بسام درويش / Apr 19, 2003

الرسالة التالية وردتني من شاب مسلم، أنشرها بكلماتها وحروفها.

===============

الأخ العزيز

أنا شاب مسلم ولكنني ومنذ فترة متشكك كثيرا في الدين الإسلامي لأسباب عديدة ولذا بدأت في البحث في الإنترنت على المواقع التي ترد على الإسلام حيث تعلم بالطبع أننا هنا في البلاد الإسلامية لا نعلم ولا نقرأ سوى ما يتعلق بمدح الإسلام ولكن الحمد لله تشككي ناتج أساسا من أفكاري الخاصة بدون أن اقرأ كلمه واحدة في حياتي نقدا للإسلام كنت أقول ما هذا الحج الذي هو عبارة عن لف ودوران حول الكعبة ورمى أصناف بالحجارة وتقبيل  حجر وأقول ما هي الصلاة التي نكررها 5  مرات يوميا وبمواعيد قاسيه على البشر وخصوصا فجر كل يوم حتى آخر العمر ما هذا التعذيب لنقول نفس الكلام كل يوم وكل صلاه ؟؟؟؟؟

ما هذا الصوم الذي يجعل الإنسان غير قادر على العمل وأتخيل لو أننا من عشرات السنين في حر الصحراء ما  كانوا يفعلون أثناء الصيام بدون نقطه ماء ساعات طويلة ما هذا القران وكم الكراهية التي يحملها للغير في كل سوره مستحيل كل هذا الكم من الكراهية مستحيل كل هذا الكم من الجدال مستحيل كل هذا الكم من الوعيد بأبشع صنوف العذاب هل خلقنا الله ليعذبنا هذا الكم الرهيب من العذاب الله يعلم انه خلق فينا من الرغبات مالا نستطيع

مقاومتها في أحيان كثيرة مثلما اترك طفل أمام الحلوى ماذا سيفعل؟؟؟ بصراحة شديدة الإسلام ومعتقداته جعلوني مكتئب وشديد الاكتئاب إذا تصادقت مع صديق مسيحي ينظر لي المسلمون شذرا ويتوعدوني بالنار لان المرء مع من احب. هل الأديان خلقت كي نكره بعضنا بعض ؟؟؟؟؟ وأيضاً أرجو منك أن لا تعتقد أنني مقتنع أيضاً بالديانة المسيحية رغم احترامي الشديد والعظيم لتسامحها الرائع مع الغير وهذا ما يفتقده الإسلام ولكنى أيضاً لا أتوافق مع صميم مبدأها الأساسي وهو ألوهية المسيح ولكن ما يهمني الآن هو أنني بالتأكيد غير مقتنع بالإسلام ولكن ما يمنعني من اتخاذ موقف حاسم هو القران وبلاغته وتفسير العلماء وإقناعنا بمدى إعجازه الرهيب حتى ولو أنا غير متفق مع اغلب أفكاره ولكنى اقف حائرا أمام بلاغته وفصاحته ومدى إلمامه بكثير من الآراء العلمية والدينية وبالطبع أنت تعلم مثلا أحاديث الشيخ الشعراوي وانه لا أحد يستطيع أن يصمد أمام حديثه وإقناعه انه قران معجز

وإذا قلنا انه من محمد فكيف نفسر اختلاف لغة الحديث عن لغة القرآن فعلا هناك اختلاف كبير جدا بينهم عندما  اقرأ أي نقد موجه لأي آية في القران وبلاغتها أو تفسيرها العلمي أجد لها ردا واضحا في المواقع الإسلامية أنني لا أتحيز لأي مبدأ ولكنى أتمنى أن أصل للحقيقة واذهب لها فورا حتى إذا كانت غير مقنعة لي فالإسلام تقريبا جميع أفكاره لا تعجبني ولكنني أقف حائرا أمام القران وبلاغته وإعجازه العلمي هل لك أن تساعدني في هذا المضمار.

أخيك في الإنسانية

هشام

****************

عزيزي هشام

الشكُّ يشجّعُ على البحث، والبحثُ يوسّعُ المدارك ويقودُ إلى المعرفة.

قبل أن أسترسلَ في حديثي، أودّ أن أقول لك أنني وإنِ استشهدتُ خلالَ هذا الحديث بعباراتٍ من الإنجيل، فإن قصدي ليس أن أبشّرك بالمسيحية أو أقنعك بمبادئها، فهذا الموقع، كما سبق وأعلنتُ مراراً، ليس موقعاً تبشيرياً أو روحياً. 

لقد سبقتُك أنا يا سيد هشام إلى الشك، فشجّعني شكّي على البحث كما شجّعك، فلا غرابةَ أن نكون قد سلكنا الطريق نفسه. لكن، لا بدّ وأن أقول لك أنَّ هناك فارقاً بين شكي وشكّ، ولعلّك تجد في هذا الفارق رداً على أسئلتك.

أنتَ انطلقتَ بشكّك من تعاليم الإسلام. عقلُك الناضج لم يستطع أن يتقبّل، أنَّ تعاليمَ كهذه، تدعو إلى القتل وتشجّع على كراهية الغير، يمكنُ أن تكون تعاليم صادرة من "الله". شكّك بهذه التعاليم لا بدّ سيقودك في النهاية إلى الشك بوجود الله نفسه، إن لم يكن ذلك قد حصل فعلاً!.. لقد أزحت عن كاهلي عبئاً إذ أعفيتني من بذل أي جهدٍ لإقناعك بما قد توصّلتَ أنت للاقتناع به بنفسك ودون تأثير خارجي.

أما أنا، فشكّي لم ينطلق من تعاليم المسيحية، بل بدأ بفكرة الإله. بدأ شكّي حين تساءلت عن حقيقة وجود إله الذي لم يرَه أحد ولم يستطع هو نفسه أن يثبت وجوده لأحد. كل ما سمعت عنه هو أنه ظهر لأناس يُسمّون أنفسهم بالأنبياء منذ آلاف السنين. وبين الفينة والأخرى، أسمع عن أناس يدّعون أن الله ظهر لهم أو حدّثهم، بينما تؤكّد أعمالهم أنهم ليسوا إلا كذابين دجالين غايتهم الاحتيال على الناس وابتزاز أموالهم. شكّي بوجود إله مبعثه طبيعة إنسانية يصعب عليها الإيمان باللامحسوس، وليس بسبب تعاليم المسيحية التي وُلدت عليها. شكي دفعني إلى الاستمرار في البحث بين كلمات الإنجيل وسطوره لعلني أجد بينها ما يزيله. لكني أخيراً، قررت أن أقرأ الإنجيل كما لم أقرأه من قبل. قرأته فوقَعَتْ كلماته في قلبي موقع السحر. لم تكن موسيقى كلماته هي التي جذبتني، فكلماته مترجمة وكثير منها يخلو من أية جاذبية لغوية. قرأته متجاوزاً الكلمات والحروف وعدتُ إلى قراءته مرة بعد مرة، وفي كل مرة كنت أجد راحة أعظم وسلاماً أعمق مع نفسي ومع الناس، وهاك بعض ما شدّني إليه:

·        سمعتم انه قيل تحبُّ قريبك وتبغضُ عدوَّك. وأما أنا فأقول لكُمْ احبُّوا أعداءَكُم، بارِكوا لاعِنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلّوا لأجْلِ الذَّين يُسيئونَ إليكُمْ ويطردونَكُم. لكي تكونوا أبناءَ أبيكم الذي في السَّموات. فإنه يُشْرِقُ شمسَهُ على الأشْرارِ والصَّالحينَ ويُمْطِرُ على الأبرارِ والظَّالِمين. لأنَّه إنْ أحبَبْتُم الذينَ يحبُّونَكُم فأيُّ أجْرٍ لكُم. أليسَ العشَّارونَ (جامعو الضرائب) أيضاً يفعلونَ ذلك. وان سلَّمتم على أخوتكم فقط، فأيُّ فضل تصنعون. أليس العشَّارونَ أيضاً يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملينَ كما أنَّ أباكُمُ الَّذي في السَّمواتِ هوَ كامِلٌ.

·        سمعتُم أنَّه قيلَ عينٌ بعينٍ وسِنٌّ بسِنّ. وأمَّا أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشرَّ. بلْ مَنْ لطمَكَ على خدِّكَ الأيْمَنَ فحوّل لهُ الآخرَ أيضاً. ومن أرادَ أن يُخاصمَكَ ويأخذَ ثوبَكَ فاترُكْ لهُ الرِّداءَ أيضاً. ومَن سخَّرك ميلا واحداً فاذهبْ معهُ اثنين. من سألك فأعطه. ومن أرادَ أنْ يَقتَرِضَ منْكَ فلا ترُدَّهُ.

·        قدْ سمِعْتُمْ أنَّهُ قيلَ لِلقدماءِ لا تزْنِ. وأمَّا أنا فأقولُ لكمْ إنَّ كلَّ منْ يَنظُرُ إلى امْرَأةٍ لِيَشتَهِيَها فقدْ زنى بِها في قَلْبِهِ.

·        طوبى للمساكينِ بالرُّوحِ لأنَّ لهُمْ ملكوتُ السَّماواتِ. طوبى للحَزانَى لأنَّهُم يَتَعزَّونَ. طوبى للْوُدَعاءِ لأنَّهم يَرِثونَ الأرضَ. طوبى للجياعِ والْعِطاشِ إلى الْبِرِّ لأنَّهم يُشْبَعونَ. طوبى للرُّحَماءِ لأنَّهًم يُرْحَمونَ. طوبى لأنقياءِ القلبِ لأنَّهًم يُعايِنونَ اللهَ. طوبى لِصانِعي السّلامِ لأنَّهًم أبناءَ اللهِ يُدْعَوْنَ. طوبى للمَطرودينَ مِنْ أجلِ البِرِّ لأنَّ لهم ملكوتُ السماواتِ. طوبى لكُمْ إذا عَيَّروكُمْ وطَرَدوكمْ وقالوا عليكُمْ كلَّ كَلِمَةٍ شِرّيرةٍ مِنْ أجلي كاذبينَ.

·        قَدْ سمِعْتُمْ أنَّهُ قيلَ لِلقُدماءِ لا تَقْتُلْ ومَنْ قَتلَ يكونُ مُسْتَوجِبَ المَجمَعِ. وأمَّا أنا فأقولُ لكُمْ إنَّ كلَّ مَنْ يَغْضَبْ على أخيهِ باطلاً يكونُ مُستوجبَ الحُكم.

·        ومتى صلّيتَ فلا تكُنْ كالمُرائينَ. فإنَّهم يُحبُّونَ أن يُصلّوا قائمينَ في المَجامِعِ وفي زَوَايا الشَّوارِعِ لكي يظهروا للناس. الحقَّ أقولُ لكم إنَّهم قدِ اسْتَوْفَوْا أجْرَهُم. وَأمَّا أنتَ فمتى صلّيتَ فادخُل إلى مِخْدَعِكَ وأغلِقْ بابَكَ وصلّ إلى أبيكَ الذي في الخَفاء. فأبوكَ الذي يرى في الخفاءِ يُجازيك علانيَّةً. وحينما تصلّون لا تُكَرِّروا الكلامَ باطلا كالأمَمِ. فإنَّهم يَظُنونَ أنَّهُ بِكَثْرَةِ كلامِهِم يُسْتَجابُ لهُم. فلا تَتَشبَّهوا بهِمْ. لأنَّ أباكُم يَعْلَمُ ما تحتاجونَ إليهِ قبلَ أنْ تَسألوهُ فصلّوا أنتَم هكذا. أبانا الذي في السَّموات. ليتقدَّسِ اسْمُكَ. ليأتِ مَلَكوتُكَ. لِتَكُنْ مَشيئتُكَ كما في السَّماءِ كذلكَ على الأرْضِ. خُبزَنا كفافَنا أعطِنا اليومَ. واغْفِرْ لنا ذنوبَنَا كما نغفِرُ نحنُ أيضاً للمُذنِبينَ إلينا. ولا تُدخِلْنا في تجربةٍ. لكِنْ نَجِّنا منَ الشِّرير. لأنَّ لكَ الملكَ والقوَّةَ والمجدَ إلى الأبَدِ. آمين. فإنَّه إن غفرتُم للناسِ زَلاتِهِمْ يَغْفِر لكُم أيضاً أبوكُم السماوي. وان لم تَغفُروا للناسِ زلاتِهِم لا يغفِر لكُم أبوكُم أيضاً زلاتِكُم ومتى صُمْتُم فلا تكونوا عابِسينَ كالمُرائين. فإنَّهم يُغَيِّرونَ وُجُوهَهُم لكي يَظهَروا للناسِ صائمينَ. الحقَّ أقولُ لكُم أنَّهُم قدِ استوْفَوْا أجْرَهم. وَأمَّا أنتَ فمتى صُمت فادهَنْ رأسَكَ واغسِلْ وجْهَكَ. لكي لا تَظهرَ للناسِ صائِماً بل لأبيكَ الذي في الخفاءِ. فأبوكَ الذي يَرَى في الخفاءِ يُجازيكَ عَلانيَّةً

·        لا تَدينوا لكي لا تُدانوا. لأنّكم بالدينونة التي تُدينون بها تُدانون. وبالكيلِ الذي بهِ تكيلون يُكالُ لكم.

********

قرأته وعدت إلى قراءته، وفي كل مرة كنت أجد عزاء أعظم وسلاماً أعمق. هذه التعاليم يا هشام قرّبتني إلى الإله الذي كنت اشكّ بوجوده، بينما أبعدتك تعاليم الإسلام أو لا بدّ ستبعدك عن الإله، لأنها جعلتك تشك بمصداقيته.

يا عزيزي هشام، هناك أمم ألّهت ملوكها لا لشيء إلا لأنه زُرِعَ في عقولها أن الملوك ينحدرون من الآلهة. هناك أمم ألّهت قادتها لأنه ربحوا حرباً أو بنوا برجاً عظيماً. وهناك أممٌ ألهت بعض الحيوانات والطيور لأنها إما قد رأت فيها قوة عظيمة أو لأنها رأت فيها مصدراً للعطاء والحياة. وهناك أمم ألّهت النار والشجر والشمس والقمر والنجوم لأسباب شبيهة أو مختلفة. هذا الشخص الفقير الشاب المتواضع المسالم الذي يُدعى المسيح، الذي دون أن يحمل سيفاً أو يقتل أو يغتال أحداً، ودون أن يقوم بغزو قبيلة لينهب أموالها ويبيع نساءها وأولادها ويشتري بأثمانهم أسلحة ينشر بها دعوته.. هذا الفقير الشاب المتواضع، الذي صنع العجائب الخارقة، والتي لم يقم بها لمجدٍ شخصي بل رحمة بالمتألمين أو استجابة للذين قصدوه طالبين مساعدته.. هذا الرجل لن تصعب عليّ فكرة تأليهه، حتى ولو لم أصل بعدُ إلى تبديد شكّي بوجود إله!.. أقوالُ هذا الرجل وأعماله وما خلفته هذه الأقوال من آثار عظيمة على البشرية هي ما يمكن أن أدعوه إعجازاً ما بعده إعجاز.

هنا يصل بي المطاف إلى الرد على ما ذكرت بخصوص ما دعوته إعجازاً في القرآن:

 

أولاً: تُرى أي إعجاز هو في كلمات لم تلقَ أساساً من قلبك إلا النفور؟.. لقد توصلت أنت نفسك إلى شكك بمصداقية القرآن بسبب ما تُعلِّمه هذه الآيات من كراهية، حيث قلت: "هذا القران وكمُّ الكراهية التي يحملها للغير في كل سوره مستحيل كل هذا الكم من الكراهية.." وأضيف أنا إلى ما قلتَ أنت فأقول: هذا القرآن الذي تزخر سوره بالدعوة إلى القتل وإلى تعذيب الناس الذين يرفضون الإيمان به، وإلى غزو الناس ونهب أموالهم باسم الإله، وهذه الآيات التي  تلبي شهوات محمد الجنسية أو مطامعه الشخصية؟.. هل يعقل أن يكونَ إلهُ خيرٍ مصدراً لكلماته؟

        ·          تهديد اليهود والمسيحيين بطمس وجوههم إذا لم يؤمنوا بالقرآن :

"يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنـوا بما نزَّلنا مصدقـاً لما معكم من قبلِ أن نطمس وجوهاً فنردَّها على أدبارها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً." النساء 4: 47

        ·          الدعوة إلى قتال اليهود والمسيحيين حتى يؤمنوا أو يدفعوا الجزية وهم أذلاء:

"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق (أي الثابت الناسخ لغيره من الأديان وهو دين الإسلام) من الذين أوتوا الكتاب (أي المسيحيين واليهود) حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون." (أي أذلاء منقادون لحكم الإسلام.) (آية 29 من سورة التوبة والتفاسير من الجلالين)

        ·          الله يعذّب الناس بأيدي المسلمين:

"قاتلوهم ، يعذّبهـم الله بأيديكم ويُخْـزِهم وينصركم عليهم ويشفِ صدورَ قومٍ مؤمنين." (آية 14 من سورة التوبة)

        ·          الله يتعاقد مع المؤمنين على القتال من أجله:

"إنَّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتُلون ويُقتَلون وعداً عليه في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بوعده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم." (آية 111 من سورة التوبة) (وفي هذه الآية ادّعاء باطل على الإنجيل الذي نهى عن القتل والقتال)

        ·          الله يأمر ببتر الأعضاء والصلب عقاباً لأعداء المسلمين:

"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقْتَلوا أو يُصْلَبوا أو تُقْطَعَ أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو يُنْفوا من الأرضِ ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذابٌ عظيم." آية 33 من سورة المائدة)

        ·          ضرب الرقاب:

"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب (أي اقتلوهم بضرب رقابهم) حتى إذا أثخنتموهم (أي أكثرتم فيهم القتل) فشدّوا الوثاق فإما مَنّا بَعْدُ وإمّا فداءً (أي ولكم أن تطلقوا سراحهم فيما بعد أو تبادلوهم بأسرى من المسلمين أو المال) حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قُتِلوا في سبيل الله فلن يضلَّ أعمالهم." (آية 4 من سورة محمد)

        ·          أغلُظ عليهم:

"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" (آية 73 من سورة التوبة)

        ·          عقاب الذين يقررون رفض دين الإسلام بعد أن آمنوا به: (أنظر للعقاب الذي ينتظرك هنا يا هشام!)

‏"وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ. أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُـواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ. قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ" (آية 12 إلى 14 من سورة التوبة)

        ·          واقتلوهم حيث وجدتموهم:

"ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولَّوا أي بقوا على ما هم عليه فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً". آية 89 من سورة النساء)

 

ثانياً: أي إعجاز لغوي أو علمي في هذا القرآن وهو يزخر بالأخطاء اللغوية والعلمية. انظر إلى هذا الخطأ اللغوي مثلاً:

"إنَّ الذين آمنوا والذين هادوا والصابؤون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون." (آية 69 سورة المائدة)

"إنَّ الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إنَّ الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد." (آية 17 سورة الحج)

أنظر إلى كلمة "الصابؤون"،  و"الصابئين" في الآيتين السابقة. أية كلمة من الكلمتين هي بنظرك أصحّ؟ الجملة واحدة وموقع الكلمة في الآيتين هو ذاته لم يتغيّر، فكيف يمكن للكلمة نفسها أن تكون في إحدى الآيتين في حالة الرفع وفي الآية الأخرى في حالة النصب؟

أنظر إلى هذا المثل الآخر:

"لكنِ الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتـون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً." (آية 162 سورة النساء)

لماذا برأيك تنتهي كلمة "والمقيمين" بالياء والنون رغم أنها معطوفة على "الراسخون، والمؤمنون" ولماذا تكرار كلمة "المؤمنون" مرة أخرى في الآية نفسها؟ ما هو الإعراب الأصح لـ "لكن"؟.. أهي ناصبة أم رافعة؟..

أنظر إلى هذا المثل الآخر:

"تلك حدود الله ومن يُطعِ الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك هو الفوز العظيم. (آية 13 سورة النساء)

لماذا كُتبت كلمة "خالدين" بصورة الجمع مع أن كل الكلمات التي أتت قبلها تشير إلى أنَّ الطرف موضوع الحديث هو بصيغة المفرد. ولماذا أصبحت هذه الكلمة نفسها في الآية التي تليها بصيغة المفرد رغم أن مطلع الآية لا زال يتحدث عن طرفٍ مفرد؟.. وهذه هي الآية الأخرى:  

"ومن يعصِ الله ورسوله ويتعدَّ حدوده يدخله ناراً خالـداً فيها وله عذاب مهين." (آية 14 سورة النساء)

أخطاء لغوية أخرى لا مجال لحصرها كلها في هذا الرد ولكننا نعدك بأن نفرد لها فصلاً خاصاً في المستقبل.

 

ألا تعتقد معي بأن على الشيخ الشعراوي أن يعيد كتابة قواعد اللغة العربية لكي تتفق مع هذه الأخطاء اللغوية الواضحة كنور الشمس.

 

ثالثاً: أما بالنسبة للعلوم، فهل ترى يا سيد هشام في قول القرآن بأن الأرض مسطحة إعجازاً علمياً؟.. أنظر إلى ما يقوله القرآن عن ذلك:

"أفلا ينظرون إلى الإبْـلِ كيف خُلِقَت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سُطِحَت" (آية 17 إلى 20 سورة الغاشـية)

وانظر إلى تفسيرها في الجلالين: "وإلى الأرض كيف سُطِحَت: وقوله سُطحت ظاهر في أن الأرض سطح وعليه علماء الشرع، لا كرة كما قال أهل الهيئة!!!.."

"والأرض بعد ذلك دحاها" ( آية 30 سورة النازعات) وجاء تفسيرها في الجلالين: "أي بسطها وكانت مخلوقـة قبل السماء من غير دحو!!.."

أي إعجاز علمي هو هذا الذي يتضمنه القرآن حين يعلّم بأن الله قد خلق الجبال لتثبّت الأرض وكي لا تتحرك أو تتمايل أو تدور بالناس:

"خلق السماوات بغير عَمَدٍ ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبثَّ فيها كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم." (آية 10 سورة لقمان)

أي إعجاز هو أن يقول القرآن بأن الله يعلم نوع الجنين أو عدده في بطن الحامل؟.. ألا يعرف أطباء اليوم ذلك أيضاً:

"الله يَعلمُ مَا تَحْمِلُ كلُّ أنثى وما تَغِيض الأَرحامُ وما تزدادُ وكلُّ شيءٍ عندهُ بمقدارٍ"  (آية 8 سورة الرعد)

وأي إعجاز في قول القرآن بأن الشهب التي نراها في السماء قد خلقها الله لتطارد الشياطين الذين يقتربون من الجنة لغاية التنصّت على أهلها:

"لقد زينَّا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين واعتدنا لهم عذاب السعير" (آية 5 سورة المُلك)

وأي أعجاز في أن يدّعي القرآن بأن الله يستنكر صُنْعَ يديه؟.. كيف يخلق الله الحمار ويعطيه صوتاً ثم يستنكر هو نفسه هذا الصوت: "إِنَّ أنكَرَ الأصواتِ لَصوْتُ الحميرِ" (آية 19 سورة لقمان)

أي أعجاز يظهره الله في هذا القرآن عندما يبدّل رأيه بين فترة وأخرى، إذ يُنزِّل على نبيّه آية من الآيات ليقرر فيما بعد نسخَها إي إلغاءَها؟.. فمرة يقول له "لا إكراه في الدين" ومرة أخرى ينزل عليه كل الآيات التي تأمر بالقتل والإرهاب وفرض دينه بقوة السيف (انظر الآيات التي سبق ذكرها)

ما ذكرته لك يا عزيزي هشام لم يكن إلا غيضاً من فيض وأعدك أن أفرد لهذا الموضوع فصلاً خاصاً في المستقبل.

 

رابعاً: بخصوص تساؤلك عن أسلوب نظم القرآن واختلافه عن لغة الحديث، أجيبك بأن أسلوب القرآن لم يكن غريباً على لسان العرب قبل محمد. فيما يلي فصل من كتاب السيرة النبوية لابن هشام وما عليك إلا أن تنظر وتحكم عليه بنفسك:  

"قال ابن اسحق: وكان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة، فرأى رؤيا هالته وفَـظِعَ بها، فلم يدَع كاهناً، ولا ساحراً، ولا عائفاً، ولا منجماً من أهل مملكته إلا جمعه إليه، فقال لهم: إني قد رأيت رؤيا هالتني، وفَظِعْتُ بها، فأخبروني بها وبتأويلها؛ قالوا له: اقصصها علينا نخبرك بتأويلها؛ قال: إني إن أخبرتكم بها لم أطمئنّ إلى خبركم عن تأويلها، فإنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها. فقال له رجل منهم: فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيحِ وشقّ، فإنه ليس أحد أعلمَ منهما.. فبعث إليهما، فقدم عليه سطيح قبل شِق، فقال له: إني قد رأيتُ رؤيا هالتني، وفَظِعْتُ بها، فأخبرني بها، فإنك إن أصبتها أصبتَ تأويلها. قال: أفعلُ، رأيتَ حُمَمَة، خرجت من ظُلُمة فوقعت بأرضِ تَهَمَة ، فأكلتْ منها كلَّ ذاتِ جُمجُمة؛ فقال له الملك: ما أخطأتَ منها شيئاً يا سطيح، فما عندك في تأويلها؟ فقال: أحلفُ بما بين الحرّّتينِ من حَنَش، لتهْبِطَنَّ أرضَكُمُ الحبش، فليملكنَّ ما بين أبْيَن إلى جُرَش؛ فقال له الملك: وأبيك يا سطيح، إن هذا لنا لغائظٌ موجع، فمتى هو كائن، أفي زماني هذا أم بعده؟ قال: لا، بل بعده بحين، أكثر من ستين أو سبعين، يمضين من السـنين؛ قال: أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال: لا بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين، ثم يُقتلون ويُخرَجون منها هاربين؛ قال: ومن يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم؟ قال: يليه إرم بن ذي يزَن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك أحداً منهمُ باليمن. فقال : أيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال: بل ينقطع. قال: ومن يقطعه؟ قـال: نبيٌّ زكيّ، يأتيه الوحي من قبل العليّ. قال: وممن هذا النبي؟ قال: رجل من ولد غالب بن فِهْر بن مالك ابن النصر يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر؛ قال: وهل للدهر من آخر؟ قال: نعم يومٌ يُجْمَعُ فيه الأولونَ والآخرون، يَسْعَدُ فيهِ المحسنون، ويشقى فيه المسيئون؛ قال: أحق ما تخبرني؟ قال: نعم، والشفقِ والغسق، والفلقِ إذا اتّسق، إن ما أنبأتك به لحقّ. (راجع السيرة النبوية لابن هشام، الجزء الأول فصل، "أمر ربيعة بن نصر ملك اليمن.." ولسوف تجد فيها المزيد) 

إضافة إلى ذلك، ورغم أن هناك من الشعر والنثر في كتابات العرب ما هو أبدع من القرآن، لم يكن لسان محمد بقاصرٍ عن النطق ببديع اللغة، وهاك ما قاله محمد وهو يتفاخر بنفسه بأنه ليس واحداً من فصحاء العرب لا بل أفصحهم جميعاً:

"أنا سيد البشر ولا فخر، وأنا أفصح العرب، وأنا أول من يقرع باب الجنة، وأنا أول من ينشق عنه التراب. دعا إليَّ إبراهيـم، وبشر بي عيسى، ورأت أمي حين وضعتني نوراً أضاء لها ما بين المشرق والمغرب. إنَّ الله خلق الخلق فجعلني في خير خَلقه، وجعلهم فرقاً فجعلني في خير فرقة، وجعلهم قبائل فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتاً فجعلني في خير بيت؛ فأنا خيركم بيتاً وخيركم نسباً." (العقد الفريد ، الجزء الرابع كتاب العسجدة الثانية)

من ناحية أخرى، فإن في صحيح البخاري تلميح إلى مصدر هذا الوحي القرآني ـ على الأقل في بدء ما يسمى بالدعوة ـ وهذا المصدر هو القس ورقة بن نوفل.

القس بن نوفل هو ابن عم خديجة زوجة محمد الأولى، وقد كان يعمل دائباً على ترجمة التوراة والإنجيل إلى العربية. وكان محمد كثير التردد عليه، ويذكر صحيح البخاري أنه عندما توفي القس، فَتَـرَ الوحي على محمد فحزن عليه حزناً شديداً حتى أنه حاول الانتحار عدة مرات: "ثم لم ‏ينشب ورقة ‏أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له ‏‏جبريل ‏فقال يا ‏محمد ‏إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك ‏جأشه ‏وتقر نفسه.."

إضافة إلى ذلك، تتحدث مراجع إسلامية عن مشاركة بعض الصحابة لمحمد في قصة الوحي هذه، ولكن المراجع الإسلامية تفضّل أن لا تدعوها "مشاركة في التأليف" بل "موافقات"، وإليك بعض هذه الموافقات:

 

من كتاب "تاريخ الخلفاء" للسيوطي فصل بعنوان، "فصل في موافقات عمر".

"قد أوصلها بعضهم إلى أكثر من عشرين. أخرج مردويه عن ابن مجاهد قال: كان عمر يرى الرأي فينزل فيه القرآن."

"وأخرج ابن عساكر عن علي قال: إن في القرآن لرأياً من رأي عمر."

"وأُخرِجَ عن ابن عمر مرفوعاً ما قال الناس في شيء وقال فيه عمر إلا جاء القرآن بنحو ما يقول عمر."  ((لاحظ هنا: حتى الناس كانوا يقولون شيئاً فيردده عمر فينزل الوحي به!!!))

"وأخرج الشيخان عن عمر قال: وافقتُ ربي في ثلاث: قلتُ: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت، (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) البقرة: 125 وقلت: يا رسول الله يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتهنّ يحتجبن، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة، فقلت: عسى ربه إن طلقكنّ أن يبدله أزواجاً خيراً منكنّ، فنزلت كذلك."

"وأخرج مسلم عن عمر قال: وافقت ربي في ثلاث: في الحجاب وفي أسارى بدر وفي مقام إبراهيم، ففي هذا الحديث خصلة رابعة."

"وفي التهذيب للنووي: نزل القرآن بموافقته في أسرى بدر وفي الحجاب وفي مقام إبراهيم وفي تحريم الخمر فزاد خصلة خامسة وحديثها في السنن ومستدرك الحاكم أنه قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً فأنزل الله تحريمها."

"وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن أنس قال: قال عمر: وافقت ربي في أربع نزلت هذه الآية، (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) المؤمنون: 12 الآية، فلما نزلت قلت أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين، فنزلت، (فتبارك الله أحسن الخالقين) المؤمنون: 14 فزاد في هذا الحديث خصلة سادسة، وللحديث طريق آخر عن ابن عباس أوردته في التفسير المسند."

"ثم رأيت في كتاب فضائل الإمامين لأبي عبد الله الشيباني قال: وافق عمر ربه في أحد وعشرين موضعاً فذكر هذه الستة وزاد سابعاً قصة عبد الله بن أبي قلت: حديثها في الصحيح عنه قال: لما توفي عبد الله بن أبي دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فقام إليه فقمت حتى وقفت في صدره فقلت يا رسول الله أوَعَلى عدوّ الله ابن أبي القائل يوم كذا وكذا؟ فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت: (ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً) التوبة: 84 الآية."

"وتاسعاً (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة) الآية، قلت: هما مع آية المائدة خصلة واحدة والثلاثة في الحديث السابق."

"وعاشراً لما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاستغفار لقوم قال عمر: سواء عليهم، فأنزل الله (سواء عليهم استغفرت لهم) المنافقون: 6 الآية، قلت أخرجه الطبراني عن ابن عباس."

"الحادي عشر لما استشار صلى الله عليه وسلم الصحابة في الخروج إلى بدر أشار عمر بالخروج فنزلت، (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) الأنفال: 5 " 

"الثاني عشر: لما استشار الصحابة في قصة الإفك قال عمر: من زوجكها يا رسول الله؟ قال: الله، قلت: أفتظنّ أن ربّك دلس عليك فيها؟ سبحانك هذا بهتان عظيم، فنزلت كذلك."

"الثالث عشر: قصته في الصيام لما جامع زوجته بعد الانتباه وكان ذلك محرماً في أول الإسلام فنزلت، (أحِلّ لكم ليلة الصيام) البقرة: 187 الآية، قلت أخرجه أحمد في مسنده."

الرابع عشر: قوله تعالى، (فلا وربك لا يؤمنون) النساء: 65 الآية، قلت أخرج قصتها ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي الأسود قال اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما فقال الذي قضى عليه: ردنا إلى عمر فقال: أكذاك؟ قال نعم فقال عمر: مكانكما حتى لأخرج إليكم فخرج إليهما مشتملاً على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله وأدبر الآخر فقال يا رسول الله قتل عمرٌ والله صاحبي فقال ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمن فأنزل الله (فلا وربك لا يؤمنون) النساء 65 الآية فأهدر دم الرجل وبرئ عمر من قتله وله شاهد موصول أوردته في التفسير المسند."

"السادس عشر: الاستئذان في الدخول وذلك أنه دخل عليه غلامه وكان نائماً فقال اللهم حرم الدخول فنزلت آية الاستئذان."  

"السابع عشر: قوله في اليهود إنهم قوم بهت."

"الثامن عشر: قوله تعالى، (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) الواقعة: 39 ـ 40 قلت أخرج قصتها ابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله وهي في أسباب النزول."

ا"لتاسع عشر: رفع تلاوة الشيخ والشيخة إذا زنيا، الآية."

"العشرون: قوله يوم أحد لما قال أبوسفيان: أفي القوم فلان؟ لأنجينّه فوافقه رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: أخرج قصته أحمد في مسنده."

"قال: ويضم إلى هذا ما أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن كعب الأحبار قال: ويل لملك الأرض من ملك السماء فقال عمر: إلا من حاسب نفسه فقال كعب والذي نفسي بيده إنها في التوراة لتابعتها فخر عمر ساجداً."

"ثم رأيت في الكامل لابن عدي من طريق عبد الله بن نافع وهو ضعيف عن أبيه عن عمر أن بلالاً كان يقول إذا أذّن أشهد أن لا إله إلا الله حي على الصلاة فقال له عمر قل في أثرها: اشهد أن محمداً رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل كما قال عمر."

====

كان هناك بين الصحابة آخرون يشاركون في تأليف القرآن. فقد جاء في كتاب "أعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن قيم الجوزية، فصل بعنوان، "ليس مثل الصحابة أحد":

"والمقصود أن أحداً ممن بعدهم لا يساويهم في رأيهم، وكيف يساويهم وكان أحدهم يرى الرأي فينزل القرآن بموافقته؟ كما رأي عمر في أسارى بدر أن تضرب أعناقهم فنزل القرآن بموافقته، ورأى أن تحجب نساء لنبي صلة الله عليه وسلم فنزل القرآن بموافقته ورأى أن يُتخذ من مقام إبراهيم مصلى فنزل القرآن بموافقته، وقال لنساء النبي صلى الله عليه وسلم لما اجتمعن في الغيرة عليه، (عسى ربه إن طلقكنّ أن يبدّله أزواجاً خيراً منكنّ مسلمات مؤمنات) التحريم، فنزل القرآن بموافقته، ولما توفي عبد الله بن أبي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوبه، فقال: يا رسول الله إنه منافق، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عليه: (ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره) التوبة."

"وقد قال سعد بن معاذ لما حكّمه النبي صلى الله عليه وسلم في بني قريظة: إني أرى أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذرياتهم وتغنم أموالهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد حكمتَ فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات."

"ولما اختلفوا إلى ابن مسعود شهراً في المفوضة قال: أقول فيها برأيي فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأً فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريء منه، أرى أن لها مهر نسائها لا وكس ولا شطط، ولها الميراث، وعليها العدة، فقام ناس من أشجع وقالوا: نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في امرأة منا يقال لها يربوع بنت واشق مثل ما قضيت به، فما فرح ابن مسعود بشيء بعد الإسلام فرحه بذلك."

"وحقيق بمن كانت آراؤهم بهذه المنزلة أن يكون أن يكون رأيهم لنا خيراً من رأينا لأنفسنا، وكيف لا وهو الرأي الصادر من قلوب ممتلئة نوراً وإيماناً وحكمة ومعرفة وفهماً عن الله ورسوله ونصيحة للأمة، وقلوبهم على قلب نبيهم، ولا واسطة بينهم وبينه، وهم ينقلون العلم والإيمان من مشكاة النبوة غضاً طرياً لم يشبه إشكال، ولم يشبه خلاف، ولم تدنسه معارضة، فقياس رأي غيرهم بآرائهم من أفسد القياس."

 

وفي كتاب "الاتقّان" للسيوطي، وتحت عنوان، "فيما نزل من القرآن على لسان بعض الصحابة" جاء:

"وأخرج عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهودياً لقي عمر بن الحطاب فقال: إن جبريل الذي يذكره صاحبكم عدو لنا فقال عمر: من كان عدو الله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله عدو للكافرين، قال: فنزلت على لسان عمر. وأخرج سنيد في تفسيره عن سعيد بين جبير أن سعد بن معاز لما سمع ما قيل في أمر عائشة قال: سبحانك هذا بهتان عظيم فنزلت كذلك. وأخرج عن ابن أخي ميمي في فوائده عن سعيد بن المسيب قال: كان رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعا شيئاً من ذلك قالا: سبحانك هذا بهتان عظيم: زيد بن حارثة وأبو أيوب فنزلت كذلك. وأخرج أبي حاتم عن عكرمة قال: لما أبطأ على النساء الخبر في أحد خرجن يستخبرن فإذا رجلان مقبلان على بعير فقالت امرأة: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حي، قالت: فلا لأبالي يتخذ الله من عباده الشهداء، فنزل القرآن على ما قالت، ويتخذ منكم شهداء، وقال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا الواقدي حدثني إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري عن أبيه قال: حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد فقطعت يده اليمنى فأخذ اللواء بيده اليسرى وهو يقول وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ثم قطعت يده اليسرى فحنى على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول وما محمد إلا رسول. ثم قتل فسقط اللواء. قال محمد ابن شرحبيل: وما نزلت هذه الآية وما محمد إلا رسول يومئذ حتى نزلت بعد ذلك."

***********

عودةٌ سريعة إلى موضوع تعاليم المسيحية:

المسيحية ليست دين شرائع وقوانين وأنظمة اجتماعية. المسيح لم يؤسس دولة ولم يؤسس جيشاً لنشر تعاليمه، ولم يفرض على أتباعه صلاة معينة أو مواعيد صلاة أو صياماً، ولم يقرر لهم ماذا يلبسون أو يأكلون أو يشربون، ولم يضع قوانين للإرث تحدد حصة المرأة بالمقارنة مع الرجل، ولم يفرض أو يحدد أي نوع من العقوبات على أي نوع من الجرائم أو الأخطاء التي يرتكبها البشر سواء كان ذلك بحق غيرهم أو بحق أنفسهم. تعاليمه هي مجموعة أخلاق ومثل إن عمل بها العالم ساده الخير والسلام. لقد أسس تعاليمه كلها على فضيلة واحدة هي فضيلة المحبة، والمحبة هي أساس كل شيء لأنها مصدر كل الفضائل. ولقد تحدث عنها واحد من أتباع المسيح اسمه بولس فقال: "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نُحاساً يطنّ أو صنجاً يرن. وإن كانت لي نبوّة وأعلم جميع الأسرار وكل علمٍ وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلستُ شيئاً. وإن أطعمتُ كل أموالي وإن سلّمتُ جسدي حتى أحترق ولكن ليس لي محبة فلا أنتفع شيئاً. المحبة تتأنى وتُرفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تُقَبِّح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتدّ ولا تظنّ السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدّق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء. المحبة لا تسقط أبداً." 

 

من ناحية أخرى، فلأن المسيح لم يقرر للإنسان نظاماً مدنياً واجتماعياً، فقد استطاعت الأمم التي تدين أغلبية سكانها بالمسيحية، أن تتطور سياسياً واجتماعياً وعلمياً وثقافياً، بينما ساهمت تعاليم الإسلام مساهمة كبيرة في تخلّف العالم الإسلامي عن اللحاق بركب البشرية. تصوّر أن محمداً قد قرر لأتباعه منذ ما يزيد عن ألف وأربعمائة سنة ماذا يأكلون وماذا يشربون أو يلبسون أو حتى كيف يفكرون بعد ألف وخمسمائة سنة من حكمه. لقد وضع لهم كل الأنظمة التي تتعلق بنواحي حياتهم الكبيرة والصغيرة من كيفية إدارة شؤون البلاد، وخطط الحروب، وتقاسم الإرث، والأحكام المتعلقة بالجرائم صغيرها وتافهها، وتدخّل في الحياة الخاصة بين الرجل وامرأته فأعطى الرجل ما أعطاه وحرم المرأة ما حرمها من حقوق، لا بل حدد للمسلم أية فردة حذاء عليه أن يبدأ بلبسها أو أين يبصق وقت الصلاة أو متى يأكل الثوم والبصل، أو بماذا يتمسّح بعد التغوّط. إضافة إلى كل ذلك، خلف وراءه وصفات طبية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غريبة تثير الضحك، هذا إذا لم تؤدي بحد ذاتها إلى المرض أو الموت. لذلك، فليس غريباً أن نرى العالم الغربي يسير بسرعة رهيبة نحو المستقبل، ويقدم للعالم الإسلامي على طبق من فضة نتائج بحوثه واكتشافاته وابتكاراته العلمية والطبية وغيرها، بينما نرى مئات الملايين في العالم الإسلامي، يقصدون الجامعات الإسلامية المنتشرة في كل مكان ليبحثوا في جواز أو عدم جواز البدء بإلقاء السلام على الكافر، أو في شرعية مجامعة الرجل لزوجته وقت حيضها، أو في كيفية دفن الميت على وجهه أو على ظهره.

***********

أخي هشام، أنهي حديثي معك بعبارةٍ تعجبني يُقال أنها لبوذا الحكيم ختمتُ بها ردّي مؤخراً، على رسالة لقارئ آخر؛ تقول العبارة: "لا تصدّق شيئاً ـ بغض النظر عن الكتاب الذي قرأت الأمر فيه أو الشخص الذي سمعته منه، حتى لو كنت أنا قائله ـ إلى أن تؤمن تماماً بأنه يتفق كليةً مع عقلك ومع ما تعتقد أنه المنطق السليم."

وسؤالي لك هو التالي: هل تعتقد أن الله عجز عن إثبات نبوة محمد، فلم تتفتق مخيلته إلا عن كتاب يتحدى فيه فصحاء العرب أن يأتوا بآية أو بعشر آيات منه. أهذه هي أعجوبة الإسلام، وأيُّ تحدٍّ هو هذا، ومن تراه يكون الحكم؟..

**********

شكراً لك يا هشام على رسالتك، وأرجو أن تصل في بحوثك إلى شاطئ السلامة. مع أصدق التحيات. 

**********

******

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط