مالك مسلماني / Oct 11, 2007

بتاريخ 2 تشرين الأول (أكتوبر) نشرت جريدة الصباح مقالاً بعنوان: «التسامح والتعايش جوهر الحريات الدينية في العالم المعاصر». جاء فيه القول إني «باحث إسلامي»، ويبدو أن صاحبه لا يميز الفرق بين «باحث إسلامي» و«باحث في الإسلام». والواقع إني أصف نفسي بأني بمهتم بالتاريخ الإسلامي المبكر. وصفة باحث لا أراها جديرة بأعمنا الأغلب نحن الكتاب العرب، فما زال بيننا وبين تملك أدوات البحث مسافات ومسافات، وأتمنى أن يمد بي العمر لاقترب من تخوم صفة الباحث، فكيف بالباحث. ولكن المسألة لا تتعلق بتوصيفي باحثاً، بل بتنسيبي إلى الإسلام وهو الدين والمعتقد الذي أجد نفسي على نقيض منه في كل تفصيل. ومع ذلك ليت الأمر اقتصر على أسلمتي، بل أن صاحب المقال قولني ما لم أقله، ونسب إلي آراءً تضاد كلياً الفكر الذي أؤمن به وأدافع عنه؛ وبالتالي أجد لزاماً تبيان زيف ما نُسب.

لقد ورد في المقال المذكور ما يلي:

« ويعتقد باحث اسلامي اخر هو مالك مسلماني، ان الحرية في سلم اولويات الاسلام وتحتل مقاما متقدما جدا».

في أي نصٍ كتبت بشكل مباشر أو غير مباشر، أو حتى في مقطع يمكن تأويله ـ ولو صوفياً أو سريالياً ـ بأن الحرية أولوية في الإسلام وتحتل مقاماً متقدماً؟

رأيي الواضح الذي لا لبس فيه، إنّ الإسلام ضد الحرية الفردية والدينية. وهو مع حرية المسلم في غزو غير المسلم. ومن جهة أخرى وعلى المستوى القيمي، يذوّب الإسلام روح المسلم في استسلام لإله القرآن ومؤسس الإسلام؛ وبالتالي الإسلام هو أخطر الأيديولوجيات الشمولية، كونه مؤسساً على أيدلوجية مرتكزة على نص مقدس. وغالباً ما يخضع المسلم لها بدون جهاز دعاية منظم، إذْ يكفي هذه الأيدلوجية مئات الألوف المساجد التي تنشر اللاعقلانية والتعصب في كل مكان.

 

أضاف صاحب المقال القول وعلى لساني أيضاً:

«عد الاسلام الحرية بمثابة الحياة في عد الرق الذي هو ضد الحرية موتا وهذا ما نستفيده من تفسير قوله تعالى: <ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة>».

في جميع ما كتبت عن الإسلام لم أتطرق بعد إلى هذه الآية القرآنية، ولا إلى مسألة الرق في الإسلام. وتناول هذه المسألة لن يكون في صالح الإسلام الذي كرس الرق، فضلاً عن ذلك، جعل المرأة مسترقةً أبداً للرجل. وأنا أعتقد بأن العقيدة الإسلامية مضادة للحياة، ولو استخدمنا مصطلحاً نحته إريك فروم، فإن العقيدة الإسلامية ذات نزعة تدميرية.

ثم تابع صاحب النص القول:

«ثم يضيف الباحث الاسلامي [أي حضرتنا] الى قوله، بل اكثر من ذلك تذهب الشريعة الاسلامية شوطا ابعد في مجال الحريات لم تصل اليه الانظمة الاخرى مطلقاً ولهذا البعد أثر كبير في صلاح الفرد، ثم في صلاح المجتمع، وهي الحرية الحقة التي تنطلق منها بقية معاني الحرية وهي تحرر الفرد من شهوات نفسه».

هذه العبارة مثل سابقتها تتسم بضعف المبنى، مما يجعلنا نعتقد أن كاتبها لا يمت بصلة إلى عالم الثقافة. وبكل الأحوال، ما يعنيني هنا نفي الافتراء المنسوب إلي. أما بخصوص منهجية الكتابة فهذا شأن يخصه ويخص ناشريه.

بالنسبة لي، وعذراً من القارئ لتكرار ضمير أنا، وعذراً لتكرار الفكرة مرات ومرات. نعم بالنسبة لي، الإسلام ذهب شوطاً أبعد في قمع الحرية، ولربما هو الأيدولوجيا الأكثر قمعاً والأكثر خطراً. هذا هو سبق الإسلام في مجال الحرية! أما بشأن شهوات الفرد. نعم، الإسلام، حرر المسلم من شهوات نفسه، لأنه أطلق له العنان في الغزو والسلب للحصول على الغنائم واغتصاب النساء. وكمثال واحد على ذلك، يمكن الرجوع إلى كتب التفاسير وأسباب النزول بخصوص الآية (24) من سورة النساء، حيث قام محمد فيها بالسماح للمسلمين في غزوة أوطاس باغتصاب الأسيرات المتزوجات، خلافاً للعرف السائد قبل الإسلام. وقد سبق أن أشرت إلى هذه الواقعة التاريخية في مادتي المعنونة: «من مؤسسِّات العنف في الفكر الإسلامي» المنشورة على منبر «الناقد».

إن كل ما ورد في المقال منسوباً إلي، ما هو إلاّ جملة تلفيقات. وأما لماذا يفتري صاحبه علينا، فالأمر يعود إما إلى أنه قرأ عشوائياً أسطراً من مقالي «الإسلام والتسامح الديني»، وأكمل الفكرة من خياله المشبع بأيدولوجيا الإسلام؛ أو أنه نسج افتراءاته قاصداً متعمداً. فإن كان جاهلاً لا يقرأ، أو إن كان قد لفّق لمخطط في نفسه، فالأمر يدل على سوء الحال الذي فيه الثقافة العربية، عندما تكثر فيها حالات الكتاب الذين لا يعيون ما يقرءون، أو لا يعيون ما يكتبون، أو كتاب يفترون.. أو كل هذه الحالات معاً!

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط