بسام درويش / May 15, 2016

خلال ندوة نظمها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط خُصِّصت لمناقشة الوضع الاقتصادي العالمي، جرى لقاء بين الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق لاستخبارات المملكة العربية السعودية، والجنرال الاسرائيلي المتقاعد ياكوف أميدرور المستشار السابق للشؤون الأمنية في حكومة نتنياهو. بعد هذا اللقاء، صرّح الأمير الفيصل بما يلي: "بقوة العقل العربي والمال اليهودي يمكننا أن نصنع العجائب."

*************

ربما يرى البعض في عبارة الأمير الفيصل مجرد زلة لسان، وأنّ ما أراد قوله حقاً هو عكس ذلك، أي أنه بالمال العربي والعقل اليهودي يمكن لشعوب الشرق الأوسط أن تجترح العجائب!

أما أنا فأعتقد جازماً أنّ الأمير لم يقل ما قاله عبثاً إنما قد عنى تماماً ما قال، وقوله هذا هو في الحقيقة تعبير صادق عن النزعة العنصرية الفوقية المزيفة التي زرعها الإسلام في قلبه منذ صغره. فالمسلم العارف بشؤون دينه، ولا أعتقد بأن الأمير فيصل إلا عارفاً بأمور هذا الدين، يؤمن كل الإيمان بأن "الكافر لا عقل له"،(1) و"العقل لا يُعطى للكافر إذ لو كان له عقل لآمن.."(2)

*************

يخطيء من يرى في تعليقي هذا استهزاءً أو استخفافاً بعقل الإنسان العربي لأنه من السخف حقاً أن يقولَ أحدٌ إن هناك شعوباً بعقل وأخرى دون عقل أو إنّ هناك شعوباً ذكية وأخرى أقل ذكاء. لكن الحقيقة التي لا يمكن نكرانها هي أن عقل الإنسان العربي، والمسلم بالذات، يعيش في ظل أنظمةِ حكمٍ وأيدلوجيةٍ دينية تساهم كل منهما مع الأخرى ولمصلحةٍ مشتركة في إرهابه ومنعه عن العمل والإبداع إلا بما يتناسب مع هذه الأنظمة وهذه الايديولوجية. لذلك، فقول الأمير فيصل هذا، علاوة على ما يتضمنه من عنصرية دينية، قولٌ يخالف الواقع تماماً. فالمال هو بأيدي العرب أكثر مما هو بأيدي اليهود، وكلّ ما هنالك هو أنّ اليهود، وعلى العكس من العرب، استخدموا العقل في استثمار ما لديهم - وما لدى غيرهم - من أموال، فتفوقوا وأثبتوا وجودهم أسياداً في الاقتصاد، وكذلك على قلة عددهم، رواداً في العلوم والاختراعات التي أفادت وتفيد الانسانية جمعاء.

في الحقيقة، لو وضع العرب ما لديهم من أموال في أيدي اليهود وأوكلوا إليهم إدارة شؤونهم لتحولت صحراء الجزيرة العربية إلى حقول خضراء ومساجد العالم الإسلامي إلى مختبرات علوم.   

هل سمعتم عن يهودي غني يقامر بمليون دولار في سهرة واحدة في أحد الكازينوهات، أو يملك قصراً مراحيضه من الذهب الخالص، أو يذهب لقضاء إجازة على شاطئ ويأخذ معه حاشية تتكون من ألف شخص...؟

===============

(1) جاء رجلٌ إلى محمد يقول: "يا رسول الله ما أعقل فلاناً النصراني...! فأجابه محمد: مه، (أي أكفف!) إن الكافر لا عقل له.. أما سمعت قول الله تعالى: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير.)" (تفسير الجلالين ـ سورة الملك 67 : 10)

(2) "قيل لعمرو بن العاص: ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل؟ فقال: تلك عقولٌ كادها الله، أي لم يصحبها بالتوفيق.. لأن العقل لا يُعطى للكافر ولو كان له عقلٌ لآمن، وإنما يُعطى الكافرُ الذهنَ فصار عليه حجةً، أما العقل فيميز العلمَ ويقدّر المقادير لحدود الأمر والنهي...!" (الموسوعة الشاملة، تفسير القرطبي)

===============

 

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط