بسام درويش
/
Oct 05, 2004
"دعا الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، علماء الدين والدعاة والمرشدين إلى انتهاج الوسطية والبعد عن الغلو وتجنب الاجتهادات الخاطئة. وقال مخاطبا الدعاة والمرشدين التابعين للحرس الوطني السعودي الذين استقبلهم أمس في الرياض بمناسبة اختتام دورة إرشادية نظمها جهاز الإرشاد والتوجيه في الحرس الوطني «أوصيكم يا إخوان بالوسطية وعدم الغلو الذي نهى عنه الله عز وجل، كما أوصيكم بتقوى الله وبالكتاب والسنة فقط لا غير، فنحن لا نريد اجتهادات». وأضاف «إنني أحملكم المسؤولية، وأنتم ولله الحمد رجال فيكم البركة، وأنتم آمنون ومؤتمنون على رسالتكم، وأنتم إن شاء الله حملة شعلة العقيدة الإسلامية الصحيحة، العقيدة التي تستلهم ما في كتاب الله وسنة رسوله، وغير ذلك لا نريد زيادة، ولا نريد اجتهادات ولا غيرها»".
كذلك، "ألقى بدوي الزهراني مدير مكتب الإرشاد والتوجيه في المدينة المنورة، كلمة نيابة عن الدعاة الذين أعربوا عن شكرهم وتقديرهم لولى العهد، مؤكدين أن «هذا البلد الأمين قد اقترن منذ فجر الرسالة بالإسلام فأصبحا لا يفترقان ولن يفترقا بإذن الله تعالى إلى يوم الدين فلا عزة إلا بالإسلام».
هذا ما جاء في جريدة الشرق الأوسط 30 سبتمبر 2004
***********
"كلام جميـل.. كلام معقـول.. ماقدرش أقـول حاجة عنّه.." كما قالت المطربة الراحلة ليلى مراد في اغنيتها المعروفة.
نعم.. إنه لكلام جميل ومعقول وقد آن للزعماء العرب أن يبدأوا أخيراً بترديده على أسماع شعوبهم عوضاً عن الشعارات التي أوصلتهم وأوصلت هذه الشعوب إلى الحالة الخطرة التي يعيشونها ويعيشها العالم اليوم معهم.
لكن وكما استدركت ليلى مراد وتابعت تقول: "لكن خيال حبيبي المجهول.. مش شايفة فيك حاجة منه!!.." نستدرك أيضاً ونقول للأمير عبد الله: "لكن خيال المصلح المجهول.. مش باين فيك حاجة منّه!!.."
***********
كيف يوصي الأمير عبد الله الدعاة والمرشدين بان يتحلوا "بالوسطية وعدم الغلو" ولكنه لا يستطيع هو نفسه التخلّي عن نزعة الفوقية والغلوّ وهو يقول لهم: "إن الإسلام ولله الحمد أنقى عقيدة!!!" وأيّ رسالة يحملها شعار "لا عزّة إلا بالإسلام!.." الذي يصمم على ترديده "خيالات ظل" الأمير؟
لو قال الأمير للدعاة بأن الإسلام "عقيدة نقية" يجب عليهم أن يعملوا للمحافظة على نقائها، ـ رغم عدم قناعتنا معه بنقاء الإسلام إطلاقاً ـ لقلنا بأنّ الرجل لربما يكون مخلصاً في سعيه. ولكن أن يصف الإسلام بالعقيدة الأنقى، فهذا هو الغلو بعينه الذي يدعوهم إلى نبذه.
أما عن قول بدوي الزهراني بأن "لا عزّة إلا بالإسلام"، فدعونا نتوقّف عند كلمة "عزّة" وننظر إلى تعريف "المنجد في اللغة" لها. هذه الكلمة، تتضمن ـ حسب المرجع المذكور ـ معاني "الشرف" و"الكرامة" و"الأنفة" و"خلاف الذلّ" أي المهانة.. وعندما يشدّد المذكور على تذكير "المرشدين" و"الدعاة" بأن "لا عزّة إلا في الإسلام"، فإنه في الحقيقة لا يحثّهم فقط على العمل لتأصيل النزعة الفوقية في نفوس المسلمين ـ رغم زيف هذه النزعة ـ، لكنّه أيضاً يوجّه إهانة إلى كل من هو ليس بمسلم، إذ أنه بحصره "العزة" بالإسلام دون غيره من الأديان، يقول بأن كل من هو غير مسلم لا بدّ وأن يكون إنساناً ذليلاً، لا يعرف الكرامة ولا الأنفة ولا الشرف.
إضافةً إلى ذلك، وإذ تعني كلمة "عزّة" حسب المعاجم، أيضاً "القوة والغلبة"، فإنه كذلك يشجّع المسلمين على التمسك بالاعتقاد الخاطئ بأنّ لا نصر لهم إلا بالإسلام ـ بينما أثبت الواقع إنّ الإسلام وراء تخلفهم وعزلتهم عن عن أمم العالم، وأيضاً وراء كل الهزائم التي لحقت بهم.
***********
"هل يخرج من الجزيرة العربية مصلحٌ أو شيء صالح؟.."
حتى اليوم لم يحصل أمر كهذا، بل على العكس تماماً إذ كانت هذه المنطقة مصدر بلاء دائم للعالم كله منذ أن ظهر فيها محمد. لقد كان للسعودية والعائلة الحاكمة فيها الباع الأكبر في نشر الأصولية وفي بناء الأوكار التي تخرج ولا زال يتخرج منها الإرهابيون. وهنا يحضرنا المثل الشامي العامي الذي يقول: "يا طالب الدبس من طيز النمس كفاك الله شرّ العسل!"
الإصلاح لن يخرج من السعودية.. إنما سيزحف باتجاهها.
**********************
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط