حسين ديبان / Oct 07, 2007

في مملكة بني وهَاب تُقطع يد السارق، ويُقطع رأس القاتل بالسيف، بينما الإرهابي في تلك المملكة يُعامل معاملة خاصة تتجاوز في إنسانيتها تلك المعاملة التي يلقاها السجناء في أكثر دول العالم احتراما لحقوق الانسان، وهو ما سمعنا به بالامس حيث أمرت السلطات السعودية بالافراج عن الارهابيين العائدين من سجن غوانتنامو خلال فترة عيد المسلمين على أن يعودوا الى سجنهم بعد ذلك، وأكثر من ذلك فقد تم تقديم مبلغ عشرة آلاف ريال سعودي (حوالي ثلاثة آلاف دولار) لكل ارهابي. ياعيني على هذه الانسانية التي يتحلى بها ولاة الأمر السعوديون...

 

في السعودية نفسها آلاف المعتقلين السياسيين الذين لم يقتلوا أحدا ولم يدعوا لا سرا ولا علانية لقتل أحد، ولم تتلوث أياديهم بأي فعل ارهابي اجرامي. مشكلتهم فقط أنّهم يطالبون بالاصلاح والتغيير بحده الادنى، وهؤلاء هم أكثر استحقاقا لتشملهم انسانية ولاة الامر السعوديون، ولكن يحلم هؤلاء المعارضون حتى في زيارة ذويهم في سجونهم.

 

وفي السعودية هناك الكثير من السجناء المتهمون بجنايات خفيفة، وهؤلاء لهم الحق أيضا بأن تشملهم تلك "البادرة الانسانية"، التي سيكون لها دورٌ كبيرٌ في تغيير الظروف التي جعلتهم يرتكبون تلك الجنايات البسيطة، ومن الممكن أن تكون سببا لكي يفكروا ببدء حياة جديدة خالية من ارتكاب المخالفات والجنايات، ولكن لم يحصل أي منهم على ماحصل عليه الارهابيون العائدون من غوانتنامو.

 

وفي سجون السعودية كذلك آلاف المجرمين الذين أرغمتهم ظروف قاسية أغلبها موضوعية لارتكاب الجريمة، ومن الممكن جدا اعادة تأهيلهم ليكونوا أناسا صالحين يساهمون بشكل فعال وايجابي في بناء مجتمعهم، والعمل على تطويره والسير به الى الامام، بعكس هؤلاء الإرهابيين النائمين منهم والعائدين من غوانتنامو الذين كان لهم أثرٌ كبير في تراجع أحوال المجتمع والدولة على كافة المستويات وأولها فقدان أدنى احترام للمملكة على الصعيد الدولي.

 

قالوا إن هذه البادرة الانسانية ستساعد هؤلاء لاعادة تأهيلهم حتى ينخرطوا في الحياة العادية من جديد، وأنا أقول إن من السهل جدا إعادة تأهيل المجرم العادي، ومن السهل أيضا توجيه النصح له وارشاده باتجاه فعل الخير، ذلك أنه يدرك أن ما قام به من جنح وجنايات هي أفعال إجرامية بأعراف الجميع وقبلهم بعرف القانون، ولكن "بالله عليكم" كيف يمكن إعادة تأهيل الإرهابي وكيف ستوضحون وتشرحون له أنّ ما قام به من افعال ارهابية هي أفعال اجرامية أيضاً، وهو الذي لم يفعل ما فعله إلا استجابة لطلبات الله ونبيه، أي استجابة للدين الذي يؤمن به كل سكان المملكة وبالتالي فإن أفعاله أيضا تعتبر استجابة وتطبيقاً للدستور القرآني التي تعمل به المملكة.. إذاً فإن أفعاله الارهابية هي قانونية بامتياز، ويصبح غير القانوني في هذه الحالة هو سجنهم وتوقيفهم وأظن وليس كل الظن إثماً أنّ المسؤولين في المملكة قد أفرجوا عنهم استنادا لما ذكرته.

 

 تستطيعون أن تقنعوا المجرم القاتل بأن ما ارتكبه من فعل في لحظة ما هو فعل اجرامي وغالبا هو يعرف ذلك ويدركه ويندم على ما فعله أشد الندم، ولكن ماذا ستقولون للإرهابي "المجاهد عن الجهاد في سبيل الله" الذي قام به، وهو الذي لم يفعل ما فعله إلا امتثالا للقرآن الذي يطالبه بصريح القول وبالفم الالهي الملآن "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون". إنّه يهلل باسم الهه ونبيه كلما أقدم على قتل "كافر" دون أن يكون هناك مجالا للندم، بل على العكس فإنّه يحلم بجنات النعيم كمكافأة له على أفعال القتل التي ارتكبها.. هل ستقولون له إنّ الآية منسوخة وهي التي نسخت غيرها، أم ستقولون له إنّ الآية نزلت في سياق معين وهي تخاطب المسلمين في ذاك الزمان، وبذلك تكونون قد كفرتم لأنكم بهذا القول تتجاوزون بديهيتكم الدينية المعروفة أنّ القرآن صالح و"فالح" أيضاً لكل زمان ومكان، أم ستقولون له "من الآخر" وبكل صدق وصراحة وبدون لف ودوران أن إلهنا يا عزيزنا الإرهابي للأسف كان ومازال إلها دمويا. لن أعلق هنا أيضا على حديث نبيكم "من مات ولم يغزُ ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق".

 

تستطيعون أن تقولوا للسارق بأن ما سرقته من أموال لاحق لك بها، ومن المؤكد أنه سيقتنع بذلك وهو يدركه أصلا، ولكن ماذا ستقولون للإرهابي الذي يُمنَي نفسه من خلال "الجهاد" الذي يقوم به بالسيطرة على أموال أعدائه الكافرين من النصارى واليهود والمشركين، مقتديا بنبيه محمد، الذين بشَر مجاميعه الارهابية بكنوز روما وفارس، حيث لم يكتفِ بالأموال التي سلبها من قبائل العرب اليهودية والوثنية التي أغار عليها غازيا.. هل ستُصْدقونه القول وتقولون له إنّ نبيكم لم يكن إلا لصا محترفا وقاطعا للطرق.

 

ستحاولون إعادة تأهيل مغتصب النساء والاطفال، وستنجحون لا شك بذلك ما دام المجرم المغتصب يُقر بأن ما فعله جريمة تُحاسب عليها كل القوانين والأعراف، ولكن ماذا ستقولون للإرهابي الذي اغتصب في سياق "عمله الجهادي" نساءا وأطفالا ممن يعتبرهم كفارا ومشركين، وهو الذي لم يفعل إلا ما فعله نبيه وصحبه خلال غزواتهم واغتصابهم لكل من وقعت في أسرهم. أنه يستجيب بفعله هذا لأمر إلهه الذي يقول "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا".. كيف ستقنعونه "لا طالت أعماركم" بأن لا يقتدي بمحمد، أم ستلقون بوجهه الحقيقة عارية وكما هي بدون تجميل و"تزويق" بأن نبيه لا يستحق أن يهتدي ويقتدي به إلا مغتصبو النساء والأطفال أمثاله.

 

مهمتكم في إعادة تأهيل هؤلاء مستحيلة، وهي لا تعدو كونها حجة سمجة ساذجة بلهاء لا تنطلي على مجنون فكيف تريدونها أن تنطلي على العاقل. إن التفسير الوحيد لإطلاق سراح الإرهابيين المجرمين وتقديم الأموال لهم هو مكافأتهم على الأعمال "الجهادية" التي قاموا بها وتشجيعهم على فعل المزيد من الأفعال الارهابية الإجرامية، وهو دينكم وديدنكم على أية حال من محمد بن آمنة الى محمد بن عبد الوهاب.

حسين ديبان   hdiban69@yahoo.com

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط