بسام درويش / Nov 10, 2005

الدخان يتصاعد من فرانسا.

الذين يحرقونها ليسوا كما وصفهم البعض رعاعاً مسلمين، إنما هم مسلمون رعاع.

*****

هل هناك مكان على هذه الأرض يتواجد فيه مسلمون دون أن يعاني سكانه من إرهابهم أو مشاكلهم؟

أفي الصين، أم الهند، أم روسيا.. هولندة، إسبانيا، إيطاليا، المانيا، السويد، قبرص، الولايات المتحدة، بلجيكا، كندا، بريطانيا، استراليا.. أم حتى في البلدان حيث يشكلون هم أنفسهم أكثريتها الساحقة؟!       

أمّا إذا كان هناك من مكانٍ لم يكتوِ بعدُ بنارهم، فعلى أهله أن لا يحسدوا أنفسهم. فأمنهم ليس إلا مؤقتاً لأنه هكذا اعتقد الفرنسيون!.. وهكذا اعتقد الأمريكيون. وهكذا اعتقد الهولنديون، وهكذا وللأسف لا زال يعتقد آخرون!

*****

قيادات إسلامية "روحية" في فرانسا أصدرت فتوى ضد أعمال العنف، وكذلك الشيخ القرضاوي الذي أصدر فتوى مشابهة!!..

لَعُمري إنها أمة لا تستحق أن تُصَنّف بين الأمم الإنسانية!

هل يعقل أن يكون هناك أناس في أمة من أمم العالم بحاجة إلى فتوى من رجل دين تقول لهم: إن حرق السيارات أمر خطأ!.. حرق أماكن العبادة امر خطأ!.. حرق المدارس وحافلات النقل أمر خطأ!..     

تقول الفتوى التي أصدرتها جماعةٌ وُصفت بأنها أكبر جماعة دينية في فرنسا: "إنه ممنوع شرعاً على أي مسلم يسعى إلى مغفرة الله ورضاه أن يشارك في أي عمل يصيب بشكل أعمى الممتلكات الخاصة أو العامة أو قد يشكل اعتداء على حياة الآخرين." وأضافت الفتوى "أن هذا ينطبق على أي مسلم يعيش في فرنسا سواء كان مواطناً أو ضيفاً على فرنسا"!

*****

بماذا يُعرّفُ المسلمون كلمة "فتوى" هذه؟..

(الفتوى لغةً: اسم مصدر بمعنى الإفتاء، والجمع الفتاوى والفتاوي، يقال: أفتيته فتوى وفتيا إذا أجبته عن مسألة، والفتيا: تبيين المشكل من الأحكام.

والفتوى شرعًا: بيان الحكم الشرعي في قضية من القضايا جواباً عن سؤال سائل، مُعَيّناً كان أو مُبهَماً، فرداً كان السائل أو جماعةً.

والمفتي هو مَن يتصدى للفتوى بين الناس، ويبين لهم حكم الله تعالى، ويكشف لهم رأي الدين والشرع.) (نقلاً عن أحد المواقع الإسلامية)

 

إذاً، فإنّ حرق السيارات والمدارس والكنائس وتفجير المطاعم والفنادق وما شابه ذلك من أعمال عنف هي بالنسبة للمسلم "أحكامٌ مشكلة". و الـ "مشكلة" في قواميس اللغة هي "الأمر الصعب أو الملتبس".

أحكامٌ يحتاج دائماً وتكرارا لمن يذكره بأنها "غير شرعية"!!!

 

وهكذا، فإن الزرقاوي بريء من دماء كل الأبرياء الذين قطع رؤوسهم حتى الساعة التي أفتى فيها علماء المسلمين بأن عمله حرام وغير شرعي!.. وربما إذا قال لهم في المستقبل إن خبر الفتوى لم يبلغه فإنهم سيسامحونه على كل الرؤوس التي قطعها بعد إصدار الفتوى!!

 

يا حرام على هذا المسلم الذي لا يستطيع التمييز بين الضوء والظلمة إلا بفتوى!..

*********

ليس هناك كالمسلمين شعب يحتاج إلى فتاوى تشرح له ما يجوز أو لا يجوز.

في مطلع الإسلام، كان أفراد عصابة محمد يذهبون إليه لاستشارته بكل شيء من أتفه الأمور إلى أجلّها. ولم يكن محمد ليتأخّر عن تقديم فتاواه لشرح كل "ما صعب عليهم فهمه". وهكذا، فقد وضع لهم قواعد لكل ما عليهم أن يقوموا أو لا يقوموا به، من كيفية التبول، إلى أية فردة من فردات الحذاء يبدأون بلبسها، إلى عدد الأحجار التي يجب أن يتجمروا بها بعد التغيط (أي يمسحوا بها مؤخراتهم)، إلى ماذا يجب فعله بالعقرب إذا مرّ امامهم وقت الصلاة، إلى جواز أو عدم جواز الضراط في المسجد أو أكل الثوم قبل الذهاب إليه، إلى عدد المرات التي عليهم أن يغسلوا الأرض بها بعد تبويل الأنثى أو الذكر عليها، إلى غسل أو عدم غسل آثار المني على الثوب قبل الذهاب إلى الصلاة، وإلى ما إذا كان يحق للمسلم أية ديّة إذا عض يد أخيه فسحب أخوه يده من فمه فأدّى إلى فقد الأخ العاضّ لسنّ من اسنانه!!!!.. وعلى هذا المقياس قس!..   

*********

لقد كان المسلمون بحاجة لفتاوى كتلك في زمن محمد، ولازالوا بحاجة إليها اليوم بعد أربعة عشر قرن من موت محمد، ولن يتغير من حالهم شيءٌ لا في هذا القرن ولا في القرن القادم إلا بموت محمد من صميم غرائزهم موتاً حقيقياً. آنذاك فقط يمكن لجماجمهم أن تتطوّر لتتّسعَ لعقولٍ تمكنّهم من التمييز بين الصحّ والخطأ دون حاجة إلى فتوى. وآنذك فقط يمكنهم دخول حظيرة المجتمع الإنساني.

هل من فتوى شجاعة تنقد هذه الأمة من دين الفتاوى؟

*********

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط