بسام درويش / Apr 18, 2004

في جهود جديدة لتبييض وجه الإسلام، قام مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" بنشر إعلان مدفوع الثمن في بعض الصحف الأمريكية يحمل عنواناً بالخط العريض يقول: "أمور مشتركة أكثر مما تظنون!"

تحت العنوان صورة يبرز في مقدمتها صليب ومن خلفه عن بعد تبدو قبة مسجد. وتحت الصورة يورد الإعلان اقتباساً من القرآن يتحدث عن المسيح وأمه مريم، يقول: "إِذ قالت الملائكةُ يا مريمُ إِنَّ الله يبشِّركِ بكلمةٍ منه اسمه المسيحُ عيسى ابنُ مريم وجيهاً في الدنيا والآخرةِ ومن المقرَّبين." يلي ذلك في منتصف الصفحة اسم "يسوع" بأحرف كبيرة. وتحت اسم يسوع يقول الإعلان:

"المسلمون كالمسيحيين يحترمون يسوع. الإسلام يُعلِّم بأن يسوع هو واحد من بين أعظم الأنبياء والرسل الذين بعث بهم الله لبني البشر. وكالمسيحيين، يبذل بليون وثلاثمائة مليون من المسلمين كل يوم جهدهم كي يعيشوا بتعاليمه التي تدعو للمحبة والسلام والمسامحة. تلك التعاليم التي أصبحت قيماً عالمية، تذكرنا جميعاً، مسيحيين ومسلمين ويهود وكل الآخرين، أنّ لدينا من الأمور المشتركة أكثر مما نظنّ."

*************

إنّ مقارنة سريعة بين ما يعلمه الإسلام وما تعلمه المسيحية، سواء كان ذلك من منظار ديني أو من منظار علماني، لا تظهر فقط أن هناك اختلافاً كبيراً بين الديانتين إنما في الحقيقة تؤكّد أنهما متناقضتان تماماً. إنها كمقارنة الشرّ بالخير، والظلام بالنور، والكراهية بالمحبة، والقباحة بالجمال.

 

قبل أن نتطرق إلى منزلة المسيح في الإسلام، لنبدأ بهذا ـ "الله"  ـ الذي يعبده المسلمون ـ كي نرى إذا كان هناك حقاً ثمة تشابه بين الديانتين.   

فكرة الإله في القرآن، تختلف عن فكرة الإله التي يعلمها الإنجيل.

فكرة الإله في الإسلام حسب القرآن والأحاديث، هي فكرة تجتمع فيها كل صفة عاطلة يمكن للإنسان أن يتصورها!

·        إنه إله عاجز عن إثبات ألوهيته ولذلك فقد أسس لنفسه جيشاً بزعامة محمد ليفرض على الناس الإيمان به بقوة السيف ووعد هذا الجيش بأن يدفع لهم الرواتب في هذه الدنيا والآخرة: "إنَّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتُلون ويُقتَلون وعداً عليه في التوراة والإنجيل(!) والقرآن ومن أوفى بوعده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم." (آية 111 سورة 9 التوبة) ـ ثم دفع بهذا الجيش لقتل بني البشر الذين يرفضون الإيمان به: ".. فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد.." (آية 5 سورة 9 التوبة)

·        وهو إله مخادع ينافس الناس في مكرهم:   "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" (آية 8 سورة الأنفال).

·        إله يسمح بالخداع والكذب إذ أن الضرورات تبيح المحظورات: "لا يتخِذِ المؤمنونَ الكافرينَ أولِياء من دونِ المؤمنينَ ومَن يفعلْ ذلكَ فليس مِنَ الله في شيءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقوا مِنهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكم الله نفسَهُ وإِلى الله المصيرُ. قُلْ إِن تُخْفُوا ما في صدوركُمْ أَو تُبْدوهُ يَعْلَمْهُ الله وَيَعلَمُ ما في السَّماواتِ وما في الأرض والله على كلِّ شيءٍ قديرٌ (سورة آل عمران : 28 ـ 29)

·        إله متذبذب لا يثبت على حكم من أحكامـه، يصدر حكماً ثم يتراجع عنه أو يجعل محمداً ينساه كي يأتي بحكم آخر عوضاً عنه! "ما ننسَخْ من آيةٍ أو نُنسِها نأتِ بخيرٍ منها أو مثلها ألم تعلم أنَّ الله على كلِّ شيء قدير" (آية 106 سورة 2 البقرة)

·        إله مسخّر لخدمة أغراض محمد الجنسية والسياسية والمادية والعائلية وغيرها: تزوج محمد من مطلقة ابنه بآية من الله. حلل لنفسه ما كان قد اقسم على تحريمه أيضاً بآية من الله. طالب بخمس الغنائم التي يسرقها أتباعه من الناس بآية من الله، ثم تراجع عن طلبه بآية أخرى بعد أن واجه معارضة أتباعه.. وعلى هذا المقياس قس!..

·        إله إرهابي يشجّع "نبيّه" على إسكات أصوات منتقديه باغتيالهم كما فعل محمد مع عصماء بنت مروان التي بعث بمن يقتلها بينما كان نائمة وأطفالها على صدرها، وذنبها أنها قالت فيه بضع أبيات شعر تنتقده فيها. كذلك فعل الأمر نفسه مع رجل يبلغ من العمر مائة وعشر سنوات اسمه "أبو عفك" وللسبب نفسه.

·        إله شرير يخصص جنته للزناة وقطاع الطريق ويدفع بالمسيحيين واليهود إلى النار تكفيراً عن ذنوب هؤلاء. يقول محمد إنه "لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا" وفي قول آخر له: "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى"، ويعني بذلك أنه ليس على المسلم أن يخشى من ارتكاب أي عدد أو نوع من المعاصي حتى ولو أصبح وزنها كوزن الجبال لأن دخول الجنة أمر مضمون له حيث أن الله يوم الحساب سيغفر له كل هذه الذنوب وسيضعها في رقبة المسيحيين واليهود؟!.. (صحيح مسلم بشرح النووي)

·        إلهٌ جنّته كرخانة وخمارة، يسرح فيها الرجال بذكورهم "دائمة الانتصاب"، لا همّ لهم إلا افتضاض الأبكار وشرب الخمر.

·        إله يكره النساء ويعتبرهنّ من ممتلكات الرجل ويصنفهنّ في آية واحدة مع الحيوانات وغير ذلك من متاع الدنيا. كذلك يعتبرهنّ "حرثاً" للرجال يفلحنهنّ متى شاؤوا، ويعدهن بعذاب الآخرة إذا لم يكنّ جاهزات دائماً وأبداً لإرضاء المطالب الجنسية للرجل.

·        إلهٌ مصدر إلهام للفجور: "ونفسٍ وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها!" (آية 78 سورة الشمس)

·        إلهٌ ـ لأنه على هذا المقدار من الدناءة ـ لا يكترث إذا استعمل المسلمون اسمه مضغة في أفواههم يحلفون به لأجل أي شيء حتى ولو كان الأمر يتعلق بشخاخ حمار محمد: "ركب محمد حماراً ومرَّ على ابن أٌبيّ فبال الحمار فسدَّ ابن أبيّ أنفه فقال ابن رواحة والله لَبول حماره أطيب ريحاً من مِسككَ!!!.."

 

·        ماذا عن الإله في تعاليم الإنجيل؟.. لننظر:

·        الإله في الإنجيل ينزل بنفسه إلى الأرض فيتجسد بصورة إنسان ليعلم البشر معنى الفداء ولا يطلب هو منهم أن يقاتلوا العالم من أجله؟

·        الإله في الإنجيل يحذّر المؤمنين به من رفع السيف دفاعاً عنه ويقول لهم من أخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ.

·        الإله في الإنجيل يشدد على المؤمنين به بأن يحبوا أعداءهم ويباركوا لاعنيهم ويغفروا للمسيئين إليهم، ويقول لهم: ما الفضل في أن يحب الناس الذين يحبونه فقط؟.. ألا يفعل الخطأة ذلك أيضاً!

·        الإله في الإنجيل لا يميّز في عطائه ومحبته بين إنسان وآخر إذ يطلع شمسه ويمطر مطره على الأشرار والصالحين.

·        الإله في الإنجيل لا حاجة له إلى جيش من بني البشر للدفاع عنه: "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ. أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟"

·        الإله الذي يأبى أن يكون اسمه مضغة في أفواه البشر ولذلك يعلمهم أن لا يحلفوا باسمه البتة وأن يقتصروا في أجوبتهم على كلمة "نعم" أو "لا".

·        الإله الذي يعلم على الصدق والتواضع وينهى عن الخداع والنفاق

·        الإله الذي لا يحتاج وصفه إلى تسعة وتسعين اسماً ـ كما في الإسلام ـ لأن وصفه، رغم أنه أعظم من أن يُحددَ بعبارات، فإن المسيحية تعطيه اسماً واحداً: محبة!

***********

كيف يمكن لهاتين الشخصيتين المتناقضتين أن تشكلا فكرة واحدة نسميها إلهاً؟.. 

هل يمكن أن يكون هناك تعاليم مشتركة بين الإسلام والمسيحية وهذان الإلهان على هذا القدر من الاختلاف؟

إذا كان هذا الإله الذي يؤمن به المسلمون هو نفسه إله المسيحيين واليهود وغيرهم من بني البشر، فكيف نفهم تشجيعه للمسلمين على قتال هؤلاء إلى أن يؤمنوا به أو أن يخضعوا لحكمه ويدفعوا ضريبة خضوعهم لهذا الحكم وهم يشعرون بالذل كما يقول القرآن: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق (أي الثابت الناسخ ـ أي المُبطل ـ لغيره من الأديان وهو دين الإسلام) من الذين أوتوا الكتاب (أي المسيحيين واليهود) حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون" (أي أذلاء منقادون لحكم الإسلام.) (آية 29 سورة 9 التوبة، والتفاسير من الجلالين)

كيف يمكن أن يكون هناك تعاليم مشتركة "أكثر مما نتصوّر" ـ كما يقول الإعلان ـ والقرآن يحذّر المسلمين من اتخاذ المسيحيين أو اليهود أصدقاء لهم وإلا فإنهم يخالفون إلههم؟ "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولاَّهم منكم فإنه منهم إنَّ الله لا يهدي القوم الظالمين." (آية 51 سورة 5 المائدة)

***********

يقول الإعلان أن المسلمين يوقّرون المسيح ويعيشون بتعاليمه التي تدعو للمحبة والسلام والمسامحة!

حقاً إن القرآن يعترف (ولا بدّ من القول على كل حال بأنه ليس تشريفاً للمسيح أن يأتي ذكره في كتاب كالقرآن.) بأن المسيح هو واحد من الأنبياء، لا بل أن للمسيح في هذا الكتاب من الأوصاف ما يجعله أعظم منزلة من محمد مؤسس الإسلام نفسه بمقدار عظيم جداً. المسيح لا زال حياً لم يُصلب ولم يمت بل رُفع إلى السماء، بينما محمد قد مات (وقيل أنه مات مسموماً على يد امرأة يهودية). المسيح صنع المعجزات، بينما محمد لم يصنع أي معجزة. المسيح ولد من الروح دون علاقة بشرية بين أب وأم، بينما ولد محمد كباقي البشر. المسيح "وجيه في الدنيا وفي الآخرة"، بينما محمد لا شفاعة له: "استغفر لهم أو لا تستغفرْ لهم إِن تستغفرْ لهم سبعين مرَّةً فلن يغفرَ الله لهم.." (آية 80 سورة التوبة) والمسيح ولد بدون خطيئة وعاش بدون خطيئة ولم يذكر القرآن ذنباً له، بينما كان محمد صاحب ذنوب إلى درجة قال القرآن عنه أن الله أعطاه ما يمكن أن يوصف بـ "كارت بلانش" إذ غفر له كل ذنوبه التي ارتكبها في الماضي وما سوف يرتكبه من ذنوب في المستقبل: "ليغفِرَ لك الله ما تقدَّم من ذنبك وما تأَخَّرَ ويتمَّ نعمتهُ عليك ويهديَكَ صراطا مستقيما"! (آية 2 سورة الفتح)

لكن هل يذكر القرآن أي شيء عن تعاليم المسيح؟.. وهل يعرف المسلمون شيئاً عن هذه التعاليم ـ تعاليم المحبة والسلام والمسامحة ـ التي يدّعي الإعلان أنهم يعيشونها في حياتهم اليومية؟.. 

القرآن لا يتطرّق إلى تعاليم المسيح، لا من قريب ولا من بعيد لأنها تتناقض مع تعاليم محمد. والأنظمة الإسلامية تفرض حظراً على التبشير بتعاليمه وتزج في السجن كل من يجرؤ على توزيع نسخ من الإنجيل. والمسلمون أنفسهم يمارسون حظراً ذاتياً على أنفسهم وعلى أولادهم من الاطلاع على الإنجيل لأن أدمغتهم مغسولة بما في القرآن وكتب الحديث وبما يسمعونه عن المسيحية ليلاً ونهاراً من أئمتهم. إذاً، من أين للمسلمين أن يعرفوا أي شيء عن تعاليم المحبة والسلام والمسامحة التي يدعو إليها المسيح؟..

أمن شيوخ المساجد الذين يخطبون فيهم ويحرضونهم على قتال الكفار وقطع رؤوسهم وتعذيبهم: "قاتلوهم، يعذّبهـم الله بأيديكم، ويُخْـزِهم، وينصركم عليهم، ويشـفِ صدورَ قومٍ مؤمنين." (آية 14 سورة 9 التوبة)

أمن هؤلاء الشيوخ الذي يكررون على مسامعهم في صلوات الجمعة دعاءهم على الكفار: "اللهم رمّل نساءهم.. يتّم أطفالهم.. شرّد رجالهم.. اجعلهم غنيمة للمسلمين يا أرحم الراحمين!!!" 

أم من نبيّهم محمد الذي علّمهم بأن السلام هو بين المسلم والمسلم وليس بين المسلم وغير المسلم: "المسلم هو من سلم المسلم من لسانه ويده". أو بأن على المسلم أن "ينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً". أو بأن "المسيحي لا عقل له لأنه كافر". أو بأن العالم لن ينتهي قبل أن يقضوا على آخر يهودي فيه حين يختبئ هذا اليهودي وراء صخرة فتفشي الصخرة سره وتنادي المسلم قائلة له "يا مسلم هناك يهودي يختبئ ورائي تعال اقتله!".

من أين للمسلمين أن يعرفوا أي شيء عن تعاليم السلام والمحبة والتسامح، إذا كانت منظمة الطابور الخامس "كير" تبذر الأموال على إعلانات موجهة إلى الطرف الذي لا يحتاج إليها البتة.    

لو كانت هذه المنظمة صادقة في نيتها، مهتمة حقاً بخدمة المسلمين لكانت قد خصصت الأموال لنشر هذا الإعلان في صحف العالم الإسلامي وليس في الصحف الأمريكية. فالأمريكيون، رغم ما أصابهم من شر الإسلام، لا زال معظمهم ـ وللأسف ـ يعتقد أن الإرهابيين لا يمثلون الإسلام وأنه لا يعقل أن يكون هناك دين يشجّع على قتل الأبرياء؟!!.. 

لو كان المسؤولون عن هذه المنظمة المشبوهة صادقين مع أنفسهم وراغبين حقاً في عمل أي شيء يخدم المسلمين، لكانوا قد وجهوا إعلاناتهم إلى المسلمين في العالم الإسلامي ليشجعوهم على التخلي عن الحقد الأعمى ضد الغرب وكل ما هو مسيحي أو يهودي.

العالم الغربي ليس بحاجة لأن يعرف ما يقوله القرآن عن المسيح. المسلمون هم الذين يحتاجون أن يعرفوا ما يقوله الإنجيل عنهم. إنهم بحاجة لأن يعرفوا بأن الإنجيل لا يعلم المسيحيين على كراهيتهم بل على محبتهم. لا يعلّم على قتالهم بل على الصلاة من أجلهم. إنهم بحاجة لأن يعرفوا أن القسس والكهنة لا يدعون عليهم في كنائسهم بتشريد رجالهم وترميل نسائهم وتيتيم أطفالهم كما يدعو شيوخ مساجدهم على المسيحيين.

**********

"تعاليم مشتركة أكثر مما نظن؟؟"

لا، ليس هناك تعاليم مشتركة بين الإسلام والمسيحية "أكثر مما نظنّ" كما يقول الإعلان، إنما على العكس من ذلك تماماً: هناك تعاليم "غير مشتركة" أكثر مما يظنّ البعض!!

وجه الإسلام المظلم لا يمكن لأي إعلان أن يبيّضه، كما ولا يمكن لأي حملة مخادعة أن تنسي المسيحيين تحذير المسيح عن الأنبياء الكذبة الذين سيأتون بعده، ولا عن الذئاب الخاطفة التي ستأتيهم في ثياب الحملان.

**********

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط