بسام درويش / Aug 21, 2006

بعث لي صديق من باكستان بخبرٍ يتحدثُ عن تعرّضِ عاملِ بناءٍ مسيحي باكستاني، في ضواحي مدينة لاهور الباكستانية، إلى ضربٍ مبرح أدّى إلى إصابته بكسور وجروح وخلع في كتفه.

 

ربما لا يكون في الخبر ما يثير القارئ ـ لاعتياده على سماعه ـ إلى أن يعرف سبب الاعتداء هذه المرّة!

 

جريمة المسيحي نصير اشرف كانت هذه المرة هي أنه شرب ماءً من كوبٍ مربوطٍ بصنبورٍ في مكان عام. شاهده مسلمٌ يفعل ذلك فانتهره وهو يسأله: لماذا شربت من الكوب وأنت مسيحي؟.. فردّ عليه نصير بقوله أنه قد شرب لأنه عطشان!  آنذاك أخذ المسلم الكوب وبدأ بتحطيمه وهو ينادي على مسلمين متواجدين في المنطقة صارخاً، إنّ مسيحياً كافراً قد قام بتنجيس الكوب.  فتجمّع عليه الرعاع المؤمنون وحطّموا عظامه!

**********

هذه الحادثة ليست فردية ولا هي نادرة في باكستان، فالمسيحيون يعامَلون هناك معاملة البهائم القذرة. وإنه لأمرٌ يدعو للأسف أنّ أحداً لا يتحدث عنهم وعن معاناتهم إلا نادراً.

طريقة معاملة المسلمين للمسيحيين في باكستان شبيهة ـ أو أسوأ ـ من طريقة معاملة البيض للسود أيام العبودية. فالمسيحي في باكستان يخشى على نفسه أينما رحل وحلّ إذ بمجرّد أن يعرف من حوله بأنه مسيحي فإنه يتعرض للإهانة أو للمضايقة.

أصحاب المطاعم مثلاً، يكسرون أدوات الطعام إذا عرفوا أن الزبون الذي كان يأكل عندهم مسيحي، خوفاً من أن يتنجس مسلم يستخدم من بعده نفس الأدوات!. لا بل إنّ أحداً لا يحاسب أصحاب المطاعم إذا رفضوا أن يستقبلوا مسيحياً. إذا عرف مسلمٌ يركب الباص أن مسيحياً يجلس إلى جانبه فإنه يطلب من النهوض والابتعاد وإلا فإن الضرب يكون من نصيبه.  ويروي باكستاني مسيحي أن حلاّقاً كان يحلق ذقن زبون في محله قد جاء من يخبره أن الزبون الذي بين يديه مسيحي، فتوقف عن إكمال الحلاقة وطرد المسيحي إلى الشارع فخرج المسكين هارباً وصابون الحلاقة لا زال يغطي الجانب الثاني من وجهه. وربما كان من حسن حظ هذا المسيحي أن  يجري طرده قبل أن يخطر بفكر المسلم أن يجتزّ بموسى الحلاق رقبته!

كنائس المسيحيين هناك تُلَطّخ بالقاذورات وتُرمى عليها الأحجار بشكل دائم. كنائس أخرى تُهاجم من قبل مسلحين مسلمين. أحكام السجن على مسيحيين بتهمة التجديف على الإسلام هي أخبار روتينية، حيث إذا صدف وأن مر مسيحي أمام مسجد وبصق في الطريق فإنّ ذلك يُعتبر انتهاكاً مقصوداً لكرامة المسجد!

**********

في قرية بنغلادشية حصلت حادثة مشابهة لحادثة نصير اشرف نقلها لي صديقٌ يعمل مع منظمة تبشيرية هناك.

في تلك القرية بئر واحد يستخدمه كل سكانها للحصول على الماء. لكن حدث أن ارتدّ أحد ابناء القرية عن الإسلام، فقام سكانها المسلمون بضربه لاستخدامه البئر ومن ثم منعوه من الاقتراب منه. فأصبح الرجل يمشي مسافات طويلة إلى قرية مجاورة للحصول على حاجته وحاجة عائلته من الماء.  لذلك، قامت الجمعية التبشيرية بتأمين المال لحفر بئر على أرضه، وبعد أن انتهى العمل منه، فاجأ هذا هذا المسلم الذي اعتنق المسيحية حديثاً سكان القرية بما في ذلك الذين ضربوه، بدعوتهم جميعاً لاستخدام ماء البئر. وكان يقول لهم إنه يفعل ذلك لأن إلهه الجديد الذي يؤمن يه الآن يقول له: "أحبوا أعداءَكم أحسنوا إلى مبغضيكم.. .. ومن سقى أحد هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كأسَ مَاءٍ بَارِدٍ.. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ."!

**********

أذكر يوماً كنتُ فيه في مدينة كراتشي، أتسوّق بصحبة دليل باكستاني مسلم يعرف السوقَ معرفة جيدة، حين اقتربت مني طفلةٌ صغيرة لا تتجاوز الست سنوات تطلب مني صدقة. أخرجتُ من جيبي عشرَ روبيات باكستانية ـ أي ما يعادل دولاراً أميركياً ـ وهممتُ بإعطائهم لها. فوجئتُ بالدليل يقبض على يدي محاولاً منعي من إعطائها الصدقة، واعتقدتُ آنذاك أنه يفعل ذلك من أجل حمايتي من هؤلاء الشحاذين، لكني ذُهلتُ حين سمعته يقول لي: لا تُعطِها.. هذه كافرة.. مسيحية!

أبعدتُ يده عن يدي وأعطيتها الروبيات فأخذتْهم وهي تراقبه بعينيها البريئتين المرتعدتين، وما أن أصبحوا بيدها حتى اختفت عن الأنظار غير مصدقة بأنها حصلت على مبلغ كذاك المبلغ، وربما غير مصدقة أنها نجت من الدليل قبل أن ينقض عليها. 

سألت الدليل: وماذا في الأمر إذا كانت مسيحية؟.. ألا يجوز إعطاءها صدقة!

قال: هناك مسلمون أحق منها!..

وطبعاً، لم يكن يعرف أنني غير مسلم لأن الباكستانيين لا يصدقون بأنه يمكن لإنسان عربي أو من ينطق بالعربية أن يكون غير مسلمٍ!

************

يا لها من كراهيةٍ تعتمر بها قلوب المسلمين تجاه غيرهم من بني البشر..

تريدون أن تعرفوا السبب؟.. افتحوا القرآنَ يَزُلِ العجبْ!

*************

ملاحظة: تخليداً لمعاناة نصير اشرف كتبت له هذه السورة:

 

سورة الأفضال

10 آيات

بسم الله الرحمن! الرحيم!

يا أيها الذينَ آمَنُوا إنّا خَلَقْناكُمُ مِنْ تِبْرٍ خَالِصٍ وَخَلَقنا الكُفّارَ مِنْ طينٍ فَفَضّلناكُمُ عليهمُ أجمعين. (2) ثمّ جعلناهمُ سُخْرِيّاً لَكُمْ على أن لا تَلْمَسَ أياديهُمُ مُطهّراتِكُم إنّهمْ لأعظمُ رِجْساً من الشياطين. (3) فإذا لَمَسَ أحدٌ مِنهُمُ ثِياباً لَكُم فاغسُلوها سَبْعَ مرّاتٍ أوِ احرُقُوها ثم اقطعُوا أنامِلَهُ واجلدُوه ولا تُحصوا إلى أن يشاء الله لكمُ أن تتوقفوا، إنه حسَّابٌ عليم. (4) وإذا شَرِبَ أحَدٌ مِنْهمُ مِنْ كوبِ ماءٍ لكُمْ فاكسِروا الكوبَ واضرِبُوهُ واخْلَعوا كَتِفَيْهِ كيْ لا تُنَجِّسَ يدٌ لَهُ مِنْ بَعْدُ مشرباً لكم إنَّهُ كان البادِئَ بالعُدْوانِ واللهُ لا يُحِبُّ المُعْتدين. (5) وإن صنَعَ واحدٌ مِنْهُمُ صَنيعاً حَسناً فلا تَأمَنُوا لَهُ أوْ لِصَنيعِهِ إنَّهم يُريدُونَ أنْ يَصدّوكُمُ عَنْ سَبيلِ اللهِ بِمَكْرِهِم واللهُ لهمُ بالمِرصادِ وَهُوَ أمْكَرُ المَاكِرِين. (6) لو شاءَ ربّكُم لَجَعلَ الناسَ سَواسِيةً لكنَّهُ مَيَّزَكُمُ عَنْهُمُ لِمَا أدّيتُمُ وَمَا سَتؤدّونَهُ مِنْ أفضالٍ للعالمين (7) فَسوّاكُمُ فَوقَهُمُ وجَعلَهُمُ الأسفلين. (8) فَلا تَظنّوا إنْ رأيتُم مُخْترَعاتِهِمْ وَاكْتِشَافاتِهِمْ أنَّهُم قَدْ سَبَقوكُمُ إلَى عِلْمٍ إنّا وَضَعنا العِلْمَ بَينَ أيديكُمُ قرآناً يَنْهَلُونَ مِنْهُ وَهُم لا يَعرفُون. (9) فافْتَحوا القرآنََ عندََ كلِّ اختراعٍ يَدّعون أنَّهُ من عِنْدِهِم وَبَحْبِشوا فيه تَجِدُوا كَذِبَ دعواهُمُ واللهُ يُرْشِدُكم إلى ما فيه لِتُظهِروه للكافرين. (10) ألمْ نَقُلْ إنّا جَعَلْناهُمُ سُخرِيّاً لَكُمْ فإنْ ينسَ أحدٌ مِنْكمُ وَعْدَ اللهِ يُذَكِّرْهُ اللهُ بما نسى وَيَغْفر لهُ إنّهُ غفارٌ رَحيم.

=============

لقراءة المزيد من السور:  www.suralikeit.com

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط