بسام درويش
/
Feb 27, 2002
«رفض حسين عبيش المتحدث باسم اللجنة الأمريكية العربية لمعاداة التمييز تعليقات المتطرف المسيحي الأمريكي بات روبرتسون الذي ادعى أن الإسلام يدعو للعنف.
وقال عبيش «يمكنني أن أجيء بمقتطفات من التلمود والإنجيل محاولاً أن أظهر اليهودية والمسيحية وأي دين آخر بهذه الصورة السلبية، اعتقد أن هذه لعبة خسيسة مريضة».
وكان روبرتسون أدلى بهجماته "المسيئة" للإسلام إلى شبكة «سي ان ان» الأمريكية الليلة قبل الماضية.
وقال حسين عبيش «إن ما يقوله روبرتسون هو.. فلتنظروا حولكم إلى جوارك جيران مسلمون هناك مسلمون بيننا، قد يبدون طبيعيين.. أناس عقلاء لكنهم في واقع الأمر ليسوا كذلك».
وأضاف عبيش قوله إن روبرتسون يدعي أن المسلمين يريدون «تهديد أسلوب حياتنا المسيحي الغربي... هذا كلام معاد وبال.. نسخة مكررة من معاداة السامية».
جريدة الجزيرة السعودية 26 فبراير 2002
***********
عزيزي حسين عبيش
لا أدري إذا كنتَ تهزأ بالناسِ أو إذا كنتَ تضحك على نفسِك عندما أطلقت العنان لخيالك فقلت بأن بإمكانك أن تجيء "بمقتطفات من التلمود والإنجيل محاولاً أن تظهر اليهودية والمسيحية وأي دين آخر بهذه الصورة السلبية.."
لقد نطقتَ بالصدق يا عزيزي حين قلت أنك "ستحاول"..، فحاول يا عزيزي حاول، ولا تنسَ أن تطلعنا على نتائج محاولاتك!
لم تكن أنت أول من حاول ولن تكون آخر من يحاول. مِن قبلِكَ، وخلال مرحلة التمرد من العمر، حاولتُ أنا نفسي أن أبحث في هذا الإنجيل عن أي شيء يبعدني عنه. محاولاتي كلها باءت بالفشل.
لقد بدأتُ بقراءة الإنجيل والقرآن معاً في أولى مراحل عمري دون أن يكون هناك فوق رأسي أحدٌ، لا ليحببني بالإنجيل، ولا ليكرّهني بالقرآن. فأنت تعرف أننا معشر المسيحيين، لسنا منغلقين على أنفسنا ولا نخشى من الاطّلاع على أفكار الآخرين. كان عمري آنذاك لا يتجاوز العشر سنوات. ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، أي منذ ما يزيد عن الأربعين سنة، لم أتوقّف عن قراءةِ واحدٍ من هذين الكتابين بالإضافة إلى عدد كبير من الكتب الأخرى التي لها علاقة بهما، وخاصة بالثاني. وحتى الآن، لم أستطع أن أجد في الإنجيل عبارة واحدة تشجعني على قتلك ولا حتى على كراهيتك، رغم ما تثيره أقوالك من غضب لما تحويه من أكاذيب، ورغم ما تثيره سحنتك الغاضبة دائماً من اشمئزاز لعوامل الحقد التي تعتمر في قلبك.
ما وجدتُه في تعاليم القرآن وكتب الأحاديث كان كافياً ـ لو اعتنقته ـ لا ليجعلني أكرهك والعالم كله فقط، بل لجعلني أكره نفسي أنا أيضاً.
لا أخفي عليك بأنني، وأنا أشاهد على شاشة التلفزيون سحنتك المقيتة وأستمع إلى أكاذيبك وعباراتك المخادعة، غالباً ما كنت أشعر بالغضب يكاد يدفعني لكراهيتك، ولكنَّ ما تعلمتُه من الإنجيل هو الذي كان دائماً ينهاني عن الغضب، وهذا ليس غريباً على كتابٍ يأمرُ حتى بمحبةِ الأعداء.. وهكذا، كنت ابتسمُ لكَ وأُقنِـع نفسي بمحبتِك.
حاول يا عزيزي حاول، لعلّك في مثابرتك على المحاولة تزداد علماً ونوراً. أما أنا، فلست بحاجة إلى محاولة حين يتعلق الأمر بالقرآن. أنا إن أردتُ أن أريك ما في القرآن من دعوة إلى العنف، لستُ بحاجة لا إلى "محاولةٍ" ولا إلى بذلِ أدنى جهد.
لقد بدا ما فيه لي واضحاً منذ قرأته للمرة الأولى، ولكني، كي لا أكون ظالماً، فقد ثابرت على قراءته، لا بل ترددت على حلقات دراسة القرآن في المساجد، ولم تزده كما لم تزدني الدراسةُ إلا وضوحاً.
يا عزيزي حسين.. أنت تضحك على غيرك وعلى نفسك بما تقول، والحقيقة أنه لا فرق بينك وبين أحد من الذين تدعوهم بالمتطرفين وتقول عنهم بأنهم لا يمثلون الإسلام. فأنت بينك وبين نفسك لا تؤمن إلا بالناسخ، لكنّك حين تجلس مع المتحضرين من بني البشر فإنك تتقمص شخصيةً جديدةً وتبدأ التبشيرَ بالمنسوخ. أما أنا فلا حاجة لي إلى شخصيتينٍ، إذ ليس في هذا الكتاب الذي أحترم لا ناسخ ولا منسوخ. كلماته بسيطةٌ واضحة، ولن تنجحَ بتعكيرِ صفائها بِنَـفَسِـكَ الحاقدِ مهما "حاولت". فحاول يا عزيزي حاول.
أما عن التلمود فلعلّك تتجاهل بأنه ليس كتاب موحى بنظر اليهود إنما كتاب تأريخي، وأنا أهنئك على مقارنتك للقرآن بالتلمود لأنك تكون بذلك قد خطوت خطوة إلى الأمام للاعتراف بأن القرآن لا يزيد عن كونه كتاباً يؤرخ دولة محمد.
=============
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط