بسام درويش / Jun 22, 2013

"نحن والمسيحيون أخوة!"؛

"نحن والمسلمون أخوة...!"

" كنا دائماً متعايشين بعضنا مع البعض الآخر ولم توجد بيننا أية مشاكل!"

"لدى كلِّ منا كثير من الأصدقاء من الدين الآخر ونحن دائماً نتبادل الزيارت والتهاني في الأعياد!"

"الغرب هو الذي يسعى لزرع العداوة والتفريق بيننا."

"نحن لنا ما للمسلمين من حقوق وعلينا ما عليهم من واجبات..!"

**************

هذه العبارات ومثلها، غالباً ما نسمعها من مسلمين ومسيحيين، يكررونها حين تُذكر أمامهم معاناة المسيحيين في البلاد العربية.

هذا التعايش المشترك ليس في الحقيقة إلا نفاقاً مشتركاً. هو نفاق مشترك من قبل المسلمين والمسيحيين على السواء. أو بعبارة أخرى، نفاق من قبل الظالم والمظلوم.

نفاقٌ من الظالم الذي يعتبر تنازله من عليائه تعايشاً مع المظلوم؛ ونفاقٌ من المظلوم الذي يُضطرُّ إلى مجاراة الظالم في نفاقه ويبرره بأنه وسيلة لدفع المزيد من الظلم عنه وللحفاظ على البقاء...

**************

كذبة التعايش بين المسلمين والمسيحيين هذه، يفنّدها تاريخ العلاقات الإسلامية المسيحية من بداية ظهور الإسلام وحتى يومنا هذا.

يفنّدها القرآن نفسه الذي وضع محمد فيه أسس هذا العلاقات السيئة بأمره أتباعَهُ بقتال المسيحيين واليهود وغيرهم حتى يخضعوا لسلطانه أو يدفعوا ضريبة حياتهم أذلاء مُكرهين؛(1) وكذلك بتحذيره لأتباعه أن لا يتخذوا المسيحيين أو اليهود أصدقاء لهم وإلاّ فإنهم سيُحسَبون منهم وبذلك يجلبون على أنفسهم غضب الله في هذه الدنيا وفي الآخرة.(2)

 

تفنّدها وثيقة "العهدة العمرية" التي وضع فيها عمر بن الخطاب الخطوط الرئيسية للمسيحيين كي يضمنوا حياتهم تحت حكم المسلمين، إذ جعلهم مواطنين من درجة ثانية، لا يحق لهم تقليد المسلمين لا في لباسهم ولا في مركبهم، واشترط عليهم أن يوقروا المسلمين إذا مروا بهم أو جالسوهم وأن لا يخرجوا إلى الشوارع برموزهم الدينية ولا يقرعوا أجراس كنائسهم بشكل يسمعه المسلمون، وغير ذلك الكثير مما تضمنته الوثيقة.(3)

 

تفنّد هذه الكذبة مئات الكنائس التي استولى عليها المسلمون وحولوها إلى مساجد اشهرها كنيسة القديس يوحنا في دمشق التي أصبح اسمها المسجد الأموي. كما تفندها عشرات المذابح التي راح ضحيتها آلاف المسيحيين في سورية ومصر ولبنان ومنها علي سبيل المثال مذابح 1860.

 

يفنّدها حاضر المسيحيين اليوم وما يتعرضون له من أعمال تضييق، واضهاد، وإذلال، واعتداءات على كنائسهم، وخطف للرجال والنساء والأولاد والكهنة والراهبات، يحرّض على ارتكابها شيوخ المسلمين من على منابر مساجدهم، وفي إذاعاتهم، وكتبهم، وغيرها من وسائل الإعلام.   

 

ومع كل ذلك، لا زال هناك مسيحيون ومسلمون ينافقون ويقولون "نحن متعايشون ولا مشاكل بيننا...!"، لا بل يزايد عليهم في هذا النفاق حكام العرب والمسلمين الذين لا يفتأون يؤكدون للعالم أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين كانت دائماً على مرّ التاريخ ولا زالت علاقة طيبة وأخوية...! أما ما يدعو إلى السخرية، فهو إدّعاء هؤلاء الحكام بوجود تعايش إسلامي مسيحي بينما يزخر تاريخهم وحاضرهم، منذ مطلع الإسلام وحتى هذه الساعة، بأخبار الصراعات بين طوائف المسلمين أنفسهم ومئات الألوف الذين سقطوا ولا زالوا يسقطون ضحايا لهذه الصراعات.

 

إذا كان المسلمون لا يستطيعون التعايش بعضهم مع البعض الآخر، تكره كل طائفة منهم الأخرى وتخطط لإبادتها، فكيف لإنسان أن يصدق بأنّ المسلمين يمكن أن يتعايشوا مع المسيحيين أو مع غيرهم من أتباع الديانات أو ممن لا يتبعون أية ديانة؟  

************

*******

****

(1) "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق (أي الثابت والناسخ لغيره من الأديان وهو دين الإسلام..) من الذين أوتوا الكتاب (أي المسيحيين واليهود حسب المصدر نفسه) حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون." (أي أذلاء منقادون لحكم الإسلام) (التوبة 9 : 29)

 

(2) "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولّهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين...!" (البقرة 5 : 51)

 

(3) العهدة العمرية

http://www.annaqed.com/ar/content/show.aspx?aid=15126

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط