ميشيل أيوب / Feb 21, 2002

قد يتهمني البعض بالجنون بالرغم من أن رغبتي في الصراخ هي رغبة مكتوبة بالحروف على عكس الصارخين على المنابر في شتى أرجاء المعمورة والذين عندما يزيدون في صراخهم يُعجب بهم السامعون أكثر ولا يتهمونهم بالجنون.

 

أريد أن أصرخ في كل إنسان وفى كل مكان: استيقظوا يا بشر قد آتت الساعة لنتحرر من عبودية العادات والتعاليم الدينية التي فرضها البشر علينا لقرون طويلة، عبودية يعيشها فقط من أسلموا أنفسهم وعقولهم وفكرهم لقيادة رجال الدين الذين يصرخون بشتى الأدعية والأفكار الكريهة والغريبة على قلب الله وفكره.

لنفتح عيوننا وعقولنا لنرى بعين الحقيقة العبودية التي نرزح تحتها في مجتمعاتنا وفى أماكن عبادتنا بل وفى منازلنا ونقارنها بالحرية التي خلقنا الله لنتمتع بها، أليس جديراً بنا نحن المخلوقين على صورة الله ومثاله أن نتمتع بحريتنا ونرفض فكر الشيطان الذي خلق في العقول والقلوب فكر الأسياد والعبيد ، فكر العنصرية الإنسانية والدينية ؟ قد آن الأوان لنتبصر في ما نقرأه ونكتبه، لنتبصر في ما نؤمن به ونمارسه، لنتبصر طريقنا وسط ظلمة العالم وظلام التعاليم الدينية التي نسير عليها مغلقين عيوننا وعقولنا بدون الوقوف لحظة لنبصر حلاوة أو مرارة هذه التعاليم.

 

هل أصرخ أم أهمس في أذن أصحاب الألسنة الطويلة الذين يتحفون سامعيهم بعبارات التكفير والترهيب، باللعنات والبركات، بالحسنات والسيئات، البشائر بالجنات السماوية التي تعج بالنساء والغلمان للمتعة الجنسية، أنهم ينسون أن كل هذا الخليط يُشمئز منه وكريه على الإله الحقيقي! ينسون أن هذا القاموس اللغوي كان مناسباً للمتعطشين لسفك الدماء، مناسباً للمتعطشين للذة الجسدية ولهذا كان إلههم يرغبهم فيها، هذا القاموس اللغوي لإله غريب وعجيب يزرع الكراهية والبغضاء في نفوس تابعيه وينشرها في أرجاء المعمورة والتي من الواضح أنها ليست من عمل يديه، يزرع العبودية في نفوس الضالين الراغبين في حكم وسيادة غيرهم من البشر، هذا الإله الذي يزين لتابعيه الدماء وكأنها المياه التي تروى الأرض لتنبت الثمــار وتعمر الأرض بالأشــجار لإشباع الجياع والعطاش والمحرومين، لإرواء عطش الأطفال والنساء، لقد أصاب هذا الإله تابعيه بعمى ألوان فقدوا معه القدرة الطبيعية على التمييز بين الحق والبــاطل، بين الخير والشـر، بين الحب والكراهيــة، أن هذا التعاليـم الراسخة في أذهان الكثيرين وأصابتهم بعمى الألوان قد تحدث عنها الإلـه الحقيقي إله الكتاب المقدس عندما قال "إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضئ لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله (  2 كورنثوس 4  : 4 ) إله هذا الدهر هو الذي يزرع الأشواك في طرق الكثيرين ويحذرنا منها سليمان الحكيم قائلاً "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" ( أمثال 14 : 12 ) إله هذا الدهر قد يزين لنا ونصدق أن الطريق الذي نسلك فيه هو طريق الصراط المستقيم فاعلين كل شئ يأمرنا بها بدون النظر إلى صحة ما نفعله أو التأكد مما نتلوه في صلواتنا، لهذا ينبهنا النبي سليمان الحكيم "الغبي يصدق كل كلمة والذكي ينتبه إلى خطواته، الحكيم يخشى ويحيد عن الشر والجاهل يتصلف ويثق" ( أمثال 14:   15    16 ) أليس هذا هو ما نراه في نفوسنا وفى نفوس الآخرين؟ ألسنا نصطدم يومياً بالتصلف والكبرياء الذي يبديه الكثيرون ؟ ألسنا نرى دعوات الحروب والجهاد المقدس يلبيها الكثيرون مصدقين أن هذه هي مشيئة الإله الأكبر عدو كل إنسان لا ينفذ مشيئته في حب الدم والقتل! راوين الأرض بالدماء بدلاً من الماء لتنبت لنا الأرض الدمــار مكان الثمــار، ليعم الموت مكان الحيــاة، ومع كل هذا يتساءل الإنسان الحكيم: إذا كانت الأمور هكذا فهل إله هذا الدهر إله موت أم إله حياة وقبل أن نجيب لنفكر أولاً ونتأمل إجابة السيد المسيح عن هذا السؤال منذ ألفى سنة "احترزوا من الأنبيــاء الكذبـة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة، من ثمـارهم تعرفونهم. هل يجتنــون من الشــوك عنباً أو من الحسك تينــاً؟ هكذا كشجرة جيدة تصنع أثمـاراً جيدة، وأما الشـجرة الردية فتصنع أثمــاراً ردية" ( بشارة متى 7 :  15 - 17 ) هل نشعر بالكبرياء لأننا اعتقدنا ووثقنا في فكر خاطئ؟ أم نشعر بالشكر والامتنان لمن يرشدنا ويفتح أذهاننا إلى المعرفة الحقة؟ إن عدم قدرة الكثيرين على الفرار من العبودية القهرية التي تقهر فكرهم وأقلامهم تحت مسميات دينية تجعلهم يرفضون التأقلم مع الواقع التحرري بل يثورون على الواقع الحي القويم لإقامة واقعهم الميت المستمد من جاهلية تدميرية تتناقض كلياً وجزئياً مع واقعنا المعاصر الذي أعطى الجميع فرصة الصحوة من أفكار ينامون ويصبحون فيها تنتمي إلى عقول رجالٍ صنعوا أغلالاً دينية وفكرية يفرضون بها الوصاية الكلية على النفس البشرية، أغلالاً من الأساطير والحكايات والفتاوى الهزلية ويل لكل من يدخل إليها مستهزئاً أو مستنكراً فالخائض فيها كالخائض في حقل ألغام تتطاير أشلائه ولا منجى له إلا الرجوع والاستسلام وطلب الغفران. قد يكون صراخي قد أزعجك، معذرة إنه حق كان من بين حقوقي الطبيعية التي خلقني بها الخالق العظيم وقد سلبوني إياها إنها غريزة فطرية عندما تشتد الآلام بنا وتضيق صدورنا بالجهل الذي يجثم على صدورنا منذ عصور كثيرة، قد آن الأوان لأن أهمس في أذنك يا من تريد سماعي وأقول: إني أحبك مثل الحب الذي أحبني به إلهي الواحد الوحيد الذي أظهر عظمته وقدرته الإلهية في إرسال يسوع المسيح المثال الحي إلى أبد الآبدين على الحب الباذل، الحب الغافر القادر أن يحررنا من أغلال الماضي والحاضر ويعتقنا من عبودية الجاهلية التاريخية لنصير بحق أحراراً نعيش ونفكر ونشعر بالحب الذي يغمرنا ويخلصنا، بالحرية التي ترفعنا لنسمو فوق الظلم والأحقاد، فوق الشر ونجاسة الأفكار، لأن المسيح يطهرنا باستمرار طهارة الفكر والضمير، طهارة القلب واللسان. أريد فقط أن تسمعني أن تفكر معي، أريدك أن تفهم وأن تثق بأن كلام المسيح كلام لا يميت النفوس البشرية بل يحييها ويقيمها ويحررها من قيود وأغلال الشر السائد في كل مكان، المسيح يدعونا جميعاً لأن نأتي إليه لنتمتع بالإله الحق بالمعرفة الحقة التي تخلصنا من عبودية الله إلى أن نكون بحق أولاد الله المحبين الراعي الصالح"

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط