نضال إبراهيم / Nov 24, 2005

لا أعرف عن السيد عبد الشكور سوى اسمه الأول (ولست متأكداً إن كان هذا الاسم حقيقياً أم مستعاراً)، لا أعرف شكله، ولا جنسيته، ولا عمره، ولا مهنته، ولا تعليمه..

التقيت به في إحدى المنتديات على الإنترنت والمخصصة للحوارات ما بين المسيحيين والمسلمين، ورأيته يشارك دون تردد في جميع المواضيع ويدلي بدلوه في كافة المحاور، يرد على الجملة بفقرة، وعلى الفقرة بمقالة، وعلى المقالة بمقالات مطولة، عنده لكل سؤال جواب، ولكل اعتراض تفنيد، ولكل استغراب تبرير، ولكل سوادٍ تبيض، ولكل بياضٍ تسويد..

تراه يستشهد بالقرآن، ويتنقل وينتقي ما بين المفسرين من الرازي إلى الطبري إلى الزمخشري إلى غيرهم بحسب متطلبات جهاده الإلكتروني..

وتراه تارة يستشهد بالكتاب المقدس ويقيمه حجة على الآخرين، وتارة يطعن فيه ويتهمه بالتحريف والتزييف ويرفض الاستشهاد به من قبل محاوريه..

تارة يرجع إلى بعض الأحاديث النبوية، وتارة يحرّم ذلك على محاوريه بحجة عدم صحة أحاديث أخرى..

(بالفعل، صدق من قال أن الإسلام ديانة زئبقية!! هل يمكنك الإمساك بالزئبق؟!)

ليس هم عبد الشكور التوصل إلى الحق، فقد أقنعه إلهه ونبيه بأنه يملك كل الحق..

**************

وكم أعجب لقدرات إله الإسلام الهائلة في أن يُري أتباعه الباطل حقاً ويرزقهم إتباعاً، وأن يريهم الحق باطل ويرزقهم اجتنابا.. وكم هي جلية مهارات هذا الإله الفائقة في تجميل القبيح وتقبيح الجميل..

هذا الإله الداهية قد أقنع عباده بأن محمد القاتل وزعيم عصابات الغزو وسبي النساء (ثم الزواج منهن) هو أفضل وأعظم من مسيح الطهارة والمحبة والسمو والمسامحة!!

وأن جنة (أو ماخور) الإسلام هي ترتيب إلهي أسمى من سماوات الطهر والنقاء التي وعد بها المسيح محبيه..!!

وأن شريعة "عينٌ بعين وسنٌ بسن" ترقى بما لا يقاس عن نداء المسيح المجلجل: "أحبوا أعدائكم.. باركوا لاعنيكم!!"

وأن قمة الوثنية والشرك تتجلى في تبجيل المسيحيين للصليب الذي يذكرهم بمحبة خالقهم لهم، بينما لا توجد مشكلة في أن يسافر المسلم آلاف الكيلومترات ليدور حول مكعبٍ أسود ويلثم حجراً أكثر سواداً !!

وأن إله الإسلام الفاشل، والذي لم يستطع أن يحافظ على كلامه المقدس (التوراة والإنجيل) وأضاعه مثلما يضيع الطفل كتابه المدرسي، والذي بسبب هذا الإله نستطيع أن نرجع في يوم من الأيام إلى ما قاله هتلر أو صدام حسين ولا نستطيع إن نرجع لما قاله هذا الإله المهمل، هو أكثر إقناعاً من إله المسيحية الذي وعد بحفظ جميع كلامه إلى الأبد..

وأن عقيدة الغفران بالفداء في المسيحية هي رخصة مفتوحة للمسيحي ليرتكب ما يشاء من الموبقات المدفوع ثمنها مسبقاً، بينما لا غضاضة في أن يرتكب المسلم ما يشاء من المعاصي في حق هذا الإله الرخيص ومن ثم إخراسه بصيام أو بعمرة إلى مكعب أسود أو بإطعام بعض الفقراء!..

وأنه ينبغي على المسلم أن يقيم الدنيا ولا يقعدها بدعوى تحريف الكتاب المقدس وفي نفس الوقت لا يرى أي مشكلة في نسيان "النبي" لبعض الآيات، إلى تبديل آيات بأخرى، إلى إلقاء الشيطان في آياته، إلى مساخر الناسخ والمنسوخ، إلى نزول القرآن بسبعة أحرف، واختلاف القراءات فيما بينها إلى حد الاقتتال، إلى ملابسات جمع القرآن على يد زيد بن ثابت، ونسيان الصحابة لبعض الآيات والنبي نفسه لم يكن معصوم من النسيان، والأحاديث التي تشير إلى وجود زيادة أو نقصان طرأت عليه، إلى الجمع العثماني وإتلاف كل المصاحف الأخرى والأحرف الستة الأخرى بالنار، إلى الإصدار الأخير على يد الحجاج بن يوسف الثقفي بحجة تنقيطه!!

***********

وقد كانت إحدى محاولاتي العقيمة للدخول في حوار حقيقي مع السيد عبد الشكور يدور حول موضوع تعدد الزوجات، ومرة أخرى وجدته يدافع ويبرر، ويعلل ويفسر، وبكل اجتهاد يلمع ويبيض ممارسات وعادات اجتماعية ذكورية مقيتة نقلها الإسلام عن الجاهلية وشرعنها وألصقها جزافا بإله السماء!! وكذلك الحال في هذا الموضوع، فقد أقنعه إلهه أن شريعة تعدد الزوجات (مقترنة بشريعة الطلاق) هي ترتيب الله الأسمى والأفضل والأجمل والأحكم مقارنة بشريعة المسيحية "البالية" والقائمة على عهود الإخلاص الأبدي والأمان غير المشروط بين الزوج الواحد والزوجة الواحدة!..

وفي إحدى الأمسيات، وبعد الإطلاع على الرد الأخير للسيد عبد الشكور حول موضوع التعدد، جلست أمام جهاز الكومبيوتر الخاص بي لأسطر جوابي ومحاججتي، ووجدت نفسي أسهب بلا توقف في تفريغ ما في قلبي من نفورٍ لا حد له من هذه الممارسة البغيضة، وما في عقلي من رفضٍ تام وعدم اقتناعٍ مطلق من هكذا تشريع لا تشتم منه سوى رائحة مجتمعٍ جاهليٍ بدويٍ ذكوريٍ صرف.

وقد انتهى بي المطاف إلى المقالة الواردة أدناه، ووجدت أنها أكثر من مجرد رد لموضوعٍ في منتدى، وتستحق أن تُقرأ من أكبر عدد ممكن من القراء، متمنياً أن تجد لها مكاناً في موقع "الناقد" المتميز.

نضال إبراهيم ـ الأردن

*****************************

سأبدأ بسرد قصة خيالية الهدف منها توضيح بعض النقاط:

أصيب أحدهم بسبب حادثٍ ما بالعمى، وبعكس المتوقع أصبح يعبّر للجميع وفي كل مناسبة عن مدى سروره بالعمى الذي أصابه، وعندما سأله الناس عن سبب هذا السرور أخذ يعدد لهم المزايا العديدة لكون الإنسان أعمى ومنها:

 

ـ أنه يُعفى من الخدمة العسكرية!!

ـ أنه يريح نفسه من قيادة السيارة وسيجد دائماً من يقود السيارة عنه ويوصله إلى حيثما يريد!!

ـ أنه يصبح محط عناية وشفقة الجميع وخاصة الجمعيات الخيرية!!

ـ أنه لن يضطر إلى مشاهدة المناظر القبيحة من حوله!!

.. .. ..

 

وعندما أراد البعض الاعتراض على ذلك المنطق الأعوج والتأكيد على أن الإصابة بالعمى ليس إلا مصيبة كبيرة وبلاء عظيم، رفض ذلك الشخص الاستماع إليهم وسخر منهم:

 

ـ بسبب يقينه من عدم قدرتهم على فهم مزايا وبركات العمى!!

ـ بسبب اعتقاده بأنه وإن كان العمى قد يسبب بعض الصعوبات والضيقات للفرد إلا أنه يحقق المصلحة والنفع لكافة المجتمع!!

ـ بسبب اعتقاده بأنهم يغارون منه ويحسدونه على النعمة التي ينعم بها والفضل الخاص الذي أصابه دون سواه!!

 

قصة غريبة ومنطق أغرب، لكن للأسف هكذا تماماً هو المنطق الذي يستعمله الأستاذ عبد الشكور لتبرير وشرعنة تعدد الزوجات حتى أربع للرجل المسلم وبلا سقف أعلى لنبي الإسلام!! وحينما يعترض البعض محاججاً بما في التعدد من إساءة للمرأة ولمشاعرها وكرامتها وأيضاً من تدمير للعلاقات الزوجية وخراب بيوت وتشويه لسمو العلاقة الزوجية وقدسيتها، يصم الأستاذ عبد الشكور (ومن  يفكر مثله) أذنيه ويغمض عينيه لذات الأسباب وبنفس المنطق:

 

ـ أننا نحن الكفار (غير المسلمين) ومهما حاولنا لن نستطيع فهم الحكمة الإلهية والمزايا والفوائد والبركات من تعدد الزوجات.

ـ إن التعدد قد يولد الغيرة لدى النساء لكنه في المحصلة يحقق الفائدة للمجتمع.

ـ أننا نحن الكفار (غير المسلمين) نغار من هذا الامتياز والفضل الذي خص به إله الإسلام الرجل المسلم بشكل عام ونبي الإسلام بشكل خاص (وقد عنون الأستاذ عبد الشكور رده الأخير لي في المنتدى بـ" أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله !")

 

وأجيب على النقاط الثلاثة أعلاه فأقول:

 

أولاً:  إننا مهما حاولنا لن نستطيع فهم الحكمة الإلهية والمزايا والفوائد والبركات من تعدد الزوجات.

 

المصدر الإسلامي الأول للتشريع (أي القرآن) لم يعدد أي من مزايا وفوائد التعدد، بل على العكس حدد أحد أهم المخاطر/المحاذير التي لا مفر من وقوع الزوج فيها ألا وهي عدم قدرته (المتوقعة) على العدل والمساواة بين الزوجات (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.. ولن تعدلوا).  فأين هي مزايا التعدد بحسب القرآن؟ أما الأحاديث والسيرة النبوية فحدث ولا حرج، فهي أيضاً لم تذكر مزايا التعدد بل على العكس تزخر بالروايات عن خطرٍ آخر في التعدد ألا وهو الغيرة والشقاق والمنازعات والمنافسات التي كانت تنهش القلوب والعلاقات بين نساء النبي العديدات، وكان هو المستفيد الوحيد من لعب دور "سي السيد" أو "الحج متولي"!!

 

وكما هو حال الإسلام دائماً، فإنه كمن يضع العربة أمام الحصان، فيقوم أولاً بشرعنة بعض الممارسات دون تبيان الأسباب ومن ثم يأتي دور المنظرين وفطاحل التفسير والتعليل والإفتاء ليضعوا قائمة طويلة من الأهداف والفوائد والمزايا والبركات لذلك التشريع والتي تتراوح ما بين غير المقنعة إلى المستهجنة إلى المضحكة المبكية!!


فما هي هذه الفوائد وتلك البركات بحسب هؤلاء الجهابذة؟  لقد بحثت في المراجع والكتابات الإسلامية المتنوعة فوجدت ما يلي:


ـ قال أحدهم: "من العوامل التي تدفع الرجل المتزوج إلى الزواج بأخرى: عدم إنجاب الزوجة!!"


ونتساءل هنا: قبل تطور العلم حديثاً، وعلى امتداد 14 قرناً من تطبيق الشريعة الإسلامية، كيف كان الرجل الذي لا تنجب زوجته يعرف بأن سبب عدم الإنجاب يعود إلى مشكلة عضوية فيها وليس فيه هو؟! طبعاً كان لا يعرف، بل مجرد التفكير أو التلميح من أيٍ كان باحتمالية وجود المشكلة فيه كان يُعتبر خدشاً لكبريائه ومساساً بفحولته المقدسة.  وبالطبع كان يلصق ذلك "العار" بتلك المسكينة ومن ثم يتزوج عليها الثانية والثالثة والرابعة أملاً بالإنجاب ولكن دون جدوى!! وهكذا، يكون الرجل قد ظلم تلك المرأة مرتين (ولم يحل مشكلة عدم الإنجاب!): مرة بإلصاق عار "عدم الإنجاب" بها ومرةً أخرى بالزواج عليها من أخريات!! ونقول:  ونعم الشريعة الإلهية ونعم الحلول السماوية الحكيمة!!


ونسأل: وفي عصرنا الحديث، ماذا لو بين العلم/الطب بأن الرجل بالفعل هو السبب في عدم الإنجاب؟ هل يحلل ذلك للمرأة الزواج برجل آخر؟! أحد أبطال الإفتاء قال: "أنه يحق للمرأة حينئذ أن تطلب التفريق (الطلاق) وسيدعمها القضاء في ذلك ومن ثم تتزوج من رجل آخر!!"  ونقول: ونعم الحكمة الربانية التي تسعى إلى تفكك العائلات وخراب البيوت!!  ونقول أيضاً:  إذا كان السعي نحو التفريق/الطلاق هو الحل المنطقي للمرأة فلماذا لا يكون كذلك للرجل بدل الزواج من أخرى (مع التوضيح أنني لا أشجع على الطلاق
كمبدأ 

ونقول أيضاً: شتان ما بين مفهوم الزواج في الإسلام، والذي يُسمى عقداً (كعقد استئجار شقة أو شراء سيارة أو قطيع من الماشية)، وما بين الزواج في المسيحية والذي يُسمى عهداً أبدياً يتعاهد فيه الزوجين أمام الله والناس على الإخلاص إلى الأبد وفي جميع الأحوال:  في السراء والضراء، في الغنى والفقر، في الصحة والمرض، وفي حالة الإنجاب أو عدم الإنجاب!!.


ـ وقال آخر: "هناك أسباب وظروف تجعل الزوج عاجزاً عن الاكتفاء جنسياً بالزوجة الواحدة، ومنها: مرض الزوجة (خاصة المزمن)، البرود الجنسي للزوجة، وأيام الحيض والنفاس!!"


ونقول: وماذا لو كان الزوج مصاب بمرض مزمن أو لديه برود (أو شذوذ!) جنسي؟


ونقول أيضا: هل لا يرى الإسلام في المرأة سوى مستودع لتفريغ الطاقات الجنسية للرجل، والذي بدل أن يتدرب على الإخلاص والوفاء للزوجة والتعفف وضبط النفس تصوره حيواناً هائجاً لا هم له سوى الجنس والنكاح، والذي بدل أن يكون سنداً لزوجته في الظروف الصعبة (كالمرض، والحيض والنفاس بما فيهما من متاعب جسدية ونفسية للمرأة) تشجعه على اللهاث خلف أخرى وأيضاً لا ككيان وعقل وعاطفة ومشاعر وكرامة بل كمستودع بديل لتفريغ الشحنات الجنسية؟؟!!


ـ تحذلق آخر وقال: "التعدد هو حل لمشكلة العنوسة للمرأة، وخاصة أن عدد النساء في العالم أكثر من عدد الرجال!!" بل أفتى أحدهم بالقول "أن عدد النساء في العالم هو حوالي ثلاثة أضعاف عدد الرجال!!"


ونقول:  أولاً ينبغي تصحيح ذلك "الهبل" العلمي المعلوماتي الإحصائي بالقول أن عدد النساء في جميع دول العالم هو
مساوٍ لعدد الرجال وإن زاد عنه فيكون فقط بمقدار ضئيل لا يتجاوز بأي حال من الأحوال الـ 3%!! (لا أعلم، هل فهم أحد الفطاحل أن 3% تعني ثلاثة أضعاف؟ ربما!!)، وهذا لا يبرر على الإطلاق الزواج بنسبة واحد إلى أربعة.

 

ونقول أيضاً:  أن العنوسة ظاهرة تصيب في وقتنا الحالي الشباب كما تصيب النساء، وخاصة بسبب ارتفاع تكاليف الزواج والأعباء المعيشية، فهل يبرر ذلك زواج المرأة بأكثر من رجل لحل "مشكلة عنوستهم" وخاصة إذا كانت المرأة مقتدرة مادياً؟؟!!  طبعاً يرفض بعضهم ذلك بحجة أن تعدد الأزواج سيؤدي إلى جهل نسب أولاد تلك المرأة واختلاط الأنساب، فنقول أن فحص دي. أن. إيه. بسيط للمولود (وهو ما كان يجهله محمد) كفيل بحل هذه المشكلة!!


وأخيرا نقول:  لماذا نعتبر العنوسة (وخاصة عند المرأة) عار أو حتى مشكلة حتى نسعى لحلها بمشكلة وبعارٍ أكبر وهي قبول المرأة المهين بنصف أو ثلث أو ربع زوج؟! ألا يكون العزوف عن الزواج أحياناً خياراً شخصياً يتخذه الإنسان رجلاً أم إمرأة بمحض إرادته؟  إن الإسلام وحده هو المسئول عن افتراض هذه المشكلة حينما أعتبر المرأة عورة ينبغي "سترها" بأسرع ما يمكن في (أي) بيت زوجية (أو في القبر)!! فالمرأة في الفهم الإسلامي ناقصة وضعيفة وبلا هوية، ويجب أن ترتبط بذكرٍ (أيٍ كان) ليحقق لها الاكتمال والهوية والستر:  إنها تبدأ حياتها على أساس أنها بنت فلان، ثم تصبح زوجة فلان، لتنهي حياتها وهي أم فلان!!

ـ وأبدع أخر بالقول: "إن تعدد الزواج يساهم في حل مشكلة الأيتام بالزواج من أمهاتهم وبالتالي توفير الرعاية الأبوية والنفقة والجو الأسري لهؤلاء الأيتام". وربما يستشهد هؤلاء بسورة النساء والتي ترد فيها آيات ترخيص التعدد وتربط ذلك بموضوع الأيتام: "وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا 2 وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ"


ونقول:  وما الضمانات أن هذا "الأب" الجديد سيعامل هؤلاء الأيتام بالرفق والإحسان ولن يميز أولاده من صلبه عليهم؟!


ونقول أيضاً:  وماذا عن أيتام الأم (والأب موجود)؟  لماذا لا تقوم إحدى النساء بالزواج من مجموعة من هؤلاء الرجال لتوفير الأمومة والجو الأسري (وربما النفقة) لهؤلاء الأيتام!!


ونقول أيضاً:  لنلاحظ بما في هذا التعليل من قصر نظر ومحدودية زمنية وعدم استبصار النبي ولا إلهه بالمستقبل، فهذا التشريع البشري الذي يُسمى جزافاً بالإلهي لا يرى حلاً لرعاية الأيتام إلا بالزواج من أمهاتهم، وهذا ربما يصلح لظروف ما قبل 14 قرناً، لكنه يعكس عدم إدراك لما ستتطور إليه المجتمعات الإنسانية من تطوير لمراكز العناية والتأهيل للأيتام والتي تُبنى على أسس علمية حديثة وتتوفر فيها كل وسائل التنشئة الصحيحة والرعاية الصحية والبدنية والنفسية السليمة، وتكون مراقبة ومضبوطة من قبل السلطات الحكومية والجهات المسئولة.

 

ثانياً:  إن التعدد قد يولد الغيرة لدى النساء لكنه في المحصلة يحقق الفائدة للمجتمع.

 

حتى الآن، وعلى الرغم من التقدم التقني والمعرفي الكبير الذي حصل في مجال الصيدلة وصناعة العقاقير، لم يستطع الإنسان حتى الآن من تطوير منتج دوائي ليس له أية أعراض جانبية سلبية.  فتجد على سبيل المثال عقاراً مفيداً في مكافحة السرطان، لكنه يؤثر على الجلد والعظام والجهاز الهضمي، وآخر يُستعمل للقضاء على نوع معين من الفيروسات، لكن له تأثيره الضار على الكبد، وهكذا.   ويرجع ذلك إلى كون الإنسان ليس كلي المعرفة ولن يكون كذلك في يومٍ من الأيام.  لكن لو تخيلنا فرضاً أن أحد الأدوية لمرضٍ ما قد نزل من السماء من عند إله السماء، فبدون أي شك سيكون هذا الدواء كلي الفائدة والمفعول في علاج المرض وفي نفس الوقت ليس له أية أعراض جانبية سلبية، كون أن هذا الإله هو كلي المعرفة والحكمة والفهم وأيضاً كلي القدرة على ابتكار هكذا دواء.

 

المنطق الوارد في المثال أعلاه من عالم الصيدلة والعقاقير ينطبق تماماً على عالم التشريعات الدينية، وتؤكد على أن شريعة تعدد الزوجات والتبرير الوارد أعلاه عن كون التعدد يحقق فائدة المجتمع ولو على حساب بعض النساء أحياناً، هو تشريعٌ بشري مسنودٌ بتبريرات بشرية وحاشا أن ينسب إلى إله السماء!  فالله كلي المعرفة والفهم والحكمة وأيضاً كلي القدرة وأيضاً كلي العدل لا يصدر تشريعاً إلا بهدف خير ومصلحة الجميع وبدون أي أعراض جانبية (أي ليس على حساب آخرين)، فلا يسعى لتحقيق مصلحة الفرد على حساب الجماعة ولا الجماعة على حساب الفرد، ولا يهدف إلى خير الرجل على حساب المرأة ولا المرأة على حساب الرجل، ولا يحقق راحة فئةٍ على حساب تعاسة فئة أخرى.  ومن الواضح أن التشريع البشري (وهذا ينطبق على التعدد) لا يقدر على تحقيق هذه المعادلة الصعبة.

 

ثالثاً:  أننا نغار من هذا الامتياز والفضل الذي خص به إله الإسلام الرجل المسلم بشكل عام ونبي الإسلام بشكل خاص

 

بداية، ينبغي أن تستثني من هذا الادعاء نصفنا (أي جميع النساء لدينا)، فلا أظن أن إحداهن تغار من النساء المسلمات اللواتي ترضى الواحدة فيهن بنصف أو ثلث أو ربع رجل، والذي يستطيع تطليقها (أي حل كل رابط معها في السماء والأرض) بكلمة واحدة، بينما يحتاج إلى مجهود أكبر ووقت أطول ليتخلص من سيارته القديمة أو حتى حماره!!

 

أما بالنسبة لنا معشر الرجال من "الكفار"، فنقول ألف مبروك وهنيئاً لكم بهكذا تشريع يسمح لكم بأن تعيشوا بشكل أقرب إلى عالم الحيوان، "والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم" (سورة محمد 12)، بل أن الكثير من أنواع الحيوانات تستكفي بشريك واحد!!.  ليس لدينا غيرة أو حسد، بل كم هائل من الشفقة مع كم أكبر من الاشمئزاز.  فهل يغار البصير من الأعمى؟ وهل يحسد الصحيح المريض؟ وهل يتطلع المستنير لما لدى الجاهل؟! وهل من تعلم أرقى وأسمى التعاليم فيما يخص الحياة الزوجية يتمنى تشريعات لا ترى في المرأة سوى جسد (بعقلٍ ناقص) يصلح فقط كشريك نكاح وماكينة تفريخ؟!

 

وأخيراً:  ولجميع من أتحفونا (في الحقيقة هم قرفونا) بالتغني بمزايا وفضائل التعدد، نقول لهم أن من المفارقات العجيبة التي لن تجد لها لديهم أي تفسير (إلا ربما بعض السفسطات واللف والدوران) هو أن محمد وهو الذي شرعن التعدد لجميع المسلمين ومارسه بنفسه، قد احتد وغضب عندما علم بنية علي بن أبي طالب الزواج على ابنته فاطمة، واعتبر ذلك أذية لها، ورفض بشكلٍ مطلق الموافقة على ذلك، واعتبر تطليقها أخف هواناً من زواج علي عليها!!  قال محمد: "إن بني هاشم بن المغيرة استأذنوني أن يُنكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم ثم لا آذن لهم ثم لا آذن لهم، إلا أن يحب بن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما ابنتي بضعة مني يربني ما ربها ويؤذيني ما آذاها"  رواه مسام والبخاري.

 

رُفعت الأقلام وجفت الصحف!!

*********************

 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط