بسام درويش
/
Apr 07, 2006
تحت عنوان: "شيخ الأزهر ينفي توقيعه وثيقة للتبشير بمصر" نشر موقع إيلاف الخبر التالي:
نبيل شرف الدين من القاهرة: نفى اليوم الثلاثاء الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر، أنباء نشرت مؤخراً من أنه وقع "وثيقة الحقوق الدينية"، التي تتيح حرية الدعوة للإسلام، وحرية مماثلة للتبشير المسيحي في مصر، وقال انه لم يسمع ولم يوقع ولايعرف شيئا عن تلك الوثيقة، وقال شيخ الأزهر إنه "لا إكراه في الدين، ولا إكراه على العقائد، وإن الدين لا يباع ولايشترى"، وأضاف قائلاً "إن الاكراه على العقائد لا يأتي بمؤمنين صادقين وانما يأتى بمنافقين كذابين"، على حد قوله.
ووصف شيخ الازهر الأنباء التي تحدثت عن توقيع الوثيقة بأنها "كذب في كذب وغير صحيحة بالمرة، وأنه لا علم له بذلك مطلقاً وان الذى يحاسب على العقائد هو الله سبحانه وتعالى"، على حد تعبير شيخ الأزهر.
وطالب مؤتمر الأقباط الثالث الذي عقد في مدينة زيورخ السويسرية برعاية الناشط ورجل الأعمال عدلي أبادير، طالب شيخ الأزهر بالالتزام بما ورد في الوثيقة التي وقع عليها في هذا المضمار، وعرض أثناء المؤتمر فيلم قيل أنه لمراسم التوقيع على تلك الوثيقة بين شيخ الأزهر ورجال دين مسيحيين أميركيين.
كما قدم سعد الكتاتني النائب عن جماعة "الإخوان المسلمين" طلب إحاطة إلى أحمد نظيف رئيس الوزراء بصفته الوزير المسئول دستورياً عن شؤون الأزهر، لإيضاح موقف الحكومة من صحة توقيع شيخ الأزهر على وثيقة تتيح للجماعات التبشيرية حرية العمل في مصر، على حد قوله.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن شيخ الأزهر قوله "إن الوثائق تأتي عادة عبر وزارة الخارجية، وأنه اذا حدث ووصلت الأزهر مثل هذه الوثيقة فاننا ملزمون بقراءتها أولا قبل أن نرد على الجهة التي أرسلتها لتستطلع رأينا فيها، وأكد أنه لم يصل الى الازهر أي شي يسمى "وثيقة الحقوق الدينية" ولا صلة للازهر بما نشر عن ذلك مطلقاً"، على حد تعبيره.
نبيل شرف الدين في 4 ابريل 2006
==========================
ربما كانت أكثر العبارات التي وردت في هذا الخبر صدقاً هي العبارة الأخيرة منه والتي تقول: "على حدّ تعبيره"!!
سنبدأ قبل كل شيء بتعداد ما نفاه شيخ الأزهر:
ـ نفى أنه وقع وثيقة اسمها "وثيقة الحقوق الدينية".
ـ نفى أن يكون قد وصل إلى الأزهر أي شيء يسمى "وثيقة الحقوق الدينية".
ـ نفى أن يكون له أي علمٍ بتوقيع وثيقة كهذه مطلقاً.
ـ ذهب حدا أبعد من النفي إذ وصف الأنباء التي تتحدث عن توقيع الوثيقة بأنها "كذبٌ في كذبٍ وغير صحيحة بالمرة"
************
لنبدأ الان بالنفي الأول:
هنا علينا أن نقرّ بأن الشيخ طنطاوي كان صادقاً في نفي توقيعه على الوثيقة. لكنّ صدقه لم يكن بإخلاص، إذ أنه وقبل ان يصيح الديك كذب ثلاث كذبات أكّدت جميعها أن نفيه الأول لم يكن إلا كذباً في كذبٍ في كذب.
كذب حين قال بأنه لم يصل إلى الأزهر شي اسمه "وثيقة الحقوق الدينية"، لأن الوثيقة فعلاً وصلت إلى الأزهر، ليس على يديها ورجليها، إنما حملها إليه في شهر أبريل من العام، وفد يمثل منظمة "سفراء السلام" بعضوية القس إميل حداد والقس غاري أنسديل وأديب غبريال والدكتور محمد البطران. الشيخ الطنطاوي لم يوقع الوثيقة بنفسه إنما وقعها بالنيابة عنه ـ وبحضوره وأمام عينيه ـ رئيس اللجنة الدائمة للأزهر للحوار بين الأديان السماوية وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور فوزي فاضل الزفزاف. وهكذا، فإن الشيخ الطنطاوي عرف كيف يتلاعب بالكلمات حين قال إنه لم يوقعها، لكنه نسي أن الديك له بالمرصاد وسوف يذكره بعد كل كذبة يكذبها.
ربما يدّعي الشيخ الآن أنه نفى التوقيع على وثيقة يقال أنها تسمح بالتبشير، وهذه الوثيقة التي وقعها رئيس لجنته الدائمة للحوار ـ وفي حضرته، لا تتضمن سماحاً بالتبشير، وهكذا فإن نفيه للتوقيع كلام لا غبار عليه.
إذن، فليسمح لنا الشيخ بإعادة ما قد كتبناه سابقاً على هذا الموقع بالذات وبعد توقيع الوثيقة لعلّ الذكرى تنفع المؤمنين:
"ينص البندان الخامس والسادس من الوثيقة أن "لجميع الأفراد أو الجماعات من مختلف الديانات، الحق في أن يعرضوا بشكل سلمي على الآخرين نظرتهم الخاصة بالأمور اللاهوتية أو الإنسانية أو الحياة الآخرة." وأنّ "لجميع الناس من كل المؤسسات الدينية، الحق في الإعلان عن معتقداتهم وفي مناقشتها في أي مكان عام وبعيداً عن العنف." وهذا يعني أن للبوذي أو الهندوسي أو المسيحي أو اليهودي الحق كل الحق كما هو للمسلم، في أن يعرض بشكل سلمي على الآخرين، نظرته الخاصة بأية أمور دينية أو إنسانية، وأنه لا يجوز لأحد أن يلجأ إلى العنف للوقوف بوجه هذا الحق. وبعبارة أخرى، إن هذا يعني حق المسيحي أو غيره في أن يفترش أرض حديقة الأزبكية، ويجمع حوله من أراد أن يجمع، ويحدثهم بشكل سلمي عن دينه، ويجيب على اسئلتهم دون خوف من أحد. وإذا ما تعرض له أحد بعنف أو حاول أحد منعه، فإن على شيخ الأزهر الذي وعد بتحمّل مسؤولية هذه الكلمات التي صادق عليها، أن يثبت ذلك مستخدماً كل صلاحياته، حتى ولو تطلب الأمر إصدار فتوى تطالب بمحاكمة الذين يتصدون لذلك المسيحي أو غيره.
ينص البندان السابع والثامن، أن الشيخ طنطاوي، يؤمن "بحق كل فرد في الإيمان بأي دين يشاء." وهذه العبارة لا تقول "بحق كل فرد أن يؤمن بدينه" إنما بحق "كل فرد" في "أن يؤمن بأي دين يشاء". و "كل فرد" تعني سواء كان مسلماً او مسيحياً أو غير ذلك في أن يؤمن "بأي دين يشاء". ويزيد هذا البند وضوحاًً البند الثامن الذي يقول إنّ "لكل إنسان، رجلاً كان أو امرأة، حق مقدس، في اعتناق أو رفض اعتناق دين من الأديان دون التعرّض لأذىً من قبل أي جهة دينية أو سياسية."
ينص البندان الخامس عشر والسادس عشر على أن "لكلّ ساعٍ وراء المعرفة الحق في الذهاب إلى أية خدمة دينية لإرضاء معرفته." وأن "لكل إنسان الحق في أن يُشارك الآخرين في معرفته." وهذا يعني أن للمسلم الحق في الذهاب إلى خدمة دينية مسيحية لزيادة معرفته بالدين المسيحي، وأن له الحق بالتالي في أن يشارك الآخرين بما حصل عليه من معرفة أو أن يساعده الآخرون في ما يسعى إليه من معرفة. وهذا يقود إلى ما ينص عليه البند الأخير وهو السابع عشر الذي يقول: "وبناء على ذلك، فإننا نصر على أنّ لأتباع جميع الأديان حقاً مقدساً في أن يُشركوا الآخرين في معرفتهم وأن يعيشوا بسلام مع حصيلة هذه المعرفة." وهذا البند يعني إصراراً من الموقعين على الوثيقة بمن فيهم الأزهر على قبول "العيش بسلام مع حصيلة هذه المعرفة" أي الرضى التام بكل نتائج هذه المعرفة والتي قد تكون تركاً لدينٍ واعتناقاً لغيره."
تقول مقدمة الوثيقة إنّ: "هذا القرار، هو خلاصة لتصريحات عامة مختلفة، صدرت عن هؤلاء الزعماء [الروحيين] هنا وهناك، وقد قررنا وضعها في صيغة مكتوبة واضحة كي تقودنا إلى تحمّل مسؤولية ما نقول." وأنّ: "هذا القرار، يدعو جميع المسؤولين الدينيين والزعماء السياسيين لتحمّل مسؤولية كل كلمة من كلماتهم التي يتحدثون فيها عن رغبتهم بالعمل من أجل السلام."
وهذا يعني أن مصادقة الشيخ الطنطاوي عليها تعني قبوله بكل كلمة من كلماتها وكأنه هو نفسه قائلها، وبالتالي فإن عليه تحمّل مسؤولية هذه الكلمات واية كلمة أخرى قد يقولها في المستقبل متحدثاً عن التسامح بين الديانات. لكن يبدو أن لا الكلمات المحكية والا المكتوبة تُلزِمُ شيخ الأزهر ولا أي مسؤول من زعماء الأمة الإسلامية، لأنّ الالتزام يعني تناقضا مع تعاليم الإسلام التي ترفض الآخر، وإن قبلته فإنما إلى حين تسمح الفرصة برفضه أو الخلاص منه.
**************
أخيراً وليس آخراً، نسينا ان نَذكُرَ كذبةً أخرى للشيخ الطنطاوي.
لقد قال الشيخ بأنه ليس هناك حاجة إلى توقيع وثائق من هذا النوع لأن الإسلام أساساً لا يجبر أحدا على اعتناقه، واستشهد لذلك بآية من القرآن تقول إنه "لا إكراه في الدين"!!..
شيخنا هذا يعرف كل المعرفة بأن هذا حديث كذبٍ في كذبٍ في كذبٍ لأن هذه الآية قد نسخها الله مستبدلاً إياها بآية السيف: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد.." (التوبة 5) ونتحداه أن يعلن على الملأ بأن ليس هناك لا ناسخ ولا منسوخ.
(ملاحظة لطلاب معهد "الناقد" الجدد: كلمة النسخ تعني الإلغاء أو الإبطال، وقد وردت في الاية 106 من سورة البقرة وتقول: "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ منْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". آية الوحي هذه أعطت محمداً كرت بلانش ليلغي كل الآيات المسالمة التي بدأ بها عهده عندما لم يكن له حول ولا قوة، ليتحول إلى بعد أن قوي زنده إلى قتال كل الناس حتى يتبعوه أو يدفعوا له الجزية.)
ـ سؤالنا للشيخ الطنطاوي هو: هل طال الوحي الناسخ هذه الوثيقة ايضاً؟
**************
ما يلي صورة الوثيقة مذيلة بتوقيع الشيخ الزفزاف، وصورة أخرى لعلماء الأزهر مع الوفد الذي حمل الوثيقة إليهم.
1 ـ الشيخ الزفزاف يوقع الوثيقة
2 ـ صورة أخرى لتوقيع الوثيقة
3 ـ الوثيقة موقعة من الطرفين
4 ـ اجتماع الوفدين
6 ـ القس حداد يودع الشيخ طنطاوي
موقع سفراء السلام
http://www.am4peace.org/NEW_arabic_resolution.htm
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط