ماريا الياس قبّارة / Oct 13, 2008

في عصرٍ يلعب فيه الإعلام دوراً خطيراً كمرجعٍ علمي، ولأننا وطنيون أولاً تتجلى مسؤوليتنا في أن نساند بعضنا بعضاً في تقويم طرقنا وأفكارنا

 

في جلسة هادئة أمام شاشة التلفزيون وفي مشاهدة فخورة لعملٍ تاريخي يخرجه الاستاذ محمد شيخ نجيب تحت عنوان "قمر بني هاشم"، لفتني مشهدٌ أبعد ما يكون عن الدقة العلمية لأنّه يتناول نصاً من انجيل يوحنا ويتعامل معه بطريقة لا يوافق عليها المسيحيون، ناهيك عن أنّه حرّف في تفاصيل النص وهذا لا يجوز مع أيّ اقتباس أدبي وعادي، فكيف إذا كان مع كتاب مقدّس؟! لذلك وبكلّ المحبّة ولأننا نتوخى المصداقية لنا ولغيرنا نتمنى أن نتعامل مع هذه الامور الحساسة كما هو لائق وموافق، وهذا يرفع من شأننا في أعين الغير، لأنّه لم يعد هناك من هو معزول عن العلم.


في أوائل حلقات المسلسل وفي مشهد يضم الراهب بحيرة مع تلميذه شمعون فتح الكتاب المقدّس وقرأ التالي: (اسمع ما ذكر في انجيل يوحنا: "من أبغضني فقد أبغض الرّب ولولا أنّي صنعت بحضرتهم صنائع لم يصنع بها أحدٌ قبلي ما كان لهم خطيئة، لكن من الآن بَطروا وظنّوا أنّهم يغيظونني وأيضاً للرب، ولكن لابدَّ أن تتم الكلمة التي في الناموس، إنّهم أبغضوني مجاناً، فلو قد جاء المنحى لمّا هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب، روح القدس هذا الذي من عند الرب خرج فهو شهيد عليّ، وانتم أيضاً لأنكم قديماً كنتم معي في هذا قلت لكم، لكيما تشكّوا")

 

وأقرب ما يكون إلى هذا الكلام في انجيل يوحنا: "أما الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي. لكن لكي تتمّ الكلمة المكتوبة في الناموس أنهم أبغضوني بلا سبب. ومتى جاء المعزِّي الذي أرسله انا اليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الابتداء. قد كلمتكم بهذا لكي لا تعثروا" (يوحنا25:15-27، 1:16).

ونرى هذا النص ينقد الاسترسال الذي ذُكر في المسلسل بغض النظر عن التفسير الذي يجرح إيمان المواطنين المسيحيين في هذا البلد وفي العالم أجمع، وفي توجّه إلى المسؤولين عن المعلومة التاريخية والدينية نتمنى أن نفهم ونتعرف ما المقصود بـ "المنحى لمّا"؟؟! هذا ما يتعلق بالكتاب المقدس. واودّ أن ألفت النظر أيضاً إلى المعلومة المغلوطة تاريخياً حول انتماء الراهب بحيرة إلى الآريوسية؛ لأننا إذ اعتبرنا أنّ الراهب بحيرة منسجم مع التعليم الذي أتى به رسول الإسلام فهذا لا يجعله قريباً من الأفكار الآريوسية. وهذه مغالطة تاريخية يسألنا عنها أرباب العلم والتدقيق ولا يجوز لنا في أعمال تساهم فيها عناصر فنيّة تُعتبر وجوهاً سوريّة مشعّة وتكلّف كلّ هذا الجهد والمال أن تعتبر أعمالاً صغيرة لأنّها بعيدة عن النزاهة العلمية والموضوعية.

===============

بقلم: ماريَّـا الياس قبارة ـ ماستر في اللاهوت الارثوذكسي-جامعة البلمند

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط