ·    كونه مجرد واحدٍ فقط من الأشخاص المهمين في منظمته، فإنّ اختفاءه عن مسرح الأحداث لن يشكّل نكبةً للقاعدة.

    ·    القاعدة هي، "أيديولوجية، وبرنامج عمل، ونظرة إلى العالم من منظار خاص، أكثر مما هي قوة إرهابية عاملة." وذلك كما يراها جيسون بيرك في كتابه، "القاعدة: إلقاء ظلّ من الرعب".

    ·    وكون القاعدة مجرد واحدة من منظمات جهادية كثيرة في العالم، فإن أفولها لن يكون له تأثير يذكر على الحركات الإسلامية المسلحة المعتمدة للعنف، كتلك التي في الجزائر ومصر والأراضي الفلسطينية والعربية السعودية والعراق وأفغانستان وكشمير وبنغلادش والفيلبين.   

 

أما بالنسبة للسيد بن لادن، فرغم كونه قد أصبح رمزاً للحركة الإسلامية المسلحة، ورغم روح الحماس التي يلهبها في نفوس أتباعه الإسلاميين بقدرته المستمرة على مراوغة قوات التحالف، فإن الأثر الذي سوف يخلفه أسره أو قتله، سيكون بشكل رئيسي أثراً نفسياً من حيث أنه سيضعف من معنويات أولئك الأتباع. حقاً إن الخلاص منه سيكون حتماً ضربة قوية لحركته، ولكنها ضربة يمكن استعادة النشاط بعدها. عن هذا الموضوع يقول روبرت أندروز في مقال جديد له في مجلة USA Today "إن أسره لن يقضي على خطر الإرهاب."

 

القضاء على الإرهاب يتطلب ما هو أكثر من استهداف الإرهابيين أو زعمائهم او منظماتهم. إنه يتطلب الاعتراف بوجود جهاز فكري يعرف باسم الإسلام المسلح او الإسلاموية ومن ثم إلحاق الهزيمة بهذا الجهاز. إن الحرب على الإرهاب لن تكون حرباً رابحة إلا عندما يدرك السياسيون وغيرهم أن عليهم التركيز على الإيدولوجية نفسها أكثر من تركيزهم على الإرهاب الذي ليس بحد ذاته إلا مظهراً لها.  

 

وانطلاقاً من ذلك، فإن اعتقال السيد بن لادن أو موته، سيكون له بالتأكيد وقع إيجابي رئيسي على الحرب القائمة ضد الإرهاب، إذ سيكون عاملاً مساعداً للرئيس بوش في حملته ضد منافسه الديموقراطي المحتمل للفوز بفترة رئاسية ثانية. إن الفائز بالانتخابات الرئاسية القادمة، سيكون له أعمق الأثر على مستقبل المسار العالمي للحرب ضد الإرهاب. وهنا، يجدر الاستشهاد بالصيغة التي توصل إليها فرد بارنسّ في الـ ويكلي ستاندارد Weekly Standard والتي قال فيها، "جورج دبليو بوش هو رجل 12 سبتمبر. وجان كيري هو رجل 10 سبتمبر." وهكذا بالضبط، فكما كان اعتقال صدام حسين في ديسمبر عاملاً مساعداً للرئيس بوش لإنهاء حملة هوارد دين لترشيح نفسه للرئاسة، كذلك سيلحق اعتقال السيد بن لادن الضرر بحملة السيناتور كيري.

 

ما يدفع على الاعتقاد بذلك، هو هجوم السيد كيري العنيف على الطريقة التي تُقاد بها الحرب ضد الإرهاب، محمّلاً الرئيس بوش مسؤولية كل شيء، من أخطاء التكتيك (السماح لبن لادن بالإفلات من إمكانية اعتقاله في تورا بورا)، إلى ضعف الاستراتيجية ("استراتيجية غير مدروسة لا غاية لها إلا إبعاد العدو عنا")، وإلى سياسة فاشلة من كل النواحي ("السياسة الخارجية الأكثر تعجرفاً، وحمقاً، وتهوراً، والأسوأ أيدولوجياً في التاريخ الحديث.") ويذهب السيد كيري حداً بعيداً بالادّعاء أن أميركا هي اليوم أسوأ وضعاً مما كانت عليه يوم الحادي عشر من سبتمبر2001.

 

هذه الانتقادات المتطرفة للسيد كيري ستجعله عرضه للسقوط في حال اعتقال بن لادن أو مقتله. وهذا بالضبط ما يجعل اعتقال بن لادن أو قتله أمراً مُلحاً وإلزامياً. 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط