نص الرسالة، ردود فعل إسلامية، وتعليق على ردود الفعل
بسام درويش / Nov 15, 2001

هذه نسخة مطابقة للنسخة الأصلية للرسالة التي خلفها الإرهابيون وراءهم، قمتُ بإعادة كتابتها ليتسنى للقارئ الإطلاع عليها وفهم محتوياتها بسهولة.

صورة النسخة الأصلية نشرت في صحيفة نيويورك تايمز التي قامت أيضاً بترجمتها. هناك كلمات وعبارات لم يكن من السهولة على المترجم قراءتها فأشار إليها في النص الإنكليزي بين قوسين على أنها كلمات غير واضحة. فعلت أنا الأمر نفسه بالكلمات التي تكن واضحة تماماً بالنسبة لي. ولكن لا بد أن أشير إلى أن بعض الكلمات التي خفيت على المترجم كانت واضحة لي وعلى ذلك فإن النص الإنكليزي المتَرجَم عن الرسالة لا يعكس الكلمات التي وضحت لي.  

أشير أيضاً إلى أن هناك خطأ كبيراً في الترجمة الإنكليزية لفقرة من الرسالة حيث أدّى عدم وضوح كلمتين فيها إلى تغيير معنى الفقرة بأكمله. جاء في تلك الفقرة ما يلي:  

"وإذا منَّ الله على أحدكم بالذبح فلينوِها عن أبيه وأمه فإن لهما حقاً عليك ولا تختلفوا واسمعوا وأطيعوا وإذا ذبحتم فاسلبوا من تقتلوه لأن ذلك من سنن المصطفى ولكن بشرط ألا ينشغل بالسلب ويترك ما هو أعظم من الانتباه للعدو وخيانته أو هجومه.."

يبدو أن المترجم لم يفهم عبارة "فاسلبوا من تقتلوه" وأيضاً، "ألا ينشغل بالسلب" فأدّى به ذلك إلى الإتيان بترجمة تخالف المعنى تماماً إذ ذكر بأن كاتب الرسالة يطلب من القتلة أن لا يتسببوا في إقلاق ضحيتهم!

بسام درويش 15 أكتوبر 2001 

************

نص الرسالة

قال أحد الصحابة أمرنا رسول الله بقراءتها قبل الغزوة فقرأناها فغنمنا وسلمنا

الليلة الأخيرة:

       1.         التبايع على الموت وتجديد النية. حلق الشعر الزائد من الجسم والتطيب. الاغتسال.

       2.         معرفة الخطة جيداً من كل النواحي وتوقع ردة الفعل أو المقاومة من العدو.

       3.         قراءة سورة التوبة والأنفال وتدبر معانيها وما أعده الله لمؤمنين من النعيم المقيم للشهداء.

       4.         تذكير النفس بالسمع والطاعة تلك الليلة فإنك ستتعرض لمواقف حاسمة لا بد فيها من السمع والطاعة (100 %) فروّض نفسك وفهّمها وأقنعها وحرّضها على ذلك. قال تعالى (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)

       5.         قيام الليل والإلحاح في الدعاء بالنصر والتمكن والفتح المبين وتيسير الأمور والستر علينا.

       6.         كثرة الذكر واعلموا أن خير الذكر قراءة القرآن الكريم وذلك بإجماع أهل العلم فيما أعلم ويكفي لنا أنه كلام فاطر السموات والأرض الذي أنت مقبل عليه.

       7.         صفّ قلبك ونقّه من الشوائب وانسى وتناسى شيء اسمه دنيا فقد مضى زمن اللعب وجاء الموعد الحق وكم ضيعنا من أعمارنا من أوقات أفلا نستغل تلك الساعات لتقديم القربات والطاعات.

       8.         ليكن صدرك منشرحاً فإنه ما بينك وبين زواجك إلا لحظات يسيرة بها تبدأ الحياة السعيدة المرضية والنعيم الخالد مع النبيين والصديقين والشهداء الصالحين وحسن أولئك رفيقاً نسأل الله من فضله وكن متفائلاً فإنه عليه الصلاة والسلام (كان يحب الفأل في الأمر كله)

       9.         ثم اجعل نصب عينيك أنك إذا وقعت في ابتلاء كيف تتصرف وكيف تثبت وتسترجع وتعلم أن ما أصابك لم يكن ((كلمة غير واضحة)) وما ((كلمة غير واضحة)) لم يكن ليصيبك وأن هذا الابتلاء من الله جل وعلا ليرفع درجتك ويكفر عن ذنوبك ثم اعلم أن لحظات ثم ينجلي بإذن الله فيا هنيئاً لمن فاز بالأجر العظيم من الله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين.)

     10.       ثم تذكروا قول الله تعالى (ولو كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون.. الآية) وبعد ذلك تذكروا (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.. الآية) وقوله تعالى (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكّل المؤمنون)

     11.       ذكر نفسك بالأدعية وإخوانك وتدبروا معانيها (أذكار الصباح والمساء - أذكار البلدة - وأذكار المكان وأذكار لقاء العدو.)

     12.       النفث { مع النفس - والشنطة - والملابس - والسكين - أدواتك - بطاقتك - جواز سفرك - أوراقك كلها.}

     13.       تفقد سلاحك قبل الرحيل وقبل قبل الرحيل و (ليحد أحدكم شفرته ويُرِح ذبيحته)

     14.       شد عليك ملابسك جيداً وهذا هو نهج السلف الصالح رضوان الله عليهم فكانوا يشدون ملابسهم عليهم قبل المعركة ثم وشد حذاءك جيداً ولبس شراباً تكون تمسك في الحذاء ولا تخرج منه. وهذه كلها أسباب مأمورون بالأخذ بها وحسبنا الله ونعم الوكيل.

     15.       صلّ الصبح في جماعة وتدبّر أمرها وانته بالأذكار بعدها ولا تخرج من شقتك إلا لتتوضأ ذلك أن الملائكة تستغفر لك ما دمت متوضأ وتدعو لك. واقرأ قول الله تعالى (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً) (سورة المؤمنون)

بعد ذلك المرحلة الثانية:

إذا نقلك التكسي إلى (م) فاذكر الله في السيارة وكرر كثيرا (ذكر الركوب - ذكر البلدة - وذكر المكان والأذكار الأخرى)

إذا وصلت ورأيت (م) ونزلت من التاكسي فقل دعاء المكان وكل مكان تذهب قل فيه دعاء وابتسم واطمئن فإن الله مع المؤمنين والملائكة تحرسك وأنت لا تشعر.

ثم قل دعاء (الله أعز من خلقه جميعاً) وقل (اللهم أكفنهم بما شئت) وقل اللهم ((غير واضحة)) (ونعوذ بك من شرورهم) وقل (اللهم اجعل لنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سدا واغشهم فهم لا يبصرون) وقل (حسبنا الله ونعم الوكيل) مستحضراً قوله تعالى (الذِينَ قَال لهم الناس إِنَّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إِيماناً وقَالوا حسبنا الله ونعمَ الوكِيل)

فإنك بعد أن تقوله سوف تجد ((عبارة غير واضحة ..)) كما وعد الله عباده الذين يقولون هذا الدعاء بما يلي:

       1.  الانقلاب بنعمة الله وفضله

       2.  لم يمسهم سوء

       3.  اتباع رضوان الله

قال تعالى (فانقلبوا بنعمةٍ من الله وفضل لم يمسَسهم سوء واتَّبعوا رضوان الله والله ذو فضلٍ عظِيم.) فإن أجهزتهم وأموالهم وتكنولوجياتهم كلها لا تنفع ولا تضر إلا بإذن الله.

ولا يخاف منها المؤمنون إنما يخاف منها أولياء الشيطان الذين هم في الأصل كأخوة الشيطان الذين أصبحوا من أوليائه ((غير واضحة))  لأن الخوف عبادة عظيمة لا تُقرّب إلا لله سبحانه وتعالى وهو أحق بها وقال تعالى معقباً على تلك الآيات (إنما ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه) المعجبين بحضارة الغرب الذين شربوا حبهم وتقديسهم مع الماء ((كلمة غير واضحة)) وخافوا من معداتهم الضعيفة الواهية (فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين) فإن الخوف عبادة عظيمة أولياء الله والمؤمنون لا يقرّبونها إلا لله الواحد الأحد الذي بيده كل شيء وموقنين أشد اليقين أن الله سيبطل كيد الكافرين فقد قال تعالى (ذلكم وأن الله موهنٌ كيد الكافرين) وعليكم بذكر الأخوة من أعظم الذكر وخاصة يجب أن لا يلاحظ عليك أنك تذكر قول (لا إله إلا الله) فإنك لو قلتها ألف مرة ما استطاع أحد أن يميز هل أنت ساكت أم تذكر الله ومن أعظمها قوله عليه الصلاة والسلام (من قال لا إله إلا الله مؤمن بها قلبه دخل لجنة) أو كما قال عليه الصلاة والسلام (لو وضعت السموات السبع والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت بهنّ لا إله إلا الله) وأنت تستطيع أن ((عبارة غير واضحة)) وأنت تقولها وهذا من عظمة هذه الكلمة والمتأمل فيها يجد حروفها غير منقوطة وهذا من كمال عظمتها حيث أن الكلمات أو الحروف المنقوطة أقل من وزنها وهذا يكفي أنها كلمة التوحيد ((عبارة غير واضحة)) الذي أنت ((عبارة غير واضحة)) في القتال ((كلمة غير واضحة)) كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ومن بعدهم بإذن الله إلى يوم الدين.

وأيضا لا تظهر عليك مظاهر الارتباك وشد الأعصاب وكن فرحاً سعيداً منشرح الصدر مطمئن لأنك تقوم بعمل يحبه الله ويرضاه ومن ثم سوف يكون يوم بإذن الله تقضيه مع الحور العين في الجنة.

تبسـّم بوجه         الردى يا فتى

فإنك ماضٍ           لجنـات خلد

أي مكان تذهب إليه أو أي فعل تقوم عليك بالذكر والدعاء والله مع عباده المؤمنين بالحفظ والتيسير والتوفيق والتمكين والنصر وكل شيء.

المرحلة الثالثة:

عندما تركب (ط) أول ما تضع رجلك وقبل ما تدخلها تأتي بالدعاء والأدعية واستحضر أنها غزوة في سبيل ((كلمة ناقصة يعتقد أنها: الله)) وكما قال عليه الصلاة والسلام (لغزوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وعندما تضع رجلك في الطيارة وتجلس على كرسيك فقل الأذكار والأدعية المعروفة التي ذكرناها سابقاً ثم كن منشغلاً بذكر الله والإكثار منه قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلّكم تفلحون) ثم إذا تحركت الطائرة حركة بسيطة وأصبحت تتوجه إلى (ق) فقل دعاء السفر فإنك مسافر إلى الله تعالى (وانعم بهذا السفر)

ثم ستجدها تقف ثم تنطلق وهذه هي ساعة التقاء الصفات فادعو الله تعالى كما ذكر تعالى في كتابه (ربنَا أَفرِغْ علينا صبراً وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين) وقوله تعالى (وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في امرنا وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين) وقول نبيه عليه الصلاة والسلام (اللهم منزل الكتاب مجري السحاب هازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم اللهم اهزمهم وزلزلهم) أدعو لنفسك ولأخوانك كلهم والفتح والنصر وإصابة الهدف ولا تخاف واطلب من الله أن يرزقك الشهادة مقبلاً غير مدبر صابراً محتسباً.

ثم ليستعد كل واحد منكم للقيام بدوره على الوجه الذي يرضي الله عنه وليشد على أسنانه كما كان يفعل السلف رحمهم الله قبل الاشتباك في المعركة.

وعند الالتحام فاضرب ضرب الأبطال الذين لا يريدون الرجوع إلى الدنيا وكبّر فإن التكبير يدخل الرعب في قلوب الكافرين. قال تعالى (واضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بَنان) واعلموا أن الجنات قد تزينت لكم بأجلى حللها والحور تناديكم أن اقبل يا ولي الله وهي قد لبست أحلى حللها. وإذا منَّ الله على أحدكم بالذبح فلينوِها عن أبيه وأمه فإن لهما حقاً عليك ولا تختلفوا واسمعوا وأطيعوا وإذا ذبحتم فاسلبوا من تقتلوه لأن ذلك من سنن المصطفى ولكن بشرط ألا ينشغل بالسلب ويترك ما هو أعظم من الانتباه للعدو وخيانته أو هجومه فإن ذلك ضرره أعظم فإن كان كذلك فإن تقديم مصلحة العمل مقدم على فعل ذلك فإن العمل فرض عليه وهذا ((غير واضحة)) والواجب مُقدَّم على ((غير واضحة))

ولا تنتقم لنفسك ولكن اجعل ضربك وكل شيء لله تعالى فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه تعارك مع أحد الكفار فقام الكافر فبصق على عليّ رضي الله عنه ((كلمة غير واضحة)) سيفه ولم يضربه به ثم ((غير واضحة)) فلما انتهت المعركة سئله الصحابة عن فعله هذا ولماذا لم يضرب هذا الكافر ((عبارة غير واضحة)) فقال علي رضي الله عنه (لما بصق علي خشيت أن اضربه انتقاماً لنفسي فرفعت سيفي) أو كما قال فلما استحضر النية قام فضربه فقضى عليه. وهذا كله يعني ((عبارة غير واضحة)) يؤمّن الإنسان نفسه من قبل أن يكون عمله لله كله.

ثم ((عبارة غير واضحة)) الأسر وأسروا منهم واقتلوهم كما قال تعالى (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم)

إذا تم كل شيء فكل واحد منكم يضرب على كتف أخيه ((عبارة غير واضحة))  في (م) وفي (ط) وفي (ك) يذكره أن هذا العمل لله جل وعلا ولا يربك أخوانه أو يشوّش عليهم بل يبشرهم ويطمئنهم ويذكرهم ويشجعهم وما أجمل أن يقرأ الإنسان من آيات القرآن مثل قوله تعالى (فليقاتل فِي سَبِيلِ الله الَّذِين يشرون الحياة الدنيا بالآخرَة) وقوله تعالى (ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء..) وغيرها أو ينشد لهم كما كان السلف يرتجزون وسط المعارك ليطمئن أخوانه ويدخل على قلوبهم السكينة والفرح.

ولا تنسوا الأخذ من الغنيمة ولو فنجان أو كاسة من الماء تشفي نفسك وأخوانك إن تيسّر ثم إذا اقترب الوعد الحق وجاءت ساعة الصفر تنشّق بملئك وافتح صدرك مرحباً بالموت في سبيل الله وكن دائماً ذاكراً وإن أن تختم بالصلاة إن تيسّر فيها قبل الهدف بثواني أو يكون آخر كلامك لا إله إلا الله محمد رسول الله. وبعدها إن شاء الله اللقاء في الفردوس الأعلى. برغبة الله.

* إذا رأيت جموع الكفر فتذكر الأحزاب الذين كان عددهم ما يقارب 10000 آلاف مقاتل وكيف نصر الله عباده المؤمنين. قال تعالى (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليما.) وصلى الله على نبينا محمد.

انقر هنا لمشاهدة صور لصفحات الرسالة

===========

 

ردود فعل:

في ما يلي دراسة للرسالة نشرتها جريدة الشعب التي يصدرها حزب العمل المصري نعيد نشرها بالكامل كما وردت دون أي تعديل.

=============  

الرسالة مفبركة

مفردات (وصايا الليلة الأخيرة).. كنسية لايستخدمها مسلم

شكك المفكرون الإسلاميون في مصداقية الرسالة التي قالت سلطات التحقيق الامريكية انها وثيقة وصايا الليلة الاخيرة ونسبتها الى المشتبه به محمد عطا فمجرد قراءة الرسالة المزعومة تظهر ان كاتب الرسالة لايملك ادنى معرفة بالاسلام.. وبأدعيته المأثورة الشهيرة.. ذلك ان الحس المسيحي يتسرب من كل سطر منها.. مما يعطي انطباعا قويا ان كاتبها مستشرق.. او عالم دين مسيحي. ويتجلى ذلك في التركيز على تجربة (المحنة) أو (الابتلاء) باعتبارها محطة لابد ان يمر بها الانسان حتى يصل الى (الخلاص) و(السعادة الابدية).. فهذا التصور الديني لا اساس له في الاسلام بل هو تصور مسيحي شهير. ومن جهته وصف المفكر الاسلامي الكبير محمد عمارة هذه الرسالة بأنها عمل مختلق ومزيف ولا علاقة لها بالاسلام وفند ذلك في عدة ملاحظات حيث قال: اذا كانت هذه الرسالة تعبر عن ثقافة خاطفي الطائرات فما الداعي لحملها معهم في المطارات واصطحابها داخل الطائرات.كما لاحظت وجود كلمة (القربان) وهذا المصطلح غير مألوف في الاسلام بل أصوله مسيحية ويهودية.وذكر كلام منسوب كذبا الى الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي به كاتب الرسالة الخاطفين ويدعو للسلب والذبح. ويتساءل الدكتور محمد عمارة اذا كان الذين يقومون بهذه المهمة هدفهم الانتحار والتفجير فلماذا يفكرون في السلب والغنائم.. وماذا سوف يستفيدون من ذلك ومآلهم الموت؟.

ومن ناحية أخري فقد نفي المحامي المصري "محمد عطا" والد "محمد محمد عطا" الذي تتهمه الولايات المتحدة بالاشتراك في تفجيرات الثلاثاء 11-9-2001، أن تكون الرسالة التي بثتها المباحث الأمريكية مكتوبة بخط ابنه، وأكد أن الرسالة مفبركة تمامًا، وليس لابنه علاقة بها على الإطلاق، وأنه كمحام يعمل بالقانون لما يقرب من خمسين عاما يرى أن زعم المباحث الفيدرالية الأمريكية أن هذه الرسالة هي أخطر ما تم العثور عليه إلى الآن ـ هو دليل على تخبط الأجهزة الأمريكية وفبركتها التي يستطيع أي محام صغير أن يثبتها، مستخدما هذه الرسالة نفسها؛ لما فيها من تناقضات، وأسلوب ركيك، وتعارض في المنطق، وهي غير موقعة من أي شخص، وغير محددة لأي وجهة تتحدث أو عن أي حادث تتكلم.

وفى برنامج تليفزيزنى على قناة الجزيرة قال الداعية الدكتور يوسف القرضاوي: "إن ما ورد بالرسالة المزعومة واعتبارها أدلة إدانة هو "كلام فارغ"، لا يستحق حتى التعليق عليه؛ لفرط سذاجته ووضوح تلفيقه"، مشيرا إلى تاريخ طويل لخيبة المباحث الفيدرالية الأمريكية، وتلفيقها الدائم لأدلة الاتهام، وإخفاء أدلة أخرى حقيقية؛ حيث ما زال الفاعل في حادثة قتل الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي غير معلن عنه، وسبق لوزارة العدل الأمريكية أن أصدرت تقريرا طويلا عقب حادث "أوكلاهوما" سيتي الذي أدين فيه "تيموثي ماكفاي" اليميني المتطرف، وأدانت فيه المباحث الفيدرالية (إف. بي. آي) لتلفيقها لأدلة الاتهام ومحاولة توريط المسلمين، وهو ما ثبت كذبه بعد ذلك.

و أضاف القرضاوي أن من يقرأ الرسالة المزعومة سيكتشف أن كاتبها لا يعرف شيئا عن الإسلام أصلا، فما علاقة "ليحد شفرته ويرح ذبيحته" بالموضوع، وتارة أخرى كلام عن "سبايا وغنائم وأسرى"، ثم تجد فقرة لا علاقة لها بشيء "البس شرابا وتمسك بحذائك"، هذا كله تخريف، وكاتبه لا يعرف ماذا يكتب ولا عن ماذا يكتب أصلا.

كما أكد الدكتور محمد سليم العوا الخبير القانوني الدولي أن الرسالة المزعومة هذه محض تهريج، وليس لها قيمة قانونية تُذكر، وأن العبارات التي جاءت فيها لا تصدر عن شخص يخطط للقيام بعمل كالذي شاهده العالم كله، وتابع الملايين دقته ومهارته، وإثبات تلفيق هذه الرسالة أمر يسير لو هناك أي محكمة تنظر في الأمر، وليس المباحث الأمريكية وحدها.

كانت وسائل الإعلام الأمريكية قد نشرت خطابا من 4 صفحات زعمت فيه أن المحققين الأمريكان عثروا عليه، كما نشرت ترجمة بالإنجليزية له، وقالوا بأنه يحتوي على التعليمات النهائية لمختطفي الطائرات الأمريكية، والذين قاموا بارتكاب حوادث 11 سبتمبر، وأنهم استطاعوا استخلاص ثلاث نسخ من هذا الخطاب: واحدة عثر عليها في موقع تحطم طائرة بنسيلفانيا التي كانت تقصد البيت الأبيض ( لاحظ احتراق الطائرة وتلف صندوقيها الأسودين)، والثانية في حقيبة لأحد المشتبه فيهم، والثالثة في سيارة استخدمها أحد المشتبه فيهم.

وقد وافق وزير العدل الأمريكي جون أشكروفت على نشر هذه النسخ في إطار الكشف عن بعض أدلة الإدانة لتنظيم القاعدة الذي يتزعمه المنشق السعودي أسامة بن لادن، باعتبارهم متورطين في أحداث سبتمبر الدامية، وقال أشكروفت: إنه "دليل واضح"، ووصف الخطاب بأنه يزود المختطفين "بالتعليمات التي يجب اتباعها قبل وأثناء تنفيذ المهام".

واحتوت الصفحة الأولى للخطاب المنشور على تعليمات "ليلة تنفيذ العملية"، وهي تعليمات روحية في مجملها، والتي تسود في سائر الصفحات الأربع، وجاءت في شكل آيات قرآنية، وأحاديث، جعلها في شكل وصايا أقرب منها لتعليمات، وقد جاء في الوصية الثانية عشرة منها الأمر بالنفث ـ البصق اللطيف ـ (على النفس- والشنطة – والملابس – والسكين – أدواتك – بطاقتك – (؟) – جوازك – أوراقك كلها)!، بينما جاء في الوصية التي تليها (13) أمر بتفقد السلاح مع الاستشهاد بقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "وليحد أحدكم شفرته ويرح ذبيحته"، ولم تخلُ الوصية من التشديد على صلاة الصبح في جماعة والوضوء "في شقتك"! وانتهت الوصية التي تليها بـ "تمسك في الحذاء ولا تخرج منه"؟

وامتدت الوصايا الروحية في تعليمات المرحلة الثانية، والتي تبدأ من ركوب التاكسي، وحتى الوصول إلى المطار، ومعظمها يوصي بالاحتفاظ برباطة الجأش وعدم لفت الانتباه، وعدم الخوف… إلخ.

وفيما يخص المرحلة الثالثة فهي تبدأ من ركوب الطائرة، وتُعد امتدادا للمرحلتين السابقتين من حيث الوصايا الروحية، بالإضافة إلى الوصية عند الالتحام! "فاضرب ضرب الأبطال الذين لا يريدون الرجوع إلى الدنيا"!، وتحتوي الصفحة على وصية غريبة وغير مفهومة "وإذا منَّ الله على أحدكم بالذبح فلْيَنْوِها عن أبيه وأمه فإن لهم حقا عليك"، وأوصت بعدم الاختلاف وبالسمع والطاعة، وذكرت مرة أخرى بما هو أغرب وأعجب: "وإذا ذبحتم فاسلبوا من "تقتلوه"، لما في ذلك من سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم" غير أنها بغرابة استدركت: "لكن بشرط ألا يشتغل بالسلب – مكتوبة بالصلب في النسخة الأصلية – ويترك ما هو أعظم"، والأخطاء الإملائية متكررة فيها؛ حيث جاء قبل ذلك في نفس الصفحة التذكير بدعاء السفر، وكتبت هي الأخرى بالصاد "الصفر"!

ولم تخلُ الصفحة الأخيرة من علامات الاستفهام التي انتشرت على مدار الصفحات الثلاث السابقة، فقد جاء ضمن وصاياها: "ثم طبقوا سنن الأسر، وأْسِرُوا منهم واقتلوهم.. وإذا تم كل شيء على ما يرام.. فكل واحد منكم يضرب على كتف أخيه".

**********

 

تعليق على ردود الفعل

بسام درويش، أكتوبر 2001

 

الدراسة التي نشرتها جريدة الشعب كانت حصيلة جهد "مفكرين وخبراء إسلاميين كبار".

تقول "الشعب" إنّ "المفكرين الإسلاميين" شككوا في مصداقية الرسالة، إذ أنهم بعد قراءتهم لها ظهر لهم واضحاً أن كاتبها لا يملك أدنى معرفة بالإسلام!

 

أدنى معرفة؟؟.. هل حقاً أن كاتب هذه الرسالة لا يملك أدنى معرفة بالإسلام؟.. 

كاتب هذه الرسالة، سواء كان مسلماً أو غير مسلمٍ.. عربياً أو غير عربي.. هو بكل تأكيد على معرفة عظيمة بتعاليم الدين الإسلامي. لا بل إن معرفته بالإسلام تبدو أعظم من معرفة هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالعلماء والمفكرين بدليل جهلهم بوجود بعض المراجع التي ورد ذكرها في سياق الرسالة، اللهمّ إلا إذا كانوا يتجاهلونها خداعاً وبهم يصدق قول قرآنهم: "وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ"!

 

كاتب الرسالة هو دون شكّ مسلم متعصب مغسول دماغه بتعاليم الإسلام غسلاً إذ يبدو واضحاً بأنه قضى عمره يحفظ من تعاليم القرآن وكتب الأحاديث والسيرة وغيرها إلى درجة استطاع أن يستشهد منها بمثلٍ لكل خطوة جرى التخطيط للإرهابيين أن يخطوها. ولنتناول الآن ما جاء في دراسة المفكرين العلماء أمراً أمرا.

 

الادّعاء بوجود الحس المسيحي في الرسالة:

المبالغة في التعبير طبيعة من طبائع العرب. ونحن نرى هنا أن هؤلاء "المفكرين" الذين تناولوا هذه الرسالة بالتحليل لم يكتفوا بالقول أن كاتب الرسالة لا يملك "أدنى معرفة" بالإسلام، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك فادّعوا بأن "الحس المسيحي يتسرب من كل سطر منها". نلفت انتباه القارئ إلى عبارة، (من كل سطر منها!..) وأيضاً (أدنى معرفة!..) وهاتان العبارتان تكفيان للتأكيد على شطط وعدم مصداقية كلمة من كلمات أدعياء الفكر هؤلاء. ولننظر الآن في ما توصلوا إليه من ملاحظات قيمة.  

قال "المفكرون" أن {الحس المسيحي يتسرب من كل سطر منها.. مما يعطي انطباعا قويا أن كاتبها مستشرق.. أو عالم دين مسيحي. ويتجلى ذلك في التركيز على تجربة (المحنة) أو (الابتلاء) باعتبارها محطة لابد أن يمر بها الإنسان حتى يصل الى (الخلاص) و(السعادة الأبدية)..}  وقد وردت كلمة "الابتلاء" هذه في فقرة من الرسالة تقول: (وأن هذا الابتلاء من الله جل وعلا ليرفع درجتك ويكفر عن ذنوبك ثم اعلم أن لحظات ثم ينجلي بإذن الله فيا هنيئاً لمن فاز بالأجر العظيم من الله تعالى "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين.")

لا نعلم هنا إذا كان هؤلاء "المفكرين الإسلاميين" جاهلين بدينهم حقاً أو متجاهلين رغم ما جاء في القرآن من إشارات عديدة إلى ابتلاء الله لعباده ووعده للصابرين على الابتلاء بدخول الجنة. يقول القرآن:

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) 2  : 155 وجاء تفسير ذلك في الجلالين قوله: ("وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْف" لِلْعَدُوِّ "وَالْجُوع" الْقَحْط "وَنَقْص مِنْ الأمْوَال" بِالْهَلاكِ "والأنْفُس" بِالْقَتْلِ وَالْمَوْت والأمْرَاض "وَالثَّمَرَات" بِالْحَوَائِجِ أَيْ لَنَخْتَبِرَنَّكُم فَنَنْظُر أَتَصْبِرُونَ أَمْ لا "وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ" عَلَى الْبلاء بِالْجَنَّةِ")

وفي تفسير ابن كثير: (أَخْبَرَنَا تَعَالَى أَنَّهُ يَبْتَلِي عِبَاده: أَيْ يَخْتَبِرهُمْ وَيَمْتَحِنهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى "وَلَنَبْلُوَنَّكُم حَتَّى نَعْلَم الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُو أَخْبَاركُمْ" فَتَارَة بِالسَّرَّاءِ وَتَارَة بِالضَّرَّاءِ مِنْ خَوْفٍ وَجُوعٍ..)

يقول القرآن أيضاً: "لَـتُـبْـلَـوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ" 3 : 186  وجاء تفسيرها في ابن كثير: ("قَوْله تَعَالَى "لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالكُمْ وَأَنْفُسكُمْ" كَقَوْلِهِ تَعَالَى "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْف وَالْجُوع وَنَقْصٍ مِنْ الأمْوَال والأنْفُس وَالثَّمَرَات" إِلَى آخِر الآيَتَيْنِ. أَيْ لا بُدّ أَنْ يُبْتَلَى الْمُؤْمِن فِي شَيْء مِنْ مَاله أَوْ نَفْسه أَوْ وَلَده أَوْ أَهْله وَيُبْتَلَى الْمُؤْمِن عَلَى قَدْر دِينه فَإِنْ كَانَ فِي دِينه صَلابةٌ زِيدَ فِي الْبَلاء..") وجاء في تفسير القرطبي: ("هَذَا الْخِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّته وَالْمَعْنَى: لَتُخْتَبَرُنَّ وَلَتُمْتَحَنُنَّ فِي أَمْوَالكُمْ بِالْمَصَائِبِ والأرْزَاء بالإنفاق فِي سبيل الله وسائر تكاليف الشَّرع. والابتلاء فِي الأنْفس بالموت والأمراض وفقد الأحباب. وبدأَ بذكر الأموال لكثرة المصائب بها."

وما يلي شواهد أخرى من القرآن ما على هؤلاء المفكرين إلا أن يبحثوا بأنفسهم عن تفاسيرها لعلهم يزدادون بذلك علماً:

(وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون)  5 : 48 

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رحيم) 6 : 165

(وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ الله بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون) 16 : 92

(الذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور) 67 : 2

(وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِين) 11 :7

(قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) 27 : 40

 

مصطلح "القربان" 

جاء في الدراسة ملاحظاتٌ لمن دعته جريدة الشعب "بالمفكر الإسلامي الكبير محمد عمارة" قوله: (كما لاحظت وجود كلمة (القربان) وهذا المصطلح غير مألوف في الاسلام بل أصوله مسيحية ويهودية)

هذا "المفكر الكبير" أخطأ في موضعين:

أولاً: المصطلح الذي "لاحظه" ليس له وجود في الرسالة. ما ورد في الرسالة هو كلمة "قربات" بحرف التاء وليس "قربان." صحيح أن هناك أجزاء في الرسالة غير واضحة تماماً، ولكن هذا ليس عذراً لتسرّع "المفكر الإسلامي الكبير" بالرد، والتسرّع ليست من الصفات الحسنة التي يجب أن يتحلّى بها المفكرون إذ أنه يقلل من مصداقيتهم في كل ما يقولون.

ثانياً: قوله أن مصطلح "قربان" هو مصطلح غير مألوف في الإسلام يدفع إلى الشك في مدى معرفته بالقرآن وبالتالي في لقب "مفكر" الذي يحمله. كلمة "القربان" لم ترد في القرآن مرة واحدة، بل ثلاث مرات:

في سورة آل عمران: (الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ الله عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين)  3 : 183 

وفي سورة المائدة: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِين)  5 : 27 

وفي سورة الأحقاف: (فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِيـنَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ الله قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمــا كَانُوا يَفْتَرُون)  46 : 28

الادّعـاء بوجود كلام منسوب إلى محمد في الرسالة:

يقول المفكّر الكبير نفسه أن الرسالة قد جاء فيها، (ذكرُ كلامٍ منسوبٍ كذباً الى الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي به كاتب الرسالة الخاطفين ويدعو للسلب والذبح.) فهل حقاً أن هذا الكلام مدسوس على الإسلام ولا أساس له من الصحة؟ لنقرأ ماذا يقول "فتح الباري بشرح صحيح البخاري":

فتح الباري بشرح صحيح البخاري

‏قوله: ( ومن قتل قتيلا فله سلبه من غير أن يخمس، وحكم الإمام فيه ) ‏
‏أما قوله "ومن قتل قتيلا فله سلبه" فهو قطعة من حديث أبي قتادة ثاني حديثي الباب، وقد أخرجه المصنف بهذا القدر حسب من حديث أنس، وأما قوله "من غير أن يخمس" فهو من تفقهه، وكأنه أشار بهذه الترجمة إلى الخلاف في المسألة وهو شهير، وإلى ما تضمنته الترجمة ذهب الجمهور، وهو أن القاتل يستحق السلب سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلا فله سلبه أو لم يقل ذلك، وهو ظاهر حديث أبي قتادة ثاني حديثي الباب. وقال: إنه فتوى من النبي صلى الله عليه وسلم وإخبار عن الحكم الشرعي، وعن المالكية والحنفية لا يستحقه القاتل إلا إن شرط له الإمام ذلك . وعن مالك يخير الإمام بين أن يعطي القاتل السلب أو يخمسه واختاره إسماعيل القاضي، وعن إسحاق إذا كثرت الأسلاب خمست، ومكحول والثوري يخمس مطلقا، وقد حكى الشافعي أيضا وتمسكوا بعموم قوله: ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ) ولم يستثن شيئا، واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم "من قتل قتيلا فله سلبه" فإنه خصص ذلك العموم، وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل من قتل قتيلا فله سلبه إلا يوم حنين، قال مالك : لم يبلغني ذلك في غير حنين. وأجاب الشافعي وغيره بأن ذلك حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة مواطن، منها يوم بدر كما في أول حديثي الباب، ومنها حديث حاطب بن أبي بلتعة أنه قتل رجلا يوم أحد فسلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه أخرجه البيهقي، ومنها حديث جابر أن عقيل بن أبي طالب قتل يوم مؤتة رجلا فنفله النبي صلى الله عليه وسلم درعه. ثم كان ذلك مقررا عند الصحابة كما روى مسلم من حديث عوف بن مالك في قصته مع خالد بن الوليد وإنكاره عليه أخذه السلب من القاتل. الحديث بطوله، وكما روى الحاكم والبيهقي بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص "أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد تعال بنا ندعو، فدعا سعد فقال: اللهم ارزقني رجلا شديدا بأسه فأقاتله ويقاتلني ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه" الحديث، وكما روى أحمد بإسناد قوي عن عبد الله بن الزبير قال "كانت صفية في حصن حسان بن ثابت يوم الخندق" فذكر الحديث في قصة قتلها اليهودي، وقولها لحسان "انزل فاسلبه؛ فقال: ما لي بسلبه حاجة" وكما روى ابن إسحاق في المغازي في قصة قتل علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود يوم الخندق أيضا فقال له عمرو "هلا استلبت درعه فإنه ليس للعرب خير منها، فقال: إنه اتقاني بسوأته" وأيضا فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك يوم حنين بعد أن فرغ القتال، كما هو صريح في ثاني حديثي الباب، حتى قال مالك يكره للإمام أن يقول من قتل قتيلا فله سلبه لئلا تضعف نيات المجاهدين، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلا بعد انقضاء الحرب. وعن الحنفية لا كراهة في ذلك، وإذا ناله قبل الحرب أو في أثنائها استحق القاتل.

‏و حدثني ‏‏زهير بن حرب ‏‏حدثنا ‏‏الوليد بن مسلم ‏حدثنا‏ ‏صفوان بن عمرو ‏‏عن ‏‏عبد الرحمن بن جبير بن نفير ‏‏عن ‏‏أبيه ‏‏عن ‏‏عوف بن مالك الأشجعي ‏‏قال ‏‏خرجت مع من خرج مع ‏‏زيد بن حارثة ‏‏في ‏غزوة ‏‏مؤتة ‏‏ورافقني ‏‏مددي ‏‏من ‏‏اليمن ‏‏وساق الحديث عن النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏‏بنحوه ‏‏غير أنه قال في الحديث ‏‏قال ‏‏عوف ‏‏فقلت يا ‏‏خالد ‏‏أما علمت أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏قضى ‏بالسلب ‏للقاتل قال ‏‏بلى ولكني استكثرته.

 

أما عن تساؤل السيد محمد عمارة حيث قال: (إذا كان الذين يقومون بهذه المهمة هدفهم الانتحار والتفجير فلماذا يفكرون في السلب والغنائم.. وماذا سوف يستفيدون من ذلك ومآلهم الموت؟.) فإننا لا نرى في ذلك ما يدفع إلى الاستغراب والتساؤل. إن شعباً لا زال يؤمن بما قاله محمد ألف وأربعمائة سنة خلت من أقوال لا يقبلها اليوم عقل سليم لا لشيء إلا لأن محمداً قد قالها، لن يكون غريباً أن يذهب إلى أبعد الحدود فيطبّق شعائر القتل والسلب حتى لو كان تطبيقها عملاً رمزياً. لا بل ربما ليس غريباً أن يعتقد القتلة أنهم سيحملون معهم إلى الجنة ما سلبوه من ضحاياهم كبرهان على قتلهم لأعداء الله. وعلى كل حال، مهما كانت غاية كاتب الرسالة أو القتلة أنفسهم من سلب القتيل، فإن "المفكر عمارة"  قد اثبت بتكذيبه لهذه المراجع إما جهلا أو تجاهلاً أو الأمرين معاً.     

 

يعلّق "عالِمٌ خبير" آخر على الرسالة، وهو الشيخ يوسف القرضاوي بقوله: (الرسالة المزعومة سيكتشف أن كاتبها لا يعرف شيئا عن الإسلام أصلا، فما علاقة "ليحد شفرته ويرح ذبيحته" بالموضوع، وتارة أخرى كلام عن "سبايا وغنائم وأسرى"، ثم تجد فقرة لا علاقة لها بشيء "البس شرابا وتمسك بحذائك"، هذا كله تخريف، وكاتبه لا يعرف ماذا يكتب ولا عن ماذا يكتب أصلا.)

إنه لمن غير المعقول أن يصدّق أحد بأن مسلماً كالشيخ يوسف القرضاوي يتساءل عن علاقة هذه العبارة والتي ورد ذكرها في مواضع عديدة من كتب الحديث والمراجع الإسلامية الأخرى. هذه العبارة هي جزء من حديث لمحمد قال فيه: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته ويُرِحْ ذبيحته (رواه مسلم).  وجاء تفسير الحديث في كتاب "شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية لابن شرف النووي" أنّ (قوله "وليحد أحدكم شفرته" هو بضمّ الياء من حدّ. يُقال أحدَّ السكين وحدّها واستحدّها. وقوله "فأحسنوا القتلة" عامٌّ في القتل من الذبائح، والقتلِ قصاصاً أو في حدٍّ ونحو ذلك.) وبلغة مبسـّطة نفسّر بها التفسير، فإن الإشارة إلى القتل في هذا الحديث تتعلق سواء بقتل الحيوانات لأكلها أو قتل أحد من الناس عقاباً له على جريمة اقترفها أو على تجاوزه لحدٍّ من حدود الإسلام. أما عن علاقة لبس الشراب (أي الجوارب) والتمسك في الحذاء فيعلم الله من أية قصة من قصص أبي زيد الهلالي أو عنترة بن شداد استوحاها كاتب الرسالة، وربما كان كاتب الرسالة أيضاً يشير إلى قول آخر من أقوال محمد يتحدث فيه عن أهمية النعال (الأحذية) وقت الغزوات والمعارك: "سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول في غزوة غزوناها ‏ ‏استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل" ‏‏(صحيح مسلم)

إنه ليصعب على إنسان غير مسلم أن يلمّ بكل هذه التفاصيل الدقيقة في التعاليم الإسلامية. لذلك فإن القول بأن أحداً غير مسلم، قد قام بكتابة هذه الرسالة وحشوها بكل هذه الإشارات والمراجع، هو قول معجون بالكذب عجناً؛ وإنه لأمرٌ عجيب حقاً أن يبلغ كذب أدعياء التفكير والعلم هؤلاء مبلغاً ينكرون فيه بعض المراجع الموجودة في كتبهم. إن هذا إن دلّ على شيء فلا يدلّ إلا على إفلاسٍ فكريّ.

 

جاء في الدراسة أن الرسالة تضمنت أخطاء مثل كلمة "الصلب" عوضاً عن "السلب" وهذا ادعاء كاذب يمكن للقارئ أن يتثبت من كذبه بالإطلاع على نسخ الرسالة المنشورة هنا في "الناقد". وهنا يبدو إفلاس هؤلاء "المفكرين" واضحاً في بحثهم عن أتفه الأمور ليثبتوا دفاعهم الغث. من ذلك إشارتهم مثلاً إلى عبارة: "فقل دعاء السفر فإنك مسافر إلى الله تعالى وانعم بهذا السفر" حيث ظهر حرف "السين" في كلمة "السفر" الأولى وكأنه "صاد" فعملوا "من الحبة قبة" كما يقول المثل الشعبي رغم ورود الكلمة في العبارة مرة أخرى بشكل يوضح قصد الكاتب.

 

في النهاية لا بد من الرد على ما قاله الدكتور محمد سليم العوا "الخبير القانوني الدولي بأن "الرسالة المزعومة هذه محض تهريج، وليس لها قيمة قانونية تُذكر، وأن العبارات التي جاءت فيها لا تصدر عن شخص يخطط للقيام بعمل كالذي شاهده العالم كله، وتابع الملايين دقته ومهارته، وإثبات تلفيق هذه الرسالة أمر يسير لو هناك أي محكمة تنظر في الأمر، وليس المباحث الأمريكية وحدها."

أولاً: رغم لقب "الخبير القانوني الدولي الكبير" الذي يحمله الدكتور العوا، فإنه وبعد اطلاعه على الرسالة لم يتوصّل إلا إلى نتيجة سخيفة واحدة وهي وصفه لما جاء فيها بأنه "محض تهريج". رغم ذلك يقول الدكتور بأن "إثبات تلفيق الرسالة أمر يسير لو أن هناك أية محكمة تنظر في الأمر.." ونحن نقول لو أوكلت أية محكمة إلى هذا الخبير الدولي الكبير أمر دراسة هذه الرسالة وتقديم رأيه فيها فلم يأتِ إلا بوصف لها سوى كونها "محض تهريج" لما رأت فيه المحكمة آنذاك إلا مهرجاً دولياً كبيراً. وللحق نقول إننا لا نرى نحن فيه هو وغيره من العلماء والمفكرين الذين قدموا هذه الدراسة إلا مهرجين يُرثى لهم ولتهريجهم السخيف. 

ثانياً: إن هذا العمل الإرهابي الذي "شاهده العالم كله وتابع الملايين دقته ومهارته" حسب وصف العوا، ليس من الضروري أن يكون من تخطيط كاتب الرسالة. وعلى أي حال، فإن وصفه بالمهارة هو خطأ يقع فيه كل قائل به لأن التخريب أسهل من البناء. إن بناء برج من هذه الأبراج العظيمة يحتاج إلى آلاف الأيدي والعقول السليمة الخبيرة الماهرة وإلى سنين عديدة من الجهود العظيمة المتواصلة. أما تخريبها فلا يحتاج إلا إلى عقل مريض ونيّة شريرة وبعض الدعم المالي ويكفي أن يُلفَّ جسد أحمق مهووس جنسياً بأخطر القنابل، ويوعَـدَ في الآخرة بأربعين حورية "كلما عاد فدخلهن وجدهن عذارى ولا وجع".. يكفي لأن يهدم بمفرده ما عمل على بنائه آلاف البشر.

===================

==============

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط