بسام درويش / Nov 02, 2017

هل الأرض مسطحة أم كروية؟

ماذا يعلّم القرآن بهذا الخصوص؟

***********

يقول القرآن في سورة الغاشية (88 : 17 – 20)

"أفلا ينظرون إلى الإبْلِ كيف خُلِقَت، وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نُصبت، وإلى الأرض كيف سُطِحت!"

ويشرح تفسير الجلالين هذه الآية بقوله: (وإلى الأرض كيف  سُطحت أي بُسِطت، فيستدلوا بها على قدرة الله تعالى ووحدانيته، وصدرت بالإبل لأنهم اشدّ ملابسةً لها من غيرها [!!]، وقوله سُطحت ظاهرٌ في أن الأرضَ  سطح وعليه علماء الشرع، لا كرة كما قال أهل الهيئة، وإن لم ينقض ركناً من أركان الشرع.)

ويقول في سورة النازعات (79 : 30 إلى 32)

"والأرضَ بعد ذلك دحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها"

وجاء تفسير هذه الآية أيضاً في صحيح الجلالين قوله: "أي بسطها، وكانت مخلوقةً قبل السماء من غير دحو."

ويفسّر المنجد في اللغة والأعلام كلمة "دحا" كما يلي:

"دحا دحواً... دحا الله الأرض أي بسطها"

"إدحوى إدحواءً.. إنبسط"

"دحى الشيء دحياً، أي بسطه"

"الأُدحيّ (بضم الهمزة )"، و"الإدحيّ (بكسر الهمزة)"، و"الأدحوّة والأدحيّة: بيض النعام في الرمل."

والسبب في إطلاق إسم الأدحوّة أو الأدحيّة على بيض النعام، هو أنّ النعام يخاف على بيضته من طيور السماء وحيوانات الأرض، فيقوم بدفنها تحت الرمال ثم يدحو الرمال فوقها أي يبسطها فوقها. لكنّ بعض المسلمين يدفعهم اليأس في دفاعهم عن الإسلام للقول إنّ كلمة "دحاها" تعني "كوّرها" أي جعلها على شكل بيضة النعام، متجاهلين تعريف المعاجم لهذه الكلمة ومتعامين عن كل ما يتضمنه القرآن من كلمات أخرى تصف الأرض بأنها مسطحة، وهذه بعض منها:  

  • سورة الشمس (91) الآية 6 - "والأرض وما طحاها" (أي بسطها)
  • سورة نوح (71)، الآية 19 و 20 - "والله جعل لكم الأرض بساطاً لتسلكوا منها سبلاً فِجاجاً" أي، (جعل لكم الأرض مبسوطة لتسلكوا منها طرقاً واسعة.)
  • سورة الرعد (13) الآية 3 - "وهو الذي مدّ الأرض (أي بسط الأرض) وجعل فيها رواسي وأنهاراً."
  • سورة الحجر (15) الآية 19 - "والأرض مددناها (أي بسطناها) وألقينا فيها رواسي (أي جبالاً ثوابت لئلا تتحرك بأهلها) وأنبتنا فيها من كل شيء موزون."
  • سورة النحل (16) الآية 15 - "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم (كي لا تتحرك بكم...!) وأنهاراً وسبلاً لعلكم تهتدون."
  • سورة الأنبياء (21) الآية 31 و 32 - "وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم (كي لا تتحرك بهم) وجعلنا فيها فجاجاً سبلاً لعلهم يهتدون. وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها مُعرضون." (أي جعلنا السماء سقفاً للأرض كالسقف للبيت محفوظاً عن الوقوع..!)
  • سورة النمل (27) الآية 61 - "أمّن جعل الأرض قراراً (لا تميد بأهلها) وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي (جبالاً أثبت بها الأرض( وجعل بين البحرين حاجزاً (بين العذب والملح لا يختلط أحدهما بالآخر..!) أَإلهٌ مع الله بل أكثرهم لا يعلمون."
  • سورة ق (50) الآية 6 و 7 - "أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيّناها (بالكواكب) وما لها من فروج (شقوق تعيبها). والأرض مددناها (دحوناها على وجه الماء) وألقينا فيها رواسي (جبالاً تثبتها) وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج."

[الشروحات الموجودة بين قوسين ( ) هي من تفسير "الجلالين؛ طبع في دمشق 1964 - مطبعة ومكتبة الملاّح]

**************

لو عرف مؤلف القرآن، سواء كان الله أو محمد أو القس بن نوفل، أن الأرض كروية، لكان استخدم كلمةً كانت ولا زالت موجودة في اللغة العربية مثل "دوّرها" أو "كوّرها"، علماً بأنّ في القرآن سورة اسمها "التكوير"، وهذه الكلمة بحد ذاتها كانت تكفي لوصف الأرض بأنها كروية. لكن ما يدعو للسخرية هو أن هذه الكلمة بحد ذاتها أيضاً جاءت في السورة نفسها لتثبت سخافة فكرة الإعجاز العلمي في القرآن. تتضمن سورة التكوير هذه وصفاً لنهاية العالم:

"إذا الشمس كُوِّرت، وإذا النجوم انكدرت، وإذا الجبال سُيّرت، وإذا العِشار عُطّلت، وإذاالوحوش حُشرت، وإذا البحارُ سُجِّرت، وإذا النفوس زُوِّجت، وإذا الموؤودة سُئلت، بأي ذنب قُتلت؛ وإذا الصحف نُشِرت، وإذا السماء كُشِطت، وإذا الجحيم سُعِّرت، وإذا الجنّة أُزلِفت علمت نفس ما أحضَرَت..."

وجاء تفسير الآية الأولى من هذه السورة في الجلالين قوله، ("إذا الشمس كُوِّرت" أي إذا الشمس لُففت وذُهب بنورها)، وبمعنى آخر، إن الشمس هي أيضاً بعرف القرآن مسطحة كالأرض ولكنّ الله سيكوّرها في يوم القيامة أي سوف يلفّها على نفسها ليطفئ نورها إلى الأبد..!

**********

هذا بعض ما يتعثّر به القرآن في حديثه عن مواضيع علمية ثابتة لا جدال فيها إطلاقاً. وهنا، ولوجه الحقيقة، لا بدّ من القول إنّ الحديث عن شيء اسمه إعجاز علمي في أي كتاب ديني ليس إلا هراءً؛ لكن يبدو واضحاً أن ما يزخر به القرآن والكتب الإسلامية من أخطاء علمية كثيرة يحرج المدافعين عن الإسلام ويدفعهم إلى التخبط وهم يحاولون إعادة تفسيرها ليقعوا في النتيجة بأخطاء أسوأ منها. وهل أسوأ من الخطأ إلا الدفاع عنه مع سابق المعرفة بأنه خطأ؟

ترى هل يصدّق جميع المسلمين بما يعلمه القرآن عن الأرض والشمس وغير ذلك من هراء؟ الجواب هو لا بكلّ تأكيد؛ لكن السؤال هو، كيف يوفّق المثقفون منهم بين إيمانهم بما يعلمه الإسلام وما يتعلمونه في مدارسهم وجامعاتهم؟

**********

(جرى تنقيح الموضوع في 11 نوفمبر 2017 وقد سبق نشره على موقع الرد "الرد على الإسلام" في نوفمبر 2002)

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط